مَنْ قتل الشاعرَ المصري محمد أبو المجد؟

02:12 مساءً الأحد 22 أكتوبر 2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بتانة نيوز | بقلم : يسري حسان

حذرنى صديقى الشاعر الكبير شعبان يوسف من كتابة هذا المقال ، قال “دعنا نتلكم عن محمد أبو المجد كشاعر ونحتفى به، فهذا أهم وأبقى”..قلت أعرف أنه أهم وأبقى، لكنى موجوع ، وفى فمى ماء..اسمح لى ياصديقى العزيز ألا أعمل بنصيحتك هذه المرة ، وأنا الذى استجيب لنصائحك دائمًا.. أنا فى ألم ياأخى ولابد أكتب:

الشاعر محمد أبو المجد

الشاعر محمد أبو المجد

لاتصدقوا أن محمد أبو المجد مات فى حادث سير.. صدمه موتوسيكل فى شارع الثورة فأرداه قتيلًا.
محمد لا يموت بهذه الطريقة العبثية، محمد يموت بطريقة أكثر من عبثية، أو بطريقة فوق العبث بكثير.
محمد .. ياعالم .. مات مقتولًا منذ أكثر من عام.. والقتلة يعيشون بيننا .. يأكلون ويشربون ويتجشأون ،ويتناسلون، ويسكرون، ويحششون،ويسرقون، ويمارسون القتل كل ساعة.. بل ويكتبون بوستتات على” فيس بوك” فى رثاء قتلاهم .. أقسم بالله يكتبون ويتلقون العزاء.
قتلوك يامحمد يوم أبعدوك عن عملك ، لأنك كنت رجلًا نبيلًا ومحترمًا، فلم يكن من الطبيعى أن تكون بينهم.. قالوا: محمدد لازم يمشى.
لم يكتفوا ياحبيبى بابعادك عن عملك.. عن مجالك الحيوى الذى أبدعت فيه وأجدت وأخلصت، وكنت مثالًا للشرف والأمانة والنزاهة، كما أبدعت وأجدت وأخلصت فى شعرك، أبعدوك عن بيتك الذى تربيت بين جدرانه، بيتك الذى احتله الآن الغرباء والغربان والبوم.
لم يكتفوا بإبعادك يامحمد.. فرضوا حولك طوقًا حديديًا .. حاصروك يامحمد وقطعوا عنك ” الميه والنور”.. مارسوا عليك كل أنواع القهر والتنكيل والغل والتشفى، وكانوا سعداء بمعاناتك ومعاناة أهل بيتك.. زوجتك وبناتك الثلاث .. بناتك يامحمد..وإن بقيت فى حلوق القتلة غصة أنك ظللت شامخًا وساميًا ومرتفعًا .. لاتشكو ولاتميل ولاتهادن ولاتنافق.. ظللت محمد أبو المجد كما عرفناك .. راقيًا ونبيلًا ومحترمًا ، فأفسدت لهم ماخططوا له.
قتلتك يامحمد تلك العصابة التى تقتل ، ومازالت، غيرك من الشرفاء والمحترمين.. وقتلك من تواطؤا معهم ،ورضوا بالذل والهوان ،ولزموا الصمت تجاه معاناتك وقهرك..

كان يمكن ليد رحيمة أن تمتد إليك، لكن مامن يد رحيمة فى هذا الزمن المرعب القاسى المخنث،زمن الأشباه والتافهين والفارغين ، أولئك الذين يمسكون بزمام الأمور ويتحكمون فى أقدارنا ومصائرنا.. تصور يامحمد!.
قتلوك يامحمد قهرًا وحصارًا وتجاهلًا، وأنت الذى ملء السمع والبصر، كنت وستظل، لم يدافع عنك أحد ، لم يسع أحد لدى من بيدهم الأمر ليعيد إليك حقوقك، اللهم إلا نفر قليل من أعز وأخلص أصدقائك الذين حاولوا وإن لم يوفقوا، ليس بسبب تقاعسهم أو يأسهم ، وإنما لأنهم كانوا يسعون لدى مجموعة من الخنازير والكلاب والذئاب والوحوش الضارية .. كانت تتلذذ بمعاناتك ياحبيبى.
يامحمد أنت الذى نزلت فيك ” تحسبهم أغنياء من التعفف” .. كنت عفيفًا ياحبيبى، مرفوع الرأس ، لاتشكو لأحد، ولاتفصح عما بداخلك من معاناة وألم وقهر، لم تكن الحاجة قاتلتك.. أنت الغنى بمالديك .. الغنى بشعرك وإنسانيتك وطهرك ونقائك.. الغنى بأهل بيتك.. زوجتك وبناتك الثلاث.. بناتك يامحمد.. الذى قتلك هو القهر والجحود والنكران.. ياالله كيف احتملت كل ذلك ياصاحبى.. كيف واجهته بعزة وإباء وترفع وكبرياء؟ واجهته لأنك محمد.. فقط لأنك محمد.
أقول لك يامحمد: أنت قاهر ياأخى.. قهرت قاتليك لأنك، بموتك الفاجع هذا، لم تمنحهم فرصة التشفى، أصبحت أكثر حضورًا وإشراقًا.. فاجأتهم يامحمد بكل هذا الحب الذى انهال عليك مثل الشلال..الحب الذى تستحقه ويليق بواحد مثلك.. أراهم الآن وقد ازدادوا غيظًا وكمدًا.. لن يغير موتك فيهم شيئًا.. القتل غريزة عندهم يسرى فى عروقهم مسرى الدم.. وأراك يامحمد تبتسم إشفاقًا عليهم .. قالوا محمد لازم يمشى.. وقال الموت محمد لازم يبقى إلى الأبد شاعرًا كبيرًا وملاكًا طاهرًا.. لاأغيبه بل أجعله أكثر حضورًا وإشراقًا.. صباح الخير ياصاحبى الحاضر المشرق..

صباح الخير يامحمد

المبدعان شعبان يوسف ويسري حسان

المبدعان شعبان يوسف ويسري حسان

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات