افتتح معرض (نحن وهم) للفنانة سهيلة النجدي والفنان محمود المغربي ، الاسبوع الماضي، بجاليري (برنت رووم) بالشويخ.

قرابة الـ 52 عمل فني جمعت تجربة النجدي والمغربي عن رصد التغير المجتمعي والسياسي والثقافي في مجتمعاتنا العربية مؤخرا، ففي خضم حالة الاستقطاب المسيطرة على الوضع الثقافي والاجتماعي والسياسي العربي، في مشهد سيطرت عليه الغوائية والصوت الأعلى بشكل واضح، كانت مجموعة نحن وهم بمثابة رسالة لإلقاء الضوء على مخرج الأزمة. فقد لفظ هذا الوضع مجموعة من الثنائيات لدى الفنانين، رسمت اطرا لعلاقتنا بالآخر بوجه عام، ثنائيات تأخذنا تارة إلى قمة السلبية، وتارة أخرى إلى أكثر اللحظات تجانسا وانفتاحا وأملا في مستقبل مختلف، وتتطرق مجموعة نحن وهم للفنانين سهيلة النجدي ومحمود المغربي لتك الثنائيات، ليرصدا معا أشكال هذا التغير المجتمعي بوجه عام، وعلاقتنا بعضنا البعض، حتى على مستوى علاقتنا كشعوب عربية.

سعيا من سهيلة النجدي بتقنية التصوير الزيتي والأكريليك، ومحمود المغربي بتقنية الحفر والطباعة، كي يظهرا أوجه الاختلاف الداخلي بمجتمعاتهما، تظهر بعض التيمات في لوحات سهيلة من البيئة الكويتية، والمرآة الحاضرة بقوة في لوحاتها في ديالوغ بدأ ذاتيا داخليا لا يخلو من التحفظ، وينتهي أحيانا بوجهين وثلاثة يغلب التزاحم على أدائها وسيطرة طرف على مساحة الآخر.

كذلك في لوحات المغربي سيطر الوضع السياسي المصري بشكل خاص على أعمالة، فتظهر تيمات وعملات مصرية من بداية القرن الماضي وحتى عملات عصر جمال عبد الناصر بتمييز الجمهورية العربية المتحدة في إشارة سريعة على دور مصر العربي (بوجه عام) والشعب السوري على وجه الخصوص.

من أعمال الفنانة سهيلة النجدي

من أعمال الفنانة سهيلة النجدي

من أعمال الفنانة سهيلة النجدي

من أعمال الفنانة سهيلة النجدي

لم يكن هذا المعرض وليد الصدفة بين النجدي والمغربي، فتاريخ الفنانين يشير إلى تجربتين فنيتين خرجا من نفس البحث والاهتمام والهم المجتمعي المشترك، فقد عرضت سهيلة مجموعة (الكرسي) بجاليري بوشهري في 2017 لأعمال فنية بدأتها من عام 2015 تعرضت فيها لمفهوم الكرسي واسقاطاته، فعلاقتنا به تمتد عبر أداءات شديدة التنوع لا يمكن اختزالها في دورة الرئيسي للتأمل والراحة والاسترخاء، ورغم التركيز على الثيمة الأساسية فلن نجد الفكرة الفجة لاعتلاء السلطة، بل التناقض بين التشبّث بالكرسي وبين تعب الجسد وإنهاكه وحاجته إلى الراحة. كذلك وبأداء رهيف تبدو أقدام الكرسي المتباعدة المهتزة، كما الخيال، وكأنها تشي بعدم الاستقرار، وأن الثبات مجرد وهم يعزل صاحبه كما عزل من قبل الطامحين والمتنافسين عليه.

من أعمال الفنان محمود المغربي

من أعمال الفنان محمود المغربي

من أعمال الفنان محمود المغربي

من أعمال الفنان محمود المغربي

كذلك تجربة المغربي،  في 2006 الذي عمل على مجموعة (صداع نصفي) ويبدو من عنوانها انها حافلة بالدلالات،  فالصداع النصفي المرض يحول المصاب به إلى كتلة من الألم ، ويجعله عاجزا عن التفكير لتتسلط عليه فكرة واحدة هي الخلاص.

يقول المغربي: اننا نتقاسم هموم واحلام مشتركة في مساحة ضيقة رسمتها لنا يد مستبدة. وأنا أسعى هنا إلى التعبير عن همومنا واوجاعنا في عالم خانق وقمعي يكتم على انفاسنا، تماما كما يكتم الصداع النصفي على رأس المصاب به،  وهي افكار تتردد بمعان وعلى مستويات مختلفة في لوحات هذه المجموعة والتي عرضت بالسفارة الفرنسية بالكويت، والتي أيضا تعد الثانية له في الكويت بعد الذي استضافته له قاعة بوشهري في 2005 تحت عنوان (جدران مصرية)، استحضر فيه الجدار الشعبي بما يعنيه من متنفس عن مكبوت اجتماعي وسياسي وانساني.

Tweet