يقدمها المحلل الرياضي عمرو عبدالله
لاشك أن مشجعى اليونايتد يشتاقون إلى أيام السير أليكس، يشتاقون إلى أيام كان فيها اليونايتد كبيرا فى الملعب وفى المكانة، أيام لايعيش فيها على أنقاض الماضى كما هو الآن، ماذا حدث لليونايتد؟
من الطبيعى أن يمر اليونايتد بفترات عصيبة منذ رحيل السير أليكس، ولكن من يتخيل غياب الدورى عن اليونايتد لمدة خمس سنوات كاملة، فاليونايتد مع السير حقق الدورى ثلاثة عشرة مرة فى سبعة وعشرين عاما، بمعدل لقب كل عامين تقريبا.
قد يرى البعض سقوط اليونايتد بهذا الشكل طبيعيا، لرحيل أعظم مدربى الفريق، ومن الصعب إيجاد الوريث المناسب له، والغريب أيضا أن اليونايتد لم يتجه إلى مدرب درجة أولى، بل اختار مويس مدرب إيفرتون الذى لم يحقق أى ألقاب فى مسيرته، ولم يدرب فريقا كبيرا من قبل، وأن تأتى لناد بحجم اليونايتد فيجب أن تتوقع أن تكون الطموحات فى السماء، ولكن الحقيقة أن اليونايتد لعب مع مويس أسوأ كرة قدم يمكن أن تشاهدها.
اليونايتد وبعد 15 مباراة فى الدورى حقق 13 نقطة، وخسر العديد من المباريات على أرضه أمام ليفربول وسيتى وإيفرتون ونيو كاسل، وبدأ سخط المشجعين عليه، ولكن فى شهر أبريل 2014 تم الإعلان عن إقالة مويس، وكان اليونايتد حينذاك فى المركز السابع على بعد 13 نقطة من المركز الرابع، مع تبقى أربع جولات على النهاية، وبالتالى هذا يعنى أن اليونايتد لن يستمع لنغمة موسيقى دورى الأبطال العام التالى.
هل كانت المشكلة فى مويس أم فى اللاعبين؟ من الصعب أن أحمل اللاعبين المسئولية لأن مويس امتلك فريقا يضم (ديخيا، وإيفرا، وفيرديناند، وماتا، ورونى، وفيديتش، وكاريك، ويونج، وفان بيرسى،وفالنسيا)، وفى رأيى هذا تشكيل أعلى بكثير من المركز السابع.
اختارت إدارة اليونايتد فان جال كمدرب للفريق بداية الموسم التالى بعد تقديم أداء استثنائى معهولندا فى كأس العالم 2014 توجه بالحصول على المركز الثالث، بدأ فان جال مسيرته بالتوقيع مع لاعبين جيدين مثل هيريرا ، وشو، وروخو، وديماريا، وبليند، ولكنه فى أول مبارة فى الموسم خسر 2/1 أمام سوانسى على ملعبه، وبعد عشر مباريات فى الدورى ، يونايتد كان تاسعا ب13 نقطة وثلاثة انتصارات فقط، وفى نهاية الموسم حقق المركز الرابع، فيما يمكن وصفه كبداية جيدة كموسم أول، وفى الصيف التالى أحضر ديباى ومارسيال ودارميان، ولكن الكارثة حلت بخروج اليونايتد من دور المجموعات فى الأبطال أمام فولفوسبورج.
ولكن فى النهاية حقق فان جال بطولة كأس الاتحاد والمركز الخامس فى الدورى، بعد موسم ملىء بالمشاكل والخلافات فى غرفة الملابس والإعلام، وتمت إقالته بعدها بيومين.
فى رأيي أن فان جال قام بعمل جيد ولكن ليس ممتازا بتطويره العديد من المواهب مثل راشفورد ومارسيال وبليند، ولكن حصوله على المركز الخامس فى موسم فوز ليستر بالدورى هى كارثة، لأن كافة الفرق الكبيرة فى الدورى هذه الموسم لم تكن فى حالتها، (تسيلسى يقبع فى المركز 16، ليفربول يغير مدربه، وأرسنال لاجديد)، كما أن خروجه المخزى من دورى الأبطال كان وصمة عار فى تاريخ اليونايتد.
اقتنعت إدارة اليونايتد بعده بضرورة قدوم مدرب من الصفوة له خبرة الفوز بالدورى الانجليزى وكاريزما البطل، ولم يجد اليونايتد مدربا أفضل من مورينيو يمتلك هذه المواصفات.
وقبل سرد مسيرة مورينيو مع الفريق علينا تذكر أن مورينيو جاء وترك خلفه بطل الدورى الإنجليزى فى المركز ال16، وهنا قد يختلف البعض أن اللاعبين خذلوه فى موسمه الثالث، ولكن الهبوط من المركز الأول إلى المركز ال16 فى الموسم الثالث يجب تحميل جزء كبير منه للمدرب مهما كان تصرف اللاعبين…. فقدان السيطرة على اللاعبين، وشن حرب إعلامية معلنة عليهم، وعدم مساندة اللاعبين له، كان دليلا على فقدان مورينيو للمسته السحرية.
قد يناقضنى البعض بالقول بأن مورينيو من أفضل مدربى العالم وأن إنجازاته العديدة كفيلة بمسح هذه السقطة، ولكن تاريخ مورينيو مع الريال ، وشنه حربا أهلية مع برشلونة ، ودخوله فى صدامات مع نجوم الفريق ، كراموس وكاسياس ورونالدو، دليل كاف على شخصية مورينيو المتقلبة.
وعندما اعتقد الجميع أن إدارة اليونايتد أحسنت الاختيار عند تولى مورينيو المسئولية، كنت من القلائل المؤمنين بفشله المحتوم مع اليونايتد، فقد كان مورينيو فى أشد الحاجة إلى فترة هدنة مع نفسه كى يزيح الضغط عنه، ولكنه اختار المضى قدما فى مهمة ليست أسهل من سابقيها.
بدأ مورينيو مسيرته فى أول موسم بداية جيدة، فرغم حصوله على المركز السادس فى الدورى ، فإن فوزه بالدورى الأوربى وكأس الرابطة وتأهله للأبطال كان كفيلا باعتباره موسما ناجحا.
وفى الموسم الثانى أصبح اليونايتد يمتلك (لوكاكو، وبوجبا، وبيلى، وليندلوف)، وفى يناير اشترى شانشيز، كل هذه الصفقات كلفت إدارة اليونايتد حوالى 300 مليون يورو، وفى رأيى المتواضع كان بإمكان اليونايتد إنهاء الموسم الثانى أفضل مما فعل، فرغم حصوله على المركز الثانى فى الدورى إلا أنه خرج من دورى الأبطال على أرضه أمام إشبيلية المتواضع، وخسر نهائى كأس الإتحاد أمام تشيلسى.
وفى الواقع غطى حصول اليونايتد على المركز الثانى وهو أفضل مركز منذ رحيل السير على أخطاء وتعثرات مورينيو القاتلة مع اليونايتد، ونسردها فى التالى:
كل هذا يعيدنا إلى ماذكرته سابقا، وهو أن مورينيو فقد لمسته السحرية ، وأصبح سلاحه الوحيد المؤتمرات الصحفية، مثل مؤتمره الشهير الموسم الماضى الذى يتحدث فيه عن إرث اليونايتد بعد السير ليعلل خروجه من إشبيلية على أرضه ووسط جماهيره، والحقيقة أننا نريد أن نتوقف قليلا عند هذه النقطة.
هل كان تشيلسى فى موسم 2003/2004 يمتلك تاريخا عندما حقق مورينيو معه الدورى مرتين تواليا؟ هل حلم الإنتر فى 2010 بتخطى أعظم فرقة فى التاريخ (برشلونة جوارديولا) وتحقيق دورى الأبطال بلاعبين عجائز مثل زانيتي وستانكوفتش وسامويل ولوسيو؟ هل كان الريال سيد أوربا عندما جاء مورينيو ووصل معه إلى نصف نهائى دورى أبطال أوربا ثلاث مرات على التوالى؟ أجب عن هذه الأسئلة وستتأكد أن مورينيو فقط يماطل فى المؤتمرات الصحفية.
وفى مؤتمره الشهير بعد مباراة توتنهام هذا الموسم عندما سأله الصحفيون عن أداء الفريق أشار بأصابع يده إلى ألقاب الدورى الثلاثة التى حققها فى الدورى الإنجليزى مقارنة باللقبين اللذين حققهما جميع مدربى الدورى الإنجليزى ، مطالبا الصحفيين باحترامه ثم غادر المؤتمر.
وفى الحقيقة أنا لا أعلم ماعلاقة فوزه بالدورى الإنجليزى بأداء اليونايتد هذا الموسم، أرى البعض مبالغا عندما يصف مورينيو بجنون العظمة، ولكنه فى بعض الأحيان يجبرنى على التفكير فى ذلك.
ولتلخيص الأمر، فاليونايتد يحتاج مدربا بأفكار هجومية لتحرير اللاعبين والاستفادة من مواهبهم المدفونة، فهذا اليونايتد فى رأيى لم يبن ليلعب بطريقة دفاعية، وهنا لا أقلل من طريقة اللعب الدفاعية طالما ينتصر فهى ناجحة، ولكن هذا لاينطبق على مورينيو مع اليونايتد.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.