خندق الوطن

01:04 مساءً السبت 21 سبتمبر 2019
جلال نصار

جلال نصار

رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلي (سابقا)، مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أعربت فى أكثر من مقال وبوست أننى أنتمى لمدرسة تؤمن بالإصلاح وأنه عملية مطلوبة ومستمرة أمس واليوم وغدا وذلك لكى لا يعتبر البعض تلك السطور مزايدة على أحد كما أننى لا أقبل المزايدة فى ما يخص قضايا الوطن…

galalإننى أستغرب مواقف البعض الذين اصبحت تجارتهم هموم وقضايا الوطن وظهورهم الموسمى وأنشطتهم التى ترتبط فقط بالأزمات الحادة وتدعو لإسقاط النظام وكانهم يجتمعون تحت نفير عام يصب فى صالح الجماعة الإرهابية وأخواتها الذين يتربصون ويتحينون اللحظة التى يعودون فيها لمنصات الحكم والتحكم والتسلط والتمييز والقتل على الهوية… وببساطة لأن كل من يدعو لإسقاط النظام مجددا لا يملك رؤية للبناء بعد الهدم والإسقاط ويدرك من داخله المستفيد من هذا السقوط الآن…
فمنذ 30 يونيو 2013 مرورا ب 3 يوليو و26 يوليو من نفس العام يحاول الإخوان وذيولهم من الجماعات المسلحة والميليشيات هدم كل مؤسسات الدولة المصرية وتعطيلها بهدف إفشال كل ما ترتب على ثورة 30 يونيو وإستعادة الحكم وإخراج قياداتهم من السجون وذلك بالتعاون مع دول وجماعات تعادى هذا الوطن سرا وعلانية…
وكى يظل لرؤوس قياداتهم ثمن يتم التفاوض عليه لايجاد تسوية ما وتركيع الدولة؛ حافظ التنظيم على تسخين الأجواء وركوب الأحداث والأزمات وحالات الغضب والضيق أحيانا خاصة أن هناك من يحترف من داخل الدولة خلق مساحات غضب وكأنها مقصودة للتخديم على فكرة تسخين الأجواء…
وأستغل الإخوان مساحات الفراغ فى آداء مؤسسات القوة الناعمة المصرية إعلاميا ودينيا وثقافيا التى تم تغييبها عن قصد بعد أن تم شيطنة مهنة الصحافة والإعلام المصرى وجعلها سببا لإنهيار الدولة المصرية وتم تشويه كل مؤسساتها ورموزها وتحييد وإقصاء كل المهنيين وإستبدالهم بعواجير الفرح والفكر ومعدومى المهنية والفكر فخلت الساحة للأخوان وأفتقد المجتمع أهم شروط المناعة والتحصين الا وهو المناخ الذى يتنفس فيه فكريا ويعبر عن نفسه وعن تعدده وإختلافه وثراءه…
استمرت محاولات الأخوان مرة بالعنف والتفجير ودعم جماعات الإرهاب داخل مصر وعلى حدودها وضغوط من لندن وواشنطن وبرلين وعدد من العواصم التى كانت تضغط على فترات لقبول عودتهم للساحة السياسية مجددا ومرات بمبادرات من خارج مصر وداخلها للتصالح والترويج لمراجعات وانشقاقات داخل صفوف الجماعة لكن كل هذا قوبل بالرفض من النظام المصرى ومن الشعب قبل النظام؛ حيث حجز الأخوان لهم مكانا بين أعداء الوطن كما يحلو لى أن أرددها دائما: ما بيننا وبين إسرائيل دم وما بيننا وما بين الأخوان دم….
يدرك الأخوان ومن يتعاطف معهم أنه إلى جانب الرفض الشعبى لهم فإن الجيش الوطنى المصرى هو الذى يقف عقبة دائمة وتاريخية لهم تحول دون ابتلاعهم لهذا البلد وتصدر المشهد المصرى والإقليميى كما كان مخططا له فى ما أطلق عليه “الربيع العربى”؛ حيث كان مخططا لمكتب إرشاد القاهرة أن يتحكم فى إيقاع المشهد المصرى والفلسطينى والأردنى والتونسى والليبى والسودانى والمغربى والجزائرى والسورى واليمنى وعدد من دول الخليج وكان هذا الأمر يلقى ترحيبا كبيرا من العواصم الغربية التى ذكرناها خاصة أن الجماعة تتميز بالنسبة لهم بعقل برجماتى قادر على إستيعاب والتفاعل مع كل المشروعات الإقليمية ووجودها على رأس الحكم يمنح مبررا قانونيا وأخلاقيا لإعلان إسرائيل دولة يهودية خالصة…
ومؤخرا وبعد وفاة المعزول محمد مرسى وبدا شبح النهاية على قيادات التنظيم داخل السجون وعدم جدوى التفجيرات التى استهدفت مستشفى الأورام ورفض الدولة أو تجاهلها مبادرة الإفراج عن مبادرة شباب الجماعة داخل السجون جاء طوق النجاة من وجهة نظر الجماعة من خلال استهداف العقبة أمام عودة الجماعة والإفراج عن قياداتها وشبابها من خلا تخطيط محكم تستغل فيه عناصر ومؤسسات وأسماء ورموزا واستغلال تأثير وانتشار السوشيال ميديا وحالة الفراغ الموجودة إعلاميا مع بعض أوجه القصور والفساد وحالة الغلاء والضيق فكان الدفع فى اتجاه أو التقاط المقاول الهارب ومن هم على شاكلته من كل صوب وركوب الترند على وسائل التواصل…
ركب الأخوان الترند وخصصوا برامج لما يبث من فيديوهات هدفها بالأساس كسر هيبة الرئيس والمؤسسة وتدمير وهدم كل جسور الثقة بين المواطن والجيش وقياداته لأنهم يدركون أن الجيش نظام هرمى يقوم على الالتزام والطاعة والهيبة والإحترام وفى حال ضرب كل تلك المقومات تنهار المؤسسة وبالتالى تنهار الدولة وتسقط مجددا بين أيديهم؛ وقد أنضم لهم فى سعيهم هذا كل من له ثأر مع النظام الحالى من أفراد وتيارات ونخب فكرية ونشطاء يجتمعون كالعادة على مائدة الأخوان ظنا منهم أنهم سينالون أى شىء بعد عودة الجماعة…
إن المعارضة الوطنية أمر هام وجزء أساسى من النظام السياسى ونقد الأوضاع ومقاومة الفساد والمطالبة بالشفافية والمحاسبة وإصلاح المؤسسات ورفع سقف الحريات أمر مشروع فى إطار النضال السياسى المشروع؛ لكن أن تعاد الكره لتمهيد الأرض لعودة الأخوان على جثة وأنقاض وأطلال الوطن والجيش والمؤسسات يجعل من المعارض فى خندق لا يمكن أن نصفه بالوطنى أو المناضل…
وللحديث بقية…

القاهرة، 19 سبتمبر 2019

 

ملاحظة المحرر: بإذن من الكاتب، تعيد (آسيا إن) نشر مختارات من أفكار الصحافي والخبير الإعلامي جلال نصَّار، التي يقدمها على صفحته الخاصة في فيسبوك

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات