د. وليد غلمية …الموسيقار الغائب، السيمفونية الخالدة

08:26 صباحًا الجمعة 12 فبراير 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بيروت-اسماعيل فقيه :

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

استطاع الموسيقار الراحل د.وليد غلمية بسرعة قياسية انشاء ونثر فروع المعهد الموسيقي الوطني (الكونسرفتوار) في كل مناطق لبنان، انطلاقاً من قناعته بحق الجميع بتعلم الموسيقى، والأهم أنه بعد الحرب الأهلية راح يعمم فكرة تقول بأن يحمل الشباب اللبناني الكمان والناي بدل البندقية.

الدكتور وليد غلمية الذي رحل عن الحياة قبل قرابة عقد من الزمن ، ترك فراغا في الساحة الموسيقية وفي قيادة الأوركسترا الوطنية الفلهارمونية في برامجها الدورية. حين غاب عن الأوركسترا العربية الشرقية، ظننا أنه في راحة، إلى أن كان خبر رحيله المفاجئ بعد صراع مع المرض.

جمعتني بالراحل الكبير صداقة قوية وفاعلة. التقيته كثيرا، وكان ملك الكلام في الموسيقى.وأكثر ما كان يردده على مسمعي ما قاله “بيتهوفن” (الموسيقى تعلو حكمة الحكيم وفلسفة الفيلسوف) د.غلمية هو من مواليد مرجعيون سنة 1938 فيها نشأ وتابع دراسته، وأتقن العزف على الكمان، وما لبث أن هجره بعد كسر في أحد أصابعه. سافر إلى الولايات المتحدة حيث نال الماجستير في قيادة الأوركسترا من جامعة كنساس، وكذلك الماجستير في التأليف الموسيقي، ومن ثم الدكتوراه في العلوم الموسيقية من الجامعة نفسها. وفيما بعد حاضر في الجامعة التي درس فيها، وأسس فيها دائرة الموسيقى العربية.

منذ سنة 1991 تولى وليد غلمية رئاسة المعهد الوطني العالي للموسيقى الكونسرفتوار، وذلك في مرحلة كانت فيها الدولة اللبنانية تسعى لإعادة بناء نفسها بعد الحرب الأهلية. ناضل بثبات مع كافة المسؤولين لبناء الأوركسترا الوطنية السمفونية، التي كان معظم أعضائها حتى سنوات خلت من الأوروبيين. لكن عددهم صار يتقلص بالتدريج ليحل محلهم لبنانيون من خريجي المعهد أو معاهد أخرى. وفي بدايات التسعينيات أسس غلمية من خلال الأوركسترا الوطنية السمفونية لحياة موسيقية راقية في مقابل رواج موسيقى الاستهلاك. وهكذا كانت للأوركسترا أمسيات موسيقية دورية، تحولت لاحقاً إلى أسبوعية تعقد في كنيسة مار يوسف للآباء اليسوعيين في الأشرفية وتقدم مجاناً لمن يرغب بحضورها.

طمح غلمية لأن تصبح الأوركسترا الوطنية السمفونية فيلهارمونية وتمكن من ذلك، لكنه رحل من دون تحقيق حلمه ببناء لدار الأوبرا في لبنان. هو الذي ضمد جراح الوطن بالموسيقى، كان مسكوناً بعمله وبضرورات تطوير برامج المعهد الموسيقي الوطني. وطوال مدة توليه رئاسة المعهد حتى رحيله كان يعمل على تحقيق أهدافه. ومن أهم إنجازاته تطوير مناهج الآلات الشرقية في المعهد، خاصة العود والقانون والطبلة. وليد غلمية الموسيقي والمؤلف كتب الموسيقى الكلاسيكية مزاوجاً بين تأثر شرقي وغربي معاً، بين تراث وحداثة في آن. له أعمال موسيقية كثيرة،أما السمفونيات التي ألفها فهي: القادسية، المتنبي، اليرموك، الشهيد، وأيضاً القطار الأخضر وهو عمل ملحمي. كما له العديد من المؤلفات الموسيقية التصويرية لأفلام لبنانية منها لمارون بغدادي وبرهان علوية وغيرها. كما كتب الموسيقى لعدد من أشهر المخرجين المسرحيين في لبنان.

له تاريخ في المهرجانات اللبنانية العريقة منها مهرجانات بعلبك وجبيل. أولى مشاركاته في مهرجانات بعلبك بدأت في سنة 1963، ومن ثم في سنتي 1967 و1968 تباعاً. أما أسطوانته الأولى كموسيقى صافية فقد أطلقها سنة 1968. وفي تاريخ وليد غلمية مشاركة فاعلة في برنامج أستوديو الفن لسيمون أسمر منذ إطلاقه في سنة 1973.

كان عضواً مميزاً بنقده للأصوات في لجنة التحيكم، حيث استمر في البرنامج لدورات متعددة. وأخيراً كان عضواً في اللجنة المنظمة لمهرجان البستان. ترك الدكتور وليد غلمية عصاه في قيادة الأوركسترا الفلهارمونية التي تميز بها في السنوات الأخيرة لآخرين يثق بهم، وتوقف قلبه عند آخر نغم مساء ، ودفن في مسقط رأسه مرجعيون

One Response to د. وليد غلمية …الموسيقار الغائب، السيمفونية الخالدة

  1. محمد درويش رد

    12 فبراير, 2021 at 1:29 م

    مقال تاريخي لفنان تاريخي هو وليد غلمية كتبه الكاتب التاريخي الشاعر الجميل الكاتب الناقد اسماعيل فقيه بكل نجاح وتالق وقلم بارع

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات