الدكتور يوسف زيدان, روائي وباحث ومفكر, له إنجازات عديدة أيضا فى مجال جمع و ترجمة المخطوطات و دراساته حول الفلسفة و التصوف و علم الكلام بالاضافة إلى العمل الروائي.
هناك مقولة بأن الشاعر عادة يبدأ مرحلته الابداعية في سن الشباب و الروائي ما بعد الأربعين .. فكيف تنطبق هذه المقولة على يوسف زيدان؟
هذه المقولة غير دقيقة جدا فقد عرفنا فى الشعر العربى القديم, نوابغ مثل النابغة الذبيانى و النابغة الشبيانى, و كلمة نابغة نفسها تعنى أن يكتب شخص ما الشعر و قد تقدم به السن, أى أنهم لم يكونوا قبل ذلك شعراء. و لكننى قلت سابقا أن الروائي يحتاج أن يتأخر قليلا حتى تكتمل له أدوات التأليف و المعرفة الواسعة التى تتطلبها الرواية و لكن ليس لها سن محدد.
بالطبع, فالفلسفة نفسها لها تاريخ, و الفلسفة هي حب الحكمة و لا يمكن أن تكتمل هذه الحكمة إذا أهملنا الجانب التاريخى. هذا يعنى أن بالتأكيد كل منهم يكمل الأخر.
لأن هذه الحقبة بالذات من التاريخ المصرى فترة منسية و يجب ان تتوجه إليها الأنظار. وكل ما أسعى إليه هو تأسيس معرفة عميقة بالذات والتاريخ عن طريق الإبداع. تلك الفترة عانت من مشاكل عديدة مثل البطش بالضعفاء و الاغراق فى الجهل و الدليل على ذلك مقتل هيباتيا العالمة, و قتل الأخرين كل ذلك خلف ستار الدين.
ميكانزمات و تقنيات العنف الدينى واحدة و هذا أكبر وجه تشابه بين الفترتين, رغم وجودها بنفس الشكل فى عصور مختلفة. و كما قلت من قبل الرواية ليست ضد المسيحية، بل هي ضد العنف وضد الزعم بأن البابا ينطق باسم الرب فالتحدث باسم الإله هو بداية تفجر المذابح والعنف وظهور المناخ الملائم للمتشددين في الدين الذين ينشرون الخراب والدمار.
التصوف أثر فى أشياء كثيرة مثل, طريقة الكتابة أو فى رؤية العالم أو فى طريقة الحياة بشكل عام, على المستوى الأدبى أو من خلال المجتمع. الصوفية لا تجعلني خائفا بل تشجعني على الثورة على الخوف, الموروث الصوفي في أسلوبي حاضر سواء شئت أو أبيت بحكم طول الملازمة.
ماريا و هيبا كل منهما نقيض الأخر, فالراهب هيبا فيلسوف, يعرف عدة لغات, عاصر الكثير فى حياته, أما ماريا هى على العكس تماما منه. فكان ذلك بمثابة تحديا إبداعيا.
رغم أن الكتابة التاريخية لم تكن بداياتى, فأول كتاب قمت بكتابته كان مقدمة فى التصوف, و كنت طالبا بالسنة الرابعة فى الجامعة. إلا أن فى الأدب بشكل عام تأثرت بكتابات إبن سينا و الأرجنتينى خورخى لويس بورخيس.
ليس من الممكن فصل الدين عن السياسة كما ينادى البعض فيما اشتهر باسم «العلمانية» التى كانت تشير فى اليهودية إلى اليهودى غير المتدين الذى يظل رغم عدم تدينه يهودياً لكونه مولوداً من أم يهودية، وتعبر فى المسيحية عن الاتجاه المعنى بالعمل فى العالم لا بالخدمة الكنسية ومن دون إدانة للعلمانى المسيحى، وصارت تعنى لدى المسلمين مرادفاً للإلحاد والكفر والزندقة. وهناك عدة أمثلة للدول التى قامت على أساس دينى بحت مثل إسرائيل و محاولتهم لأخذ أرض فلسطين, مرجعه فى الأصل دينى, و كذلك فتوحات المسلمين و غيرها.
القداسة هى فى الأصل فعل إجتماعى, فلا يوجد شئ مقدس فى ذاته إنما يوجد شئ تقدسه الجماعة, بمعنى أنه لا يوجد شئ فى داخله قداسة لذلك فالفعل التقديس هو فعل إجتماعى. وما جوهر القداسة إلا إيغال فى التبجيل، فهى أقصى درجات الاحترام والإعلاء .. وهى غير الإيمان ! فالإيمان فى أساسه دينى، يقوم على الغيب، والعقل عقال له. أما التقديس فأساسه تأملي، يقوم على التحقق من عمق ورفعة المقدس. ومن هنا يقال مثلا أن العمل مقدس والزواج مقدس وهذا البناء أو الحجر مقدس و هذا ليس رأيى, فهذا فى البداية رأى عالم الاجتماع دوركايم, عالم الاجتماع الفرنسى الشهير.
هذا تخلف من هذه الجماعات التى مازالت تحتفظ بنفس النظرة البدائية للمرأة. الأصل في تحويل الأنثى من ألهة مقدسة إلى كائن أدنى مدنس تعود جذوره إلى اليهودية التي نشأت بين حضارتين من أكثر الحضارات تقديسا وإحتراما للأنثى؛ المصرية القديمة وحضارة بلاد ما بين النهريين. قلت من قبل أن مناصرة الأنثى فعل إنسانى، لأن الإنسانية مفهوم جامع بين الأنوثة والذكورة، وأى تصورات تحتقر الأنثى أو تُقلل من مكانتها هى بالضرورة تُحقر من الإنسانية، وكذلك محاولة الاستعلاء بالذات حتى وإن جاءت من جانب المرأة.
لا هذا عادة يحصل مع كل كتاب جديد يصدر لى, مع بداية صدوره يكون هناك نوع من التوجس منها و لكن بمرور الوقت يبدأ الناس فى قرائتها بتمعن أكثر. فمحال رغم كونها رواية معاصرة إلا أن بها مسحة من التراث، أهم دوافعى لكتابتها هو الاعتناء باللغة و النزعة الإنسانية .
بالطبع فمحال أصلا ثلاثية و الجزء التالى هو “جوانتانامو”, و أنا حاليا أكمل “السباعيات” و هى مجموعة من المقالات لتكون فى كتاب. و بعد ذلك سأكمل الثلاثية.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
Mahmoud Abdelwahed
28 أغسطس, 2018 at 10:59 ص
اننى ارى ان الدكتور يوسف زيدان ليديه من الذكاء الوافر فى الربط بين العصور القديمه والحاضر دون الدخول فى مشاحنات مع الانظمه او الديانات مباشرة وهذا يدل على مدى المعرفه لفنون الكتابه والثقافه العاليه لديه وانا استمتع بكل كتاباته وطريقة تطرقه للموضوعات التى يتحدث فيها – حفظه الله ممن يدعون الوطنيه والتدين