الأُسْلُوب في أَدَبِ الأَطْفَالِ والنَّاشِئَةِ

07:36 مساءً الأربعاء 13 يناير 2021
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية وكاتبة وأكاديمية، لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الأُسْلُوبُ:

الفَنُّ؛ يُقَالُ: (أَخَذْنا في أَساليبَ مِن القَولِ): فُنُونٍ مُتَنَوِّعةٍ، (أو) هو النَّهْجُ الخاصُّ في الفنِّ والعمارةِ والحياةِ والكِتَابَة والتَّعبيرِ، (أو) الطَّريق؛ يُقَالُ: (سَلَكْتُ أُسْلُوب فُلانٍ): طَريقتَه ونَهْجَهُ.

والأُسْلُوب: طَريقةٌ يَسْتَعْملُها الكَاتِب في التَّعبيرِ عن مَوْقفِه والإبانةِ عن شخصيّتِهِ الأَدَبِيّةِ المتميّزةِ عن سواها، لا سيّما في ٱختَيَّارِ المُفْرداتِ وصياغةِ العباراتِ والتَّشابيهِ والإيقَاعِ. ويَرْتكز على أساسَيْن: (أَحَدهما): كَثافةُ الأَفكارِ الموضحَة وخِصْبُها وعُمْقُها أَو طرافتُها،  و(الثّاني): تَنَخُّلُ المفرداتِ وانْتِقاءُ التَّركيبِ الموافقِ لتأَديةِ هذه الخَواطرِ بحيثُ تأتي الصِّيَاغةُ مُحَصَّلًا لشَخْصِيَّة صاحبِه، والجمْعُ: أَسالِيبُ.

الأُسْلُوب في أَدَبِ الأَطْفَالِ والنَّاشِئَةِ:

أُسْلُوب نقيٌّ، غيرُ خاطئٍ، طَلِيٌّ غير جاف، موسيقيُّ اللَّفْظِ والتَّركيبِ والقافيةِ، قصيرُ الجُملِ، مبسَّطُ التَّراكيبِ مع التَّماسكِ، متخيَّرُ الأَلْفَاظِ مع بعضِ الجديدِ، يجنحُ إلى الوَصْفِ نوعًا، وإلى المجازِ أكثر كيلا نفوِّتَ على الطِّفْل مزاياه الثَّلَاث وهي: جمالُه، وإغناؤه لمفرداتِ اللُّغَة وأساليبِها، وهو في رأي [مكسيم غوركي]: “في وسعِنا التّحدثُ إلى الصِّغَار عن الأمورِ الجدّيةِ بلغةٍ جذابةٍ ومقبولةٍ وبعيدةٍ عن الأُسْلُوب التَّقْريريِّ التَّعْليميِّ”.

خصائصُ أُسْلُوب أدبِ الأَطْفَال:

(أولًا) أَنْ يَكُونَ مستندًا إلى مراحلِ نموِّ الأَطْفَال.

(ثانيًا) أن يُكْتَب من أجل الطِّفْل، لا أن يُؤْخَذ من أدب الكبارِ ثم يبسَّط. والفرق كبير، فما يُكتب من أجل الطِّفْل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالفكرة الَّتي اختيرَت من أجله خصيصًا. أما أن يصغَّر، فيعني أن الفكرةَ لا تناسبه، وبالتَّالي، فهي لن تصلَ إليه.

(ثالثًا) أن يتَّسم بالوضوحِ وبالبلاغةِ، فلا يسهبُ القاصُّ ويطيلُ حتى يوقِعَ  القارئَ في المَلَلِ، ولا يوجزُ إلى درجةِ الرَّمزيَّةِ أو إلى درجة الوصولِ إلى اصطلاحِ (الإشارة) الجَمَاليّ [كانَ لمفهوم الإشارةِ من الوجهةِ البلاغيَّة حظٌّ من اهتمامِ بعض كبار الباحثين، كأبي هلال العسكري الّذي أفردَ لها في كتابِ (الصِّناعتين) فصلًا خاصًّا بها، كذلك كان قدامة بن جعفر قد أفردَ لها ركنًا خاصًّا في باب أَنْوَاع ائتلاف اللَّفظ والمعنى. ويعرّف بأنَّه “لمحة باللَّفظ الموجز تدلُّ على كثافةٍ في معنى الكَلَام وعمقٍ في مؤداه”]، بل إلى درجة البلاغة الموحية المكثَّفة  المنسكبة-  في الوقت ذاته-  في وعاء من لغة اللّسان العَرَبِيّ.

(رابعًا) أَنْ يَكُونَ ضمنيًّا، لا خطابيًّا مباشرًا مليئًا بعبارات الوعْظ والإرشاد؛ وذلك لأن الطَّريقة الخطابيَّة المباشرة عمل غير فني يجب أن يستبدَل به بثُّ أفكار وخبرات القاص عن طريق سياق القِصَّة والمواقف المختلفة، وبإيحاءات لَبِقة” تعتمد القُدْوَة الحسنةَ والاسْتهواءَ المقبولَ بحيث يتقبل القارئُ أفكارَ البطل وصفاتِه واتِّجاهاتِه الفاضلة، ويرفض صفاته واتِّجاهاته السَّيئة، فلا يقع تحت تأثيرِ الانطباعات الهادمة الضَّارة به حين يخرج من قراءة قِصَّة بإعجابٍ خفيٍّ بشَخْصِيَّة أحد أبطالها الّذين استطاعُوا الانتصارَ في مُغَامَرَاتهم مثَلًا عن طريق “الفلهوة” بلا جدارة، وبغير كفاءة حقيقية وجهد صادق، وهو ما تقدمُه وتُسوِّق له القصص التُّجّارية عادةً.

(خامسًا) أن تُشرحَ  المُصْطَلَحاتُ والكَلِمَات الجديدةُ الصَّعْبةُ.

(سادسًا) أن يُستخدم فيه الخَيَال الواسعُ، والتَّصْويرُ الدَّقيقُ، والإيقَاعُ الموسيقيُّ الّذي يشعرُك باللّذّةِ في القِرَاءَة وخاصةً في القصصِ الأَدَبِيّةِ

(سابعًا) يمكنُ دمجُ النَّثْرِ في الشِّعْرِ، والخَيَال في الواقعِ واسْتِخْدام الخَيَال اللُّغَوِيّ [المجاز] بعد سنِّ العاشرةِ، ما يحققُ مقولةَ (أندرسن)  عندما تحدثَ عن (أُسْلُوب الحكايةِ): “على الأُسْلُوب أن ينصاعَ للكاتبِ، وعلى اللُّغَة  أن تقتربَ مِن الشَّكْلِ الشَّفهيِّ”.

أَنْوَاع الأُسْلُوب في أَدَبِ الأَطْفَالِ والنَّاشِئَةِ:

الأُسْلُوب في أَدَبِ الأَطْفَالِ والنَّاشِئَةِ أَنْوَاع:

(أولًا):السَّهْلُ الواضِحُ الطّبيعيُّ: (وهو ما يجبُ أَنْ يَكُونَ عليه أَدَب الأَطْفَال حتى سن الثَّامِنة).

(ثانيًا):المزخرفُ المليءُ بالتَّشبيهِ والاسْتعاراتِ: وهو صعب للصِّغَار، ويبدو غير مفهوم بالنّسبة إليهم. ويمكن أن يحبه الأولاد بعد سن الثَّامِنة أو التَّاسِعة ولكنه قد يشكِّل صعوبةً إذا زادَ عن حدِّه.

(ثالثًا): المُعْتَدِلُ الّذي يراوحُ بين البساطةِ والزَّخْرَفَةِ: وهو الّذي يمكن اسْتِخْدامه بعد سن الثَّامِنة أو التَّاسِعة.

One Response to الأُسْلُوب في أَدَبِ الأَطْفَالِ والنَّاشِئَةِ

  1. إيمان بقاعي رد

    14 يناير, 2021 at 10:36 ص

    شكرا لنشركم مقالتي

اترك رداً على إيمان بقاعي إلغاء الرد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات