رؤى البازركان: فنانة تشكيلية عراقية تحمل وردتها وتطوف الحياة

08:50 صباحًا الأحد 7 مارس 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

رؤى البازركان فنانة تشكيلية عراقية تمتهن فن الوردة وعطرها.تكاد تقبض على العطر وتلونه وترفعه الى المرتبة المرئية.ففي كل لوحة تبتكرها يخرج منها اريج اللون ويعبق في مساحة العقل قبل الاستقرار في صالون العين والنظر. لوحتها مثلها،امرأة رشيقة الحسن،غابة ظلال،عطر على مدّ عين الحضور،على مدّ عين الغياب.
ترسمين في لوحاتك إمرأة حالمة. لماذا تحلم وبماذا تحلم؟

الحياة حلم … حلم كبير فإمرأتي حالمة و هذا خيارها و منظورها للحياة. إختارت أن تنأى عن مشاهدة العنف وصور الدمار و التخريب فعادت إلى الداخل لترى بعيون قلبها ما تريد أن تراه من جمال لا يوجد سوى بالصمت و السكون. فأحلامنا الصامتة أصدق من كل الكلمات الناطقة بخراب الأرض و الإنسان. المرأة الحالمة تتكلّم بكل اللغات من خلال صمتها لأنَّ أحلامها حرية حقيقية نسعى إليها.. إنها حرية الإنسان من كل ما يعيقه من أن يفرح و ينمو ليصبح إلهاً على ذاته و حاوياً على كل البشر و أحلامهم. المرأة الحالمة رمز حلم الإنسان بالارتقاء و التطوّر.. إنها المرأة المدركة الواعية بما حولها فالحُرّة من سجون الأكاذيب.
الزهور على رؤوس نساء أعمالك الفنية. هل هذا دلالة على اتحاد المرأة الحالمة بالطبيعة و الكون؟

الزهور عالم إبداعي خاص لا يختلف عليه اثنان من حيث إيحاء الجمال في الشكل و اللون والعطر فجميعها تحرّك الخيال الابداعي ليظهر و يتجلّى… الأزهار تعطي مشاعر السعادة بدون منازع وهي أيضاً وسيلة تجميلية وحاجة لطيفة لزينة المرأة فهي تحمل قيمة مادية وروحية في مضمونها باقية عبر الزمان و المكان. كانت الزهور وستبقى رمزاً ابداعياً للخالق العظيم.

في لوحاتك الجديدة ما يوحي بأسلوب جديد و مختلف. أين يكمن هذا الإختلاف و التجديد؟

فكرة التجديد كانت طبيعية لمرحلة نضوج من عمري و هذا التجديد كان تلقائياً من الداخل للتعبير عن مرحلة جديدة لفهم الحياة و التعاطي معها… تركت روحي تختار وترسم و تعبِّر فكان هذا التجديد خطاً ممتداً لما كان وما سيكون. لا زالت المرأة رمزاً كبيراً حاضراً في لوحاتي لكنها اليوم استيقظت و أشرقت لتساعد الكائنات للإنتباه على أنَّ الجمال في كل مكان إذا أنت تختاره فسيحوّل حياتك من حياة جميلة إلى حياة أجمل. فالجمال ارتقاء بالروح والوعي نحو اكتشاف كينونتنا الأصلية والحقيقية. لذا يتطوّر الجمال بتطوّر الإنسان فيصبح التجديد ماهية الحياة والبقاء والاستمرار.

مَن ملهم جمال لوحاتك التشكيلية؟ هل هو فنان أم مجموعة فنانين أم انها الطبيعة بما احتوت من جمال و فنون؟

بعد سنوات من حبي للفن و الرسم توصلت إلى أنَّ ملهمتي الأولى هي روحي حيث أني أرسم من شغف الروح … و الرسم هو من فنون الروح…. أما الطبيعة فهي ملهمة قيّمة للفنان حيث اللون و الكتلة والموضوع كلها متجمعة تلهم الفنان. و أما بالنسبة للفنانين فأعتبرهم مجموعة من أرواح حرّكت خيالها وخيالي نحو الخلق وتجلي الإبداع فأرواح المبدعين تهيم في عالم الجمال.

ما دور الفن و الجمال في عالم الصراعات و الحروب؟ هل الفن علاج أم خلاص؟

دور الفن قديم منذ التواجد الأول للإنسان وما وجدناه من آثار الرسومات في الكهوف القديمة يشير إلى أهمية الفن و الإبداع ودوره في حياة البشرية. ويساهم هذا الدور التوثيقي و التعبيري في الاشارة الصادقة لمراحل الفن التي مرّ بها. الموجود من منحوتات أثرية ورسوم جدران الكنائس و المعابد و الفخاريات كلها تؤكد على أهمية الفن في حياة الإنسان. فدور الفن دور صادق لا يمكن التلاعب به من خلال هذه الآثار الموثقة لكل مرحلة. بالفن نحيا و ننتصر على الآلام والصراعات والحروب. الفن علاج للصراع ضمن النفس البشرية و بين البشر كما هو خلاص للإنسان من الحروب الدائرة ضمن الأنفس البشرية و عبر تاريخ الشعوب لأنَّ الفن يرتقي بالإنسان إلى عالم أفضل هو عالم الجمال والاستمتاع بما هو جميل.

هل يوجد دور للفنان أو الفنانة في عصر سيطرة الآلة و التكنولوجيا؟

لِحدّ اليوم لا زال للفنان دور حتى مع التطوّر التكنولوجي. لا زال الفنان يقدِّم ابداعه اليدوي الذي يستدعي جمهوراً كبيراً من المتابعين و المتذوقين. أما التطوّر التكنولوجي فيخدم الفن أيضاً كإيجاد سبل متنوعة ترفد الفن بتقنيات ومواد جديدة تزيد من الهام الفنان ما يطوِّر ابداعه. التطوّر التكنولوجي ليس خطراً على الفن …فالفن هو الغاية الأسمى و العليا للإنسان فبِه يتخيّل فيصنع العالم.

كيف تنظرين إلى مستقبل الفن في العالم؟ هل الفن ضرورة حياتية أم ترف؟

كُلّي تفاؤل بأنَّ الفن سيكون في قمة العالم القادم وسيكون دور الفن من أهم مقومات الحياة بعد أن كان مهمشاً و مهملاً…الفن ضروري لانتصار الحياة والتحضّر فهو مقياس تطوّر الحضارات..لا حياة بلا فن..فالفنان يبني مُدُنه و حدائقه الممكنة التي قد نتمكّن من إنشائها. هكذا الفن خالق الحياة والكون. للفنانين دور أساسي ألا و هو توجيه المجتمع نحو الأفضل من خلال تصوير الجمال و القيم و رسم معالم التطوّر الممكن. لذلك للفن مستقبل زاهر لأنه يبني الإنسان و مستقبله. فلنتابع ونرى كيف سيبدع الفنانون على جميع الأصعدة الفنية و الحياتية.

One Response to رؤى البازركان: فنانة تشكيلية عراقية تحمل وردتها وتطوف الحياة

  1. محمد درويش الاعلامي الشاعر رد

    8 مارس, 2021 at 3:28 م

    غالبا” ما ينجح الشاعر اللبناني العربي العالمي اسماعيل فقيه في تحويل لفكرة الجامدة الى فعل حياة وبالتالي يبرمج تنسيقه الفني في خدمة مشروعه الثقافي العام
    وهو اليوم من خلال حواره الناصع مع رؤى البازركان الفنانة التشكيلية العراقية انما يؤكد لقراء العربية في العالم ان النمط الذي يعتمده فقيه انما هو طراز جديد من الشرح والوصف والتحليل يرتكز الى مصطلحات تخصصية في شؤون اللوحةوالالوان والرسم والفكرة الفنية وعناوين اللوحات وبالتالي جوهر الرسم ..
    يمارس فقيه كما هو منذ عقود البحث والتنقيب في جسد القصيدة اللوحةو وبالتالي يعطي تفسيره بل تنجيمه عن معاني الحياة من خلال لوحة الانثى انه يترجم ويفسرعالم الفنان بكل ما لديه من بوصله ومواد استكشافية هي حصيلة تجربة واسعة وعريضة في هذا العالم الملون
    بقي ان نذكر ان الفنانة رؤى البازركان
    فنانة ترتكز الى شفافية في اللون وعمق في مهمة الفن صاحبة رأي مغاير هو نتاج عالمها الجميل الذي يزهر كل يوم لوحات تحاكي الماضي والحاضر والمستقبل
    انها فنانة موفقة بل حاضرة في عالم الفن العربي والدولي بثقة واتزان وجودة ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات