سناء شجاع … شاعرة لا تقطف عناقيد الحب؛ تسكبها في كؤوس وتتجرّعها

08:48 صباحًا الجمعة 20 نوفمبر 2020
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
| بيروت- من اسماعيل فقيه |

| بيروت- من اسماعيل فقيه |

الشاعرة اللبنانة الشابة سناء شجاع ابنة الجيل الشعري الكلاسيكي الحديث. كلاسيكي حديث؟ نعم. انها تكتب الكلاسيكية المُحدثة. ذلك انها تختزل ايقاعات القصيدة بمفاعيل اللغة. أي انها تحاول البناء اللغوي والشعري على أسس قائمة على التفعيلة المفتوحة على نبض آخر يكمن في الأصل في جنين اللغة الأم. 

سناء شجاع شاعرة غائرة في الحاضر والواقع، لذلك لا تظهر في المسافة المفتوحة بقدر ما تختفي داخل أنفاس قصيدتها.. ولإظهار وتبيان صورة الشاعرة ، حاولتُ استنطاقها.

e663a238-f97d-41f2-9276-39c2faf1e3e4
_ نبدأ بسؤال السناء . من هي سناء شجاع؟ شاعرة تكتب وتترجم أحاسيسها أو تعيش الشعر وتكتبه؟
_ سناء شجاع قطفت الحرف من سطور الكتاب تحصيلًا لعلم ،لتنال شهادة جامعية خولتها لدخول مضمار التعليم ، فالارساء عند شاطئ الكلمة ليكون الحرف الممزوج بإيقاعات النغم المنبعث تارة من أضلع الخفق نحو نسائم الواقع وارياحه، وطورًا لتتنشق ما يحمله الأثير من أحوال الحياة ومشاهداتها في سكب شعري متفرد صادق .
لذلك يمكنني القول أن الكتابة الشعرية مزيج لرؤية وجدانية تأملية، حينًا تتغذى من مناهل الشعر ، وأحيانًا تسكب هذا الفيض المنصهر من ذاتية الشاعر بعينه.

74c69e4a-1bc3-437b-8214-261e6216ded8

_ ماذا تخبريننا عن علاقتك بالشعر وكتابة الشعر، علاقتك بالكتابة بشكل عام ؟
_ جاءت علاقتي بالشعر على سجيّتها، بلا تكلف واجتهاد، طريئة كوريقات الربيع تكتب الحب في مقتبل الربيع لتنضج صيفًا، وتتناثر ألقًا على ارصفة الخريف .
الكتابة توقيع لحضور إنساني وجداني فكري . هي بحثنا الدائم عن مكمن الانتماء، ورقة بمثابة وطن . تنثر عليها التعجب والاستفهام ، المدح والاستهجان، الخيبة والاستحسان . مزيج لا حد له …لذلك نبقى في توقٍ دائم لمنادمتها والاغتراف من مناهلها لارتواء إنساني وجداني فكري ما .

متى وكيف ولماذا جذبتك اللغة إلى غابتها الجميلة ؟
_ جميل هذا السؤال. إذ تكمن جماليته في سر الإنجذاب ، لنجيب عن السؤال بسؤال: ترى هل استطاعت اللغة في ظلّ غياب نسيج الالتفاف والاحتواء من جذب صدى الإنسانية الباحثة كللًا عن إنسانية حضارة الازرار الالكترونية ، والمرايا العابرة ؟ هل استطاعت بأن تماثل الأم رأفةً والأب حكمة والجدة إصغاء؟
لماذا الإنجذاب ؟ لأنها القادرة حكمًا على حسن الضبط ليستقيم اللفظ ويستوي المعنى. لأنها القادرة على تزويدنا بجمالية الرؤى في خضم الأنين والبكاء والبؤس الاجتماعي الذي يعبر جغرافية المساحة تتابعًا .
لماذا الإنجذاب ؟ لأنها الأذن الاقرب إلى خلجات الضلع، وتجهّم الجبين .
وكي انهي ما أنهيت سؤالك به ،أقول : مجالستي للكلمة باحت برغبتها ،حيث مقاعد الدراسة ، وحيث النبض الخافق.

_ كيف تترجمين مفهومك للحياة من خلال الكتابة؟
هل في الأمر ضرورة، أو واجب ، أو ما هو أبعد واقدر من الموهبة؟
عندما تقف في آخر أو مستهل بستان ما ،أو حديقة ما تشتَمُّ مزيجًا من عبق ، من نسائم سكرى بشتى اصناف العطر، لتقف مذهولًا أمام هذه العصارة الاثيرية المنسوجة والمختمرة عبرَ مساحات العطر ، فتضيع التسمية ليبقى الأثر .
إذا مفهومي للكتابة لملمَ لوحات تراءت لعيني، وسكنت جبيني، وراقصت خلجاتي فرحًا واستياء، نقدًا واستحسانًا، رفضًا وتقبّلًا، لأرى الواجب ضرورة، فموهبة تتخطى ذاتية القلم .
الكتابة عطر الأقلام ، لذلك لا يمكن لها أن تحيا وتحيي بمنأى عن نسائم الواقع الانيقة والمضطربة، الرضيَّة والمتمردة . وهنا أنهي ما تقدمت به بالقول : لكي نحيا ديمومة مباركة مثمرة علينا أن نقصد أتربة البساتين لقطف خصب الاغصان، والامتثال بحكمة فيء الأغصان .
إذ لا متسع للوقت لنعيش الكتابة سيفًا قاطعًا ، ولا خبثًا مستترًا، ولا جهلًا متوارثًا، ولا قنوطًا ذميمًا .

d6cb3e03-a137-477b-8b3c-a26324469239_ ما رأيك في الكتابة النسائية ؟ هل تؤمنين بكتابة نسائية وكتابة ذكورية ؟
في سؤلك هذا طرح لانتماء …انتماء الكلمة، ومسكنها المفضل، وصداها الصادح.
راودني السؤال التالي إثر قراءتي لسؤالك : هل الحرف مذكر أم مؤنث ليكون التخصيص؟ لازلت أذكر حين كنت في المرحلة الأولى من مراحل التعليم الإبتدائي وما قبل كيف كنت اكتب الحروف برفق ولين ومودة رغم ما كان يرد من غلاظة بعضها كالظاء، والضاد، والقاف، …إذ كانت تختلف لفظًا عن السين والراء والباء…والغاية من القول إن الحروف رغم جفاف ملفظ بعضها هي تزدان طوعًا ورقة حين تحاكيها يد أنثى .
الكتابة إيمان مطلق لأنها رسالة متى أصابت حسن المضمون والسبيل لتصويب وتقويم وإصلاح ، لذا نؤمن بها مفردة ومضمونها متى تأتت من أكف خيّرة رقدت في معاجن الخبز زمنًا لتكون الرغيف الكفوء .
فالكلمة نتيجة حروف ، التفاف ذكوري قاد لتآلف نسائي ، وأعني إن كان الرجل قلمًا للشعر فالمرأة محبرة الأقلام ، وكلاهما توقيع لانتاجية وانعكاس .
a53a0c7d-eba4-40d6-b6e2-6909b1c7e954_ ماذا تقولين للحب في قصيدتكِ؟
_ أقول له همسًا وصخبًا ، مرةً وتكرارًا أن يبقى مدد يدي . ربما استمده من المحبرة، وقد أغتني به وله إن جاءني من ضلع النبض .
الحب ماء الجبين، وفرح العين ، لذا لا يسعنا أن نعترف اننا احياء، ونحن على مسافة منه . لذلك نقترب منه باعتدال وحذر خشية ألا يرى ما في ذاك الكائن المسمى إنسانًا من بغض، وحقد، وانانية، وسطوة .
وللحب أقول :
تعالَ ..
تعال نجترع عناقيد الحب كوثرًا
نسكبها في كؤوس ..
في كؤوس استعذب المجلس مشربا
نمد له الأكف ليحيي ايادينا
نقاربه همسًا عله يترأف بما حلّ انينا
تعال…
أحرف النظم ما جاءت لتبعدها
كن الخليلا لها إن ما كنت الحبيبا.

_ هل انت امرأة متفائلة أو العكس ؟ والسبب؟
يصعب علينا تحديد هويتنا النفسية الاجتماعية إزاء وجودنا في مجتمع متقلب الاحوال …لا ينكفئ عن وضع عراقيل لا مصدر لها ولا توقيت …مما يجعلنا انعكاسًا صريحًا لهذه التقلبات على اختلافها ….لنبقي متمسكين بالأمل رغم الضباب والغبار والحفر .
مصيرنا أن نكون حيث نحن، وحكمتنا في تخطي كل هذه الممرات الضيقة بحثًا عن فسحة رحبة بغد أفضل ، لنكون في ختام الكلام الانعكاس عما يحيطنا من منبت النبض حتى مرمى العين .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات