في أرض الأساطير .. كوريا الجنوبية

كوريا الجنوبية, تختلف كثيراً عن جارتها الشمالية و ربما عن باقي دول آسيا, و قد تمكنت أخيراً من إختبار هذا الاختلاف. زيارة كوريا الجنوبية لطالما كانت حلم من أحلامي, ففي مطار إنشون شاهدت أماكن تصوير مسلسلات كورية تابعتها, و في شوارع سيول تخيلت نجومي المفضلين يجوبون تلك الشوارع, و في حي جانجنام تذكرت تلك الأغنية الشهيرة, التي صارت مشهورة في جميع أنحاء العالم.

في كوريا الجنوبية تندمج الطبيعة الساحرة مع التكنولوجيا المستقبلية. فعلى جانب تجد الإستعداد للمستقبل في متحف شركة (Sk Telecom), و على الجانب الأخر تجد المعابد و الكهنة في عزلتهم بجوار الجبال. كوريا الجنوبية حقاً تجمع أفضل ما في العالم.

و بعد رحلة سفر دامت أكثر من 13 ساعة, كان لي لقاء مع كوريا الجنوبية, الوفد العربي, و طاقم عمل أسيا إن الرئيسي في كوريا. الوفد العربي المسئول عن الموقع العربي في حال إنطلاقه يتكون من (أشرف أبو اليزيد من مصر, رضوى أشرف من مصر, متين فندقجي من تركيا, عبد الرحيم العلام من المغرب, سعيدة الزغبي من تونس, محمد سيف الرحبي من عمان, و نجوى الزهار من الأردن). و بالطبع طاقم عمل آسيا إن يترأسه لي سانج كي, و يعاونه العديد من الصحفيين و المحررين.

مر اليوم الأول برفق و مضى بين التعارف لأول مرة و العشاء في مطعم كوري و التجول في شوارع سيول. كرم ضيافة الكوريين كان ظاهراً بوضوح و ترحيبهم للأجانب.

في اليوم التالي مضينا إلى مقر مكتب آسيا إن, الموجود بمبني يضم العديد من المؤسسات الأخرى في كوريا, تحت رعاية شركة سامسونج. في المكتب تعرفنا على باقي طاقم العمل. من المذهل كيف أن طاقم عمل يعد نوعاً ما صغير, بإمكانه أن يعمل على موقع بثلاث نسخ. تحدثنا عن تقنيات العمل على النسخة العربية و عن الشكل الذي نتخيله لها. كان اللقاء مثمر فعلاً و تشاركنا فيه العديد من الأفكار.

و لكن الحدث الأهم في هذا اليوم هو المؤتمر الذي كان محوره “الطاقة النووية و إستخدامها السلمي”, و قد كنا حضرنا له مسبقاً ورقة بحثية. قام كل شخص بكتابة ورقة عن الطاقة النووية و إستخدامها, و قد حضر هذا المؤتمر: فريق آسيا آن, وفدنا, و العديد من المتخصصين في هذا المجال من دول آسيا, بجانب أندري لاكوف أحد المتخصصين في هذا المجال. و رغم إختلاف كل مقترحات الصحفيين و الحاضرين إلا أنهم إتفقوا على شئ واحد, هو أن الطاقة النووية لا بد أن تستخدم لأغراض سلمية.

و خلال كل من الغداء في المطعم الفارسي أو العشاء, قابلنا العديد من الشخصيات المهمة مثل كيم هاكجون, رئيس مؤسسة شرقي آسيا للتاريخ, و هونج سيونغ يونغ, نائب رئيس مجلس الإدارة للمجلس الاستشاري المختص بالعلوم و التكنولوجيا.

في اليوم التالي بدأنا رحلتنا صباحاً بالتجول في المدينة و ذهبنا لمتحف شركة (SK telecom) و هو ما يمكنني أن أسميه بنافذة على المستقبل. من ضمن ما رأيناه خلال الجولة كان الحائط/الشاشة التي يمكنها التحول من مظهر طبيعي خلاب إلى سينما منزلية إلى هاتف! يمكنك من خلال هذا الجهاز أن تقوم بعملك, تراسل أصدقائك, تتابع الأخبار, تشاهد الأفلام و تسترخي أمام مظهر تختاره. هناك أيضا التحكم في سيارتك عن بعد حتى أنه في المستقبل ستستطيع أن تبيع كهرباء لسيارة مارة بجوارك أو ربما تقوم بالحجز في مطعم على الطريق. و غيرها من القتنيات المذهلة التي ستكون متوافرة في المستقبل القريب و التي ستتمكن من التحكم فيها جميعاً عن طريق هاتفك.

بعد ذلك ذهبنا إلى (Nabi Café) والتي ترأسه سو يونج رو, و هي إبنة الرئيس الكوري السابق. هذا الكافيه هو ما يمكن أن تطلق عليه مركز ثقافي متكامل, فهم يمتلكون مكتبة إليكترونية و يقومون بكتابة و تأدية مسرحياتهم الخاصة بجانب العديد من الأنشطة الثقافية التي تفخر بها مؤسستها كثيراً. كان من المذهل حقاً سماعها و معرفة كيف كان هذا حلمها بأن تمتلك مركز ثقافي للشباب.

و ربما من أهم أحداث هذا اليوم لقائنا لـ كو أون الشاعر الكوري العظيم الذي رشح لجائزة نوبل و الذي ترجمت مؤخراً بعض أعماله إلى اللغة العربية , وقام بترجمتها و إختيارها أشرف أبو اليزيد. حتى قبل لقائنا معه, كان التليفزيون الكوري في الإنتظار و قاموا بتسجيل حوار مع أشرف أبو اليزيد عن ترجمته لـ كو اون. بعد ذلك, كانت مقابلتنا له و هو رجل متواضع حقاً, و قد حصلنا جميعاً على فرصة أخذ ديوانه المترجم بتوقيعه كذلك أخذ بعض الصور التذكارية معه.888

بعد عشاء لطيف في فندق يطل على البحر و سماع صوت تلك المغنية اللطيفة, إستيقظنا في اليوم التالي مستعدين لتنشق الطبيعة, وسط الجبال و في رحلتنا إلى قرية مانهي. قرية مانهي و المتحف الملحق بها أقيمت على شرف مانهي, و هو أعظم كاهن في كوريا و ربما آسيا بأكملها و جائزته الأن التي تمنح في مجالات الأدب, الفن, والسلام تعد معادلة لجائزة نوبل في آسيا. يضم المتحف قصائده بجانب قصائد كتبها آخرون مثل كو أون, عمدة سيول و غيرهم. بجانب وجود لوحات خاصة به و تمثاله, و ربما ما لن أنساه في ذلك المكان, هو جرس السلام لنرى كيف كان مانهي يدعو إلى السلام من خلال معبده الصغير و عزلته.

في تلك القرية قابلنا أحد الكهنة الكبار بها, وهو شو أو هيون, و هو أيضاً شاعر كبير و له العديد من العمال المترجمة التي أعطانا إياها مرفقة بتوقيعه كذلك. كان رجلاً لطيفاً, رحب و لكن يتسم بمسحة حزن طغت على معظم كلامه الذي كان يدور حول موضوع الموت و إنتظاره. تعاطفنا معه كثيراً و رحلنا و ظلت قلوبنا معه.

لاحقاً زرنا أحد مقرات شركة سامسونج و شاهدنا تقنياتهم المذهلة حتى أننا أخذنا صورة تذكارية. المذهل أن أحد المعروضات هناك جديدة لدرجة أنه لم يمر على صدورها يومان. شاهدنا تقنيات مختلفة فبدأنا بمشاهدة تطور شاشات الـLCD حتى الأدوات المنزلية, شامسونج من أحد الشركات التي تسعى لتكون الأفضل حقاً و يبدو هذا ظاهراً بوضوح في مقرهم و منتجاتهم.

كان هذا اليوم يوم مليئاً باللقاءات الهامة, فمثلاً قابلنا نام سانغ أن, وهو رئيس المؤسسة الكورية لتطوير إستخدام الطاقة, و كان لقاؤنا في مطعم الزعفران الإسلامي. كان لقاء مثمراً حقاً, فتحدثنا في أمور عدة منها علاقات كوريا بالدول العربية, مؤسسة آسيا إن و غيرهم الكثير.

و من ضمن من قابلناهم أيضاً, شارم لي, و هو وزير السياحة في كوريا. و من العجيب أن جنسيته الأصلية ألمانية. و لكن كونه ليس كورياً له عدة مميزات خاصة في مجال السياحة. فهو ينظر إلى أمور كثيرة من وجهة نظر السائح, و لذلك سيكون أعلم الناس بما يريده السياح عندما يأتون إلى كوريا. تحدثنا معه كثيراً و إكتشفنا أنه قد قام بزيارة معظم البلدان التي أتينا منها.

بعدها زرنا مقر أحد أهم شركات وسائل الإعلام في كوريا و هي (Chsoun Media) و قمنا بزيارة الجريدة الخاصة بهم و هي (Chosunilbo) و تحدثنا مع معظم الصحفيين هناك, و كان من ضمن الصحفيين رو سوك جو, و الذي إكتشفنا أنه درس بالقاهرة و يجيد التحدث باللغة العربية و يكتب عن أخبار الشرق الأوسط كثيراً, كان لهذا عامل كبير في توطيد صلتنا بهم و خاصة أنه سيكون له دور كبير في توسيع مدي آسيا إن العربية كذلك.

أنهينا لقاءات ذلك اليوم و كذلك رحلتنا في كوريا بلقاء اللجنة المنظمة لألعاب إنشون الرياضية الأسيوية و تحدثنا معهم و شاهدنا مقتطفات و إعلانات عن تلك الألعاب. كان لقاء ممتعاً جداً, من المميز حقاً ان تكون لنا الفرصة للقاء هذه اللجنة التي تنظم ألعاب لا في كوريا وحدها, بل لأسيا بأكملها.

بعد ذلك كان وقت الوداع و العودة مرة أخري إلى بلادنا الأم. على الرغم من ضيق جدولنا و إزدحامه إلا أنها ستكون رحلة لن تنسى. فالأشخاص الذين تعرفنا عليهم في هذه الرحلة كانوا مميزين حقاً و الضيافة في كوريا أنستنا تعب السفر. أتمنى أن تكون هذه بداية جيدة لموقع آسيا إن بالعربية و ذكرى مميزة لأصدقائنا الكوريين و العرب.