إرنستو كاردينال: صلاة من أجل مارلين مونرو

10:17 صباحًا الثلاثاء 3 مارس 2020
مدونات

مدونات

مساهمات وكتابات المدونين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
الشاعر النيكاراغوي إرنستو كاردينال

الشاعر النيكاراغوي إرنستو كاردينال

بعد وفاته، نشرت المترجمة والكاتبة الفلسطينية غدير أبوسنينه هذه التدوينة علىصفحتها:

توفي منذ ساعات الشاعر النيكاراغوي إرنستو كاردينال عن 95 عاما. انتمى لتيارلاهوتية التحرير فعاقبه الفاتيكان ولم يُسمح له بالعودة إليه إلا قبل أشهر عدة.

هذه مجموعة من قصائده بترجمتي، أشهر قصائده قصيدة صلاة من أجل مارلين مونرو، وبها نقد واضح للرأسمالية

مارلين مونرو

مارلين مونرو

*صلاة من أجل مارلين مونرو

إلهي

تقبّل هذه السّيّدة المعروفة باسم مارلين مونرو في كل بقاع الأرض

على الرغم من أنّ هذا ليس اسمها

(أنت وحدك من يعرف اسمها الحقيقي، اسم اليتيمة المُغتصبة في سن التاسعة،  وخادمة المتجر الصّغيرة ذات الستة عشر ربيعاً حيث أرادواقتلها)

ها هي الآن بين يديك

دون مكياج

دون وكلاء

أو صحفيين أو تواقيع للذكرى

فقط كرائدةِ فضاء في ليلك الفسيح.

( على ذمَة التايمز)، كانت قد حلمت في طفولتها

أنها تقف عاريةً في كنيسةٍ

أمام حشدٍ من النّاس الساجدين

كان عليها أن تسير على أصابع قدميها كي لا تدوسهم.

أنت تعرف أحلامنا أفضل مما يعرفها علماء النفس

كنيسةٌ، بيتٌ، قبوٌ

يعني أن يظلَّ الرّحمُ في مأمن

ويعني أيضاً أكثر من ذلك

الكنيسة هي المعجبين، هذا واضح

(عجينةُ الرؤوسِ في العتمةِ تحت خيطِ الضوء).

لكن المعبد ليس أستديوهات 20 سينتشاري فوكس

المعبد الرُّخاميُّ الذَّهبي، هو معبد جسدك

حيث يوجد ابن الإنسان والسَّوطُ في يَدِهِ

يَطردُ العاملينَ في المحطَّةِ

الذين جعلوا من بيت عبادتِكَ قبواً للصوص.

إلهي

في هذا العالم الملوَّثِ بالخطايا والإشعاعات

لن تحاسب عاملة في متجرٍ

حلُمت كغيرها أن تُصبح نجمة سينما.

وصار الحُلُمُ حقيقةً (لكنّها شبيهةٌ بالأفلام المُلوَّنة)

لم تفعل شيئاً غير أنّها أدَّت الدَّور الذي أعطيناها إياه

ـ مشهدُ حياتناـ الذي كان مشهداً صامتاً.

اغفر لها يا إلهي ولنا

لقرننا العشرين

لتكلفة الإنتاج المرتفعة التي عملنا من أجلها جميعاً

كان لديها جوع للحب ولم نمنحها سوى مُهدِّئات

كما أوصى الأطباء النفسيون

طالما أننا لسنا قديسين

تذكَّر أيُّها الرَّب خوفها الزّائد أمام الكاميرا

وكُرهها للمكياج ـ مع الإصرار على تزيينها عند كلِّ مشهدـ

وبما أن الرّعب ازداد

ازداد حتماً تأخرها عن الوصول للاستديو.

كأيِّ عاملةٍ في متجرٍ

حلُمت أن تُصبح يوماً نجمةً في السينما

كانت حياتها وهماً كحُلُمٍ فسَّرهُ طبيب نفسي وحفظه في أرشيفه.

حياتها العاطفيّة:

كانت مجرَّدَ قبلةٍ بعيون مغمضةٍ

بمُجرَّد أن تفتحهما

تكتشفُ أنَّها تحت الأضواء الكاشفةِ

ثم تنطفئ  هذه الأضواء!

وتنفكُّ عن جدران الغرفة (كانت لقطة سينمائيَّةً وحسب)

بينما يبتعد المخرج مع لوحه

لأن المشهد انتهى تصويره.

أو

كرحلةٍ في قاربٍ،

قُبلةٍ في سنغافورة،

رقصة في ريو دي جانيرو،

حفل استقبال في قصر دوق أو دوقة وندسور،

كلها مشاهد مرئية في صالون شقتها البائسة.

وينتهى الفيلم دون القبلة الأخيرة.

وجدوها ميَّتة في سريرها والهاتف في يدها

لم يعرف المُحقِّقون مع من أرادت أن تتحدث

كأنَّ شخصاً طلب رقم صديقه الوحيد

ولم يُسمع سوى صوت المُسجِّل يقول:

الرٌّقم المطلوب غير موجود

أو كأنَّ عصابة  جرحت يدها لتبعدها عن الهاتف المقطوع

إلهي

أيًّا يكُن الشَّخص الذي كادت أن تُحادثهُ

ولم تفعل (لربما لم يكن له وجودٌ، أو كانً اسما غير مُسجَّلٍ في دليل لوس أنجلس)

أنت يا رب

رُدَّ على الهاتف.

*كزجاجاتِ جعةٍ فارغةٍ

كانت أيامي:

كزجاجاتِ جعةٍ فارغةٍ وأعقابِ سجائرَ مطفأةٍ

كصورٍ تمرُّ من شاشةِ التلفاز وتختفي،

كسيّاراتٍ تنهب الطريق نهباً

مع ضحكات نساء وموسيقى مذياع..

تمضي السَّعادة بسرعة،

مثل موديلات السيارات وأغاني الراديو الشبابية.

لم يتبق شيءٌ من تلك الأيام، لا شيء،

سوى زجاجاتِ جعةٍ فارغةٍ وأعقاب سجائر،

ضحكاتٍ في صورٍ ذابلة، تذاكرَ ممزَّقةٍ،

وغبارٍ كنسوه من البار

صباحاً.

*هذا سيكون انتقامي

هذا سيكون انتقامي:

أن يصل إلى يديكِ يوماً

ديوانُ شاعرٍ مشهورٍ

فتقرئين هذه الكلمات التي أهداها الشاعر إليكِ

دون أن تعرفي ذلك.

*قصيدة هجائية

عندما أفقدك، يكون كلانا خاسراً:

سأخسر لأنك  أكثر امرأة أحببتها

وستخسرين لأنني الرجل الذي أحَبَّك أكثر.

لكن من بين كلينا، فأنت الخاسرة الأكبر:

إذ بإمكاني أن أحب امرأة أخرى تماما كما أحببتكِ

لكن أحدا لن يحبَّكِ كما أحببتكِ.

*كان يمشي على قدميه في هذه الشوارع

كان يعبرُ الشارعَ  ماشياً على قدميه

دون عملٍ، دون نقود.

الشعراء والعاهرات والمذنبون فقط

قرأؤوا قصائده.

لم يُهاجر يوماً

كان معتقلاً.

هو ميت الآن

ليس له أيُّ أثر

لكن

تذكَّروه عندما تبنون جسورا خرسانية،

مُحرِّكاتٍ ضخمةٍ، جرَّارات، ومخازن فضَّة،

حكوماتٍ جيدة.

لأنَّه طَهَّر في قصائدهِ لغة قومهِ،

التي سيكتبون بها يوما عُقود التِّجارة،

الدستور، رسائل الحب،

والقرارات.

*المزمور الخامس (أصغ لكلماتي يا رب)

لكلماتي أصغِ يا رب

أنصت لآهاتي

اسمع احتجاجي

لأنك أنت لست إلهاً يُصادق الطُّغاة

ولا يؤيَّد سياستهم

ولا يتأثَّرُ بإعلامهم

ولست شريكاً للعصابات.

لأنَّه ليس في خُطبهم ولا تصريحاتهم الصحفية

صدق

يتحدَّثون عن السَّلام في خُطبهم

بينما يُشعلون الحروب

يتحدَّثون عن السَّلام في مؤتمرات السلام

وسرَّا يستعدُّون للحروب.

راديوهاتهم الكاذبة

تهدر طوال الليل

مكاتبهم ملأى بالخطط الإجرامية

والمؤامرات الكارثية

لكنك أنقذتني من حِيَلِهم

يتحدَّثون بأفواه بنادق

ألسنتهم حرابٌ لامعة

عاقبهم يا رب

أَحبط سياستهم

شَوَّش مذكراتهم

امنع برامجهم

وعندما تعلو صفارات الإنذار

ستكون معي

ستكون ملجأي يوم انفجار القنبلة

الذي لا يؤمن بأكاذيبهم في إعلاناتهم التجارية

وحملاتهم الدعائية

ولا يصدق تصريحاتهم السياسية

أنت من سيباركه

وسيكون حُبك الذي تحيطه به

دبابته المدرَّعة.

*المزمور التاسع

أُحدِّث بعجائبك أيها الرَّب

أرنِّم بمزاميرك

لأن قواتهم المسلحة هُزِمت

سقط أصحاب النفوذ من السلطة

أُزِيلَت صورهم وتماثيلهم

ولوحاتهم البرونزية

محوتَ أسماءهم إلى الأبد

فلم تعد تظهر في يومياتهم

ولن يعرفهم سوى المؤرخين

نزعوا أسماءهم من الميادين والشوارع

(التي وضعوها هم بأنفسهم)

ها قد هَدَمتَ أوطانهم

لكنك تحتفظ بحكومتك الخالدة

حكومة العدل

كي تحكم حكومات الأرض

وجميعَ الشُّعوب.

أنت نصير المستضعفين.

لأنك تذكَّرت قاتليهم

ولم تنس صراخهم.

أنظر إليَّ يا رب وأنا في معسكر الاعتقال

اقطع الأسلاك الشائكة

أخرجني من أبواب الموت

كي أُنشد لك المزامير

وأحتفل باليوم السابع في أبواب صهيون

سَتَهزِمُهُم أسلحتهم

وتُصَفِّيهم شرطتهم

فكما قضوا على غيرهم

سيقضون عليهم.

سيُخرِّب الرَّب كل تكتيكاتهم

وسيُحنَّطون في أضرحتهم

قُم يا رب

لا تُقِم للرجل الموشَّح بالأوسمة قائمة

لأنّه لا يمكن أن ننسى دوماً المُهمَّشين

أمل المساكين لن يخيب دوماً

آه يا رب

سلّط عليهم رُعباً

ليعلموا أنهم بشرٌ وليسوا آلهة

إلى متى يا رب ستبقى مُختبِأً ؟

يقول الملحدون أنك لست موجوداً،

إلى متى سينتصر الطُّغاة؟

إلى متى ستتحدث مذياعاتهم؟

إنهم يحتفلون كل ليلةٍ

ونحن نراقب أضواء احتفالاتهم

هم في أعيادهم

ونحن في سجوننا

بالنسبة لهم فإن الرَّب كلمةٌ مُجرَّدةٌ

والعدالةُ شعار!

تصريحاتهم الصحفية كذبٌ وخداع

كلماتهم أسلحةٌ دعائيَّة

أداةٌ للقمعِ

شبكات تجسُّسهم تُحيط بنا

بنادقهم مُصوَّبةٌ نحونا

قم يا رب

لا تنس المُستضعفين

فهم يعتقدون أن الطَّاغيةَ بلا عقاب

أنت تراه

لأنك ترى سُجوننا

بك يثق المُضطهدون

وبك يتعلَّق الأيتام

أبناءُ قتلانا

حطم يا رب حرسه الخاص

ومحاكمه العسكرية

لتُبدِّد قُوَّتهُ العسكريَّة

لأنك أنت من يحكم لقرون أبدية

ومن يستمع لدعاء المُعذَّبين

وبكاء اليتامى

ويدافع عن المحرومين

والمُستَغَلِّين

كي لا يتجبَّر أصحاب السلطة

الأعلون.

المترجمة والكاتبة غدير ابوسنينه

المترجمة والكاتبة غدير ابوسنينه

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات