اشتهرت لبنان بمثقفيها و مفكريها خاصة في فترة ما بعد الحرب, و لكن مع إستقلال لبنان بدأت الموسيقى تزدهر كذلك و تخرج من إطار الموسيقى البدوية و رقصة الدبكة. و هنالك أعلام ساعدوا في إزدهار الموسيقى اللبنانية بمختلف مجالاتها, مثل الأخوان الرحباني اللذين ألفا للمسرح و الموسيقى اللبنانية, بالإضافة إلى دورهما في تأليف الأغاني الدينية و التراتيل التي غنتها فيروز في المناسبات, كما ظهر العديد من منشدي الأغاني الإسلامية كذلك.
و في كل مجال موسيقي كانت له أعلامه, ففي الموسيقى السيمفونية كان كل من وليد غلمية و سليم سحاب لهما تأثير فيها. أما بالنسبة للأغانى الوطنية فكان الأخوان فليفل رواد هذا الفن. و لا ننسى كذلك فضل زياد الرحباني في دمج الموسيقى الشرقية و الغربية و ظهر الجاز اللبناني نتيجة لذلك.
ليظهر مؤخراً العديد من الفرق و المغنيي الأندرجراوند والذين بدأت شهرتهم تتعدى بلدهم لبنان بل و الشرق الأوسط كله, وأود أن اختار بعض هؤلاء الفنانين الجدد للتحدث عنهم.
أبدأ بـ “مشروع ليلى”, و هم فرقة مكونة من 7 أعضاء درسوا التصميم و كانوا في الأساس مجرد مشروع موسيقي بجامعتهم (الجامعة الأمريكية ببيروت) و لكنهم قرروا الإستمرار. اسم الفريق مشروع “ليلي” أي مشروع يستمر طوال الليل, بأدواتهم التي تتراوح بين الجيتار, الباس, الطبول, البيانو, و الكمان. و نوع موسيقاهم يمكن تصنيفه على أنه روك.
ما المميز في مشروع ليلى؟ رغم أنهم لم يصدروا سوى ألبومين فقط هما “مشروع ليلى” والحل رومانسي”,إلا أن أغانيهم إشتهرت بسرعة وسط الشباب, ربما لأنها تعبر عن واقع الشباب السياسي أو الإجتماعي, او ربما السبب في طريقة تعبيرهم عن هذا الواقع, بكلمات
في بعض الأحيان, و موسيقى جديدة أيضاً.
تتعامل أغاني مشروع ليلى مع مواضيع مختلفة, بداية بالعلاقات العاطفية و مشاكلها سواء أكانت بسبب إختلاف الديانة, الطبقة الإجتماعية أو غيرها في أغنية “فساتين”. و مواضيع أخرى تتعامل مع الوضع السياسي في لبنان مثل “عالحاجز” التي إقتبسوها من كثرة الحواجز الأمنية في بيروت, أو “عبوة” التي تأثروا فيها بصوت إنفجار القنابل و الإغتيالات السياسية في بيروت. إنتهاءً بمواضيع ممنوعة و هي المثلية (و هو كذلك أمر محرم في لبنان) في أغنية “شم الياسمين”.
فرقة أخرى لبنانية, هي فرقة “أدونيس”, المكونة من 6 أعضاء يقدمون أغاني تجمع بين موسيقى البوب و الموسيقى الشعبية. تكونت هذه الفرقة في 2010 و سميت بهذا الإسم تيمناً بمنطقة “أدونيس” في بيروت, التي ولد فيها إثنان من أعضاء الفرقة.
و قد أصدروا حتى الأن ألبوما واحدا فقط, باسم “ضو البلدية”.
تتناول أدونيس في أغانيها مواضيع إجتماعية مثل: هدم البيوت في بيروت, اللغة العربية, وسوء الأحوال المعيشية, بالإضافة إلى المشاكل العاطفية. مثلاً أغنيتهم “شبابيك” تتحدث عن هدم المعالم الأثرية في بيروت بشكل عشوائي و غير قانوني.
بالطبع بجانب الفرق, هناك العديد من المغنيين الموهوبين في لبنان, على سبيل المثال المغني الصاعد “مايك ماسي”. مايك نشأ على حب الموسيقى و البيانو و صوت فيروز, فعلى رغم الأوضاع غير المستقرة في لبنان بدأ في سن التاسعة بأخذ دروس في البيانو. وفي عمر السابعة عشر, تخصص في الأوبرا العربية, لينشأ كموسيقي مميز بجانب موهبته ككاتب أغاني و ممثل في التلفزيون و المسرح.
أصدر ألبومه الأول في عام 2003, و لكن ألبومه الثاني “يا زمان” هو ما حقق صعوده للشهرة, نظراً للجهد المبذول فيه و كيف أنه يجمع بين الموسيقى الشرقية و البوب الغربي. و من أهم الأغاني في الألبوم “خلصنا بقا” التي تتحدث عن نقد إجتماعي للعلاقات العاطفية و التعامل الدرامي السائد. حالياً يعمل الفنان مايك على ألبوم و مسرحية جديدة و يسعي للتقدم في مختلف المجالات الفنية.
مغنية أخرى من الأندرجراوند في لبنان, هي “تانيا صالح”. فمنذ بداياتها و عند إصدارها ألبومها الأول “تانيا صالح” في عام 2002, تخطت الحدود. لأن الناس لم تعتد على سماع أغان تمتاز بالهزل و السخرية من إمرأة, لطالما كان هذا النوع من الأغاني حكراً على الرجال.
و في 2011, أصدرت ألبومها الثاني “وحدة”, و هو مكون من 10 أغان تتناول مواضيع جديدة. الأغنيتان الأكثر تطابقاً مع الحالة الراهنة هما “عمر وعلي” و”18 مولايّا”. الأولى تتطرّق إلى كابوس الفتنة المذهبيّة: «يا عمر يا علي، قوم يا عمر كلّم علي/ العالم صار حارة زغيرة واللعبة لعبة كبيرة/ يا عمر بلا مرجلة، يا علي بلا ولولة». أمّا الثانية، وهي مقتبسة عن أغنية «عَ العين موليّتين»، من الفولكلور العراقي، فتتقاطع مع حملة إسقاط النظام الطائفي، والتظاهرات الأخيرة: «كل مين في عقل براسو، بيصير علماني/ العالم ماشي لقدّام وعم نمشي خليفاني/ (…)/ كل ملّة عندا مشروع، كل ملّة دكّانة/ كلّن الله باعتلن إلهام ربّاني»
هؤلاء مثال بسيط لتطور الأغاني و الشباب في لبنان, فالعديد منهم يتحدثون عن المشاكل السياسية و الإجتماعية بأسلوب جديد و بموسيقى جديد تمزج بين الشرق و الغرب.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.