ملعون أبوها سياسة

05:10 مساءً الأربعاء 12 ديسمبر 2012
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

السياسة أم البنى آدم؟

السؤال سهل، والإجابة سهلة.. قال لك البنى آدم طبعاً، لكن تنزل لأرض الواقع لتكتشف أنها السياسة طبعاً، وأن الكل يريدها سياسة وليذهب البنى آدم فى أى ركن.

البنى آدم الذى لا هم له إلا قوت يومه، وتشغيل عياله، وجواز بناته، وفلوس الدكاترة، الذين يذهب إليهم حين يمرض، وفيروس سى الذى يعانى منه، والمواصلات التى (يدّعك) فيها يومياً، وقرف العيشة واللى عايشينها، ينظر لكل ما يحدث وهو يشعر بغثيان حقيقى، فى الوقت الذى قد يخسر فيه الجميع بعضهم بسبب السياسة، قبل أن يخسروا أرواحهم نفسها.. يبقى ملعون أبوها سياسة يا أخى.

أمس كنت أحاول أن أتوسط للصلح بين أحد الأصدقاء ووالده بسبب اختلاف سياسى شديد بينهما، جعل الابن يقرر مقاطعة أبيه؛ لأنه نشر على الفيس بوك موقفاً شمّت فيه أصدقاءه من الثوار، وفى وسط كل الرسائل المتبادلة بينى وبينه جاء صديق قديم له ميول إسلامية لكى يتهمنى أننى أكتب ما أكتب رداً لجميل هذا وذاك، وعلى الفور قلت له شكراً، ثم (بلوك)، وإن كنت لا أعرف لماذا لا يوجد بلوك من الحياة بدلاً من وجوده فى فيس بوك وتويتر فقط.

ينسى الجميع العيش والملح، والذكريات الجميلة، والشرف والأخلاق، ووقفة الميدان، واتصالات لا تنقطع، ومجاملات اجتماعية تجعلهم بمثابة الإخوة وليس الأصدقاء بسبب موقف سياسى مختلف.. ملعون أبوها سياسة.

قبل عدة أيام كنت متأثراً بمشهد القتلى عند الاتحادية.. كتبت منفعلاً أن كل من يظل على تأييده لمرسى بعد هذه الدماء، وكل من يبرر لها بأى شىء غير مسئوليته عنها هو جاهل أو حقير. هل كنت متجاوزاً أو مندفعاً أو أحمق؟.. يجوز، لكن جاءنى الرد من أحد الإسلاميين الذى سعى لمعرفتى يوماً: «إنت اللى حقير، وغور فى داهية ومش عايز أعرفك».. بلوك!!

بعد أحداث الاتحادية بيومين كلمنى صديقى الذى أكلت معه «عيش وملح»، والذى دخلت بيته ودخل بيتى وأعرفه عن ظهر قلب وحكى لى شهادته التى جعلته وسط الإخوان لظروف عمله، ليحكى لى مصائب وكوارث عن الشيخ علاء وعن الاعتداء على البنات، وعن إجرام حقيقى. لم أشك لحظة فى صدقه، لكن أصبحت أشك فى صديقى الإخوانى الذى دخلت بيته ودخل بيتى وأكلت معه «عيش وملح» وهل إذا كنت أحد (غنائمه) سيسحلنى ويعذبنى أم لا، لا سيما مع حالة التبرير الغريبة التى يرددها الإخوان لما حدث، وكأننى فى الجنة إذ جاءنى الجواب باتصال صديقى هذا من السعودية ليؤكد لى: «إننا أصحاب يا محمد، وأوعى اللى حصل يفرق بيننا، بس إنت ما شفتش اللى حصل، وأهلى من الإخوان جميعاً كانوا هناك وعندهم شهادات أفظع مما كتبته».

حكى لى صديقى عن تآمر من الحرس الجمهورى على الرئيس، وعن مؤامرة حقيقية للإطاحة به، ولم يدافع عن النزول بل هاجم نزول الإخوان بشدة وقال إنه قمة الخطأ والغباء.

صديقى ابن أحد أكبر قيادات الإخوان الراحلين قال إنه اعتزل الحديث فى السياسة لظروف شخصية لكنه لم يطق خسارتى.. قشعرت.. دمعت عيناى.. وفى اليوم التالى قرر صديقى أن يخرج عن صمته، فهاجم المعارضة بضراوة وقال إنهم هم الخرفان حيث ينتظرون تويتة البرادعى ليحددوا موقفهم!!!.. يبقى ملعون أبوها سياسة.

قبل أن أسلم المقال استمعت لمداخلة من المحامى والناشط الحقوقى، مالك عدلى، أكد فيها أن الرصاص الموجود فى أجساد شهداء الاتحادية طابق -وفق كلام الطب الشرعى- المقذوفات التى كانت فى الأسلحة التى تم العثور عليها مع أربعة لم يتم الإفراج عنهم من النيابة.. وينتمون لحزب الحرية والعدالة نفسه!!!!!!!

ملعون أبوها سياسة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات