ذبح الياسمين … أغنية تحيي ذكرى لينا النابلسي

09:32 مساءً الأحد 27 يناير 2019
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

51129513_10213220943496497_6762852682488086528_nفي نابلس قبل 60 سنة ولدت الفتاة الفلسطينية لينه، وعاشت حياة في صباها جديرة بفتاة ذكية تعشق الثقافة والفن، فكانت تحب الكتابة والتطريز والتمثيل المسرحي باللغة الإنجيزية التي كان لأمها أستاذة اللغة الإنجليزية، تأثير عليها في هذا الاتجاه. ولكن حياتها رسمت مسارا آخر ابتعد بها عن عالم الأرض لتصعد روحها إلى السماء بعد استشهادها خلال مظاهرة بمسقط رأسها تحيي يوم الأرض في 16 مايو / أيار 1976. فبعد خروجها من مدرستها صادفت إطلاق نيران، وتعقبها أحد جنود المحتلين، ليطلق عليها الرصاص فتستشهد في الحال،  و كانت لينا (أو لينه) ثاني شهيدات نابلس بعد شادية أبو غزالة (استشهدت بعبوة ناسفة كانت تعدها في 1988).

تقول عنها مها النابلسي؛ شقيقتها الكبرى: “في البيت كانت لينة اصغر مني سنا، لكن بالتصرفات والحكمة هي الأكبر، دائما لديها افكار مختلفة، وثقتها بنفسها كبيرة ومتفوقة في دراستها، وتجيد اللغة الانجليزية بطلاقة وكان لديها طموحات كثيرة.. كانت تتمنى ان تصبح طبيبة أعصاب”.

مأساة الصبية لينه النابلسي أصبحت محور عدد من مرثيات عربية أدبية وفنية،  فكتبت الشاعرة فدوى طوقان قصيدة غناها الشيخ إمام يقول مطلعها: لينا لؤلؤة حمراء، تتوهج في عقد الشهداء، لينا غنوة حب وفداء، غنتها أرض فلسطينا. أما الشاعر حسن ظاهر فتذكرها بقصيدة تصدرت أغاني الثورة الفلسطينية، وغناها الفنان أحمد قعبور :يا نبض الضفة لا تهدأ أعلنها ثورة .. . حطم قيدك إجعل لحمك جسر العودة .. فليمسي وطني حرا فليرحل محتلي فليرحل…

في يوم ميلادها، أمس، نشر الفنان جوني صورة لها، تبتسم، بنظارتها التي تتقد وراءها عينان تفيضان باللماحية، ووجه لا تغادره ابتسامة الرضا، وكتب: اليوم 26 يناير هو ذكرى ميلاد فراشة أحلامنا الشهيدة لينه النابلسي. وكان جوني قد عرف باسمها من الكاتب والملحن أنطونيوس نبيل سنة 2015 خلال عملهما معا لأغنية جسر عودتكم، فتواصل مع شقيقتها الكبرى، مها حبش، لتنشأ حالة تعارف أكتر من رائعة جعلته يعتبر عائلتها عائلته الجميلة

د. مها النابلسي

د. مها النابلسي

يحكي جوني عن تفاصيل أغنيته: “الحمد لله بينا ود وحب من ساعتها, لما جيت أعمل (ذبح الياسمين)   كان نفسي يكون فيه تعاون مشترك بين مصر وفلسطين … كان نفسي أسافر بنفسي أصور هناك لكن الوضع الأمني للأسف مسمحش، فضائية النجاح مشكورين تواصلت معاهم وتحمسوا للفكرة جدا وصوروا هناك في مدينة نابلس الجميلة جدا مع الطفلة الرائعة غزل طارق عامر، ومزجت الفيديو مع صور رائعة للفنان جمال كيوان واللي بيلف فلسطين كلها عشان يوثق جمالها من خلال الكاميرا بتاعته، وحصلت على صور للشهيدة لينا من خلال عيلتها وبمجهود محترم للأخ الغالي حسن سعيد قميحة، أخيرا سهرنا ليالي أنا والمونتير الفنان هيثم عزت عشان نخرج الفيديو على أحسن وجه”.

 

أغنية جوني “ذبح الياسمين” والتي أهداها لروح الشهيدة “لينا النابلسي” ) من كلمات وألحان: أنطونيوس نبيل  (بالاستعانة بمقطع من “أطفال الحجارة” للشاعر  نزار قبَّاني)، وقام بالتوزيع الموسيقي: محمد يسري، أما اللقطات المصاحبة فصورتها فضائية النجاح الفلسطينية، وقامت الطفلة  غزل طارق عامر بالأداء، كما كتب ججوني. وتأتي الصور المصاحبة ضمن مشروع توثيق فلسطين بالصور  للفنان الفلسطيني جمال كيوان، وأهدت ألبوم صور لينا شقيقتها الدكتورة مها النابلسي والأستاذ حسن قمحية.

على مدى عشر سنوات يعرف المتتبع لأغنيات جوني الذي درس الطب قبل أن يبدأ مشروعه الفني أنه قدم 4 البومات: (1- مطر عطشان 2009)، و(2- آخر نقطة شمس 2010) و(3- مترو 2012) وأخيرا (4- تعويذة 2014)، لكنها قدم أثناء هذه الفترة وبعدها أغنيات خارج الألبومات منها رماد حلمك : مرثية لـ نجيب سرور

https://www.youtube.com/watch?v=VZslXkHy6N0

وجسر عودتكم : لـ الشهيدة لينا النابلسي

https://www.youtube.com/watch?v=k6QOHFTzZvM

و نشيد العزلة : مزيج من شعر “إدجار آلان بو + معلقة عنترة بن شداد + العامية المصرية”

https://www.youtube.com/watch?v=wL4I3hEZ3Qs

ومعنى الحكاية : مزيج من شعر المتنبي + العامية المصرية

https://www.youtube.com/watch?v=HJqlS8qVHQQ

 

والفصل الأخير : من كلمات الراحل “أمل دنقل”
https://www.youtube.com/watch?v=_vB4hKAki3U

سنستمع لأغنية جوني – هذه وغيرها – في سياق إحياء الذاكرة لنص المقاومة في وقت عصيب، وكأنها نوستالجيا لأشياء فقدناها على مر الزمن، وتحاول الكلمة واللحن والصورة استعادتها.  والسؤال الملح فنيا هو: ما الجديد؟

لا ينكر أحد جمال صوت جوني، وطريقة الأداء التي تكاد تذكرنا بتلك الأيام في الجامعة، حين حملنا أحلامنا على الأكف نقدمها لمن يعبر عن طموحنا بالنضال ضد المحتل، وتقديرنا للصامدين بوجه الغاصبين، ومن يرفع صمتنا الغاضب عبر حنجرته الصارخة. هذه أيام لم يرها الجيل الجديد، الذي انشغل بانكسارات أكثر ألما وهو يرى الثورات الجديدة تجهض، وربما تأتي الأغنية لتحيي الألم وتسقطه على حدث ماض كي لا ننساه، وهو حدث لن ننساه فلا الأرض تحررت، ولا الثورات نجحت.

ربما استشهدت لينه قبل أن يولد الجيل الذي يعلق على الأغنية، ويدعو لتحرير فلسطين والقدس، وهنا تقدم الأغنية المقاومة، إذا صحت التسمية، دورها  في مقاومة النسيان، والتجاهل، لذلك هي أغنية لإحياء الذاكرة، وقود التاريخ، وطاقة المستقبل.

أشكر جوني وفريق العمل معه، وقد تحققت الأغنية العربية بفضل التصوير الذي عبر الحواجز، ليثبت أن الفنون والثقافات لا تقف بوجهها جدران أو حواجز، وبقي أن تحرك البشر، مثلما أحيت الصور.
https://www.youtube.com/watch?v=ZaT-IBUl8ek

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات