الديانة الشامانية بين الاندثار والإحياء بالفن والموسيقى

12:19 مساءً الأحد 26 يناير 2020
رضوة خطاب

رضوة خطاب

كاتبة من مصر، تجيد اللغتين الكورية والهندية، وتترجم عنهما

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من المهم للغاية معرفةُ وفهم الآخر الذي يختلف عنا. بالرغم الذى نتعايش معه اليوم ومع كل يوم يأتى لنا بالجديد . وأعتقد عندما نفهم الآخر المختلف عنا من ذلك المنطلق سوف يساعدنا على فهم أنفسنا، وفهم وجدونا. لن نتمكن من فهمكل هذا دون المرور بالآخر المختلف عنا لذلك هيا نتعرف عن تلك الديانة التي دوما كانت متصلة بعالم الأرواح ولكن …..

بالرغم من  أنها أثرت فى شخصية الكوريين  و كانت لها كيان رافضة الأندثار والزوال , وأنتشرت بشكل أخروتتنتشر بين الكوريين بالفن والرقص ليتم أعتبارها كفن فلكورى كورى  يعكس وجه الثقافة حتى الآن . والغريب  فى الأمرالكثير من السياسيون حتى يستشيرون الـمودانغإى الكاهن لديانة الشامانسراً لماذا ؟؟

هيا لنتعرف أكثر عن الديانة الشامانية وتاريخ أنتشارها وكيف أصبحت من دين يعتنق إلى فن ينتشرعلى مسارح العالم.

ما هى الديانة الشامانية  وتاريخ أنتشارها :

موطن الشامانية كانت فى سايبيريا وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى السكانالأصليين للأمريكيتين والذين يبدون من أصول وسط آسيوية للشامانية أيضاًوجود في ديانة الشنتو في اليابان، وممارساتهم متعلقة بشكل رئيسيبالطقوس القروية. وفي الهند الصينية، تهتم ممارسات الشامان بشكل رئيسيبمعالجة المرضى. أما بالنسبة للشامانية في كوريا فهي متعلقة أساساً بعالمالأرواح.

قد ظهرت في كوريا في العصر الحجري، وهي أول ديانة ظهرت في كوريا ,وهي ديانة بدائية ليس لها وتنتشر في حياة الناس اليومية من خلال العاداتوالتقاليد. وهى تعتمد على عالم الأرواح حيث أعتقد الكوريون أن كل شيء فيالوجود له روح و عبدوا من خلالها آلاف الأشياء التي اعتقدوا أنها لها روح، مثلالأشجار والجبال ، إلى جانب الأجرام السماوية. كما اعتقد إنسان العصرالحجري أن روح الإنسان لا تموت أبدا، وعليه كان يتم توجيه رأس جثة الميتنحو جهة الشروق. حيث اعتقد أن الأرواح الطيبة مثل الشمس تجلب الخيروالحظ الطيب، بينما تجلب الأرواح الشريرة الحظ السيئ.

وضع رأس خنزير طقوس لزيادة المال

ويعد معتنق الشامانية ، ويسميها الكوريون ،مودانغ آى الكاهن لتلك الديانة لأنها ديانة غير سماوئية وسيطا للاتصال بعالم الأرواح ، وقادرا على تجنيبالحظ السيئ وشفاء الأمراض وتأمين الانتقال الميمون من هذه الدنيا إلى الآخرة(مراسم الموت الأخيرة تقام بالرقص والغناء).. حيث ترتبط طقوس الموت الشامانية بعالم الأرواح وتتم على مراحل:

أولاً: يتم دعوة أرواح أفراد العائلة بالأغاني . لأنه لابد من تواجد الأرواح عندماتذهب روحٌ جديدة إلى العالم الآخر.

ثانياً: يتم تحرير الروح المغادرة من جميع مالديها من مرارة واستياء. وأخيراًتقوم نساء الشامان بإعادة الانسجام، الذي عكره الموت، إلى المجتمع.

رقص وغناء الشامانية لتتواصل مع أرواح العالم الآخر

الشامان إيضا يعٌرف بأنهم سحرة دينيون للبعض ويقال أنهم لديهم قدرة تغلبالنيران، ويستطيعون إنجاز الأمور عن طريق تلك الجلسات لتحضير الأرواحالتي فيها تغادر أرواحهم أجسامهم إلى عوالم الروح أو تحت الأرض حتىتستمر تيسير أمور الشخص الذى لجئ إليهم وتيسير أموره الدنيوية.

و تتضمن الديانة الشامانية الكورية عبادة الآلاف من الأرواح التي يعتقد أنهاتسكن في جميع الأشياء الموجودة في العالم من صخور وأشجار وجبال وأنهاروأجرام سماوية ، ويعتبر الاعتقاد في أرواح الموتى واحدا من أهم المعتقدات فيالديانة الشامانية ويمكن لمودانغ الكاهن الشامانى التواصل معاهم  ، ويعتقد إيضا أن الشاماني يستطيع حل النزاعات والصراعات الموجودة بين عالمالأموات وعالم الأحياء.

كاهن الشامانية الذى يدعى “موانغ” أثناء قرعه على جرس لنداء الأرواح

وكاهن الشمانية إيضا في الغالب يكونوا من النساء اللائي يشبهن الدجالينفهن ذي قدرات خاصة تتمكن من خلالها الاتصال بعالم الأرواح و عالم الأمواتو من خلالها يستطعن شفاء المرضى و جلب الحظ الجيد وإبعاد الحظ السيئ وكذلك التنبؤ بما هو آت و قراءة الكف وبالرغم من التطور السريع في كوريا لمتختفِ تلك يذهب إليهن بعض الكوريون لقراءة الطالع.

ويؤدي الشامان دوراً رئيساً في الحياة الاجتماعية لدى الكوريين، لما له منقدرات مزعومة على شفاء الأمراض، وطرد الشياطين والأرواح الشريرة،ومحاربة السحر الأسود،.. وبصورة عامة فالشامان يدافع عن الحياة والصحةوالخصب ضد المرض والعقم وسوء الحظ.

ويصبح المرء شاماناً بالاختيار أو بالوراثة، أو بإرادة القبيلة. وتتسم فترة إعدادالشامان بعلامات غاية في الغرابة، إذ يصبح الشاب غريب السلوك، عصبيالمزاج،ويلجأ إلى الغابات، ويتغذى على الأشجار، ويلقي بنفسه في الماءويمشي على النار، ويجرح نفسه بالسكاكين كما لو كان هذا السلوك نفسيا غير سوي ولكن أصبح شاماناً ..يا لها من مفارقة عجيبة ؟؟!! . وإذا لم يحقق الشامانى المرشح لمنصب الشامان في عدم تجاوز تلك المراحل ، فإن الشياطينوالأرواح الشريرة تتمكن منه، ويصبح عرضة للمشكلات الحياتية الروحية منهاوالجسدية.

الموسيقى تحى الشامانية رغم رفض الكثير لها :

حارب ملوك حقبة جوسون تلك الديانة لأنها كانت تساعد على الجهل وإيضا عدم ترقى البلاد وبالنسبة لمملكة جو سونالتي قامت عام 1392، فقد رحبتفقط بالكونفوشيوسية واعتبرتها ايديولوجية الدولة الرسمية، وطورت أنظمةالتعليم والإدارة والمراسم بالديانة الكونفوشيوسية.

ولكن سمح ملوك مملكة جوسون بإحياء من تبقى من تلك الديانة الخرافية البدائية كما أطلق عليها الكثير فى ذلك الوقت , إحياء مظاهرها فقط بالغناء والموسيقية .

وإلي الآن أنها بالنسبة للجيل المعاصر الجديد ، هي مجرد اثر أو جزء أو مكونفني ثقافي بديع ، فالمراسم والاحتفالات والطقوس والشعائر الشامانية فيهاالكثير من العناصر الفنية المسرحية الجمالية الموسيقية الراقصة التي تجتذبالشباب حتى اليوم بالرقصات الساحرة .

فالمراسم والاحتفالات والطقوس والشعائر الشامانية فيها الكثير من العناصرالفنية المسرحية الجمالية الموسيقية الراقصة الساحرة.

كما إن الرقصات والأغانى الشمانية مازلت تقام فى المسارح كعروض فنية وهى جزء لا يتجزء من التراث الكورى القديم .

ويقول مدير المسرح الشاماني لكوريا الجنوبية  : كيم سونكوك  بعد رحلته التى بفرنسا مع فرقته الشامانية التى قامت بعرض على مسرح بودابست الدولى , لقد كانت طقوس الشامان من التقاليد الحية على مدى قرون، ولكن تمتكييفها لتناسب المسرح قبل عقدين من الزمن فقط. موسيقى وأغاني الطقوسيمكن فهمها والشعور بها، حتى وإن صعب على الجمهور فهمها هى دائماكانت بالروح ومتصلة بالروح ” ..

عرض لشامانى بالموسيقى والرقص الفلكورى

الفضحية السياسية التى كانت بسببها الشامانية 2016:

شويسون سيل هي ابنة تشوي تاي مين زعيم الطائفة الشامانية الكوريةالجنوبية ويرجع الفضحية إلى إدعادات تفيد بإن “شوى سون سيل ” هى التى كانت مسؤولة عن سياسة الحكومة الكورية وتصنع معظم القررات الخاصة بإدارة (بارك غيون هى ) رئيسة كوريا الجنوبية آنذاك…

داهمت النيابة العامة المنازل والمكاتب الخاصة بشوي سون سيل” , وقدتلقى وزراء بارك الأوامر بتقديم استقالتهم عقب الفضيحة. ربما طلبت منالنيابة توجيه تهمة تشويه السمعة إلى الصحفية اليابانية تاتسويا كاتو (مديرمكتب سانكي شمبون في سيول) وذلك لكتابتها خبر أفاد أن الرئيسة باركوتشونغ يونهوي التقيا بشوي في اجتماع مدته سبع ساعات عقب كارثةانقلاب العبارة الكورية الجنوبية. واعتباراً من 30 أكتوبر عادت شوي سونسيل إلى كوريا الجنوبية وواجهت التحقيق. وفي يوم 31 أكتوبر، التقتبالمدعون، وعبرت عن ندمها الشديد للمراسلين الصحفيين قائلة: “أرجو أنتسامحوني، أنا آسفة، لقد ارتكبت إثماً يستحق الموت“…

من تلك الفضحية يمكن لنا القول بالفعل الشامانية كان الأفضل لها إن تتواجد فى مظهر فقط فلكورى ثقافى ليس فى موضع يأخذ قرار لدولة متقدمة مثل كوريا الجنوبية …

أثناء استجاوب رئيسة كوريا السابقة (بارك) و رئيسة القبيلة الشامانية فى كوريا الجنوبية (تشوى سون سيل)

ويتقاضي الشامانات مابين 20 إلى 80 دولارا مقابل قراءة الطالع. أما كبارالشامانات فإنهم قد يلجأون إلى الدجل لاستنزاف عملائهم حيث يخبرونهم ومنثم يطلبون منهم أموالا باهظة لإقناع الأرواح بتأجيل الشر والموت عنهم ….

إذا الشامانات بارعات فى تقديم الأستشارات للنجاح و الزواج وإيضا العمل حتى مستقبل البلاد فى إيديهم ومرشحى الأنتخابات سوف يعرفوا النتيجة مسبقاً…. !!

هل تريد الذهاب لهم يوماً حتى لو بدافع الفضول ؟؟ ……

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات