أحمد مصطفى سعيد في (كادر باتّساع المشهد): المنهج النّفسي والرّمز في الصّورة الشّعريّة

10:44 صباحًا الأحد 28 فبراير 2021
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

روضة الدخيل

بقلم: روضة الدخيل

الشّاعر ليس مجرّد ناظم لكلمات يعكسها الواقع أو تمرّ بمخيلته فينقلها على الورق لتكون القصيدة، بل هو صاحب النّظرة الثّاقبة القادرة على اختراق عمق الأشياء والظّواهر والصّور ،فيكشف عن جوهرها وينقل بدّقة ما انطبع في ذاته إلى المتلقّي بما يضفيه من شعور قوي قادر على النفاذ إلى العمق  و  الجوهر، وهذا ما نلمحه لد ى الشّاعر أحمد مصطفى سعيد في ديوانه (كادر باتّساع المشهد) ،حيث مثّل الدّيوان وثيقة دالّة على نفسيّة الشّاعر بما تضمّنه من رموز وإشارات وصور و أفكار ، فظهرت علاقة تأثّر وتأثير بين الحاملين الأوّلين للإبداع(المبدع والنّصّ) فكان كلّ منهما مرآة للآخر.

وقد ظهرت سمة الإزاحة في نصوص الدّيوان ،واستطاع الشّاعر أن يجعل لأفكاره المكبوتة قناعا في نضالها من أجل التّعبير عن نفسها ، ليعبّر عن الفكرة المؤلمة ويستبدلها بأخرى ، ليكون الخلق الأدبي ليس خلقا عقليّا بل خلق حواس،  والفكر وحده لا يصنع أدبا ما لم يلوّنه الإحساس، والأديب المبدع هو الّذي يعطي أدبه القدرة على الانفعال وتأجيج المشاعر لتصل رسالته المبطّنة وتأخذ مكانها وتقوم بدورها.

والعنوان بحدّ ذاته جملة ممتدّة عبّرت عن مجموعة بشريّة لفئات متعدّدة وحضور متفاوت على امتداد مساحة المكان ليكون العرض مستمرّا والمشاهد متباينة

ففي قصيدة (رسالة من أرض الميدان) وظّف الشّاعر رمز البحر تعبيرا عن حالة انفعاليّة نفسيّة ضبابيّة ومشاعر مرهفة اتّخذت رمزا دلاليا بمفهومين؛الأوّل للنّفوس المتألّمة الحاقدة الرّافضة سياسة القمع والإقصاءتلك الّتي تركت  جراحا عميقة بحجم الأذى الّذي طال الطّبقة الكادحة من ظلم السّلطة، والثّاني مثّل عمق الخطايا وامتدادها وتنوّع آثارها من قبل السّلطة، فكان اللا شعور الجمعي هو الأمل في بناء الشّخصيّة على المستوى النّفسي، فلم تكن مقيّدة بتجربة فرديّة بل تجاوزتها إلى التّجربة الإنسانيّة للجماعة البشريّة

وقد اتّخذ اللاشعور أشكالا فنّيّة للتّعبير عن نفسه مع بقائه متواريا ، تمثّلت في العطاء والإخلاص للفئة الكادحة المناضلة وفيه إشارة إلى التّطهّر من صور العوز والفقر والمعاناة.

كما ظهر عود الثّقاب في نصّ بو عزيزي ليعبّر عن حالة شعوريّة من الغضب كردّ فعل على الواقع المظلم ، فكان الحريق هو سبيل الخلاص لإنارة درب الجماهير الّتي استسلمت لقدرها على يد جلّادها حتّى أصبحت شبه ميّتة ، فتوارى اللاشعور في نار حوّلت ما حولها إلى رماد صار الكرباج الّذي جلد كلّ مستبدّ تلاعب بالحياة وغيّر صورها ليعيش الحاكم  متفرّدا في سلطته ، وكذلك الأعوان الّذين قبلوا بدور الخضوع و الانصياع ليساهموا في قتل روح الإنسان وصاروا ضحيّة لمواقفهم المخزية


أحمد مصطفى سعيد

أمّا فوّهة البركان فكانت رمزا لخالد سعيد الّذي لعب دورا كبيرا في تأجيج الثّورة ضدّ الحاكم المستبدّ وصولا إلى ترجيح كفّة ميزان الحقّ ، فعكس بذلك اللا وعي لدى الشاعر في تجسيد الحاجات الرّوحيّة لتمثيل منعطفات سياسيّة وصراعات طبقيّة ، فظهر الشّعر حقيقة محسوسة خدمت وظيفة سياسيّة في حالة الوعي عبّرت عن الفكرة بأسلوب غير مباشر ، وكأنّ النّصّ رسول بين نفس الشّاعر والمتلقّي

     وبرزت دلالات رمزيّة في نصّ كادر باتّساع المشهد لثلاث شخصيات مثّلت ممثّلين اثنين ومخرج ، فعكس في اللاوعي حالة الضّياع والعجز ومعاناة الوطن الّتي في الحقيقة معاناة لأبنائه ، ورسالة إلى السّلطة لتغيير منهجها القائم على الظّلم والقمع في إشارة إلى الحرمان من حياة نقيّة تعطي الإنسان الكرامة دون النّظر إلى دينه و إنّما إلى انتمائه الوطني الّذي يمثّل هويّته

وتناول الشّاعر الهمّ الذّاتي ممزوجا بهموم الإنسان ، فكان التّعبير عن ي حاجات روحيّة مشتركة بين الأفراد في كلّ العصور حيث يقودنا إلى داخل النّفس البشريّة ليشكّل نقطة التقاء تكشف الحقيقة الصارخة في حنايا النّفس وهي تباشير الحياة و تمازج صورها للعودة بمعطيات الحواس إلى مصدرها من قوّة الشّعور مع تشابك الحواس مما تطلّب الإيحاء بسبب العجز عن الإفصاح أو التّقصير في نقله

كما برز في نصّ الفارس المهزوم الّذي رمز للعاشق البائس الّذي يعاني من العزلة و يبحث عن أنثى للمساندة وسدّ ثغرات الهشاشة في نفسه المتألّمة من عالم لا مكان فيه لحبّ فقير بسبب الفساد وسرقة القوت، وإشارة إلى رفض الخنوع ، واستنكار استلاب الخيرات الّتي يتمتّع بها الطّغاة فقط ، أمّا الفقراء فليس لهم سوى الدّموع الّتي قد تتحوّل يوما إلى غضب حارق في إشارة اللا وعي لضرورة استعادة الحقوق و تحقيق العدالة

والدّيوان كلّه عبّر من خلال المنهج النّفسي وتوظيف الرّمز عن وظيفة الشّعر كحاجة روحيّة من خلاله نجسّد الأحلام عن الجمال والعدل والحقّ والخير ، فليس الشّعر وهما ولا خيالا ، بل حقيقة محسوسة والشّاعر الحقيقيّ نبيّ وفيلسوف و مصوّر و كاهن يخدم الحقيقة والجمال ومبعثه الفكر والعاطفة اللذان يجدّدان العالم

نماذج من أشعار أحمد مصطفى سعيد


بازل وجع

1

آدم

ما إن داس الأرض

غافله الدّمع

فأنبت قصب الحزن

وولد النّاي يتيما

لا يعرف غير الآنين

2

حواء لم تبال

ولن

ولتزيد فى وجع آدم

أغاظته

وصنعت من هسهسة العنادل

ضحكتها

وصهيل الخيل الموشومة

تمرّدا

خلاخيلا

3

كلّ مساء

يرسم وطنا أوّل الّليل

ضاحكا

منطاد فرح

وآخر الّليل

يرسم بلادا أكلها

الخراب

فيضطر

يلصق عليه

شارة الحداد

و يرتجي النّوم

فالآهات واقفة

بالمرصاد

4

طوق الحمامة

ومزامير نزار

و أقمار مستغنامي

وكؤوس رامبو

وحانات أبي نواس

هزمتهم

أحقاد أبي العتاهية

وأبي العلاء

وخرائب إليوت

فالسّواد يبتلع

قزح الأعمار

5

ثلاثة فى الغابة

يهنؤون برغدها

وآخر يموت نازفا

نخوة

الأسد

الثّعلب

والفأر

والنّمر

ولا تحدّثني

 عن باقي الدّواب

والطّير

فالغراب نذير شؤم

أبو قردان متصاب

والعصافير هناك

مع القمرات

الأفيال تتثاءب

تقتل الحرّ

ببارد البحيرات

نسيتك

على شجرة على بعد

حيرة

تسترخي الحرباء

6

قالت يا أبتي

افعل ما تكسب

هى زيجة

إن صحّت بعض عسل

وباقي الأيّام

مرارت

7

ياه ضحكاتهم

يضجّ  منها البراح

لو نظروا على نافذة الغد

من أب   

جدّ

لاعتلاهم الشّيب رعبا

إذ أبصروا

البراح ثقب إبرة

والشّدو نحيبا

فالنّصيب

الأقدار

ولصوص الحلم

أصحاب القرار

ولا فرار

8

غبية الزهور

تمنح فرحها

لعاشق لعوب

لمريض ينتظره بشغف

تابوت

شاهد يحمل اسم غبي

ترك قلبه وعمره

على الحدود أشلاء

ولا أزيس

9

فى منتصف العمر

وقبل الأفول بقليل

تتساوى فى عينيك

الأشياء

ولسانك يصاب

بالغباء

كل ما تتمنّاه

موت بلا

ض

ج

ي

ج

10

(…………………

؟؟؟؟        !!!! )

شعر أحمد مصطفى سعيد

مسلمات العشق

الجميل فى “game

تستطيع اللّعب من جديد بعد ” _game over

وفي العشق

بعدها الفاتحة

لمن رحل

٢

بعضهم

يرى العشق نفلا

في حين

أنت تراه فرضا

فلاخيار أمامك لتهنأ

ترك محراب قلبها

أو الصّبر

3

سأعاتب اللّه سرّا

وعلانية

لم وهبتني الحبّ

نهى عطية

وأوقف العوز بيننا قاطع

ط

ر

ي

ق

4

سيباركك العشق

فقط

أخرج مهملات عشق تعطّن

رسمة همسة

دفء القبل

عطر كوفيّة ساعة مطر

وعبقيّة بحلم جديد

ههيهات الأميرات

يجمعهنّ سقوف

البوص الجريد

5

من يأتيني بنبوءة

جرح عمري النّازف عشقا

بعد دهر

س

ي

ط

ي

ب

6

أيا كلّ أنثى عاشقة

للدّنيا ربّ واحد

وللقلب أيضا

فامتثلي

7

الأرصفة أولى بك

حائط مسجد

” بار” حانة

هي المتّسع للواهمين الخلاص

8

ماذا لو استبدلت قلبك ليعمل

بكفاءة عالية ودم جديد

هل سيغيب هناك دبيب العشق

هههههه

العشق هو الرّوح صديقي

والرّوح

لاتعرف المغيب

9

قال من على المنبر الشّيخ

الجنّة

للصّابرين العوز

على غفلة صهد وثب بين المصلّين الجموع

هذا المجذوب المنبر

قال

كذبت

الصّبر  يا حنجوريّ القول صبر الفقد

على المحبوب

10

لترتقي

تعلّم التّخلي

11

قالت بنت السّبعين خريفا

والرّوح فراشة

من ودّعني جسده

كان يلتقيني في الصّباح بتحايا القبل

وفي المساء

كان الأمر للمسام

كانت تقتل

وحشة النّهار

وصخب الصّبيان

وصحاف الذّاد

وعذول يطرق الخلوات

بلا ميعاد

المسام هي وحدها

كانت الطّبيب

والطّيب

وحافظة سرّ جريان الدّبيب

من الوريد للوريد

من أخمص القدم

للشّعر المنثور

نشوات

12

ليهدّئ روع روحها

 القسّ ساعة الفقد

ربّت متمتما

وما أحمد الاعاشق

إن هجر

أو غدر

آو رحل

تقوم قيامتك

فاصلب عشقه

على صليب النّسيان

13

قال آخر ما طاله الشّوق من دروب جنّتها

قال عند سرة الحسن

قبيل أعراش فتنتها

قال أكمل الحبو

بصبر

والتفت لمواء النّهد

إن لم تمسّه شفاهك

سينفرط

وعد

ألق السّلام على

قيثارة الخصر

اللّحن الآهة

سينهمر

حاملا بشر الولوج

فادخل كغاز 

منتصر

شعر أحمد مصطفى سعيد

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات