عندما تصبح دماء الشهداء مسخرة … تكون النتيجة قصف غزة وضم الجولان

هذه الواقعة مهداة إلى معالي أمين عام الجامعة العربية و الأمانة العامة للجامعة العربية و الدول الأعضاء في الجامعة ..

لأن معظم النار من مستصغر الشرر فقد وقفت سادتي على أسباب الحريق الذي نشب في أوطاننا منذ مؤتمر بازل ثم وعد بلفور مرورا بالهجرة اليهودية في 1932 وليس إنتهاء بإعلان الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948 ..

فقد سرقت إسرائيل ما سرقت من أراضي و ضمتها إلى كيانها المغتصب الذي لم يكتف بالقصف الوحشي لغزة ولا ضم الجولان بقرار أمريكي أحادي قبل إنعقاد القمة العربية الثلاثين في تونس بأيام قليلة .. وقتها كنت أتساءل عن معنى التوقيت وسر الصلف الأمريكي و الوقاحة الإسرائيلية ؟

لماذا لا يحسبون لأمتنا حسابا ويختالون علينا إلى حد إغتصاب أغلى ما تملك الأمة العربية ؟ ..

الإجابات على هذا السؤال كثيرة و لعلكم في هذا المضمار أقدر على الإجابة .. لكن اسمحوا لي أن أضيف لسيادتكم سببا بقصد تنويركم والذي أتصور أنه شرارة من شرارات أحرقت الوطن الكبير بأيدينا هذه المرة.. و ليس بنيران الميركافا أو F35 .. ألا وهو جعل دماء شهدائنا مسخرة وتضحيات علمائنا محل مزاح أقل ما يوصف به أنه سخيف و سمج وثقيل الظل .. خاصة عندما يرد على لسان مسؤول إقليمي في جامعتكم الموقرة لم يراع واجب التحفظ فيما يقول على أقل تقدير .. و اليكم الواقعة ..

في اليوم الثاني ” للمؤتمر الإعلامي الثاني .. للترويج لإنجازات و أنشطة منظمات و مؤسسات العمل العربي المشترك .. بتونس ” و تحديدا الأثنين 25 مارس وفي الجلسة التي ترأسها الوزير المفوض السيد / محمد خير عبد القادر .. قرر السيد الوزير المفوض أن يروي للحضور – وكاتب السطور من ضمنهم – ما يتصور أنه طرفة لطيفة أو ملحة من الملح التي اعتاد العرب سماعها في “عكاظياتهم” خلال تقديمه لممثل ” الهيئة العربية للطاقة الذرية ” بعد توجيهه له بعدم الإطالة ” ربما خصما للوقت الذي إستغرقه في رواية ملحته السمجة ” ..

إذ روى السيد الوزير المفوض/محمد خير عبد القادر .. “أن الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية السيد / عمرو موسى .. كان يطلق على الهيئة العربية للطاقة الذرية .. هيئة الذرية الصالحة ” ( بضم حرف ال ذ ) ثم أضاف سيادته “لا أعرف السبب في أنه كان يطلق عليها هذا الاسم ” و قهقه ضاحكا على نكتته السمجة .. ، و بعيدا عن أن المسؤول الإقليمي الذي يشغل منصبا رفيعا هو “مدير إدارة المنظمات و الإتحادات العربية .. ، و المنسق العام للمؤتمر ، و رئيس الجلسة ” لم يراع واجب التحفظ الذي تفرضه عليه مهام وظيفته .. و لا غيبة الأمين العام الأسبق الذي لا يمكنه نفي المقولة المنسوبة إليه أو إثباتها .. ، فضلا عن عدم مراعاة وجود ممثل ” الهيئة العربية للطاقة الذرية ” و لا هيبة هيئته ..

الدكتور يحيى المشد

لكن ألم يسمع السيد المسئول عن الذرية الصالحة الحقيقية بالفعل ؟!!

ألم يسمع بالعالم الجليل عظيم القدر و القيمة ” علي مصطفى مشرفة .. باشا ” ؟! .. ألم يسمع عن الشهيدة د/ سميرة موسى ؟! ..

ألم يسمع عن الشهيد د/ يحيى المشد ؟! ..

ألم يسمع عن شهداء المشروع النووي العراقي ” أوزيراك والمفاعل تموز ” الذي اختلطت فيه دماء الشهداء العراقيين بأشقائهم المصريين ؟! بعد أن قصفه الصهاينة ..

ألم يسمع بشهداء المنشأت النووية السورية الذين سقطوا ضحايا القصف الصهيوني ؟! .. كان دوي القنابل التي قتلت هؤلاء الشهداء أقوي من صوت الرعد فكيف لم يسمع الوزير المفوض و المنسق العام و رئيس الجلسة ؟!

فهانت عليه دماء الذرية العربية الصالحة الحقيقية ؟! و سمحت له نفسه باحتقار تلك الدماء الزكية لذرية صالحة فعلا ليروي لنا تلك المقولة السمجة السخيفة الوقحة التي تحمل القدر الأكبر من ثقل الظل والتي تجعل من دماء الشهداء مسخرة ..
كان أجدر بالمسئول أن يحترم مشاعرنا كعرب ولا يأتي حتى طاولة طعامي في الفندق الذي أقيم فيه المؤتمر بالعاصمة التونسية ليوجه لكاتب السطور صياحه وعنفه اللفظي قائلا ” أنا مبخافش ” .. لأن موظفيه أو بالأحرى ” مخبريه ” أعلموه أنني استنكرت ما قال خلال حديثي مع بعض الزملاء و كأن وظيفة هؤلاء التنصت على الحضور ليحاكموننا على أرائنا.

ثم تأتي موظفة من الجامعة لتواصل مع كاتب السطور ما بدأه السيد الوزير المفوض فتبدي رأيها الذي لا يعنيني ولا من حقها أن تبديه .. في أن كلامي سلبي ولم يعجبها ، ثم تسأل بمنتهى الوقاحة عمن استدعاني للحضور رغم البادج الخاص بالمؤتمر المعلق على صدري و الصادر من إدارة المؤتمر ، ثم تستطرد لتعيرني أنني آكل الأن على حساب الجامعة العربية ..

وكأنني آكل في منزل أبيها ” منتهى الإنحطاط” و تنسى أنها هي ورئيسها يتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة من أموال المجموعة العربية المهزومة و المطحونة والمهانة بفضل وجود أمثالهم في بيت العرب ..

نعم هم يأكلون من أموال المجموعة الوطنية العربية طوال الوقت فيما نأكل من عرق جبيننا وندفع لبلادنا لكي تساهم في بيت العرب .. و مع ذلك تركنا لها الطاولة بما فيها ربما تشبعها ..
كلمة أخيرة .. العبد الفقير إلى مولاه و الغني عن أمثال هذا المسؤول متأكد من أنه لا يخاف حاليا لأنه قد يتصور أنه آمن العقاب .. لكن عليه أن يرتعد فرقا من محكمة التاريخ فإنها لا ترحم و من قاضي السماء الذي جعل لشهدائنا من الذرية الصالحة منزلة لا يدركها إلا من يحترم تضحيتهم و لا يحولهم إلى مسخرة
و ليعلم القاصي و الداني أن غضب كاتب السطور السبب الأساسي فيه أنه من عائلة و بلاد قدمت شهداء قطرة واحدة من دمائهم أغلى من جيش من المسئولين القابعين في مكاتبهم ممن لم يقدموا للوطن الكبير سوى الكلام و النكات والملح السخيفة

ملحوظة :
تأخر هذا المقال بسبب تلاحق الأحداث المؤسفة عربيا .. رغم أن تاريخ أحداثه يعود إلى زمن أعمال القمة العربية في الشهر الماضي .. فإنتظرنا أن تضع القمم العربية أوزارها