أولمبياد الألعاب الشتوية 2018| العبقرية تشعل ثلوج “بيونغ تشانغ”!

08:41 صباحًا الخميس 28 ديسمبر 2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مجلة طيران ناس | بقلم : هاني نديم

winterفي دعوةٍ كريمة وجهتها رابطة الصحافيين الآسيويين لمجلة “طيران ناس” وذلك لحضور مؤتمر صحافيي العالم الذي انعقد أول شهر “ماي” المنصرم في سيؤول، شملت زيارتنا خمس مدن رئيسية في كوريا الجنوبية خلال عشرة أيام عشنا فيها تجربةً صحافيةً خاصة مع فريق محترف وفر كافة السبل لتكون زيارتنا ناجحة ومعلوماتنا وافية.

إن أول ما تبادر لذهني منذ أن وطأت الطائرة مطار “إنشون” الشهير في العاصمة الكورية، كان تغطية استعدادات الكوريين للألعاب الأولمبية الشتوية والتي سوف تبدأ في فبراير 2018 بعدما انتزعتها من منظمين كبار وما أثير في الصحافة عن حجم الاستعدادات وعبقريتها.. وبالفعل، كان ضمن برنامج المؤتمر زيارة مدينة بيونغ تشانغ حيث شارفت الأعمال في المدينة الرياضية على نهايتها.. ويا لها من نهاية!.

كوريا..المرة الأولى

Pyeongchang-Sport 2في اجتماع الجمعية العمومية للجنة الأولمبية بمدينة دوربان في جنوب أفريقيا. حضر الرئيس الكوري السابق “لي ميونج باك” إلى جانب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، البلجيكي “جاك ورغ” وذلك ليعرض بنفسه مسوغات وأسباب اختيار مدينة “بيونغ تشانغ” لتنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية للعام 2018 في كوريا الجنوبية. وقد فازت بالفعل كوريا لأول مرة في تاريخها بهذا الحدث حيث أكد الرئيس الكوري أن على اللجنة أن تختار دولة آسيوية  كنظرة بعيدة المدى لتعميم تلك الألعاب بين جمهور القارة الآسيوية ككل، ونشر ثقافة الرياضات الشتوية وتوطينها.

في الحافلة على الطريق إلى المدينة، لفت نظري د.حسن حميدة، زميلي إلى جانبي: أنه من الذكاء جداً اختيار مدينة بيونغ تشانغ، ففي هذا دعوة هائلة للسلام ورفع رايته عالياً، إذ أن المدينة شهدت تنازعاً بين الكوريتين وهي المدينة الحدودية المتنازع عليها بين الكوريتين خلال الحرب الكورية اليابانية ما بين 1950 إلى 1953. وإنتهت قضية التحكيم في شأن بيونغ تشانغ بهدنة وليس بمعاهدة سلام حتى اليوم، من هنا سوف تكون وسيلة إنسانية في غاية الأهمية للإشارة إلى التآخي والسلام في شبه الجزيرة الكورية. وهذا ما يفسر ربما مدافعة كوريا الجنوبية، بل وقتالها، على أن تنافس مدينتين أوروبيتين عريقتين هما ميونيخ الألمانية وآنسي الفرنسية الخلابة، وكانت المدينة قد خسرت ترشيحها مرتين قبل هذا أمام فانكوفر الكندية 2010 وسوتشي الروسية 2014 لتكون اليوم استضافتها بمثابة كبرياء وطني وفخر منقطع النظير.

المدينة المدهشة

لا بد لي أن أقول أن الشعب الكوري بالعموم، هو شعب لا يهدأ ولا يناسبه “رتم” حياتنا المرتاح لا في المشي ولا في الأكل ولا في التنزه ولا في النوم!، لقد قضيت عشرة أيام بالكاد فتحت شنطة سفري فيها بشكل كامل!، إذ أننا من سفر لآخر ومن ملتقىً لثانٍ ومن مدينةٍ لأخرى خلال أيام المؤتمر بالكامل، فكان لزاماً علي أن أغطي تحقيق الأولمبياد هذا في ساعات معدودة، إلا أنه من الجدير ذكره أيضاً أنهم يوفرون لك كل التفاصيل التي تساعدك على إنجاح ما تريد، من مترجمٍ إلى دليل إلى تنقل وأدوات تسجيل وتصوير!، نعم.. إنهم لا يمزحون أبداً!. إلى مدينة الثلج إذاً..هكذا يصفون بيونغ تشانغ…

في تقرير فريق التقييم المبعوث من اللجنة الأولمبية الدولية لزيارة بيونغ تشانغ والذي ضم 14 عضواً، جاء ما يلي: ” لقد استُقبلنا بحفاوةٍ بالغة، المواطنون مبتهجون، والفرق الموسيقية تعزف عند سفح كل منحدر، كما كان هنالك تغطية حية على التلفزيون الكوري وعدة قنوات محلية أخرى”، مما حدا برئيسة اللجنة السيدة غونيلا ليندبرغ أن تقول: “لقد حقق الكوريون تقدماً كبيراً هذه المرة بعد محاولتيهم السابقتين، فضلاً عن تقدمهم في الرياضات الشتوية الكورية خلال السنوات الأربع الأخيرة”.

إن تقرير اللجنة تراه ماثلاً أمامك في الزيارة، استقبال استثنائي، فرقٌ تعمل كخلايا نحل في كل مكان، البنى التحتية والطرق والأنفاق ووسائل المواصلات الهائلة، تلك المنحدرات الجديدة للتزحلق على الثلج (snowboarding) التي حلت مكان القديمة، المجمع الأولمبي الخارق حيث عقدنا مؤتمرنا الصحافي “30 كيلومتراً شرق المدينة” والذي يقوم مكان حقول للبطاطا كانت قائمة قبل هذا، الشوارع، المنحوتات، الحركة البشرية في المدينة، كل هذا يقول لك أنك في مكان ينتظر حدثاً استثنائياً.

تبعد بيونغ تشانغ الجبلية، 180 كيلومترا إلى شرق العاصمة الكورية سيؤول، يتوفر لها خط قطار سريع يصلها بالعاصمة بأقل من ساعة كما تتوفر الطرق السريعة بأنفاقها المدهشة عبر الجبال الكورية الشهيرة بعلوها الهرمي حيث خصصت الحكومة الكورية أكثر من 1,5 مليار دولار أمريكي، لتأهيل خطوط السكك الحديدية والبنية التحتية إضافة إلى مبلغ مماثل لتشييد المدينة الأولمبية الشتوية.

من اللافت أيضاً الفنادق التي افتتحت بالتزامن مع الحدث، حيث تسابقت كبرى الشركات العالمية لافتتاح فروع لها هناك أو توسعة القديم منها.

winter1

العبقرية تقود المعركة!

بمجرد وصولك إلى مشارف المدينة ينتابك شعور أنك انتقلت إلى عالم آخر وزمن آخر، إنها مدينة مستقبلية كأفلام الخيال العلمي! الباصات في المدينة مختلفة، المنحوتات التي تنتصب في الساحات مختلفة، الخامات المعدنية الملونة، الألمونيوم والنحاس والستيل يتلامعون في أرجاء المدينة بحداثة متناهية. ويستقر لديك هذا الشعور حال دخولك المدينة الرياضية حيث التقنية تتدخل في كل مفاصلها بدءاً من مواقف السيارات حتى أدق تفاصيل القاعات والردهات والصالات الرياضية المجهزة بكل ما يلزم من تقنيات متقدمة.

عمدة ورئيس حكومة مدينة بيونغ تشانغ السيد “شوي موو- سوون” ورئيس اللجنة الأولمبية للألعاب الشتوية، السيد “هي بيوم لي”، استقبلا وفدنا الصحافي بشكل شخصي وقابلانا بالترحاب والاحترام الكوري المعروف من البوابة بكل حفاوة، حيث شرح السيد بيوم لي في مؤتمر صحفي قصة المدينة والتحديات مفصلاً مسار الإعداد للألعاب الشتوية للعام 2018. ودورها في تعريف بقية دول العالم بكوريا الجنوبية، وتقارب الشعوب ودعم السلام العالمي. معتبراً أنها عبارة عن دعوة لكل دول العالم، لرفع شعار السلام العالمي هنا في بيونغ تشانغ، وعلى العالم ألا ينسى بيونغ تشانغ”.

winter2بعد هذا المؤتمر أخذنا الصور التذكارية مع منظمي الحدث ومن ثم شخوص الألعاب وهما الدبان “سوهورونغ” الدب الأبيض و”باندابي” الدب الأسود. وفي توضيح من اللجنة قالت: إن الدب الأبيض يعتبر كائن له احترامه وخصوصيته في كوريا الجنوبية، وإن لونه يمثل لون الجليد والثلج خلال الألعاب الأولمبية الشتوية. فيما يرمز الدب الأسود لإقليم “جانجون دو” الذي يستضيف الدورتين الأولمبية والبارالمبية، ويمثل الإرادة القوية والشجاعة.

أستطيع القول أن تلك الزيارة كانت من أجمل الزيارات التي دعيت إليها مجلة “طيران ناس”، تنظيماً ومكاناً وحدثاً. إذ أن تلك الألعاب تعني أكثر مما يبدو ولعلها تكون بداية فترة سلمٍ وسلام في شبه الجزيرة الكورية، وهذا ما يأمله شعب الكوريتين معاً.

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات