الأمن و الحريات العامة و الخاصة على ضفاف بحيرة تونس

07:32 صباحًا الإثنين 11 فبراير 2019
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعد أن رصدت الدولة التونسية إعتمادات مالية كبرى لتعصير قطاع الأمن منذ 2014 من أجل تمكين قوات الأمن الداخلي من الوسائل و التكنولوجيات الحديثة على غرار التقنيات البيومترية و الرقمية و المراقبة بالفيديو بهدف مكافحة الإرهاب و الجريمة كان ضروريا إستكمال كافة عوامل نجاحه حيث  تضمن هذا المشروع إجراءات عملية مثل تركيز كاميرات مراقبة في الأماكن العامة ، و إصدار بطاقات تعريف وطنية و جوازات سفر بيومترية .. إذ أصبحت تلك الوسائل ضرورية و لا غنى عنها في كل أنحاء العالم بإعتبارها مصلحة حيوية و ضمان للأمن القومي في كافة البلدان..
لكن إعتماد تلك الوسائل المتطورة خلف أراء متباينة .. حيث إعتبرها البعض تمس من الحريات العامة و الخاصة و تنتهك حقوق الإنسان الأساسية و حرمة المعطيات الشخصية المنصوص عليها في دساتير الدول و التي نص عليها الدستور التونسي في الفصل 24 .. ، فضلا عما نصت عليه المادة الثانية في إعلان حقوق الإنسان 1789 الذي تلتزم به كافة الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة و التي تتحدث عن الحقوق الطبيعية للبشر التي لا يمكن إنتزاعها بحكم القانون أو العرف .. و هي الحرية و الملكية و الأمن و مقاومة الجور و الإستبداد ..

-معهد حنبعل الإستراتيجي يدلي بدلوه :

نظرا لهذه التقاطعات و الأراء المتباينة بين الأمن و الحريات العامة و الخاصة نظم “معهد حنبعل الإستراتيجي” ندوة حول ” الأمن و الحريات العامة و الخاصة ” بمشاركة عدد من الخبراء في هذا المجال خاصة في الأمن و الدفاع فضلا عن الفاعلين السياسيين والنشطاء في المجتمع المدني من المختصين في مجالات الرقابة و حقوق الإنسان..  وذلك لإبداء الرأي حيث سجلت” الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية ” .. و عدد من مكونات المجتمع المدني إعتراضات و تحفظات أعتبرت البرنامج الخاص بتعصير قطاع الأمن غير قانوني في ظل غياب نص قانوني منظم و هو ما يفرض على وزارة الداخلية الحرص على وجود إطار تشريعي ملائم لحسن معالجة المعطيات الواردة..و قد وفرت الندوة و المحاضرات التي قدمت خلالها فرصة النقاش حول هذا الموضوع الهام .. كما عرفت المشاركين بمعلومات جديدة و هامة في هذا الصدد تعرف عليها البعض لأول مرة ..
و قد إحتوى برنامج الندوة على المداخلات التالية :

– الأمن و الحياة الخاصة

-الهوية الإلكترونية و بطاقات التعريف البيومترية

– المراقبة بواسطة الكاميرا .. آلية رقابة جماعية أو أداة لمكافحة الجريمة

_الأمن السبرياني و حماية المعطيات الشخصية

-حماية المشاركة في الحياة العامة

CAB8BFA7-689D-4C28-AEA0-4C3B35B909C8و قد بدأت الندوة بكلمة الترحيب التي القاها مدير معهد حنبعل الإستراتيجي محمد علي المنقعي و التي تحدث فيها عن الإطار العام للندوة ، ثم تدخل أمير اللواء السيد / بشير بدوي .. بمقدمة ضافية حول موضوع الندوة ، ثم القى الجنرال/ كمال العكروت المستشار الأول لدى رئاسة الجمهورية..كلمة الإفتتاح حول الإطار القانوني لضمان الأمن و الحريات معا من خلال تأصيل إجتماعي إستند فيه لكتابات ” جان جاك رسو ” و ” ماكس فيبر” .. ، ثم تحدثت السيدة لمياء الزرقوني ..منوبة عن ” الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية ” حول طرق حماية المعطيات الشخصية .. ذكرت فيها أن هناك 9 مليون مواطن سجلوا بصماتهم .. و أشارت لكون البصمات معطيات شخصية لا يجوز التصريح بها أو الإجبار على إعطائها إلا في حالات خاصة مثل ذوي السوابق العدلية أو الإرهابية و طالبي اللجوء و هو ما تأخذ به بعض الدول بالفعل ،

 

2054634A-428C-4514-B829-D08211E69A48و أضافت أن الأنظمة المقارنة مازلت لم تقم بدسترة المعطيات الشخصية كما في المانيا و فرنسا و إيطاليا و الهند .. لكنهم جمعوا المعطيات البيومترية ..، و أشارت إلى أن المحكمة الدستورية في فرنسا أقرت بأنه ليس هناك داع لتجميع كل المعطيات الشخصية و يمكن للشخص طلب عدم إدراج بصماته في البطاقة البيومترية .. و أنه لا حاجة لجمع تلك البصمات إلا في حالات طالبي اللجوء و أصحاب السوابق الخ .. ، و أضافت أن الهيئة أكدت في الشروط التي وضعتها بالنسبة لكاميرات المراقبة في الطرق و الأماكن العامة و الخاصة ضرورة الحرص على عدم إنتهاك خصوصية الأخرين حرصا على حماية حقوق الأشخاص و المجتمع .. ، و أكدت أن الفصل 76 هو الذي يؤطر مجال حدود سلطة الهيئة ، كما أكدت حرص الهيئة على مراعاة حدود حماية الفضاءات الخاصة خلال مراقبة الطريق العام بواسطة الكاميرات ، و قالت أن الهيئة تسعى إلى أن تكون كاميرات المراقبة تسجل الصورة و الصوت معا حرصا على العدالة حيث أن معظم الكاميرات المستخدمة حاليا تسجل الصورة دون صوت ، كما ترى الهيئة أن الإحتفاظ بالفيديو يجب أن لا يزيد عن 60 يوم إلا بأمر قضائي .. بالإضافة إلى ضرورة الإلتزام بالسر المهني من قبل من يطلعون على المعطيات الشخصية لحين صدور قانون خاص بذلك لوضع ضوابط تراعي الحريات و ما يقتضيه الأمن العام ..
كما قدم الخبير الدولي في العلوم الجنائية السيد / عبد الوهاب السباعي محاضرة هامة حول الهوية الإلكترونية وبطاقة التعريف البيومترية .. عرض فيها للتطبيقات العملية للهوية الرقمية و مصادرها و مجالات إستخدامها و حدودها .. و هل تتعارض مع القوانين و التشريعات أم لا ؟ ، ثم عرض لأنواع الهويات :
– الهوية الشخصية
– الهوية البيولوجية
– الهوية الإجتماعية و الثقافية
– الهوية الرقمية
كما قدم عرضا شيقا عن تعدد أنواع البصمات مثل :
– بصمة الأصابع
– بصمة الكف
– بصمة الكاتب
– بصمة الساق
– بصمات العين
– بصمة الصوت
– بصمة الرائحة .. و هي تقنية جديدة
– البصمة الوراثية
– بصمة الوجه
– و قام بشرح مستفيض لمصادر البصمة الجينية DNA مع سرد لتاريخ التحليل الجيني .. ، ثم عرض لمنظومة الإستغلال الآلي للبصمات ” AFIS” .. ، و أكد على أن إجراء أخذ البصمات في تأشيرة دخول الإتحاد الأوروبي ” فيزا الشنجن” فيه قدر كبير من التعدي على المعطيات الشخصية تمكنه من الحصول دون وجه حق على عدة أنواع من البصمات الشخصية مثل DNA و بصمة الأصابع و الرائحة إلخ مما يمكنه من تكوين قاعدة بيانات لديه لأمم أخرى مما قد يمس أمنها القومي بشكل أو بأخر ..
– و فيما حرص السيد عبد الوهاب السباعي في كلمته على الإشارة للإجراء المخل في تأشيرة الإتحاد الأوروبي ” فيزا الشنجن ” ، ركزت السيدة ممثلة ” منظمة عتيد ” في مداخلتها على ضمان حق التظاهر و ضرورة وجود مراقبة أجنبية للإنتخابات من أجل ضمان الحياد !

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات