الروائي الطبيب الدكتور غسان العميري يروي الحكاية الواقعية والمشرط بيده

09:19 صباحًا الأربعاء 18 نوفمبر 2020
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

 

| بيروت- من اسماعيل فقيه |

| بيروت- من اسماعيل فقيه |

الطبيب الدكتور غسان العميري كاتب رواية، استطاع من خلالها قول تفاصيل دقيقة في حياة الانسان، وهو طبيب مُعالج للانسان، ويمارس مهنة الطب منذ سنوات كثيرة. واستطاع ان يوازي بين مهنته كطبيب وبين الكتابة التي يعتبرها مساره الاهم في معالجة قضايا وحياة الانسان. انه طبيب يداوي الانسان، وتكاد تكون الرواية التي يكتبها مهنته الأهم. وفي الطب هو الأقدر كما في اللغة والقول والقص. يروي الحكاية الواقعية . أصدر عدة روايات وكانت باكورته «المفاتيح» بمثابة المفتاح الذي فتح به الباب ليدخل الى عالم الكتابة والرواية. ثم اصدر عدة روايات وامتدت الاعمال في حياته حتى بات معروفاً كروائي اكثر مما هو طبيب. بعد تجربته الطويلة، ماذا يقول العميري لـ «اسيا ان»؟:

أين انت اليوم، ماذا تكتب وماذا تروي؟

– ما زلت في مكاني، اكتب وأروي الحكاية التي بدأتها في الرواية الاولى «مفاتيح». لقد كانت الرواية الاولى بمثابة شرارة الانطلاقة نحو الهدف الكبير الذي ما زلت اسير نحوه، وهو هدف الكتابة الزاخم والزاخر، الذي اعطاني حيوية البحث وإشارة مازلت اتبعها، في كل لحظة، وكلما اهتديت الى مساحة عرفت سراً، فأدونه في الكتابة.

125865295_867901857287037_7561495357864588622_n عن اي سر او اي اسرار تتحدث؟

– اسرار الحياة كثيرة يا صديقي، والكتابة حين نتوغل في عالمها، نكتشف الكثير من جوانبها. كتابة الرواية هي بمثابة الابتكار والاختراع والمعرفة التي يمكن من خلالها الاطلالة على تفاصيل غامضة في الوجود. نعم اسرار الحياة لا يمكن تلمسها بسهولة لذلك نسعى عبر الخصوصية الابداعية للوصول الى تفاصيلها والى مناخها وأحوالها وأهوالها. بالنسبة لي، لقد كتبت عن مفاتيح كثيرة في الحياة، وفي كل دخول، اكتشفت ان الحياة مثل البحر، نراه من بعيد هادئاً، ولكن حين نغوص فيه، نكتشف كم هو عامر وعابق ومحتشد بالمفاجآت وربما بالكوارث.

هل تعتبر انك راوي الحياة الصعبة؟

– لست من صنف البشر المتشائم وإن كنت ارى نفسي دائماً على تماس مباشر مع ازمة الحياة والانسان، مع قلق الانسان وطبيعته الصعبة والدامية احياناً. انا بالتأكيد لست متشائماً لأنني اعيش ضمن قناعة راسخة في ذاتي، لا تحيد عن مفهوم الحياة بما تحوي من واقع ووقائع متوقعة. فالشرّ متوقع، والسلام ايضاً، الا انني ما زلت اعيش في دوامة اكاد لا اخرج منها، وهي دوامة القلق المشحونة بالاسئلة. اسئلة الحياة وتفاصيلها، فأسردها وأكتبها في روايتي، علّني اصل إلى الاجوبة الممكنة التي قد تفي بغرض القناعة المرجوة.

الروائي الطبيب الدكتور غسان العميري

الروائي الطبيب الدكتور غسان العميري

هل وصلت الى نوع من الاجوبة المقنعة عبر الكتابة؟

– بطبيعة الحال، الكتابة وتحديداً الرواية، تمثل امتحان الكاتب في قدرته على فهم واستخلاص امور الحياة والانسان، مهما تعقّدت. الا ان الاجوبة المرجوة على اسئلة الحياة بما تعني ولما تحمل من مفاجآت كثيفة، لا يمكن الادعاء بسهولتها وتالياً، اكتشافها. غير انني، اعترف ان الرواية او الروايات التي كتبتها، كنت احمل في ثنايا حروفها تفاصيل الاجوبة، ولم يكن ببالي انني اسعى اليها. وهنا تكمن عظمة الرواية وقدرتها على تفسير وبناء الحالة الوجودية. لقد قلت في رواياتي اشياء كثيرة لم اكن اعرفها سابقاً، وحين دخلت الى عالم السرد والقول، وجدت نفسي، كمن يمسكها ويسحبها الى ساحة المعرفة، بأدق التفاصيل الحياتية. فالكتابة تجرّ الانسان من تلقاء حروفها، وحين يسعى الراوي الى ترسيم روايته ومشاهدها، سرعان ما يجد نفسه مبحراً في بحر من الاهداف والمعلومات والآراء والافكار. لقد ساهمت الرواية في تبديد كل العراقيل التي كانت تقف حاجزاً بوجه المعلومة والمعرفة التي كنت اظن انها مستحيلة.

كأنك تقول ان الرواية هي مدخل الى عالم آخر؟

– هي بالتأكيد مدخل الى عالم آخر، الى عوالم كثيرة، والراوي حين يدخل الى هذه العوالم، صحيح انه يكتشفها، لكنه في نفس الوقت، يساهم في خلق هذه العوالم، خصوصاً حين يقوم بترتيب الاوليات وبناء الشخصيات وتحديد اماكن الألم او السعادة.

 

ماذا حقق الدكتور غسان العميري بروايته، تحديد الألم او السعادة؟

– الاثنان معاً وما بينهما من تفاصيل جوانية عاشها الانسان. لقد رويت الألم من خلال نبش حياة الانسان الغامضة ووضعها على مائدة التشريح، ورويت السعادة ايضاً من خلال عرض وتفسير واقع الانسان حين يداوم في المحبة ويصنع الخير لنفسه اولاً ومن ثم للآخر. كذلك فعلت في روايتي، انني سرت بين الألم والسعادة، وفي هذا المسير تعرّفت على تفاصيل زمنية كثيرة، على مشقات وأحوال وأصناف الألم والمتعة. تعرفت على القمر الذي يراه البعض فقط.

125760989_2763396710567858_7881967791242500573_nما زلت تمارس مهنة الطب وفي المقابل تمارس مهنة الكتابة، كيف يمكنك التواصل ضمن هذه الازدواجية الابداعية؟

– الكتابة فعل لا يمكن الا الابحار في عالمه، ومهنة الطب هي جزء اساسي من حياتي. لقد استطعت اقامة جسر التواصل بين الكتابة ومهنة الطب. كلاهما في حياتي حاجة متبادلة. حين اكتب عن حياة الناس وأوجاعهم، فهذا يعني ان الوجع يمكن ان يُترجم في اللغة والكلمات. لقد رويت بالكتابة ما قمت به من خلال علاجي للناس. كانت مهنة الطب مدخلاً مهماً لموضوع الرواية التي اكتبها. بل ساهمت جلياً في توصيف ما اسعى اليه في الكتابة. مهنة الطب ساهمت بقوة في فتح «فجوة» جميلة في جدار اللغة، واستطعت استعمال مفردات العلم في بناء العمارة الادبية.

هل تعتبر انك قدمت جديداً في هذا الاطار؟

– لا ادعي ذلك، ولكن ثمة من يقول ان ما اكتبه هو عمل من نوع جديد ومختلف.

125832488_203509201229332_4943593528562312166_nهل يمكن القول انك تكتب الرواية العلمية؟

– لا اكتب الرواية العلمية بالمعنى الصرف لكلمة العلمية، الا انني اقول: لقد كتبت عن الحياة والانسان والمكان بلغة خاصة، وكانت حياة الانسان تخضع لمختبر خاص ابتدعته في رواياتي، ومن خلال هذا المختبر، حققت القول، رويت وسردت الحكاية. وفي النهاية، حققت الرواية المرجوة، او الضرورية التي تطلبها نفسي منذ ان وطئت عالم الكتابة. الرواية العلمية لها مناخ مختلف عن روايتي، وان كنت أُحبّذ واقرأ تفاصيل كثيرة في الادب العلمي

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات