كأس العالم 2018 – منتخب كوريا الجنوبية – مستقبل كرة القدم في آسيا

11:09 مساءً الجمعة 27 يوليو 2018
د. حسن حميدة

د. حسن حميدة

الدكتور حسن حميدة كاتب لأدب الأطفال واستشاري تغذية في المحافل العلمية الألمانية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

World Cup 2018 – South Korea Team18C975FA-389E-49DC-9A5B-9A171AFA67E6Future of Football in Asia

By Dr. Hassan Humeida

 لم يؤت بالتنافس الرياضي بين الدول عن فراغ، ولا يكثف للاعداد له كل أربعة أعوام في مهرجان عالمي عن عبث. السبب هو كون التنافس الرياضي الحديث،الحد الفاصل بين المتنافسين، وهذا لكي يبرهن كل ذو مهارة وقوة ما امكانياتهمن قوة ومهارة في تنافس شريف وعادل، بعيدا عن الحروب التي كانت تثار قديما في البر من أجل ضرب المثل في المهارة والقوة، وبث الرعب والخوف في نفس المنافس. وبتقدم الانسان في العصر الصناعي الحديث، زاد الكيل وطفح، حيث ادخلت مهارات وتقنيات اخرى في تقنيات الحروب، مثل استخدام السفن العسكرية، والطيران الحربي، والتي كان لها الباع الطويل كوسيلة حربفي انتصارات الحروب العالمية الأخيرة – الأولى والثانية، والتي نشبت في القارة الأوروبية – وطالت محمولة برا وبحرا وجوا قارات اخرى مجاورة، ليسلها ضلع في لب قضية نشوب الحروب في القارة الأوروبية. ومن بعد أن أن اتضحت لانسان العصر الحديث بعد حروب ضروس، ضراوة الحروب، وعدم جدواها وفائدتها للعالم الحديث وتقدم انسانه، استبدلت الحروب بمنافسات رياضية بديلة ومتحضرة، تأتي لكي تضع أسس وأصول للتنافس الشريف، تجنبا لنشوب الحروب. أقيمت وبه اقيمت أول دورة ألعاب أولمبية صيفية في أثينا باليونان، في الفترة ما بين السادس إلى الخامس عشر من أبريل من العام 1896 كأول انطلاقة للألعاب الأولمبية في العصر الحديث.

2A6B01E4-3341-4B1E-A1AA-043BF303FE76لكرة القدم تاريخ قديم يرجعه المؤرخون إلى 600 عام قبل الميلاد في جزر اليابان، و300 عام قبل الميلاد في مصر القديمة. وسميت لحقب باسم “سوكر”، الذي استبدل لاحقا بالأسم الحالي “كرة القدم”. وفي العام 1857 ظهرت كرة القدم كلعبة في المدارس الأنجليزية، وفي العام 1862 تم تأسيس نادي “شيفيلد الإنجليزي، والذي يعتبر أقدم نادي لكرة القدم في العصر الحديث. وفي العام 1904، تم تأسيس الإتحاد الدولي لكرة القدم في فرنسا، والذي أتخذ مقرا له في زيوريخ، بسويسرا. أما عن أول مشاركة للرياضة في العالم، كانت أول دورة لكأس العالم في العام 1930 في أوراغوي، بجنوب أمريكا، ومن ثم إقامة أول دورة لكرة القدم النسائية وكأس العالم في الصين، في العام 1992.

ومع كل هذه الأحداث التاريخية وضراوتها، وسبل السعي من أجل تخطيها، تأتي أخبار أخرى جائرة ومحزنة في القرن الحادي والعشرين. حيث لم ينجو الاتحاد العالمي لكرة القدم “الفيفا” من الجور في السنوات الأخيرة. وهذا بعد أن أصاب الاتحاد الدولي لكرة القدم الضرر بسبب المتاجرة بنصيب الدول المستحقة لإستضافة المنافسات العالمية، ولصالح دول أخرى تدفع بطرق غير مشروعة وغير مباشرة. دول تدفع مال كثير لسماسرة، ومال أكثر لمسؤلين عالميينفي هذا الاتحاد الرياضي العالمي. الشيء الذي أطاح في السنوات الماضية برؤوس كبيرة من منصات تتويج الأبطال، وجعل منها رؤوس تائهة، تجتمع في متهمين ومجرمين وسجناء للمال بمتاجرتهم بحقوق دول مستحقة. وبعد أن طال القانون القمة، وما زال يلاحق آخرين فارين أو مختفين، والذين سوف ينالهمالقانون حتما، ويطالهم العقاب بما كسبت أيديهم من مال الفساد والرشوة والمحسوبية، للمحافظة على مستقبل عالم حديث، متحضر، مسالم وآمن، يكون دأبه في المنافسة، التنافس الشريف، والتوزيع العادل لفرص القارات والدول والمنتخبات المشاركة في كل منافسة عالمية دون جور.

نعود لمنافسات كأس العالم للعام 2018، ونضعها تحت المجهر، ونسلط الضؤ اللازم عليها. أذ أن للعالمية دور أساسي في المنافسة، والتي ظهرت للجميع بثوب آخر غير متوقع. لقد طغى على هذه المنافسة العالمية في العام 2018، ثوب جميل وملون. كانت في المنافسة دول مثل بلجيكا وفرنسا، والتي لا ينسى لها التاريخ صفحات إستعمارية سوداء. على سبيل المثال: الإستعمار الفرنسي لكثير من الدول أفريقية، وسلب ثرواتها. وهذا من دون أن يهتم المستعمر بسبل تقدمها وتطوير بنيتها التحتية. هاهي فرنسا تفوز بكأس العالم للعام 2018 بمجهود لاعبين تنتمي جذورهم للقارة الأفريقية السوداء المسلوبة. وهاهميحملون كأس ذهبي يتلألأ، ويتقلدون ميداليات ذهبية ناصعة، يصعدون لمدرج تتويجهم كأبطال لفرنسا، يصعدون وينزلون، وينتابهم وقتها الشعور الغريب – ويتساءلون الى أي هم ينتمون؟

كما هو الحال في المنتخب البلجيكي، الذي كان غني بلاعبين أفارقة الأصل والجذور. وكم هو أسود تاريخ بلجيكا كدولة مستعمرة لدول أفريقية بقيادة ملك بلجيكا الجائر “ليوبولد الثاني. جمهورية الكنغو الديمقراطية تشهد وتحكي بحزن عن المجازر الشنيعة التي تمت على يد ملك بلجيكاالظالم، وتحت قمع المستعمر البلجيكي على مواطني الكنغو الأبرياء، وعلى مدار حقب من الزمان. الكنغو مستودع ثروات أفريقيا المعدنية والنباتية والحيوانية الكبير. حال هذا البلد يتحدث ويبكي بمرارة عن كيفية سلب موارد بلد مستعمر، وعن كيفية سلب ثرواته من الذهب والماس، وتفنن المستعمر في تعذيب أهله لسلب ثرواتهم ونسف هويتهم أبديا. التاريخ لا يعيد نفسه مرة، ولكنه يأتي بصورة أخرى مغايرة. وهاهو انسان أفريقيا الأسود ينهض من جديد، ليرفع راية بلد مستعمر، ولد أو ترعرع فيه، ولم يترك لأجداده فرصة أو مجال للعيش الكريم. هاهم أسود أفريقيا يرفعون علمه عاليا بين الدول، وحتى لأخريات المنافسة في العام 2018، ليقولون لكل العالم: لعبنا من أجل السلام، وللسلام ألف فضاء، وللسلام ألف مكان في القلوب.

وفيما يعني بالمنافسة بين الدول: هذا هو دأب المنافسة الرياضية، اما منتصر أو منتصر عليه، وبهذا تحسم النتيجة الأخيرة. من كان يحلم بعدم مشاركة دول كهولندا وإيطاليا؟ من كان يظن خروج كل من البرازيل والأرجنتين؟ من كان يتوقع عدم وصول البرتغال واسبانيا لنهايات الدورة؟

من وضع في الحسبان عدم فوز انجلترا ست كرة القدم بالكأس بعد وصولها للدور قبل النهائي؟ ولكن من لم يصدم بخروج ألمانيا القوية في كرة القدم في بدايات المنافسة؟ السبب هو بسيط، وهو كما يقال أن كرة القدم دائرية الشكل، وكل شيء فيها متوقع. والسبب هو أنه لا يمكن أن يكون كل مرة البطل، وفي كل دورة نفس البطل. والسبب هو أن إذا صدق البطل كل مرة أنه بطل، لا يمكن أن يبدع في آداءه أبدا.

أما عن مشاركة الدول الأفريقية وفرقها القوية والواعدة في المنافسة، فهي بلا شك المصدر الأول بجانب دول جنوب أمريكا للاعبين المبدعين في كرة القدم. لاعبين يمتازون بالمهارة واللياقة البدنية العاليتين من سرعة وقوة. ويمكن القول بعد مجريات كأس العالم للعام 2018، أن المشاركة الأفريقية هي في الطريق الصحيح صوب الهدف. وهذا إذا توفرت للدول المشاركة سبل تطوير التقنيات التدريبية والفنية الحديثة. وهذا بالرغم من خروج فرق الدول الأفريقية مبكرا من المنافسة، كمنتخبات نيجيريا والسنغال.

لنأتي لتفحص كرة القدم في القارة الآسيوية، والتي تمتاز بمنتخبات قوية،تمثلت في كوريا الجنوبية واليابان. والتي قطعت بدورها شوطا طويلا في المنافسة العالمية للعام 2018. وبالتركيز على منتخب كوريا الجنوبية: فوجيء كل العالم بخروج بطل العالم الفائز بكأس العالم للعام 2014 “ألمانيا. خرجت ألمانيا فجأة من المنافسة بسبب كوريا الجنوبية. وهذا لحنكة المنتخب الألماني المعهودة في اللعب لآخر دقيقة من أجل الفوز، وخبرته الطويلة في كرة القدم،والانتصارات العالمية المرموقة، بطل كأس العالم لأربعة مرات، أولها الدورة المقامة ببيرن، بسويسرا في العام  1954.

خروج المنتخب الألماني من المنافسة هو بدون شك شيء، سوف يرد عليه المنتخب الألماني في المستقبل بشيء من المهارات القوية والتقنيات االحديثة. وانتصار كوريا الجنوبية على ألمانيا يحتاج لوقفة مع هذا المنتخب الواعد. فهو بلا شك منتخب فاق التصورات، وتحدى أقوى الدول التي يمكن منافستها في كرة القدم العالمية. منتخب كوريا الجنوبية تحت اشراف المدرب سين تاي-يونج، وقيادة مهاجم توتنهام المهاب سون هيونج-مين، والذي تم اختياره كأفضل لاعب كوري جنوبي للعام 2017، ومشاركة لي سيونج-وو، خريج أكاديمية برشلونة لكرة القدم، وكأصغر لاعب شارك في المنتخب، منتخب يوعد بالكثير في المستقبل، ولا بد من أن يستثمر فرصة نجاحه للتقدم أكثر في الدورات العالمية القادمة لكرة القدم في العام 2022. عن طريقه يمكن أن تتعرف الدول الآسيوية الأخرى الغائبة عن الحدث العالمي مشاركة ومشاهدة على رياضة كرة القدم وتقنياتها الحديثة. وإذا نظرنا للقارة الآسيوية ككل، فنجد أن كثير من الدول فيها لا تهتم بممارسة أو تطوير هذه الرياضة الهامة للشباب، مثلا باكستان وأفغانستان أو بنغلاديش وسريلانكا وغيرها من دول. أو على سبيل المثال كبريات الدول الأسيوية كالصين والهند، فهي لا تعطي لكرة القدم الإهتمام المطلوب كرياضة شعبية، أذا ما قورنت بدول جنوب أمريكا أو أفريقيا.

أذا القينا نظرة تاريخية لكوريا الجنوبية مع كرة القدم، نجدها قد قطعت شوط طويل في هذا المجال الرياضي. في دورة كأس العالم للعام 1954 تكبدت كوريا الجنوبية مشاق الخصارة الفادحة بسويسرا، وتلقت في شباك منتخبها عدد ستة عشر هدف، وهو كأعلى نصيب من الأهدف التي يمكن أن يتلقاه فريق من خصمه في الدورة للعام 1954. وهاهو منتخب كوريا الجنوبية ينهض بسرعة، ويبرهن للعالم جدارته الكروية، على الرغم من خروجه الغير متوقع مبكرا من دورة كأس العالم للعام 2018. لكرة القدم اليوم في كوريا الجنوبية موقع آخر وهناك من الأندية الرياضية الحديثة، مثلا نادي تشونبوك الفائز بالدورة الكورية الجنوبية لثلاثة أعوام متتالية، وحتى العام 2017. كما نجد أندية حديثة لكرة القدم، مثل نادي سوون بلو-وينجز، الذي أسسته مجموعة شركات سامسونج الكورية في العام 1995. والقائمة تطول بجانب نادي سيول وأندية أخرى تشرف عليها شركات عالمية غنية، كشركات أل.جي، ومجموعة شركات الهيونداي. ومن هنا يتضح لنا أن مستقبل هذه الرياضة في كوريا، وآسيا ككل، سوف يأخذ مجرى آخر مغاير، خصوصا بسبب ضمان التمويل والإعداد للتنافس. الشيء الذي سوف يأتي بمفاجآت مستقبلية غير متوقعة.

ونختتم بالآتي: لقد تقدمت كوريا الجنوبية كثيرا في كرة القدم بفوزها على ألمانيا، بطل العالم للعام 2014، وأتى دورها لتجعل من كرة القدم رياضة شعبية، كرياضة التيكوندو في كوريا، وأن تنشر هذه الرياضة خارج كوريا الجنوبية، لتعم كل أرجاء القارة الآسيوية، التي تضع رياضة الركبي أو فنون الدفاع عن النفس في المقدمة عن غيرها من أنواع الرياضة. كما يكمن الأمل في شبه جزيرة كورية موحدة في المستقبل، لتكون أقوى ممثل للقارة الآسيويةفي منافسات كأس العالم القادمة للعام 2022 للميلاد بالدوحة القطرية.

كل حقوق الطبع والنشر محفوظة للكاتب. يمنع النقل من دون اذن – 2018

All rights reserved to the author. No reproduction without permission – 2018

E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات