نصوص: له … لي … لكم … لمحمد جاد هزاع .. جدارية من الحب والتجلي

06:01 مساءً الثلاثاء 8 يناير 2019
عزة أبو العز

عزة أبو العز

كاتبة وناقدة من مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أن تتجول بالروح والعقل والقلب فى 66 نصاً شعرياً أسميتهم أنا ” جدارية الحب والتجلى “

1009B47D-BD80-49A2-9372-9C0FAC6506EAكأنك تسير وسط بحر من المتعة الصوفية الخالصة مرة ومرة آخرى تشعر كأنك تتسلق جبلاً من الأفكار الفلسفية الوجودية تبدأها من السفح ولا تجد للقمة انتهاء، هذه هى حالتي وأنا أقرأ نصوص (له .. لى .. لكم ) ورغم حرصي على التمسك  بيقظة الناقد بداخلي إلاأنه سيطر على مخيلتي ووجداني روح المحبة لقراءة    إبداع بالغ الدهشة والتميز ، رأيته قد اكتسى بثوب البكارة الإبداعية شكلاً ومضموناً دون إدعاء، وكأنه يقول لقارئه تفاعل معي  برفق وبعمق وبقوة إذا أردت ، فتش بين أفكاري وصوري الروحية كما الباحث عن لؤلؤ الكلم فى ثنايا العبارات   وليس كمتصيد الأخطاء ، فبكارتي الإبداعية لا تفض بسطوة أو بقوة ولا عن طريق قوالب النقد المعدة سلفاً بل تستوجب رحابة فكر وقلب محب قبل الولوج لعالمي الشعري لأن كلماتي ما هى إلا نبض ذات وومضة فكر وعقيدة ووصلة قلب معلق كله بالسموات ، لذلك فنصوصي له أولاً ولى ثانياً ولكم إن أردتم التعلق مثلى بكل ما يصلني ويصعد بى إلى ملكوت رب الأرض والسموات .

العنوان .. حمال الأوجه :

إذا كان العنوان هو أول عتبات النص الإبداعي ، فالعنوان فى مجموعة نصوص محمد جاد هزاع عنوان حمال أوجه لايدل على عتبة واحدة للنص بل نجده حاملاً لأكثر من وجه داخل متن النص ، كما نجده دالاً فى بعض النصوص ومحفزاً وباعثاً على التفكير فى بعضها الآخر .

وقد حمل العنوان الرئيسي  لمجموعة النصوص ككل وهو “له لى لكم ” المعنى الذى قصدته من العنوان حمال الأوجه ، فلى ولكم عنوان دال لمن تتوجه رسالة  النصوص أما له فهو العنوان الإشكالية حمال الأوجه الباعث على التفكر ، فنجد فى النص الأول الذى حمل عنوان :

ذات تجل على النار (ص 341)

عنوان يوحى فى البداية  لمن هو عالم بتفاصيل عالم هزاع الأدبي  أنه تجل الذات الإلهية على النار ، ولكن بالقراءة الدقيقة لمتن النص نجد أن مفردة ذات تحولت داخل النص الإبداعي لتأخذ أكثر من صورة أو تجل- وتتحدث باسم أكثر من مسمى لصور التجليات فقد وردت بمعنى الماء فى قوله : وما أنا أنا إلا حقيقتي // أنا الماء أيتها الجهولة // أنا الحياة // ومنى البدء // وإلى الخاتمة  .

ثم يتحول التجلي إلى ( القنديل ، والنفس الراضية المرضية ، والروح ) بقوله :

// أنا الظاهر فى المظاهر //

فى نصي الكلام والسكوت ( ص346،348)

نجد العنوان الشارح لمضمون متن النص عن طريق الإيضاح بالأضداد فى استخدام كلمة  السكوت لتدل على وضع الصمت ، والكلام لتدل على حركة المتحرك ، وأصبح العنوان رمزاً ودالاً على مرموز ومدلول فى متن النص ومعبراً عن التضاد والتنقل بين الحركات والسكون والصمت فى أفعال الطير والإنسان والجبال والتلال والصحراء وحركة عزف الناي الشجي .

أما فى النص الرابع الحامل لنفس العنوان فجاء متناغماً ومتسقاً مع وصف حال الكاتب لذاته ومناجاته فى حال الكلام والسكوت .

النص الخامس

ولو قطع الوتين (ص 351)

نجد العنوان الكاشف الدال على المضمون الفكري لمتن النص نظراً للمعنى الدلالي لكلمة الوتين ” وهى الشريان الرئيس الذى يغذى الجسم بالدم النقي الخارج من القلب حسب ما ورد فى معناها فى معجم المعاني الجامع “هنا استخدم الكاتب العنوان كعتبة من عتبات النص الإبداعي وهو عنوان كاشف عن مستفهم عنه بصيغة استفهامية ممهدة لكل ما سيرد فى متن النص من تساؤلات بين قال الغائب ، وقلت المعبرة عن الذات الشاعرة أو الراوى .

النص السادس : اعترف ص353-

جاء العنوان متسق تماماً مع متن النص ، وجاء بصيغة أمرية موجهة للذات الشاعرة ولكل من فى حكمها لأنها من صاحب التجلي الأعظم على كل المخلوقات .

نص 7 :  “اليأس خيانة ”

جاء العنوان فى صورة جملة اسمية مبتدأ وخبر واستخدم الكاتب كلمة خيانة لإفادة المخاطب الحكم الذى تضمنته الجملة ويسمى ذلك فائدة الخبر حسب ما يرد فى علم المعاني ، وقد وجدت هذا العنوان دالاً لكل ما ورد على لسان الذات الشاعرة من جمل فى متن النص ويقرر من خلالها أن ( الجزع جريمة ، واليأس خيانة ، والأنا وهم كالسراب فى فلاة ).

وعلى هذا المنوال تأتى باقى عناوين مجموعة النصوص معبرة عن مضمون المتن فى المعظم منها ولكنني وقفت أمام ظاهرتين فى العنوان النصى

الأولى : طول بعض العناوين وتمنيت لو استعاض بكلمة بدلاً من تركيب جملة كاملة مثل

عنوان ” لا استطيع الكذب “ص 362هنا العنوان افسد متعة البحث فى مضمون النص عن عدم الاستطاعة وليته قال : لا استطيع  أو ليتنى أستطيع وفقط لجعل قارئه فى حالة من البحث المشوق عن الذى يستطيعه بدلاً من الإفصاح المباشر عن عدم استطاعة الكذب .

نفس الشيء وجدته فى نص 11 : تعلق بالوهم

وتمنيت لو أن الكاتب اكتفى بكلمة تعلق وحذف الوهم لخلق حالة من الترقب لدى القارىء عن شيء متعلق هو به .

أما الثانية : فهي قصر بعض النصوص مثل ” تعلق بالوهم ، لا أستطيع الكذب ، ديته على ، أنت التيار .

وتساءلت هل يجوز إطلاق لفظ نص شعري على هذا النص القصير جداً أم وصفة بمصطلح ومضة نصية وومضة النبوغ هى التماعته وظهوره المفاجىء والعابر أو بريق من الضوء حسب ما ورد فى معجم المعانى لذلك أرى فى هذه النصوص القصيرة جداً ومضات فكرية .

08FF4A57-14F4-4648-A123-E5307EB54013

حوارات الحب الدائمة :

أن تظل الذات الشاعرة فى حالة من الحوار الدائم مع المحبوب حال صمتها ونطقها فهي قدرة وسمة  غالبة لفتت انتباهي فى هذه النصوص التى أفصحت عن حالة من الحوار المتبادل بين المحب ومحبوبة ، المحب هنا هو الذات الشاعرة التى لا تكٌُف عن الإلحاح لنيل المحبة والترقي ، والمحبوب هو ذاك التجلي الأعظم على كل مخلوقاته فى الكون الكلى .

ففى نص ذات تجل ٍ، تتجلى الذات الإلهية على كل الأشياء والصور ، ويتحدث الراوى مرة ناطقاً باسم ” الماء ثم القنديل ثم الروح ” وعندما يفصح عن كينونته بقوله : ” أنا السر المخفي وأخفى ، وأنا الظاهر فى الظواهر ، لا شيء يعرفني سوى ”

هنا ننتقل من تجلى العظيم الجليل على الأشياء ليفصح عن نفسه بأنه المتجلي الأعظم أما فى نص اعتراف (ص 353 ) حوار آخر خاص من حوارات الذات الشاعرة مع الذات الإلهية وهنا تأتى الأفعال فى صيغة أمرية قاطعة مثل “قف ، اعترف ” والفعل الأمر يناسب قيمة المحاور الأعلى مع المتحاور معه الأقل .

ومما    يؤكد على أن الطرف الأول فى الحوار هو الذات الإلهية قوله :

وكل العالم صور فى مرآتي ،

ومرجعكم إلى ّ.

وفى النص رقم 9 فى( ص 359 )

وإن ما فتحت ما برحت

حوار مع الذات الإلهية لا لبث فيه

قال : ما سددت فى وجهك بابا

إلا فتحت لك ألف باب إلىّ

فالياء فى إلى هى ياء انتساب الحوار له جل وعلا فى علاه ، وما يؤكد ذلك رد الراوى بقوله : كل باب لغيرك حرام علىّ، فى هذا النص أجد حواراً دالاً ورامزاً لعظمة الخالق سبحانه وتعالى بكل جلاله وكماله فى مقابل ذات إنسانية ضعيفة مقرة بعظمة وقدرة الخالق لازمة مقام التذلل لله وحده ، ولكن المتجلي الأعظم يمنح مكافأته بلا حدود فى رده على العبد الذليل .

قال : من حرم كل الأبواب لأجلى

أدخله قدسي آني شاء

ويعترف الإنسان الضعيف من مقام الضعف أنه لم يبقى فيه شيء سوى الله أو المتجلي الأعظم ثم يختم النص بعبارة ولكنك أعلم !!

هنا إقرار كامل بعلم الجليل العليم حتى وإن أقر الفرد بأنه لم يداخله سوى هذا الحب الخالص لله ، كما نستدل من العنوان الإصرار الكامل من لزوم باب الحبيب من المحبوب .

لازلنا فى  حوارات  حضرة الذات الإلهية والإفصاح عن المتحول فى النص العاشر ص 360 وهو حوار يرسخ لقاعدة صوفية أصولية أنه لا ثابت فى الكون إلا الذات الإلهية وغير ذلك من متحولات فهو سنة كونية بلا جدال يقربها كل من المتحاور والمتحاور معه جل وعلا .

كما نجد بعض النصوص نستطيع أن نطلق عليها بأريحية أنها تنتمي لفن ” الإيبجراما ” أكثر منها نص سردى أو شعرى بالمعنى المتعارف عليه نظراً لما تميزت به من قصر ورسائل مركزة ونافذة المعانى ، وكما هو متعارف عليه عن الإيبجراما عند اليونان والرومان بأنها تسمى نقشاً ، نجد هذا النقش فى تجلٍ واضح  فى الحوار بين الذات الشاعرة وبين الذات الإلهية فى النصوص رقم (11،12،13،14) فهى فى مجملها ومضات أمرية من الذات الإلهية تصلح كرسائل موجهة للذات الشاعرة ولكل ذات ، لو اعتبرنا أن الذات الشاعرة ما هى إلا نموذج لصورة الذات الإنسانية الطواقة للنصح والإرشاد والحب فى أبهى صوره التكاملية .
وبصفة عامة لا تخلو رسائل النصوص من التناص الجميل   بين معانى النصوص ومفرداتها اللغوية وبين السرد فى القصص القرآنى ،      ليس هذا فقط بل عادة ما نجد المبدع يلعب لعبته الدائرية المفضلة فى النص الإبداعى وهى عودة فحوى رسائله لمضامين النصوص القرآنية وخلق ربط لغوى ودلالى بين هنا وهناك ، بين أشخاص الحاضر ورموز الماضى ، فها هو يقول فى نهاية النص رقم (15)

لكل يعقوب يوسف ،

بشم رائحة قميصه ،

يبصرون .

فقد ختم النص بإيجاز بليغ موحى يفتح أمام المتلقى مساحة لا محدودة من التأويلات يستقبلها كل حسب قدرته على استدعاء المواقف والعظات والعبر ، بهذه الخاتمة الجيدة ومثل هذه الخواتيم سمة غالبة فى معظم أعمال هزاع الإبداعية ، وقد أسميتها الخواتيم المفتوحة نظراً لدائريتها التى تسلم عقل المتلقى لنوع جديد من التأويلات بعد ان ظن أن رسالة النص الإبداعى قد انتهت بنهاية النص ، ولكن هزاع بمثل هذه الخواتيم المفتوحة يقول لك انتهى دورى الدلالى وبدأ دورك التأويلى وهى ميزة يغبط عليها أى مبدع مجيد .

نقلة أخرى نجدها فى النصوص بل نقول انتقال آخر من له ولى إلى لكم .. فى مجموعة النصوص التى تتوجه بها الذات الشاعرة ل لكم نجدنا أمام نصوص كاشفة لمضمون فكرى أصيل فى كتاب ” العشق على طريقتى ” ككل وفى مجموعة نصوص له– لى- لكم ” تحديداً ، فهزاع هنا ينتصر لفكرته الفلسفية الرئيسة كما ينتصر لكل أبناء النور ويكشف ما سواهم فى نصوص رقم (16،17،18) التى عنونها ب ( نصيحة قصيرة جداً ، فرصة لقيطة ، المرايا المشوهة ) ففى هذه النصوص تتبدى براعته اللغوية وحسن إجادته فى إيضاح المعنى عن طريق الضد ، كما يكثر فيها استخدام اللفظة الصوفية متعددة المستويات بالإضافة لشرحه لبعض المفاهيم الذاتية الخاصة بأبناء النور ، وشرحه لبعض القواعد التى يراها قواعد كونية مثل قوله : ص 371 فى المرايا المشوهة :

فإنه على شاكلة كل شيء ,

فالمُصَور،

والمٌصَوَِرٌ،

لا يدركه عقل ،

ولا قلب ،

وإنما السرٌ،

وما السرٌإلا ،

وتتوالى شروحاتها فى ومضات لغوية مكثفة وجيزة ولكنها ذات دلالات كثيرة .

قوانين العشق :

وقفت أمام النصوص رقم ( 19،20) لأجدنى أمام حالة شعورية  مختلفة أطلق عليها الكاتب مسمى المقامات وهى مقام التلوين ومقام السحق ، فتداعت أمامي تلك النظرة الصوفية الفلسفية فى قواعد العشق الأربعون وتذكرت القاعدة التى تقول :   ” إن السعي وراء الحب يفيدنا .. ما أن تبدأ رحلة البحث عن الحب إلا ونتغير من الداخل والخارج .” ، وقاعدة ” الحب وحده هو الذى يطهرقلوبنا ”

ففى مقام التلوين عند محمد جاد هزاع يقول :

لا تقل فاض ماء محيط شوقي ،

فاغرق بعضهم ،

رغم أنفى .

ويقول : لا تقل تسعرت  نيران عشقى ،

فاحرقوا ،

وذا حتفهم ،

وحتفى .

مما يبرهن على أن إبداع أبناء النور ليس إبداعاً فى المطلق كما يعتقد البعض أو مشاعر فياضة يطلقها المبدع صاحب الحال فى فضاءات الإبداع ، وظنى أن هذا النوع من الإبداع يحتاج منا سواء الناقد الواعى أو المتلقى النابه شيء من التريث والتدبر ، فهناك قواعد وهنا مقامات أى إبداع أصحاب الحال قائم على نظم وقوانين خاصة قد تختلف فى المسمى ولكن الجوهر واحد وهو الإنضباط والتأصيل للفكرة عند أبناء النور باختلاف مستوياتهم والبعد الزمنى بينهم  

وغالباً ما يتميز إبداع المبدع صاحب الحال بطرح كثير من الأسئلة منها الفلسفى ومنها الوجودى ومنها ما يثير الدهشة وقد تميز أدب هزاع بمثل هذا الطرح الدائم لمثل هذه الأسئلة ففى نص مقام السحق يقول :  

من ذا يشترى مثقفاً

هويته حب

وهوايته الكلام ؟

فهو يصف هوية وهواية المثقف الذى يمثل لسان حاله بلا شك ، بانتسابه لياء المتكلم فى قوله :

ليتنى ما قرأتُ، وما كتبتُ، وما رسمت ، وما حلمت ،

وما سافرت خلف العوالم ، وما عشقت الحق ، والنور .

ليتنى ما عرفت ما عرفت ،

من أسرار السر المستور .

فكل ما فى الكون مرايا ، تعكس الحقيقة من زوايا ،

فهو هنا يتمنى أمنية العارف صاحب الحال وليس الباحث صاحب المقال لأن أمنيات الحال تأتى بعد الوصول لفك شفرات الكون بما فيه ومن فيه وفك الشفرة عند  أصحاب الحال هى رؤيتهم لكل الأشياء  فى الكون بعد عناء البحث والتدبر ومآلها أن الكل صور وظل لتجلٍ من الحق على الخلق .

أما قصيدة “لا تلم الصغار ” فهو نص مكثف يوضح قواعد التعامل مع الأخر وأراه نص كاشف لمعنى ومفهوم الإبداع التكاملي ، ففيه سمات شخصية الكاتب التى أفصح عنها بشكل اكبر فيما بعد  من خلال كتاب  “وجودك ذنب قصة عقل ”

وفى إطار الفكرة التكاملية نجد نص(  25)الذى يحمل مسمى صغار فهو نص يهدى إلينا الكاتب من خلاله  خلاصة التجربة بعد أن خبر الحياة ، بأنه قد ينتبه البعض للقلوب العاشقة ولكنه الانتباه فى الوقت الضائع عند نهاية المسابقة أو قبل الرحيل ، وهو نص دال ورامز إلى فائدة من وجودهم فى تلك الحياة ذنب عند أنصاف الموهوبين والفارغين فكراً ووجداناً وقد أجاد فى كشفهم وتعريتهم لنا فى وجودك ذنب فيما بعد .

ففى نص صغار يقول الكاتب :

قد يعرفون أن القلوب العاشقة مرهقة ،

قد يعرفون أنها تدمن العطاء كنخلة باسقة ،

أنهم كثيراً ما أدموا رأسها بقلوبهم   المغلقة ،

وربما فى اللحظة الأخيرة قبل السقوط ،

يهتفون بعفوية :     كانت نخلة طيبة صادقة .

ويذرفون بعض الدمع ،

والعواطف المنمقة ،

ثم يتهامسون : قد كانت سامقة ،

ومغدقة ،

وكنا صغاراً نقتات عليها ،

ونعد لها المشنقة ،

لأنها بدون قصد ،

تفضح    أفاقنا الضيقة .

ويؤكد فكرة الاستثنائية للفرد وللوطن فىالنص  رقم 40 “أنا استثناء ” ص 430 ، هنا نجد الذات الشاعرة المتمردة التى لا تقبل فكرة السير ضمن سياسة القطيع ، وتنفى عن نفسها الانتماء لما ينتمى إليه الآخرون بل تقر أنها كما النخيل فى أرض الوطن ، وتصف ما هو الوطن بالنسبة لها قائلة :

أرض تحن كصدر أمي ،

وسماء تظل كرأس أبى ،

لقيمات نحيلة كجدتي ،

وشربة ماء نقية كجدي .

ففى هذا النص تتماهى كل الفواصل بين أنا الذات وأنا الوطن فكلاهما أصبحا وجهان لعملة واحدة لخصها بعبارة  بالغة الروعة فى نهاية النص .. الحضارة عندنا ، بشر، وإنسان ، ورب تجلى بالجلال .

هنا نجد فكرة التلاقى بين الحب والوطن والدين والعلم والفن والإبداع مع فكرة التجلى فى أكمل صورها من رب تجلى بالجلال .

ويعود الكاتب ليؤكد فكرة الاستثنائية هذه للوطن فى نص لاحق بنص رقم 47 وهو نص القسطاس والميزان حيث يقول :

ربما تنسينى الحادثات الجسام ،

اسمى، ورسمى ،

بينما يستحيل أن أكبو ، مرة ،

فيك منك إليك نهجى .

لازلنا فى ساحة النصوص التى ينطبق عليها مقولة قواعد العشق عند المحبين ، ومن أخص خصائص العشق الصبر على البلاء لأن بلاؤه وصل عند أبناء النور وتتجلى هذه القاعدة  أو الميزة فى النص رقم (41) المعنى بإيضاح  أن الذات الشاعرة واقعة بين ألم المحنة ونبل الرسالة معاً فهى القائلة :

بلاؤه وصل،

أقدره واحمده وأشكره ،

وأحسبه شرفاً رفيعاً .

ألا يكفيني شرفاً،

أن الحبيب يذكرني،

ولو قطعت تقطيعا.

العشق بلا استثناء لكل الأنبياء :

من يطلع على نصوص { له لى لكم } يدرك أن الكاتب كان متسقاً مع ذاته ومع عنوان كتابه ، فالنصوص فى العشق على طريقتى تقول : هنا حالة عشق كلى لا جزئي فهذه النصوص كتبت عن كل من تجلى عليهم المتجلي الأعلى من الأنبياء ، نصوص    تذوب عشقاً وفهماً لأبطال ورموز القصص القرآنى من الأنبياء .

ففى نص رقم 22 يتحدث عن موسى وزكريا ويحيى .

وفى النص رقم 23 يخاطب يوسف الصديق .

وفى نص رقم 24 يخاطب مريم سيدة   النور  فى نص بشارة خير

وفى نص رقم 47 يخاطب من لم يقرأوا التوراة ، والإنجيل ، والقرآن ، والصحائف ، والزبور ، والواقع المشهود من قدم ص 451 .

إذاً مجمل النصوص يدور فى فلك المحبة الفسيح لكل أنبياء الله بلا استثناء مما يدل دلالة قاطعة على أن الحب على طريقتى كتاب ينتصر لشمولية  فكرة الحب ، ينتصر لشمولية الإيمان المطلق بكل الرسالات والرسل منذ أن خلق الله آدم وحتى رسالة خاتم المرسلين سيدنا محمد عليه صلوات ربى إلى يوم يبعثون .

جماليات وملاحظات :

لو سألني قارىء .. لماذا لم أصنف مجموعة النصوص ال 66 ولم أتحدث عنها كشكل أدبى مصنف ؟

لكانت إجابتي أن المبدع نفسه قدم مجموعة النصوص داخل كتابه بأنها نصوص بلا تصنيف .

وقد اعتاد الباحث أو الناقد صاحب المقاربة النقدية أن يتعامل مع النص الأدبى فى إطار تصنيف شكلي ما كى يطبق عليه بعض النظريات النقدية ويقرب تلك المسافة البينية بين النص وبين المتلقى العادي ، وبما أننى ارتضيت منذ البداية أن أتعامل مع كتاب “العشق على طريقتى “باعتباره تجربة إبداعية فريدة فى طرحها الأدبى فتعالوا ننظر ونتعامل مع النصوص من هذا المنظور ، ولا أنكر أننى وجدت فى النصوص كل السمات الفنية الجيدة التى يبحث عنها الناقد الأدبى لكى يقول وهو مطمئن الضمير أن العمل ينتمى لتصنيف الأدب الخالد القابل للبقاء  من حيث” قوة الفكرة ، والاستخدام الجيد لجماليات اللغة ، ومساحات الخيال الخصبة ، والتكثيف غير المخل ، وهو سمة أساسية من سمات النصوص محل الدراسة ، بالإضافة لاستخدام الرمز وتوظيفه لصالح العمل الأدبى وأراه قد توفر هنا فى أعلى مستوياته نظراً لطبيعة النصوص التى يغلب عليها السمة الروحية ، فكان لزاماً  أن تتشبع بالرمز الذى يحث المتلقى سواء على المستوى العادي أو المستوى النقدي أن يبحر مع مدلولات هذا الرمز وفك شفرات النص الأدبى .

كل تلك العناصر أجاد فيها محمد جاد هزاع بشكل كبير ولكن ما قد يؤخذ عليه أنه لم يخرج لنا تلك النصوص فى شكل موحد للقصيدة وقد تحرر من التصنيف الشكلي للقصيدة وإن كان لم يتحرر من إكساب النص جماليات البلاغة اللغوية ، وكنت أتمنى أن أجد بعض هذه القصائد فى شكل القصيدة العمودية  مثلاً، متوفر لها من الموسيقى الداخلية ما يضمن للمتلقي العربى سهولة حفظها وترديد أبياتها لجودة مضمونها ،  فقد قال بعض أساتذتنا الأجلاء أن الموسيقى هى من تضمن للشعر البقاء ، ولجودة ما طرح فى هذه النصوص بالغة التفرد تمنيت أن تحفظ وتردد ولكن على أية حال هو كمبدع قد ارتضى أن يسميها نصوص بلا تصنيف وأنا كمتلقية أولاً وكباحثة فى مجمل أعمال محمد جاد هزاع الذى يحمل من سمات الأدب الجاد المجدد  الكثير أقول : أى كان مسمى النصوص والشكل الذى خرجت به  فهى تمثل حالة فريدة مكثفة ماتعة لا تخلو من بكارة الفكرة وجديد الشكل والطرح معاً ، وأراها تستحق المزيد من الدراسات والمقاربات النقدية على أكثر من مستوى .

الملاحظة الثانية :
من الأشياء التى كنت أتمنى أن أجدها فى طريقة ترتيب النصوص ، الربط الموضوعي أو التصنيفي حسب مضامين الموضوعات وهى كثيرة وليتها جاءت مرتبة حسب مضمون الفكرة الواحدة لأن الكاتب  أجاد فى طرح الفكرة الواحدة بأكثر من شكل ولو أنه صنفها  لمنح المتلقى قدر أكبر من التركيز مع النصوص ، ولكن ثراء عرض الفكرة بأكثر من شكل مع الرمزية والتكثيف فى بعض الموضوعات اشعر المتلقى بشيء من التشتت ، وربما هذا يؤكد تفسيري الذى سبق وأن شرحته سابقاً أن النص عند هزاع نص دائري قد ينتهي فى موضع ولكنك تكتشف أن له امتداداً وأبعاداً  فى قصيدة آخرى .

حضور الأنا وتعدد صورها :

من يطلع على مجموعة نصوص العشق إجمالاً يدرك حضور الأنا بصور متعددة ، وربما حضور الأنا بأكثر من شكل والتعبير عن ذاتها بعدة صور ناطقة كان من الملامح المهمة التى لفتت نظرى فى عمل إبداعي ذات طبيعة روحية .

فعدت إلى ما ذكره علم نفس الأنا عند إرنست كريس فى كتاب التفضيل الجمالي دراسة فى سيكولوجية التذوق الفني للدكتور شاكر عبد الحميد ، الذى أوضح فيه ان  “جوهر الإبداع الجمالي وكذلك الإدراك الجمالي فى رأى مدرسة أصحاب علم نفس ال أنا كما يمثلهم كريس يشتمل على نكوص أو ارتداد إلى أشكال من الوعى تتسم بخاصية أو أكثر من الآتي: أنها يسهل عليها الوصول إلى حالات عيانية معينة من الخبرة الانفعالية والغريزية والحسية ، وتشتمل على نوع من الاندماج أو الانصار بين الذات والعالم وبين الدال والمدلول ، وتشتمل على نوع من التحرر من العقلانية والمنطقية الصارمة وعلى تحرر من الأدوار المألوفة والفئات الفعلية الخاصة .”

وتذكرت ما قرأته سلفاً فى كتاب العشق الأشهر قواعد العشق الأربعون الذى أكد أن من أهم سمات تأثير شمس التبريزى على جلال الدين الرومى أن أصبح الرومى يدعو إلى جهاد النفس والأنا .

ولكنني اهتديت أن الأنا فى نصوص العشق على طريقتى أنا مختلفة ومتمايزة ، فالأنا الناطقة فى النصوص ليست حاضرة من باب التباهي بالذات الشاعرة بل هى أنا مدركة لمدى قدرة تجلى الخالق العظيم على مخلوقاته ، فزاد ذلك من اعتزازها بملامحها فعبرت عن نفسها بقوة ووضوح وبتنوع أخرجها من حدود الأنا الذاتية إلى رحابة الأنا الكونية وأنها أنا ليست أنا  ذاتية بالمعنى المتعارف عليه بل هى واعية لطبيعتها ودورها فى إطار علاقتها العضوية مع الكون والروحية مع رب الكون .

لذلك وجدنا الأنا حاضرة بقوة فى نص رقم -45- أنا كل هذا وغير هذا .

معبرة عن نفسها قائلة :

أيا كل( المواطن )إليكِ عنى ،

فأنا (الحر المتيم )بالرحيل ،

لا شيء منكِ، ينال منى ،

كما تعرف نفسها بشكل مختلف فى نص معتقل منفى

فأنا الآن معتقل منفى ،

فى طيني ،

ويقيني أن البحر المسجور ،

الوطن المهجور،

يشتاق إلى ،

وتبلغ الأنا ذروة إدراكها لدورها وطبيعتها العضوية فى تفاعلها مع الكون فى نص أنا استثناء ص 430

الفكر السياسى فى النصوص الإبداعية :

تظل جدلية الطرح بين الدين المنزل والدين المبدل واحدة من القضايا الفكرية والسياسية المهمة التى تناولها محمد جاد هزاع فى إبداعاته الأدبية  بل كانت الموضوع الرئيس فى كتابه الثانى ” دين الحب فى زمن الحرب ، وقد ضمت نصوص العشق  محل الدراسة عدداً من النصوص التى يتجلى فيها هذا الطرح بقوة ولكنى سوف أتوقف أمام ثلاثة من النصوص كنموذج معبر عن هذه القضية القديمة الحديثة التى نتج عن سوء التعامل معها مشكلة عصرية تؤرق كثير من البلدان الإسلامية اليوم ، وهى الفهم المغلوط لصحيح الدين وأسماه الكاتب فى أعماله بالدين المبدل .

ففى نص الدين النقيض وهو النص رقم-49- تأتى دعوة الكاتب صريحة لكل أعداء الحياة من أصحاب الفهم المغلوط لصحيح الدين مخاطباً إياهم وموضحاً الفروق الفاصلة بين الدين المنزل الذى يتمتع فيه المرء بنعمة الحياة   وبين الدين  المبدل الذى يفقد فيه المرء حياته طواعية ، وقد وظف الكاتب اللغة توظيف جيد كى تفصح عن  مدى الفروق الشاسعة فى الفهم بين الدينين عن طريق استخدام الضد فى المعنى اللغوي وتكثيف الجمل ، والاعتماد على ضمير المتكلم نحن مقابل ضمير المخاطبة فى حسم لغوى يؤكد معرفة المرسل  بمن توجه لهم الرسالة ، كما أكثر من استخدام لا الناهية مع الفعل المضارع دلالة على رفضه لاستمرار أصحاب الدين المبدل فى ثرثرا تهم وهدمهم للأوطان وقتلهم للإنسان .

ووضح   ذلك فى بداية النص بقوله :

لا تصدعوا رؤوسنا ،

لا تهدموا أوطاننا ،

لا تقتلوا الإنسان فينا ،

بدين لا دين فيه .

ويختم النص كعادته بخاتمة مفتوحة تسمح للمتلقي أن يدرج تحتها كثير من المفاهيم والرسائل حيث قال :

دينكم دين (نقيض ) ،

وديننا نهر (  يفيض ) ،

بالحب والعشق القديم

لكل خلق الله .

لكل خلق الله هنا يندرج تحتها ( البشر، الحجر ، النبات وكافة المخلوقات ) وهو هنا ينتصر لفكرته الدائمة فيما طرح من أعمال تالية لنصوص العشق ألا وهى ضرورة الحب لكل ما تجلى عليه الله من صور فى الكون الفسيح .

ويتبع هذا النص بنص الدين النقيض 2 وهو النص رقم 50- الذى يدور حول لعب أصحاب   الدين المبدل بغلط المفاهيم من أجل الوصول لسدة الحكم أى حكم ، والويل كل الويل لمن يعترض حتى ولو بلفظة (أفُ) فمن قالها كفر فى دينهم المبدل والسيف للكفار فى حكمهم وعرفهم ، وتعلن الذات الشاعرة سخطها على الجميع خلف وسلف ممن خلطوا الدين الحنيف بشرع  فرعون اللعين .

وبعد أن يعدد مسالبهم يختم النص بنهاية قاطعة يقر فيها بأن دينهم غير دين المسلمين بقوله :

أفتكرهون الناس أنتم ؟

هذا ورب العرش دين ،

غيرُدين المسلمين ،

ويختتم   الكاتب مجموعة نصوص العشق على طريقتى بالنص رقم 66- المسمى أنتمُ السرُ، وهو نص فارق وحاسم وإن تميز بالمباشرة فى الخطاب وأُرجع ذلك كما ذكرت سابقاً لمعرفته لمن هى موجهة رسالته ، كما اشتمل النص على مجموعة من القواعد الأخلاقية التى لا تقبل الاختلاف حولها ، فمن يسرق حبة قمح كمن يسرق حقلاً ، ومن يصمت لحظة كمن يقترف الجناية ، وهو يعترف أنه ليس بإله ولا نبى ولا ولى ولكنه بشر لم يفقد قدرته بعد على التمييز والحكم ولم يفقد بصيرته   فى زمن العمه العام .

خاتمة :

قف .. فأنت فى حضرة الحب

لقد خدعنا هزاع بحرفية الكاتب ، فبعد إطلاعي على مجموعة نصوص ” له لى لكم ” أدركت أن هزاع صاحب الحال نصب لنا فخاً كبيراً بجمعه خلاصة فكره ووجدانه وتجاربه ودلالاته وتأويلاته فى نصوصه جملة واحدة فى كتاب ” العشق على طريقتى ” وكأنه يقول لنا : تجربتي ذاتية ودفقتى الشعورية كلية وأحوالى ونصوصى بكل ما فيها من دلالات ورموز تعتمد على بنيوية فى السرد خاصة بى ، إن أردتم تفكيكها لكم ما شئتم وإن أردتم قبولها كما هى فقد أنصفتم روح النص لا شكله ، مضامينه لا تصنيفاته .

لذلك أتوجه للقارىء الكريم وهو ما يعنينى بالأساس من طرح هذه المقاربة النقدية ، لقد بنى محمد جاد هزاع مشروعه الإبداعى التكاملى على أساس متين ، وتمثل هذا الأساس المتين  فى كتاب ” العشق على طريقتى ” الذى اتهمه البعض بالغموض  ولكن لو وضعنا كتب هزاع الأربعة الباقية ( دين الحب فى زمن الحرب ،  دولة الدراويش حراس الوطن والدين ، وجودك ذنب قصة عقل ، وجودك حب قصة روح) ولو قمنا بدراسة نقدية مفصلة لما طرح  من رؤى وأفكار وشاعرية وسرد مدهش لا يخلو من جو المغامرة والمفاجأة معاً ، لأدركنا أن كتاب العشق هو الأساس إجمالاً ، والنصوص هى المعنية بكل ما طرح فى كتبه الأربعة تفصيلاً ، ربما لا يتسنى إدراك ذلك  للقارىء أو حتى لبعض النقاد من القراءة الأولى ، ولكن المؤكد لدى الآن أن الكاتب قد طرح فكره وقضاياه وأحواله بصورة شديدة التكثيف فى نصوص العشق على طريقتى ثم أعاد طرحها بشكل أكثر تفصيلاً وسلاسة فى كتبه الأخرى وكأنه يلعب معنا تلك اللعبة الفكرية الدائرية المدهشة ، فأنت فى كل نص من نصوص العشق تتعجب من تلك الذات الشاعرة التى تقول لك : ” قف .. فأنت فى حضرة الحب ” ولكن هذه الحضرة تنقلك مرة إلى دين الحب فى زمن الحرب يوميات شاهد وشهيد،  ومرة ثانية إلى دولة الدراويش وثالثة إلى شهادة على العصر فى قصة وجودك ذنب- قصة عقل ،  ورابعة إلى وجودك حب قصة روح  لتجد نفسك عدت مرة أخرى حيث تقراً فى حضرة العشق على طريقتى .

هكذا خدعنا هزاع فى زمن أعماله ، ومارس معنا براعته الروحية فى فن الكتابة لذلك جاءت تكاملية الإبداع بحق ، فقراءة العشق وحده لن تجدي مع القارىء بل لابد من الرجوع لباقى الأعمال وفى الوقت ذاته ترجعك الأعمال لنقطة البداية المكثفة الفارقة الصادمة والمبهمة فى آن ليضع الناقد فى حيرة وهى أنه يجب عدم التناول مع مثل هذه الأعمال بقوالب نقدية ثابتة مسبقة بل لابد من التفتيش عن المعنى الخارجي والمعنى الباطنى وباطن الباطن والعمق معاً ، وربما هذا هو الشكل الأنسب لمستويات التلقى عند أصحاب البصيرة كما جاء  فى بعض كتب المتصوفة .لذلك أثرت التعامل مع النصوص بمفهوم خاص بى فرضه على خصوصية التجربة ومستويات التلقى .

القاهرة : 7-1-2019

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات