علي فرزات: ثائر سلاحه الفن

07:35 مساءً الأحد 16 ديسمبر 2012
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

علي فرزات

بدأت العلاقة إيجابية بين وريث لحكم أبيه الديكتاتوري البعثي وبين فنان مبدع إختار أن يكون نصيرا للمقموعين والمهمشين في بلاده بريشته المبدعة وموهبته المتفردة , فكان بشار الأسد يطمح في أن يكتسب شعبية وثقة تجعل الشعب السوري يتقبله كرئيس شاب يحمل فكرا جديدا لاسيما وأنه في الأساس طبيب وقضى فترة طويلة من حياته يدرس في  الخارج  في هذا السياق كان علي فرزات رسام الكاريكاتير السوري العالمي هو أول من يحصل على ترخيص بإصدار صحيفة خاصة في سوريا منذ عام 1963 , إذ  كانت قبل ذلك التراخيص ممنوعة إلا للمؤسسات الصحفية الحكومية .

أصدر إبن مدينة حماة علي فرزات جريدته الكاريكاتيرية ADDOMARI < الدومري > 2001 وهي كلمة تركية قديمة وتعني الرجل الذي كان مكلفا بإشعال الفوانيس الزيتية في الحواري قبل وجود الكهرباء عندما يحل الظلام أيام العثمانيين .

وسرعان ما تضررت الأوساط السياسية الحاكمة في سوريا من النقد اللاذع التي تحمله أعداد الدومري بين طياتها ويعقب فرزات على هذا التضييق على حرية النشر في الدومري قائلا : بعد إصدار أربعة أو خمسة أعداد من الدومري وجدت أن جهنم فتحت أبوابها في وجهي فلم أعد أعرف من أحارب , هل الفساد ؟ أم النظام ؟ أم المافيا ؟؟ وإذا بالأمور كلها تشكل نسيجا واحدا.

وبعد أن وصلت العلاقة بين الفنان علي فرزات والسلطة إلى طريق مسدود تم إغلاق الجريدة بعد عدد حمل عنوان < الإيمان بالإصلاح > بالخط العريض على صفحتها الأولى عام 2004.

لكن وكعادة أصحاب الرسالات السامية لم يتوقف فرزات عن إبداعه وحرصه على رسالة التنوير التي إختارها لمناهضة النظام البعثي في سوريا والذي طالما جسد القضايا الإنسانية في رسوماته من خلال الخطوط دون أن تحمل تعليقا مكتوبا , إذ حول مبنى جريدته المغلقة < الدومري > إلى صالة معارض متخصصة في فن الكاريكاتير 2010  لتكون هي الأولى من نوعها في بلاده , مؤكدا أن هذا المشروع هو وسيلة للتواصل مع الناس لأنها ستؤدي نفس الغرض الذي أصدر من أجله صحيفته الموصدة < الدومري> مشيرا إلى أن الأعمال المعروضة تشبه الناس وتجمل همومهم وطموحاتهم , لقد إستغرق مني هذا المشروع عاما ونصف , هذا المعرض لا يضم لوحات كاريكاتيرية للعرض فقط بل يضم مايسمى < الفن التطبيقي > إذ يقدم أعمال الفنان فرزات مطبوعة على القمصان التي يرتدونها وأكواب الشاي والقهوة والبطاقات , حتى الستائر والمفارش والطاولات .

كلما ضحكتُ شعرتُ بالألم، ولكن حين أتذكر أن الأسد يخاف من قلم رصاص لا أملك إلا أن أضحك. تضامن من رسامي العالم مع فرزات

وجد الفنان الثائر علي فرزات الساعة الرابعة فجرا مضروبا على طريق مطار دمشق الدولي بعد أن تم إختطافه من قبل ملثمين في أغسطس 2011  وذلك بعد أن هشموا سيارته , وأفادت التقارير الطبية الواردة من مستشفى الرازي حيث تم نقله لتلقي العلاج أنه يعالج من كسر في اليد اليسرى بالإضافة إلى رضوض وتورم في العينين وجرح في الوجه والرأس ورضوض شديدة على الصدر .

كان فرزات قد نشر قبيل الحادث مباشرة على صفحته على الفيس بوك : في عام 1963 إستلم النظام خريطة سوريا بحدودها آنذاك فحولها مكتبا عقاريا فالجولان أصبحت مسرحا كوميديا للعراضات والدبكة التحريرية , والقنيطرة مركزا عالميا لسياحة الأنقاض والسيول وتبخرت اسكندرون وأنطاكية من على الخريطة , إنظروا شكل الخريطتين لاحقا وسابقا ونحن في انتظار فبركة الرد .

كما أثارت تصريحاته التلفزيونية جدلا واسعا في الأوساط السياسية الحكومية في سوريا حيث تحدث عن مسقط رأسه مدينة حماه بأنها تعرضت لثلاث مآس في عهد حزب البعث أولها في عهد الرئيس أمين الحافظ وبعدها مذبحة حماة التي إرتكبها الرئيس حافظ الأسد في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي وهي تتعرض حاليا لنفس المعاناة على يد إبنه بشار .

رسام الكاريكاتير السوري المعارض علي فرزات حصل مؤخرا على جائزة <جبران تويني > لحرية الصحافة 2012 وذلك تقديرا لإلتزامه بفضح تجاوزات السلطة والنظام السوري على حسب المشرفين على الجائزة .

ولم يتمكن فرزات من حضور الحفل في بيروت ولكنه تحدث للحضور عبر سكايب من خلال شاشة كبيرة وذلك خوفا من شبيحة النظام و مؤيديه في لبنان قائلا : لقد وجدت نفسي تلقائيا في الشارع منذ بدء الثورة السورية , أنا لم أخترع شيئا بل هذا هو الأمر الطبيعي الذي وجدت نفسي فيه ..

جائزة جبران تويني تحمل إسم الصحفي اللبناني مالك ومدير جريدة النهار والنائب في البرلمان اللبناني وهو من قوى 14 آذر , تم إغتيال تويني ضمن سلسلة إغتيالات إستهدفت شخصيات إعلامية وسياسية معارضة للنظام السوري في لبنان كان أبرزها إغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري 2005.

كان إبن نهرالعاصي قد تنبأ بقيام  الثورة في سوريا 2007 عندما أكد في حديث صحفي لمجلة نيوزويك أن السلطة الحاكمة إذا لم تقم بالإصلاحات الضرورية فإن الطوفان قادم لامحالة , إذا كان هذا الأمر لم يخف على شخص بسيط مثلي فكيف فات على سلطة من المفترض أن لديها مؤسسات قانونية ودستورية ؟ في تعقيبه على تصاعد وتيرة الثورة في سوريا ويستطرد معقبا إن الثورة لم تعد تقاتل الأسد وحده بل يحاربون روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وصمت العالم , نحن لا نطالب بتدخل دولي خارجي بل بتفعيل القوانين الإنسانية الدولية التي تضمن حياة المدنيين وأمنهم .

موهبة الفنان العالمي فرزات بدأت منذ كان في عمر 12 عاما عندما نشر أول رسم له في الصفحة الأولى لجريدة الأيام يومهاأرسل له نصوح بابيل صاحب الجريدة دعوة لزيارة دمشق للعمل في الجريدة منذ تلك اللحظة أدرك فرزات أن قدره هو الرسم الكاريكاتوري  .

كما حصل على جوائز عالمية كجائزة الأمير كلاوس الهولندية 2003 والتي تأتي في التصنيف الثاني بعد جائزة نوبل للأعمال الإنسانية , تلك الجائزة التي حازها كذلك مواطنه الباحث والكاتب المعارض يس الحاج صالح .

حصل كذلك على الجائزة الأولى في مهرجان صوفيا الدولي في بلغاريا 1987.

أقام معرضا في معهد العالم العربي بباريس 1989 ونشرت رسوماته , كما حاز على جائزة حرية الصحافة التي تمنحها منظمة مراسلون بلا حدود وصحيفة لوموند الفرنسية .

أكتوبر2011 وبعد شهرين من الهجوم الوحشي الذي تعرض له إختاره البرلمان الأوروبي مع أربعة مواطنين عرب آخرين للفوز  بجائزة ساخاروف لحرية الفكر والتي يتم منحها من قبل البرلمان كل سنة للمدافعين عن حقوق الإنسان لكنه لم يحضر حفل التسليم إذ كان وقتئذ في دولة الكويت لتلقي العلاج من آثار التعذيب الذي تعرض له في دمشق.

كان الشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي قد كتب قصيدة طويلة مهداة إلى علي فرزات الرسام السوري الكبير الذي كسروا يديه ليكف عن رسم بشاعاتهم وطغيانهم الدامي في لوحاته الساخرة الناطقة , وإلى الثائر الشاعر إبراهيم قاشوش الذي بعد أن قتله شبيحة النظام السوري بالرصاص إنتزعوا حنجرته بأيديهم تلك الحنجرة التي طالما أشعلت حماسة الثوار السوريين وتركوه ملقيا في تراب الوطن , أنتقي منها هذه الأبيات المهداة لعلي فرزات الفنان المناضل والمبدع والثائر من أجل كرامة المهمشين والمطحونين أينما وجدو :

 

ويكسروا أياديك ياابن الناس

عشان تكف عن إفتضاح الأمر

لم الفرش … وطبق الكراس

واقعد في ضل الصبر .. من غير صبر

 

ياللي أنت ريشتك كارهة ريحة الموت

ورسمتك تسعدنا … وبتئذيك

ريشة عجيبة لها رأي .. وصوت

ناجي العلي نسي سر ريشته فيك

 

عمر الطغاة مااتعلموا من بعض

عمر الطغاة مااتعلموا م الزمن

ولافهموا مابين العباد والأرض

ولاعشقوا زي الناس ..عيون الوطن!!!

 

 

 

 

 

One Response to علي فرزات: ثائر سلاحه الفن

  1. عبد حامد رد

    26 أبريل, 2013 at 6:59 ص

    احييكم واشكركم راجيا تزويدي بايميل الكاتبه سلوى النعيمي مع كل الود والتقدير,,,,,الكاتب عبد حامد

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات