سيرة الخليل إبراهيم

11:04 مساءً الأربعاء 17 أكتوبر 2018
عزة أبو العز

عزة أبو العز

كاتبة وناقدة من مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تأملات عصام قابيل . .  فى سيرة الخليل إبراهيم : قراءة فى كتاب الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام 

azza

 

قد يتسائل القارىء ما الذى سيضيفه عمل أدبى ما من إضاءات حول سرد نص قرآنى يٌتلى على البشر منذ نزل به جبريل الملك على سيدنا محمد عليه صلوات ربى وسلامه إلى يوم يُبعثون ، وسيظل يُقرأ حتى قيام الساعة ، وما الذى سيضيفه ناقد ما مهما كانت براعته النقدية من إضاءات ، والنص القرآنى بديع مكتمل بذاته .

وهذا ما صعب من مهمتي فى بداية القراءة ، خاصة أن –  العنوان وهو عتبة النص الأولى جاء صريحاً مباشراً مصحوباً بصورة غلاف للحرم المكي وكبش عظيم ، ولكن بين العنوان المباشر وصورة الغلاف الأكثر مباشرة وجدت مفتاح دخولي لهذه الدراسة وهو عبارة مكتوبة تتوسط الغلاف جاءت كتكملة للعنوان الرئيس أو شارحة له وهى ( رؤية  جديدة لحدث جلل قديم ) ونظراً لمعرفتي بشخص الكاتب واطلاعي على بعض أعمالهالإبداعية ( رواية وقصص قصيرة) أدركت أن الرجل لابد وأن يقدم شيئاً مختلفاً يتسق مع تكوينه الفكري وسمته الشكلي وميوله الوجداني ، كما أنه لابد وأن يسخره بالضرورة للدعوة إلى الله وإلى طريق الإيمان والخير والسلام كما ذكرهو فى مقدمة كتابه ،وكما عهدته فى أعماله الأدبية  السابقة  .

82D76D27-B8AF-46F8-9FFD-4E48CFE1B6B1

وبدأت القراءة ولم تخذلني فراستي تجاه تناول عصام قابيل الأديب الداعية أو الداعية الأديب ، ولم أفقد متعة القراءة منذ لحظة البداية فى انطلاق الرحلة السردية القصصية المباركة مع الخليل إبراهيم عليه السلام (ص11) وحتى لحظة النهاية ( ص173) .

وسبق ذلك استمتاعي بالمقدمة الموجزة الشارحة الكاشفة لأهم سمات الكتاب وكاتبه التى خطها الشاعر والإعلامي السيد حسن للكتاب تحت عنوان ” الدراما الإنسانية فى حياة العظماء” وتمنيت لو أن الكتاب حمل نفس الاسم مع استبدال كلمة العظماء بالأنبياء ليصبح ” الدراما الإنسانية فى حياة الأنبياء ” وأظن فى هذا العنوان توفيقاً أكثر من الاسم الحالي وأظنه أكثر تماشياً مع الأحداث الجليلة والصعاب الكثيرة فى حياة نبى الله إبراهيم وذريته عليهم السلام ،    كما تمنيت أن يكتفي ( الباحث) فى مقدمته ص5 بالشكر الذى قدمه لخاله وشقيقته الراحلة ، والهدف من رسالته فى الكتابة دون ذكره لأسماء الكتب ودور النشر فى صدارة الكتاب . ،دراسة عصام قابيل عن الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام دراسة جديرة بالوقوف أمامها للتدبر فى كتاب الله ، وأرى أننا بحاجة لمثل هذه النوعية من الدراسات الواعية المتأملة فى كتاب العشق الإلهى الذى يضم أعظم القصص .

 الملامح الفيزيائية والنفسية لأنبياء الله ومن حولهم :

لأن الكتاب قائم بالأساس على الدراما الإنسانية فى حياة الأنبياء ،  وعنصر البطولة يكمن فى شخوصهم بصبرهم الجميل على المحن ، وكيف كانت هذه المحن التى مرت بهم بمثابة منح ربانية فاضت عليهم بالخير الكثير ، ففضلت البدء بالحديث عن ملامح وسمات الشخصيات ، وإدراك عصام قابيل بضرورة إيضاح السمات الشخصية والنفسية لكل نبى ولمن حوله من الشخصيات ،وقد نجح  إلى حد كبير فى أن يدخل القارىء إلى الدائرة النفسية للشخصيات وهذا شيء يحسب له :

شخصية الخليل إبراهيم :

فى عرضه الجيد لشخصية الخليل إبراهيم عليه السلام وضح أنه شاب عمره 16عاماً أوتى من الحكمة والحجة الكثير ، يقيم الحجة على كل من حوله ،  ورصد لنا عدة مواقف تدل كلها على قوة شخصية الخليل إبراهيم منها  موقفه واعتراضه على الخروج مع أهله للاحتفال بالعيد وقال ” إني سقيم ” كذلك رده القوى على قومه عندما سألوه : من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم ؟

فجاء رده : لقد فعلها كبيرهم هذا فسألوه ، ثم قوله لهم أتعبدون من دون الله مالا يسمع ولا ينطق ولا يضر ولا ينفع ؟! ص15 هنا نجد رد لفتى قوى الشخصية  قادر على مواجهة الأخر ، يُعمل العقل فيما يرى من تصرفات قومه .

أيضاً هو شخصية مفكرة متدبرة فى خلق الله ، ونرى ذلك جلياً فى موقفه من عبادة الشمس والقمر ص 18 ، فهو شاب دائم البحث عن الإله الحق .

وفى أشد لحظات المحنة نجده طامعاً ومتذكراً لرحمة الله وحده دون سواه حتى وإن كان سواه هما الملكين ” جبريل وميكائيل “.

نجح عصام قابيل أن يظهر لنا المواقف الدالة على الصراع النفسي وقوة الخضوع   لأوامر الله ، لحظة أن ترك إبراهيم الخليل زوجه وولده فى العراء والسيدة هاجر تنادى عليه ، ومع أن قلبه يكاد ينفطر حزناً عليهما لكنه لا يلتفت ولا يرد عليها وهى تردد النداء ثلاثاً ولكنه ممتثلاً لأمر الله ، ويكتفي بالرد بإشارة الإيجاب حين قالت له : آلله أمرك بهذا يا إبراهيم ؟ فى هذا المشهد الإنسانى بالغ التأثير نجح الباحث أن ينقل لنا مدى التوتر النفسي فى المشهد ككل بعباراته الأدبية وتعليقاته على الموقف .
شخصية السيدة سارة :

يذكر أنها كانت أجمل إمرأة على الأرض بعد حواء وفى ذكره لجمالها مغزى لطمع ملك مصر فيها فيما بعد بعدما هاجر الخليل إبراهيم إلى مصر ، كما أن استجابة الله لدعائها على ملك مصر دلالة على صلاحها وتقواها ،ومن الصفات الشخصية والخلقية ننتقل نقلة نوعية نفسية فى شخصيتها فبعد أن عزمت على تزويج الخليل من هاجر كى تنجب له الولد وبعد أن يحدث الحمل والإنجاب ، نجد التحول النفسي فى شخصيتها وتغار وتطلب من زوجها أن يرحل بهما ويبتعد عن الشام وهذا الموقف النفسي كان سبباً أو تمهيداً لرحلة آخرى وانتقال آخر لأبى الأنبياء حيث النزول عند قواعد البيت الحرام .

شخصية إسماعيل :

يستمرا لكاتب فى عرضه المشوق لشخصية  الغلام الصغير الذى لم يتجاوز العشر سنوات ولكنه يستجيب لطلب والده بالذبح ، وفى جزئية الذبح هذه نجح الكاتب فى وصف الحدث والصعود باللحظة النفسية العصيبة إلى أعلى مستوياتها عند كل من ” الأب والأم والغلام” وموقف كل منهم من إبليس اللعين ووسوسته لكل منهم على حده ولكنهم بثبات وإيمان راسخ  يقومون برجمه سبعاً متتاليات .

شخصية يوسف :

لا شك أن شخصية سيدنا يوسف عليه السلام من أبهى شخصيات الأنبياء التى ورد ذكرها فى القصص القرآني وقد نجح الراوى داخل كتاب ” الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام “فى أن يعرض لنا رحلة حياة هذه الشخصية الثرية التى صبرت على ما مربها من إبتلاءات كثيرة كما نجح فى توصيف وإيصال معاناتها النفسية ، بالإضافة لعرض  الموقف النفسى ببراعة لكل من يعقوب ويوسف عليهما السلام فى محنتهما ، وعلى المستوى الفيزيائى للشخصية وضح أن يوسف كان أجمل رجال عصره ، وقد أكرمه الله بالحكم والعلم معاً مستشهداً بقوله تعالى ” ولما بلغ أشده آتيناه  حكماً وعلماً وكذلك نجزى المحسنين ” يوسف 22، شارحاً أن يوسف عليه السلام أوتى صحة الحكم على الأمور وأوتى علماً بالحياة وأحوالها وأوتى أسلوباً فى الحوار يخضع قلب من يستمع إليه وأوتى نبلاً وعفة جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم (ص42).

كما نجح فى تقسيم المحن التى مر بها يوسف فى حياته مما زاد من تركيز القارىء مع حجم المعاناة ” فالمحنة الأولى فى تخلص اخوته منه ورميه فى الجب ، والثانية ما دبرته له إمرأة العزيز بمكر شديد ومحاولة غوايته وإخراجه على نساء المدينة ، والثالثة محنة سجنه ”

شخصية إمرأة العزيز :

تحدث عنها وأجاد فى وصفها فبدت للقارىء شخصية ذكية قادرة ماكرة لاتكف عن المحاولة فى جذب يوسف إليها ، تكيد لمن كاد لها من النساء .

شخصية سيدنا موسى :

واحدة من الشخصيات التى أبرزها الكتاب بصفتيها الفيزيائية والنفسية ، فهي شخصية قوية أمينة ، شديدة الغضب غيرة على دين الله ، قادرة على  الحوار والحجة فى الحق وتجلى ذلك فى حواره مع فرعون أثناء دعوته للإيمان بالله الواحد الأحد ، كما تتميز بالحسم مع قومها وتجلى ذلك فى عتابه لهارون وحكمه على السامرى بعد صناعة العجل وحكمه على من ضل من قومه بأن يقتل بعضهم بعضاً ، وإبراز الشخصية  بهذا الشكل سواء فى سياق النص القرآني أو من خلال الشرح الذى أضافه الباحث حول الشخصية يوضح أن نبى الله موسى تميز بكل هذه السمات الشخصية القوية لأن قومه كان  فيهم غلظة وميل لعبادة الأوثان بعد أن من عليهم الله بنعمه وفضلهم على العالمين

شخصية مريم عليها السلام :

لكم توقفت كثيراً أمام وصف آيات القرآن الكريم للسيدة مريم وأمام محنتها الإنسانية فى حملها لطفل بدون أب ، وفى هذه الدراسة استطاع عصام قبيل أن يصف ويشرح ويعرض مدى المعاناة والمحنة الكبيرة التى تعرضت لها السيدة مريم العذراء من خلال رسم صورة كاملة لهذه السيدة الطاهرة النقية على ضوء السياق القرآنى وقد أطلعنا على سمات شخصيتها وحياتها وعاداتها وعبادتها وزهدها ثم على مستوى المعاناة النفسية نقل لنا مدى خوفها وتوجسها من جبريل لحظة أن تمثل لها بشراً سوياً كى يهب لها الغلام ثم قلقها لحظات حملها ووضعها ، فكل هذه المشاهد الواقعية للسيدة العذراء تدل على حجم المحنة التى تعرضت لها السيدة مريم كإمرأة ورعة تقية تحمل بغير زوج فى حياتها كى تلد للبشرية الكريم المكرم عيسى بن مريم الذى خصه الله بمعجزات كثر منها ” تعليمه الكتاب والحكمة والإنجيل والتوراة ومعجزة إحياء الموتى وإبراء الأسقام ، والعلم بالغيوب “

زمكانية الحدث :

سبحان الله .. من  يطلع على مسيرة حياة الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام ، سواء من خلال مصدرها الأصلى ” ديوان العشق الإلهى ” أو من خلال هذه الدراسة الماتعة سيجد أن عنصرى” الزمان والمكان ” من أهم العناصر المؤثرة فى الأحداث وفى حجم الدراما الإنسانية التى عاشها أنبياء الله ،كما نجد تلازم منطقي بالغ الدهشة ، فكل حدث يؤدى إلى الانتقال لمكان جديد وفى المكان الجديد حدث جديد وهكذا تتوالى قدرة الخالق العظيم فى عُلاه فى رسم حياة الأنبياء زمانياً ومكانياً بمنطقية وقدرية مدهشة يعجز عن تصورها البشر .

تعدد الأماكن التى هاجر إليها الخليل إبراهيم دلالة قاطعة على المعاناة وتحمل الصعاب فى الحل والترحال من أجل الامتثال لأوامر الله .”بلاد الرافدين مصر الشام وادى مكة “
رجمة العقبة الكبرى والوسطى والصغرى ، فيها ربط المكان بالحدث الجلل وهو رجم الثلاثة لإبليس اللعين .
الأمر ببناء بيت الله الحرام بعد أن صار إسماعيل شاباً يافعاً (ص30)
انهيار سد مأرب كان سبباً منطقياً لنزوح قبيلة جُرهم لوادى مكة للبحث عن الماء فيستقروا بجوار هاجر ووليدها .
إلقاء يوسف فى البئر .. والبئر هنا كان سبباً كى تتوقف عنده القافلة السيارة لشرب الماء فيجدوا يوسف فى قاعه .
بيع يوسف فى سوق العبيد بدراهم زهيدة فى مصر سبب كى ينتقل من محنته الأولى لمحنته الثانية حيث ينمو ويترعرع فى بيت عزيز مصر وتراوده زوجة العزيز .
كان للزمن دوره فى رؤيا الملك وتفسير يوسف لها بأن مصر ستمر بسبع سنوات مخصبة وسبع مجدبة ، وبشرى يوسف بعام رخاء من عنده للملك وللناس .
وتتجلى أهمية عنصر الزمن فى تشكيل الدراما الإنسانية فى قصة نبى الله موسى عليه السلام ، وقد استطاع الكاتب أن يبرز لنا أهمية عنصر الزمن من خلال تقسيمه لرحلة موسى منذ لحظة الميلاد فى العام الذى يقتل فيه فرعون أبناء بني إسرائيل مما كان دافعاً لأن تضعه أمه فى الصندوق الخشبي وترميه فى النهر كى تأخذه إمرأة فرعون ويربى فى قصره ، وبعد مرور السنوات يقوم موسى بقتل المصرى بطريق الخطأ لتكون هذه الفعلة دافعاً آخر لخروج موسى من مصر خوفاً على حياته ، وتظهر قيمة الوقت مرة أخرى فى قضاء موسى عليه السلام عشر سنوات بعيداً عن حياة القصور منشغلاً بحياة الرعي الشاقة وفى هذا حكمة من الله سبحانه وتعالى وهى إعداده لما هو مقبل عليه من أمر الرسالة ، وبتتبع رحلة موسى عليه السلام من البدء للمنتهى سنجد أنها من أطول قصص الابتلاء وكان لعنصر الزمن فيها تأثيره على نبى الله موسى وعلى رسالته وقومه .
كما توضح الدراسة فترة غياب موسى 40 يوماً وهى الفترة التى أرتد فيها قومه وعبدوا عجل السامرى .
نقطة أخرى توضح قيمة الزمن فى الحدث وهى حكم الله سبحانه وتعالى على بنيإسرائيل الذين تخلفوا عن الحرب مع نبى الله موسى وقالوا قولتهم الشهيرة : ” فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ” فكان الحكم عليهم بالتيه لمدة 40 عاماً كى يستبدلهم الله بجيل جديد غير هذا الجيل المتخاذل ، وقد مات سيدنا موسى فى زمن التيه هذا ودفن عند كثيب أحمر .
من قدرة التى تعالى توظيف المكان لخدمة الحدث وقد استطاعت الدراسة توضيح تلك الجزئية ونجد ذلك فى بحث سيدنا موسى عليه السلام عن مجمع البحرين ليلتقي بالعبد الصالح ، والسفينة التى خرقها العبد الصالح ، والجدار الذى كان على وشك الانهيار فأقامه سيدنا الخضر ، كل هذه أماكن كان لها تأثيرها فى مجموعة من الأحداث داخل السياق القرآنى

مؤلف الكتاب عصام قابيل

مؤلف الكتاب عصام قابيل

ثنائية العذاب والرحمة معاً..

من يطلع على هذه الدراسة يعجب لقدرة الله العظيم فقد جمع العذاب والرحمة معاً فى بوتقة واحدة وهما من المتناقضات التى يصعب الجمع بينهما أو تخلل إحداهما للأخرى ، ولكنها قدرة الله مع الأنبياء ومن اصطفاهم من البشر ، وقد استطاع عصام قابيل بفهمه الجيد للنص القرآني أن يظهر لنا تلك الثنائية ومدى تأثيرها على حياة   نبى الله إبراهيم وذريته عليهم السلام من ناحية ومن ناحية ثانية إبرازها للقارىء فيه أكبر دليل عقلى على نبوة ومكانة أنبياء الله عليهم السلام .

فالنار الحارقة .. أصبحت برداً وسلاماً على إبراهيم .
السكين الحادة .. لم تذبح إسماعيل رغم تمريرها على رقبته عدة مرات .
ماء زمزم.. الذى أصبح سقاءَ وغذاءً معاً لهاجر وصغيرها .
رؤيا الأنبياء صدق ..والدليل هم إبراهيم بذبح ولده ، تحقق رؤيا يوسف التى قصها على نبى الله يعقوب .
قميص يوسف الملطخ بالدماء ولكنه غير ممزق ، فأدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة أن يوسف لم يأكله الذئب (ص39).
وتمر السنون ويكون قميص يوسف الممزق دليل صدقه وبراءته مما التصق به من اتهامات ، سبحان الله رمزية القميص فى الحالتين ” سليم دليل حياة وممزق دليل براءة “
السكين .. رغم كونها آلة بتر وقطع إلا أنها كانت وسيلة إيضاح جلي على مدى حسن يوسف وجماله للدرجة التى قطع بها النسوة أيديهن دون دراية  منهن مما جعل زوجة العزيز تقول قولتها الشهيرة  “قالت فذلكن الذى لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين “يوسف 32 وكان فيها دليل على براءة يوسف .
من الثنائيات الفارقة فى السياق السردي فى قصة يوسف رؤيا الملك وتفسير يوسف لها ” سبع سنوات مخصبة يليهم سبع مجدبة ” وهذا التفسير مع نصح يوسف بضرورة تخزين الغلال وهى متروكة فى سنابلها كى لا تفسد من الأسباب القوية التى غيرت حياة يوسف بخروجه من السجن ليكون على خزائن مصر .
ثنائية فقد نبى الله يعقوب لابنيه كان شراً كبيراً ظاهراً ولكن فى باطنه كان رحمة بالشيخ الكبير الذى أوشك أن يذهب بصره ، ففقده لابنه الأصغر كان بشارة اطمئنان لقلبه وأمر أولاده بالذهاب للبحث عن يوسف وأخيه ، وقد تحقق له ما أراد .
تحوى قصة نبى الله موسى عليه السلام الكثير من المفارقات التى تبدو القسوة فى ظاهرها ولكن يقدر الله لنبيه من خلالها الخير الكثير فأم موسى تخشى على رضيعها من القتل فتضعه فى الصندوق الخشبي وتلقى به فى النهر وهذا تصرف ضد طبيعة الأم ومشاعرها الطبيعية ، مشهد قاس ولكن رحمة الله تشملها ورضيعها لرفض الطفل كل مرضعة ولا يقبل سوى أمه الحقيقية فيعود إليها لإرضاعه وتقر به عيناً .
فى حرمان زوجة فرعون من الإنجاب نوع من القسوة لعاطفة المرأة المحبة للإنجاب ولكن هذا الحرمان كان سبباً فى حبها لموسى الرضيع وتعلقها به وإقناع زوجها أن يتخذاه ولداً ، وهكذا تتوالى المواقف فى قصة سيدنا موسى تجمع فى ظاهرها بعض القسوة ولكن فى باطنها كل الرحمة والدليل الأقوى على ذلك المواقف الثلاثة بين موسى والعبد الصالح .
وفى قصة حمل السيدة العذراء من غير زوج موقف شديد القسوة على  نفسية إمرأة عرفت بالتقوى والصلاح ولكن الله قدرلها الخير والمحبة والسلام بميلاد  السيد المسيح الذى كان باراً بوالدته ولم يكن جباراً شقياً .

صورة المرأة فى العمل :

وفق عصام قابيل فى أن يظهر صورة المرأة فى العمل حسب ما ورد عنها فى السياق القرآنى على النهج الآتي:

سارة الجميلة العفيفة المحبة ثم المرأة التى تمكنت منها الغيرة على الزوج .
هاجر الزوجة المطيعة الصابرة المحتسبة .
زوجة إسماعيل الأولى التى تمردت على عيشته وهى ابنة كبير قبيلة جُرهم التى تربى وسهم إسماعيل .
الزوجة الثانية لإسماعيل زوجة صالحة لتكون الرحم الحاملة لذرية الأنبياء
شخصية إمرأة العزيز ، وهى المرأة القوية الذكية الماكرة التى استطاعت أن تدعى على يوسف بمهاجمته لها لحظة دخول زوجها عليهما ،هى نفس المرأة المحبة التى غيرها سجن يوسف إلى عاشقة تود أن تصحح صورتها فى عين محبوبها لذلك اعترفت بفعلتها بقولها ” أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ” ” ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب “

وهنا رجح الكاتب أنها بهذا الاعتراف الصريح قد تحولت إلى دين يوسف ، (ص55) وذكر أن السياق القرآنى تجاوز عن وضع نهاية للمرأة وإن كانت بعض الروايات قيلت فى شأن نهايتها وسرد بعض منها .

تقدم الدراسة صورة أم موسى تلك الأم التى أوحى الله إليها بصنع صندوق صغير لموسى وإرضاعه ووضعه فى النهر ، وفى سرد مشوق ينجح الكاتب فى وصف حالتها وخوفها على رضيعها ولكن رحمة الله غالبة بأن عاد لها الرضيع بعد رفضه الرضاع من كثيرات .
نجح الكاتب فى رسم صورة ناصعة لآسيا إمرأة فرعون من كونها إمرأة مؤمنة رحيمة ، رقيقة طيبة وكل هذه الصفات تعدها لأن تتعلق بالرضيع موسى بالإضافة لعدم إنجابها مما زاد من تعلقها به .
مريم سيدة نساء العالمين المقدرة فى المسيحية وفى الإسلام على حد سواء ، قد فرد لها الباحث مساحة كبيرة لإلقاء الضوء على محنتها الكبرى هى وولدها من ص 158حتى 173، وعرض كثير من تفاصيل حياتها والفضل يعود إلى مكانتها الكريمة وإلى ما ذكر عنها فى القصص القرآنى حول سيرتها ومسيرتها ، فى حلها وترحالها وعناية الله بها فى حملها ووضعها ورحمة الله بها بأن أنطق الرضيع فى المهد لكى يبرأ ساحتها من أى قول قيل فى حقها من أبناء قومها .

جماليات اللغة ومساحات الحوار :

لاشك أن لاستخدام المفردة اللغوية الجميلة الرصينة دورها المؤثر فى إبراز جماليات العمل الأدبي بكل أشكاله ، فما بالنا والدراسة محل العرض تتعامل مع السرد القرآنى فى كتاب العشق الحق ، الكتاب المعجز الشامل الجامع لأجمل وأبلغ معاني الكلم ، فكان لابد من العرض والشرح بلغة سلسة رصينة تتناسب مع سياق السرد القرآنى للأحداث وقد وفق الباحث فى ذلك إلى حد كبير على النحو التالي :

عرضه الجيد للحالة التى كانت عليها هاجر وقت أن تركها إبراهيم فى وادى مكة بقوله : ” تحركت هاجر بمشاعر أم ، وقلب مؤمن ، تبحث عن طعام وشراب لإسماعيل ولها ” ص 23
شرحه لموقف طلب إبراهيم إسماعيل لذبحه ووقع هذا الطلب النفسى على الثلاثة ، وجدت فيه تصويراً لغوياً رائعاً نقل لنا مشاعر الثلاثة بجلاء تام ص 25-
وصفه لإمرأة العزيز ص43-
ربط الكاتب بين كلمة حاش لله وبين ديانات التوحيد فى ذلك الزمان .
ربط الكاتب بين اعتراف زوجة العزيز وتحولها لديانة يوسف وشرحه لحالة الحب والعشق والوجد التى كانت عليها بأسلوب أدبى بارع ، وصفه لمشهد إدعاء زوجة العزيز على يوسف واختفاء الزوج من المشهد ثم اختفاء زوجة العزيز السياق السردي مبرراً عرضه بلغة جميلة لا تخلو من المنطقية العقلية بما يتفق مع الحدث داخل السياق القرآنى .
تقسيمه الأحداث فى قصة يوسف إلى مجموعة من المشاهد مع الشرح اللغوي السلس لهذه المشاهد أفاد فى ترتيب الحدث لدى المتلقي .
تفسيره لبعض الآيات الكريمة أفاد المتلقي مثل الميل إلى تفسير التقديم والتأخير فى الآية الكريمة ” همت به وهم بها ” وهو الرأى الذى يميل إليه الكاتب لأنه يتسق مع عصمة الأنبياء ولأنه يستقيم مع روح الآيات التالية مباشرة ” كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء  إنه من عبادنا  المخلصين “ص 44 .

مساحات الحوار :

نجح الباحث فى إبراز بعض من حوارات أنبياء الله مع من حولهم من شخصيات ، وكان لإبراز هذه الحوارات دوره المهم فى الكشف عن ملامح كوامن الشخصيات النفسية وإعطاء صورة واضحة للمتلقي عن مدى القوة التى يتركها الإيمان والتوحيد بالله فى مقابل قوى الظلم والطغيان ، والابتلاءات الصعبة ،  ونجد ذلك فى حوار خليل الله إبراهيم مع قومه وموقفه من عبادة الأوثان وتهكمه على كبير أصنامهم ، كما نجده فى يقينه برحمة الله به ورده على الملكين ” جبريل وميكائيل ” لحظة قذفه فى النار الحامية بأن الله أدرى بحاله وهو وحده أرحم الراحمين عليه .حوار يعكس ثقة ويقين بلا حدود فى رب العالمين .
نجد هذا الثبات واليقين فى رحمة الله فى حوار هاجر معه من طرف واحد واستفسارها كيف يتركها ورضيعها فى واد غير ذى زرع ؟! وهو لا يرد عليها ويكتفى بالإشارة تنفيذاً لأمر الله ألا يلتفت إليها .
نجد الحوار الكاشف لبراءة يوسف بين إمرأة العزيز ونسوة المدينة فى المشهد العبقرى حين قطعن ايديهن لحظة رؤيته .
وتتسع مساحة الحوار فى قصة نبى الله موسى ، فهناك حوارات موسى مع رب العزة وحواره مع فرعون ، وحواراته مع قومه وجدالهم الكثير له ، ثم حواره التعليمي التفهيمى مع العبد الصالح ( سيدنا الخضر)  ، كلها حوارات كاشفة خدمت الهدف الذى يرجوه الباحث عصام قابيل من كتابه وهو قوة الحق مقابل إدعاءات الباطل ، وخلق المنحة من رحم المحنة ، ورحمة الخالق العظيم بأنبيائه ورسله وتكريمه لهم ، وما أروع وأبهى صور التكريم هذه فى حوارات موسى كليم الله مع العليم الرحيم .
تأكيد الباحث على حوار عيسى مع قومه فى أول خطاب نطق به أقر فيه بعبوديته لله قائلاً :” قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبياً ، وجعلنى مباركاً أين ما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حياً ، وبراً بوالدتى ولم يجعلنى جباراً شقياً ، والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً”.اختيار موفق لما يحمله من وصف عيسى لنفسه الوصف الصحيح مما يجب بكل الأوصاف والمقولات التى قيلت حوله وإثبات قاطع من خلال النص القرآنى بعبودية عيسى بن مريم لربه .
وما أروع تلك المساحة من الحوار بين السيدة مريم وبين جبريل الآمين الذى يضعنا أمام إمرأة تسأل وتستفسر عن الأمر الجلل الذى أخبرها به جبريل فهي لم تصمت بل سألت وأعملت العقل وجبريل الآمين رد عليها ليدخل الاطمئنان على قلبها  .

فلما رأته : ” قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً”

قال        : ” إنما أنا رسول ربك لأهب لك غُلاماًزكياً “

قالت      : “قالت أنى يكون لى غلام ، ولم يمسسنى بشر ولم أك بغياً”

قال         : ” كذلك هو على هين ”

السمات الفكرية :

بعد أن أنهيت قراءة الكتاب  تساءلت .. ما المغزى والهدف من هذه الدراسة الماتعة التى قام بها الكاتب والشاعر عصام قابيل وكانت بمثابة رحلة إيمانية دالة وكاشفة على مدى المعاناة الإنسانية التى تعرض لها الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام ، ولاسيما أن أحداث الدراسة قد سطرت فى السياق القرآني فى المصحف الشريف .

والحقيقة أننى خرجت بعدة معان مهمة للغاية تحسب لعصام قابيل ودراسته الجيدة .

أولها : تعامل عصام قابيل مع بحثه فى السرد القرآني لقصص الأنبياء بمنطق عقلى ووقوفه على عدة نقاط جوهرية فى السياق القرآني ليخرج لنا مجموعة من العبر والعظات والمفاهيم ، وكانت وقفته الأولى المتمعنة فى أثر دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام الممتدة للآن بالخير على أهل الحجاز والمستمرة إلى قيام الساعة وهى ” وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير “البقرة 126

كذلك كان من أثرها أن جاءنا النبى الكريم عليه الصلاة والسلام ” ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ” البقرة 129 .

كما تؤكد هذه الدراسة على أن سيدنا إبراهيم إماماً لأهل الأرض أجمعين وذريته كلها من الأنبياء ، وأن العبد حين يؤمن بالله إيماناً صادقاً يتحقق له ما أراد وكان سعى السيدة هاجر بين جبل الصفا والمروة سبع مرات ما هو إلا أمل ويقين فى رحمة الله ، كما أكد على ان خروج الماء من تحت أقدام الطفل الضعيف دلالة على قدرة الله وتثبيت ليقين هاجر فى رحمة الله بها وبطفلها ، وفى قطع إبراهيم المسافات الطويلة لينفذ أمر الله بذبح ولده إسماعيل امتثال كامل لأوامر الله ، وإخباره للغلام بالأمر كى يؤجر ولا يكون الأمر قهراً وفيه دليل تعقل وحب شديد من إبراهيم للغلام كما ذكر الكاتب .

يؤكد الباحث أيضاً على أن فى قصة ذبح إسماعيل نوع من التربية الإجتماعية ولا أروع فالتضحية تمت من الثلاثة ” إبراهيم ،هاجر ، إسماعيل “وكانت مكافأة هذه العائلة المباركة أن كل ما قاموا به من حركات وكلام أصبح نسكاً يتعبد به إلى يوم القيامة ، فقد خُلد سعى هاجر بين الصفا والمروة سبعاً ، وخُلد رجمهم جميعاً لإبليس اللعين على التوالي فى جمرة العقبة الكبرى حيث رجم إبراهيم إبليس ، وجمرة العقبة الوسطى حيث رجمت هاجر إبليس ، والصغرى حيث رجم إسماعيل إبليس فصارت عبادة ليتعبد بها الناس إلى يوم القيامة .

وأرى أنه من أهم نتائج هذه الدراسة من الناحية الفكرية التعرض لمسألة ”  المحنة والاختبار” والجبر والاختيار .

كما نجح الكاتب فى الربط بين موقف قبيلة جُرهم من هاجر ووليدها بأنهم أستأذنوا فى الوجود بجوارها حيث الماء وفى هذا دلالة على أسس وقواعد النظام الإجتماعى (32) .

كما وفق لدرجة كبيرة فى إعطاء مساحة لقصة موسى مع العبد الصالح لما بها من عظات وعبر ، فعلى الرغم من مكانة موسى عليه السلام كونه كليم الله ، وأحد أولى العزم من الرسل وصاحب معجزة العصا واليد ، وأنزلت عليه التوراة دون وسيط إلا أنه أراد أن يقابل العبد الصالح الذى هو أعلم منه وبحث عنه حتى لقيه وفى هذا التصرف دلالة كبيرة على أن المرء مطالب بتحصيل العلم مهما بلغت مكانته ومطالب بالسعي إليه حتى وإن كان العالم بالأمر مجهول المكان .

فى ربط منطقي وعقلي ربط الباحث بين مولد عيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر   مثلما خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى ، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى ، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى حسبما ذكر وهو ربط جيد فى السياق السردي .

ومن السمات الفكرية التى استخلصتها من تلك الدراسة الماتعة أن البحث عن الحقيقة  كان واحداً من أهم القضايا التى شغلت أنبياء الله على مر العصور ، وأنهم لأجل الوصول لماهية  تلك الحقيقة تحملوا الكثير من المحن التى أحالت حياتهم إلى محطات من “الاختبار والإختبار “فى آن ، وقد لفت نظرى أن الباحث لم يركز على السرد التاريخي للمحن الإنسانية  لأنبياء الله وفقط بل حاول فى عدة مواضع من الدراسة التعليق والإشارة للأسباب التى تصنع الطواغيت فى العالم قديماً وحديثاً ، بقبول الناس لحياة الذل والخضوع ، وكثرت تلك التعليقات فى الفصل الخاص بخروج بني إسرائيل من مصر ومجادلتهم الدائمة لنبي الله   موسى وارتدادهم عن عبادة الله الواحد الأحد المرة تلو الأخرى .

 7D8003E9-5194-4A07-864B-7FADBEC793F9

ختام  :

فى ختام تلك الدراسة استطيع القول أن القاص والروائي عصام قابيل قدم لنا رؤية جديدة لحدث جلل قديم كما ذكر على غلاف كتابه ، استخدم فيها إعمال العقل فى رؤية الأحداث التى هى معلومة بالضرورة من خلال السرد فى النص القرآنى  ولكنه ركز على بعض النقاط التى أكدت بجلاء أن كل تفصيلة صغيرة كانت تسير بنا إلى قضية كبيرة ، وكل محنة ظاهرة فى رحمها منحة باطنة ، كما امتاز البحث بحسن تقسيم الفصول إجمالاً حسب السياق السردي والزمانى ، وبحسن تقسيم محطات المحن فى حياة كل نبى مما أكسب الدراسة وحدة موضوعية فى السرد الزمانى وعرض متتابع للأماكن التى زارها وأقام فيها أنبياء الله ، ويحسب له أنه آثر عدم الدخول  والحكم فى بعض الأمور التى تندرج فى روايتها تحت ما يسمى ” بالإسرائيليات ”

ففى تعليقه على موقف إيذاء موسى من بنى إسرائيل حسبما جاء فى قوله تعالى : “ياأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً “69الأحزاب ، وقال الباحث فى تعليقه على تلك الآية : ” نحن لا نعرف كنه هذا الإيذاء ، ونستبعد رواية بعض العلماء التى يقولون فيها أن موسى كان رجلاً حيياً يستتر دائماً ولا يحب أن يرى أحد من الناس جسده فاتهمه اليهود بأنه مصاب بمرض جلدي أو برص ، فأراد الله أن يبرأه مما قالوا ، فذهب يستحم يوماً ووضع ثيابه على حجر ، ثم خرج فإذا يجرى بثيابه وموسى يجرى وراء الحجر عارياً حتى شاهده بنو إسرائيل عارياً وليس بجلده عيب ، نستبعد تلك القصة لتفاهتها وهى تتنافى مع  عصمته كنبي
كذلك يوضح ان السياق القرآنى أسدل الستار على نهاية إمرأة العزيز بالرغم مما قيل حولها من روايات أنها ظلت على حبها وعشقها ليوسف وتدهور بها الحال وووو الخ ولكنه يفضل الانحياز للنهاية كما وردت فى السرد القرآنى وبشكل عام يعرض لنا الباحث بعض الروايات حول بعض الأمور ولكنه ينحاز ويحترم النهايات لبعض الأشخاص وعدم التصريح ببعض الأزمنة والأمكنة كما وردت فى سياق النص القرآنى
ويظل هذا الكتاب ” الخليل إبراهيم وذريته عليهم السلام ” الصادر عن كتاب طيوف للكاتب عصام قابيل علامة ساطعة على أن مصر على طول تاريخها الممتد فى عمق الزمن هى الأرض الحاضنة لمعظم أنبياء الله  والقبلة والمأوى للكثير منهم عليهم صلوات الله وسلامه .

القاهرة 17-10-2018

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات