إن فى مصر قضاة

10:43 صباحًا الأربعاء 12 ديسمبر 2012
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

إن فى مصر قضاة كلمة قالها زعماء ثورة 1919 و علمها لى أبى الذى كان رجل قانون رحمه الله رحمة واسعة ؛ و رددها خالد الذكر عطر السيرة الزعيم ” جمال عبد الناصر ” عندما أصدر القضاء المصرى حكما ضده عندما كان رئيسا للجمهورية ؛ فى وطنى العظيم مصر كنا دائما فخورين بمؤسستنا القضائية الجليلة الشامخة ذات التاريخ العريق و التى ربما شهدت بعض الهنات أو الزلات أو الضعف لكنها دائما ما كانت قوية تسترد عافيتها بسرعة و دائما ما كانت أقل مؤسسات الدولة إنحرافا وكانت دائما تطهّر نفسها بنفسها لكى تحافظ على طهارتها و إستقلاليتها .. أليس القاضى ظل الله فى الأرض ؟ أليس هو الذى يحيى و يميت بسلطان من الله سبحانه وتعالى هكذا علمنى أيضا عمّي رحمه الله حينما كان قاضى جنايات ؛ ومن عائلتى الحافلة برجال القانون عرفت قصة القاضى العظيم الذى كان يرأس “محكمة جزئية فى صعيد مصر ” و أرسل إليه وزير العدل الذى حضر إحدى جلساته خطابا يثنى فيه على أدائه .. ؛ و عندما إطلع القاضى العظيم عليه و ضع خطاب وزير العدل بمظروفه داخل مظروف آخر و معه خطاب صغير منه يحتوي على عبارة واحدة موجهة للوزير يقول فيها ” إنى أرد عليك خطابك فمن يملك المدح يملك الذم و أنت لا تملك هذا ولا ذاك ” .. هكذا تعلمنا كابرا عن كابر أن قضائنا شامخ عظيم مستقل يعلو ولا يعلى عليه إلا الله و حساب القاضى معه سبحانه يوم الدينونة .

لم يصدق المصريون أنفسهم و أجفلوا جميعا من عمق الطعنة النجلاء التى و جهها الرئيس / محمد مرسى العياط للقضاء المصرى فى السويداء ليغتال إستقلاليته و يتغوّل عليه بقرار غير شرعي ناجم عن إصداره إعلان دستوري غيرشرعي ترتّب عليه أيضا عزل النائب العام الشرعي المستشار / عبد المجيد محمود ليعين مكانه آخر ؛ و فى سابقة تاريخية ستسجّل فى أنصع صفحات التاريخ يحكم المستشار الجليل / محمود حمزة بإخلاء سبيل متّهم فى أحد القضايا و عدم قبول الدعوى لأن وكيل النائب العام المدعي جاء تمثيله غير صحيح لأنه يمثل نائب عام غير شرعي ..جرى تعيينه من رئيس الجمهورية بقرار غير شرعي ..الذى إستند إلى إعلان دستوري غير شرعي ؛ تم الإفراج عن المتهم و رفضت القضية .. لتبدأ مصر مرحلة إرتباك قانونى لأن القضاء المصري العادل لن يستند فى أحكامه إلا إلى صحيح القانون الذي لا يمكن أن يأتي عبر إعلان دستوري باطل ؛ أو محاولة تمرير دستور باطل يعتمد على المغالبة لا التوافق بما يتناسب مع الرئيس / محمد مرسي و الجماعة التى ينتمي لها إيديولجيا هي و حلفائها و هو ما يفقده الشرعية حسب أراء بعض المتخصصين و التّي أصبح مطعونا عليها منذ حنثه باليمين الدستورية التّي أقسمها أمام أعضاء المحكمة الدستورية العليا التي عصف بها أيضا و نال من إستقلاليتها
يبقى تساؤل هل هناك فيم كتبناه وجه مشرق إن لم يكن وجوه ؟ نعم هناك … يقول المولى عز و جل فى محكم تنزيله ” إن مع العسر يسرا .. إن مع العسر يسرا ” … يكفى أعزّائي القراء أن تعلموا أن المستشار الجليل ” محمود حمزة ” كان أحد أشرس المدافعين عن إستقلال القضاء ضد طغيان مبارك مثلما إتضح إنه لم يبدل موقفه فى مواجهة فاشية ” محمد مرسي العياط ” الذى كشّر عن أنيابه أكثر من سلفه ؛ صمد المستشار الجليل ” محمود حمزة ” لإعتداء الشرطة عليه بمنتهى العنف فى عهد مبارك ؛ وها هو يصدر حكمه التاريخي و لم يخش بطش مرسي ولا ميليشياته .. فقط أشعر بالإلم و غصة فى الحلق عندما أرى مواقف نائب الرئيس “المشكوك فى شرعيته” المستشار ” محمود مكى ” و هو يتحدث بمنطق قانون الغاب قائلا ” البقاء للأقوى ” و كان بالأمس فى عهد مبارك يقول أنه ينافح عن إستقلال القضاء .. تماما كالمستشار الجليل ” محمود حمزة ” الذى صدق ما عاهد الله و شعب بلاده عليه ” فظل فى عهد “مرسي” كما كان فى عهد ” مبارك ” و لم يبدل تبديلا كما فعل غيره
يسقط كثيرون من الأعين و يلفظهم الوطن خلال رحلتهم الأخيرة إلى مكان يستحقونه من التاريخ ؛ مثلما يبقى منقوشا فى قلب الوطن و ذاكرته أمثال المستشار الجليل ” محمود حمزة ” الذى نضعه تاجا على رؤوسنا و نفخر بأنّنا أشقائه فى الوطن نلوذ برجال مثله عند الشدائد يحرسون حصن العدالة منهم “من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ” ..

المستشار محمود حمزة الذى ضربه ضباط الشرطة بالاحذية فى وجهه عام 2006 فى فض اعتصام القضاة ..ها هو يصدر الحكم الشريف / حكمت محكمة جنح الازبكية برئاسة المستشار محمود حمزة حكما تاريخيا في القضية رقم١٢٢٩٩/٢٠١٢ يقضي باخلاء سبيل المتهم سامح عبده عبدالمولي وعدم قبول الدعوي لان وكيل النيابة المدعي جري تمثيله في القضية تمثيلا غير صحيحا لانه يمثل نائب عام غير شرعي جري تعيينه من رئيس الجمهورية بقرار غير شرعي الذي استند الي اعلان دستوري غير شرعي٠ تم الافراج عن المتهم ورفضت القضية٠ هكذا دخلنا الي مرحلة الارتباك القانوني وهكذا ستكون احكام قضاءنا العادل واللذي لن يستند في احكامه الا الي صحيح القانون٠ هل رايتم ماذا فعل فينا الاعلان الدستوري الباطل !!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات