طارق عبد الوهاب: ملّاحٌ نقدي في أنهار الحلم والملح

03:59 مساءً الجمعة 4 ديسمبر 2020
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

طارق عبد الوهاب: ملّاحٌ نقدي في أنهار الحلم والملح

نصوص عربية وقراءات نقدية جمعها مؤلف كتاب (أنهار الحلم والملح) القاص طارق عبد الوهاب في إصداره الأحدث الصادر عن مكتبة جزيرة الورد (2020) متضمنا قراءاته لأعمال شعراء وروائيين بامتداد خريطة إبداعية عربية ضمت أعمال  د. محمد إبراهيم طه (البجعة البيضاء)، ود. حاتم رضوان (بقعة زرقاء)، وبراءة محمد الأيوبي (ذاكرة روح)، وسهير علوي (يا مالكا قلبي)، وكاهنة غزالي (تمزق ذاكرة)، وريمة راعي (بائعة الكلمات)، وكفاح عواد (رجل بين قلبين)، ونبيل درغوث، ورحمة بن مدربل (همس بين غيمتين).   

قدم للكتاب رئيس جمعيةالصحفيين الآسيويين أشرف أبو اليزيد، وننشر هنا التقديم:

تحت ظلال الأشجار الكثيفة التي تولد وتكبر وتتعملق في بساتين الإبداع، يبحث القاريء العربي عن شعاع ضوء نقدي يتسلل عبر تلك الغصون ليضيء بعض ثمارها، وليكمل دورة حياة النص، بين مؤلف يبدع وناقد يتابع ومتلق يقرأ؛ وهي دورة حياة أصيلة وضرورية كي تستمر عجلاتها بالدوران.

فإذا كان المبدع – ساردا أو شاعرا – تكفيه مشاعره المتوهجة في الكتابة لتمنحه الإحساس بالإشباع، فإن هذا الإحساس يفيض أكثر مع رؤية نقدية تضع الكتابة في ميزانها، ومتابعة جادة من القراء تمثل صدى تلك الكتابة، بين الإلهام، والمتعة، والفائدة التي لا تنتهي؛ وكم من كتاب قرأناه واصل معنا الحياة سنوات وعقودا، يلهمنا ويحثنا على المواصلة والاستمرار.

من هنا أحيي تلك القراءات النقدية الجادة التي يقدمها مؤلف هذا الكتاب، الذي لم يكتف بدوره كحكّاء متمرس، وإنما أراد أن يحمل قبسا من معرفته الإبداعية ليأتي بنوره إلى تلك الغابة الإبداعية العربية، وهو لا يكتفي بعبور الحدود بين الكتابة الإبداعية والنقدية؛ لكنه عبر الحدود الجغرافية والسياسية ليقدم درسًا آخر، وربما ليكرس رسالة على الناقد اعتمادها؛ وهي مخاطبة النص العربي بغض النظر عن اختلاف جذوره، ليظل النقد عينا تبصر وتستبصر، وهو هنا يفتح بوابات لا نهائية ربما تدعو ممتهني النقد إلى المرور بها، كي تتسع الرؤية، وما أحوجنا إلى تلك الآفاق المتسعة.

الجميل في تلك القراءات هو الإخلاص للنصوص بعيدا عن مؤلفيها، فهو لا يبحث عن المسالك الآمنة للاتكاء عليها في تناول أسماء إبداعية مستهلكة، وإنما يدرك أن أجمل النصوص هي تلك التي لم نقرأها بعد، وهنا نحيي الرسالة الثانية لهذه الفصول النقدية، في الابتعاد عن المكرور، وتقصي الجديد، وإحياء الشاب منها، وتحية النابض فيها.

ثم تأتي اللغة التي كتب بها طارق عبد الوهاب نصوصه النقدية لنجدها تتماس مع صوته الإبداعي، فهو لا يقدم قراءاته بلغة أقل مما يدون بها نصوصه، لذلك تتوازى متعة المتابعة مع امتاع القراءة، وحسنا فعل باستحضار نماذج إبداعية من الكتابات والقصص والروايات التي تناولها، فهذا المنحى في الكتب النقدية ضروري ويجعل من الكتاب مرجعا نقديا يعتد به.

 لكن تحية الناقد لا تجعلني ننسى الإشادة بالنصوص المختارة، وجميعها تقدم وتؤكد الرسالة الرابعة، وهو  أننا بصدد أنهار لا تتوقف تياراتها، تذوب فيها أحلام الآمال، وملح الآلام، وهذا جوهر الحياة؛ بحلوها ومرها، وبضدها تتميز الأشياء والأصوات.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات