الطّفل اللّبنانيُّ وتعاقُبُ الحروبِ في قصة الأطفال والنّاشئة الوطنية

09:12 مساءً الأحد 18 أبريل 2021
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

عندما كتبتُ قصة (خَشَبونا) للنّاشئة، و(كذلك كان أبي)، و(إنها حرب تموز)، لم أرغب في تقديم دروس في الوطنية للأطفال والنّاشئة، بقدر ما أردت- في القصة الأخيرة- لأن أقدم للعالم معنى أن يحاول ناشئ إنقاذ جهاز حاسوبه من أرض المعركة، رغم معرفته بأنه يعرّض حياته للخطر، وأن أقدّم للعالم- في القصة الثّانية- معنى أن يصل طفل (قُتِل) أبوه في الحرب إلى فلسفة مبكرة عن الموت يقدمها بسخاء عند الحاجةِ إلى طفل في مثل عمره يعاني (الآن) ما عاناه هو (في الماضي)، وأن أقدم شخصية صبية (خَشَبونا)، لا تشبه بحال من الأحوال صبايا الحكايات الجميلات: سندريللا وبياض الثّلج وغيرهما، لأنها لا تمتلك جمالهنّ، ولكنها تمتلك عقلًا مفكرًا أهَّلَها أن تقدم نصائح للأمير كي ينهض بوطنه الذي بدا لها أنه على شفير هاوية الحربِ القائمةِ أسبابها على انتشار الفقر والإهمال.

وبعيدًا عن قصصي، أود هنا أن أقدم دراسة عن شخصيات القصص الوطنية اللّبنانية التي قدمتها الكاتبات اللّبنانيات والكتاب، للأطفال والنّاشئة، علّنا نصل إلى نتيجة تنقذ البلاد والعباد من الحروب التي يدفع ثمنها الصّغار قبل الكبار: جوعًا وفقرًا وتشريدًا وموتًا لا يليق بالإنسانية معه أن تقف قُبَالته مكتوفة الأيدي تراقبُ ولا تفعل شيئًا.

القصة الوطنية: تتجاوز القصة الوطنية التَّفاصيل اليومية العادية التي تهتم بها القصة الاجتماعية عادة لتهتم بالتّفاصيل المصيرية. فالقصة الوطنية هي القِصَّة التي تصف أحوال الوطن والمواطن في حالات السّلم والحرب، وتعتمد على الوطنية Patriotism أي: “الشّعور بحب الوطن الذي يعبر عنه في الأدب أحيانًا نثرًا أو نظمًا، ويتضمن ما تحويه نفس الشَّاعر أو الكاتب من مقدار إخلاصه لوطنه، كما ينطوي على حث القارئ للمشاركة في هذا الشّعور[1]“. وتحمل هذه القصص أهدافًا نبيلة تظهرها شخصياتُها الإيجابية التي تتمتع بصفات خيِّرة كالنَّزعة النِّضالية، ونشدان الحرية، ونبذ الظّلم والعدوان، ورفض الباطل والاضطهاد[2]. وهذه الأسباب هي التي جعلت القِصَّة والرّواية (الوطنية) من أشهر أنواع الأدب العربي المعاصر وأكثره انتشارًا سواء ذلك المقدم إلى الكبار أو الصّغار.

وتستمد قِصَّة الأطفال والنّاشئة الوطنية أهميتها من كونها: (أ) تقوِّي انتماء قرّائها (ب) تعرِّف القراء إلى قضايا أمتهم كي يتعاطفوا معها، فينمو شعورهم بالمسؤولية تجاه المكان الذي نشأوا فيه والنّاس الذين يشتركون معهم في وحدة ثقافية وإنسانية(ت) تساهم في بناء شخصيتهم من خلل تفاعلهم مع الشَّخصيّات والأحداث التي يقرؤون عنها. 

وفي إطار قضايا الوطن، رصد كتّاب القصة اللّبنانيون أنواع الاحتلال بدءًا من العثمانيّ، وانتهاء بالإسرائيلي، معتمدين على: (أ) وصف الوطن وصفًا دقيقًا قبل الاحتلال أو أثناءه أو بعده، ما يترك المجال واسعًا للطّفل القارئ كي يقارن حال الوطن المطمئن أو القلق، ما يدعوه إلى تحمل مسؤولية قضايا أمته والمشاركة فيها وجدانيًّا وفكريًّا بحثًا عن حلول قد يعجز عنها الكبار أحيانًا (ب) تعريف الطّفل بتاريخ وطنه وأبطاله، وطرق مقاومتهم (ت) تعريفه بقضايا وطنه القديمة والحالية، وبعدوّه القديم والحديث من خلال رسم خط مستقبليّ يهدف إلى إحلال السّلام والطّمأنينة (ث) شرح مفاهيم: الوطن والحرية والبطولة والمقاومة والشَّهادة وغيرها، مما قد يصعب على الطّفل إدراكه خارج إطار هذه القصص (ج)النّظرة الإيجابية التي تصور البطولة في أبهى معالمها، كما تصور مستقبل الوطن المشرق.

(1) العثمانيون

  عانى لبنان من وجود العثمانيين على أرضه من حروب وفقر وجوع صوَّرته قِصَّة إلياس سميا (أمير الأحلام)[3] خير تصوير، من خلل أمير أحلام[4] يحقق ما يتمناه الفتى اللّبناني الصّغير: “سالم”، الغارق وأسرته وأبناء وطنه في البؤس بسبب وجود جنود الاحتلال. والقصة كتبت بأسلوب سهل، مشوق جمع بين الواقع والخيال، فبدت صورة الوطن على الشَّكل التّالي:  (أ) وصف القاصِّ حال الوطن الاقتصادية من خلل وصف تفاصيل حياة عائلة الفتى الذي خسر أبوه بقرتيه وثوريه ودجاجاته، ومات كلبه جوعًا، فعانى وأسرتَه- كما عانى كل اللّبنانيين- الخوف من انتشار الجوع في ظل وجود المحتل (ب) إجبار جنود الاحتلال رجالَ الوطن على نقل العتاد والمؤن إلى القرى  المنتشرة في الجبال والأودية، ثم سوق الهاربين إلى الحرب(ج) بحث النّاس عن موارد رزق أخرى بعد أن نضبت مواردهم (د) الصّلاة والدّعاء للخلاص من هذا الوضع المزري.

وإذا كانت مقاومة الجنود تُحَل بالهرب حينًا وبالصّلاة أخرى، فإن سالمًا قد وجد طريقًا ثالثة من خلل استخراج الملح وبيعه، وإن اصطدم هذا الحل بدخول فرقة من جيش العثمانيين إلى بيته، فهرب الأب، وظهر إلى الوجود أمير الأحلام الذي حقق رجاء الفتى: “خلِّص شعبي من الجوع  والظّلم”! ما عنى أن للأطفال دورًا مهمًّا في قضايا الوطن وخلاصه.

ويمكن الإشارة إلى صورة العثمانيين التي أجاد جبران مسعود وصفها في كل من قصّتي:  (عنتر) و(جدتي)، اللّتين نقرأ تشابهَ وضع البلادِ و(أمير الأحلام). وقد استنكر مسعود الجوع في الأولى على لسان “بو محبوب”: “مَن كان يقول إن (بو محبوب) يجوع؟ مَن كان يقول إن (بو محبوب) يعيش إلى يوم يرى فيه ابنه يرنو إلى اللّقمة وكأنها الغاية والنّهاية؟ أين الكوارة يكدس فيها القمح الحوراني؟ أين المسامِن يكدس فيها الدّهن، دهن الخراف المعلوفة التي أكلت من يدي جميلة ومن لياليها؟ أين “دكاكيش” التّين المغلي والزّبيب والجوز تنفق في ليالي الشّتاء بين السُّمَّار لا حساب ولا ندم؟ أجل! إن واقعًا كهذا الذي جثم عليه لَكفيل بأن يجعل أعماقه تنتفض، فيثور لكرامة هدرها الدَّخيل، ويثور لنشاط يُنحر كما تُنحر الأرواح”.

وينتشر الجوع، ويتسبب في موت النّاسِ، ولا يستثني الجنودَ الأتراك، فوجوههم “ينعكس عليها بمرارة استرحامُ البطن الفارغ”، فإذا بالنّعوت التي ينعتهم بها أهل البلاد من “كلاب أنجاس”، و”جراد”، تتحول إلى شفقة إنسانية.  

ولشدّة ما عانى النّاس رمى البعضُ العثمانيين- ومنهم جدة الرّاوي في قِصَّة (جدتي) لجبران مسعود-  بما يستحقون وبما لا يستحقون: “كانت تستنزل على رؤوسهم الويلات، وهم الذين “شَمْشَطوا” زوجها إلى المجلس العرفي وأعادوه قشرة من جلد على عمود من عظم. وكانت ترميهم بالمعاصي، كل المعاصي، حتى ولو كانوا من بعضِها براء: فالجراد من أعمالهم، والموت من أعمالهم، وإقفال باب البحر من أعمالهم… وعندما تنتهي من سرد مخازيهم، تختم كلامها بهذه الآيات وقد احتقن الاحتقار في عينيها وشفتيها:

-الله يمحقهن! كنا نطعميهن كمان! يطعمهن كاسات العمى!”

غير أن الشّفقة تتكرس عندما يتعلق الأمر بعدوٍّ جائع كما في قِصَّة (في سبيل اللّقمة)[5] لجبران مسعود التي طالب فيها “جبور” المختار الأرملةَ التي قضى زوجها في طريق العودة من حوران أيام “السّفَر برلك” بـ”هدية” لجنود الأتراك الذين خيموا في الضَّيعة، فتقاسمت مؤونتها الصّغيرة معهم، ولفَّت رغيف شعير مسحت عليه بعض اللّبنة لابنها “جريس” في اليوم التّالي خوفًا من مصادرته. أخذ “جريس” الرَّغيف، وراح  يراقب خيام الجنود وفي نيته أن يحوم  كالعادة حولهم ويقوم بحركات تضحكهم، لكنه فوجئ بجنديين يقتربان منه؛ مما أثار رعبه، فهرب وقد سقط منه الرّغيف الذي التقطه أحدهما وأعمل فيه أسنانه قضمًا وطحنًا. أسكت الجندي الجائع صراخ معدته، وعلا صراخ جريس وبكاؤه، ثم تقاطرت على رأس الجندي الحجارة يقذفها وهذا واقف ينظر إليه ويأكل لا يرى ولا يسمع.

وقد بدت صورة الوطن واضحة في القِصَّة: (أ)  الخوف يملأ القرى، لكن الأطفال لا يخافون الجنود بل يلعبون معهم (ب) موت سكان القرى ببنادق شذاذ الآفاق أو بردًا على طريق حوران، مصدر القمح (ج) وجود “المتتركين” من أصحاب الضّمائر “الغضة” يساعدون الأتراك على أهلهم (د) استنكار البعض فكرة أن يُطعِم الجائعُ مَن يجيعُه (ه) مظاهر الجوع تجلت في: اقتسام المؤونة – مهما كانت صغيرة – بين الجنود وأصحاب البيوت، وتقسيم رغيف الشّعير أقسامًا تؤكل على أيام، ولَحاق الجنود بالأطفال لسرقة طعامهم (و) سلاح الأطفال ضد المعتدي في كل زمان ومكان: الحجارة.

(2) حرب لبنان وإسرائيل

قامت إسرائيل منذ عام 1948، باجتياح الأراضي اللّبنانية، فنتج عن هذا الاجتياح: (أ) احتلال مساحات شاسعة من أراضيه[6] (ب) تعرُّض اللّبنانيين وممتلكاتهم للقصف والأعمال العسكرية برًّا وجوًّا وبحرًا، وبأسلحة محرمة دوليًّا [وما زال، وكان آخر اعتداء كبير سنة 2006] (ج) حصار الموانئ والشّواطئ اللّبنانية، حتى إنه في العام 1995، وحده حاصرت القوات البحرية الإسرائيلية الشّواطئ اللّبنانية مدة عشرة أشهر متتالية (د) الاعتداء- من خلل قواتها المسلحة الجوية والمظلية- على الأسطول المدني لطيران الشّرق الأوسط عام 1968، ما أسفر عن تدمير 13 طائرة مدنية: ثمان منها تخص شركة الطيران اللّبنانية[7].

تبقي الحدود المشتركة بين لبنان وفلسطين المحتلة من قبل العدو الصّهيوني إذن على توتر الأمن وخاصة على الحدود الجنوبية، مما يعني الموت المفاجئ، والخراب المفاجئ، والخوف الذي يعاينه الصّغار كما الكبار[8].

وقد اهتمَّ كتَّاب قصة الأطفال اللّبنانيون بتقديم صورة هذا الموت المفاجئ، فكتب رضوان الحريري قصة (أجمل ما في الدنيا)[9] واصفًا موت أطفال لبنانيين جنوبيين على مرأى من أنظار العالم، فقدم القاصّ قصة أطفالٍ قضوا  في (النّبطية: جنوب لبنان) إثر سقوط قذيفة إسرائيلية على حافلتهم المدرسية في 21 آذار 1992، وجرح بعضهم.

وقد بدت صورة الوطن في القصة على الشَّكل التّالي: 

(أ) افتقاد الأمان من خلل افتقاد العيش الطّبيعي (ب) استباحة دماء الأطفال من قبل العدو الإسرائيلي(ج) ممارسة إسرائيل أبشع المخالفات الدّولية بقتلها أطفال المدارس في لبنان ومصر وسورية وفلسطين من دون أي رادع يردعها.

على أنَّ تلقي الضّربات الموجعة، لا يعني أن  الوطن صامت مستسلم، وإن لم يشر القاصُّ- في غمرة انفعاله الكتابيّ- إلى كيفية مقاومة الجنوب اللّبناني للعدوان المستمر، وهو عيب من عيوب القِصَّة الغارقة في الحزن والذي كان يمكن تلافيه ولو بإشارة.

 القِصَّة سهلة الأسلوب، واقعية، كلماتها توحي بالحزن العميق(السَّماء السَّوداء، انتهاء الرّبيع، انتهاء العيد..)، وألفاظها حقيقية، وإن استعمل القاصُّ القليل من المجاز السّهل المعبر، وشخصياتها من الأطفال مات بعضهم والبعض جرح.

أما وأن المقاومة لم تذكر في جِواء الحزن المسيطر على القِصَّة، فإن قصصًا أخرى أكثر إشراقًا وإيجابية قدمت صورة أوضح عن رفض قتل الأولاد والكبار، ورفض هدم الوطن.  ولعل خير نموذج لهذا الرّفض ما قدمته قصص إدفيك شيبوب: (وقعة الغداء السَّاخنة) [10]،  و(سيطلع فجر جديد) [11]، و(بعد العاصفة) [12] من التحاق رجال القرى الجنوبية بالمقاومة الوطنية، ونهوض الشَّباب لبث الحياة وسط جِواء الموت. أما اللَّافت، فما قدمته إملي نصر الله في (استحقت عيشها) من مقاومة النّساء للعدو الصّهيوني، بالإضافة إلى مقاومة الرّجال له. 

وتشترك قصص إدفيك شيبوب الثلاث في: (أ) المكان (ضيعة جنوبية منكوبة)[13] (ب) جواء الحرب المخيفة والمدمرة والمرفوضة (ج) النّظرة الإيجابية المسيطرة على القصص (زوال الظّلم وانبثاق السّلام) (د) استمرار الحياة بزخمها اعتمادًا على تعاون أبناء القرى-كبارًا وصغارًا- حفاظًا على العيش الكريم (هـ) التحاق رجال القرية بالمقاومة الوطنية دفاعًا عن الوطن.

وإذا كانت قصتا: (سيطلع فجر جديد)، و(بعد العاصفة) تدوران في جوِّ القصف الذي يخيف الصّغار خاصة، إذ أخاف سميرًا- ابن الخامسة وأحد بطلي القِصَّة الأولى- وأخاف “مأمون”، بطل القِصَّة الثّانية، فقد لعب الفتى “رضوان”- شقيق سمير- دور جد مأمون[14]، فبث الاثنان الطّمأنينة في نفس الطّفلين الخائفين، داعيين إياهما إلى انتظار السّلام من خلل انتظار الشَّمس التي ستشرق ماحية الظَّلام الدّامس، مستخدمين رمز “الفجر” كناية عن النّصر والسّلام، و”الظَّلام” كناية عن العدوان الإسرائيلي.

وفي إطار المكان نفسه، تجري حوادث قِصَّة (وقعة الغداء السَّاخنة) التي يكون لأبطالها “الأحداث” دور كبير إيجابيّ في تأمين “وقعة الغداء السَّاخنة” التي اعتاد عجائز القرية الجنوبية “المنكوبة” والعاطلين عن العمل فيها تناولَها بمساعدة المجلس البلدي الذي توقف فجأة عن المساعدة، فقاموا بحملة تبرعات وتعاونوا على استمرار تقديمها، فأثبت هؤلاء الفتيان أنهم على قدر المسؤولية في غياب الرّجال الذين التحقوا بالمقاومة الوطنية دفاعًا عن أرضهم التي يقصفها الإسرائيليون. أمّا وقد نجحت خطة الأولاد الاجتماعية، فقد أثبتت القاصَّة أن لكل فرد دوره البنَّاء في معركة الوطن ضد أعدائه.

ومن صورة المقاومة الجنوبية الإيجابية التي يقوم بها الرّجال عسكريًّا والأحداث اجتماعيًّا، إلى تقديم نموذج مقاوِمٍ غني وفريد هو نموذج (حياة)، بطلة قِصَّة إملي نصر الله (استحقت عيشها) [15]التي تحكي قِصَّة رفض “أبي ناصيف” فكرة ولادة ابنة ثانية فرماها من الشّباك، فقامت إحدى سيدات القرية برعايتها فكبرت وقويت وتعلمت وشاركت في تحديد مصير الوطن.

وإذا كانت القاصَّة تسلّط الضوء على التعامل السلبي مع المرأة ـ وهو تعامل وصل إلى أقصاه حين رمى الوالد ابنته ـ  فهي تسلِّط الضوء على أهمية المرأة وقوَّتها وفاعليتها حتى في القتال ضد العدو.

ويظهر الوطن في القِصَّة من خلل: (أ) الحرب التي حولت القرية وسائر قرى الحدود الجنوبية إلى “خط نار دائم التَّأجج” (ب) تحوُّل جلسات الضَّيعة من جلسات تُحكى فيها الأساطير والخرافات والمعجزات التي وقعت في زمان غابر إلى جلسات تتناول الأحداث الحالية التي يعيشها الشّيوخ والأطفال والنّسوة والشَّباب (ج) النّاس في القرى الجنوبية- كبارًا وصغارًا–  متمسكون بأرضهم ومساكنهم، وبكل ذرة تراب غرسوها من حبات صدورهم وسقوها عرق السّواعد ودموع العيون (د) مشاركة النّساء في كل القرى الجنوبية في الدِّفاع عن الوطن ضد العدو، نافضات الخمول، وخارجات عن التَّقاليد البالية التي أبقتهن سنوات عنصرًا سلبيًّا لا يشارك في مصير الأمة.

على أن الملاحظ في كل القصص الوطنية اللّبنانية هو التَّمسك بالبقاء في الأرض، بل رفض المغادرة إلا لأسباب فردية اجتماعية، كالسَّبب الذي دفع ابنة بطلة قِصَّة إملي نصر الله (البعد جفاء)[16] إلى مغادرة قريتها الجنوبية “المستظلة بأعطاف جبل (حرمون)” للزَّواج بمغترب.

إلا أن الأم رفضت هذا الرَّحيل، وانتظرت عبثًا عودة الابنة إلى أحضانها وأحضان الوطن المعاقَب بذنب لم يقترفه. أما سبب عدم عودتها، فهو توليها مسؤوليات عائلية. وقد تجلى التَّمسك بالأرض في المقاومة على كافة الصّعد، وفي انتظار الأم عودة ابنتها إلى أرض المعارك.

ولا يكتفي العدو الإسرائيلي بالاعتداء على الجنوب اللّبناني، بل يمد شرَّهُ ليصل إلى بيروت، حيث نقرأ  مشاهد النّزول إلى الملجأ في قِصَّة الحيوان: (يوميات هر) لإملي نصر الله، إذ بدا الوطن على الشَّكل التّالي: (أ) خطر القصف الإسرائيلي (جوًّا وبحرًا وبرًّا) يطال البشر والحجر والحيوانات (ب) هروب الشَّباب إلى خارج البلاد (ج) تهجير أحياء  بكاملها من مكان إلى آخر (د) انقطاع الكهرباء وتحصين البيوت ومداخل الأبنية بأكياس الرمل (هـ) النّزول إلى الملاجئ حيث يفتقد النّاس أبسط شروط الحياة الصّحية (و) الفوضى العارمة في البلاد وانتشار المسلحين في الطرقات (ز) الأمل بالسّلام في وجود “قوات الطّوارئ”.

 (3) الحرب الأهلية

إن ما يخفف الخجل من الاعتراف بهول ما جنت أيدي أبناء الوطن على الوطن، بشرًا وحجرًا، إنما هو إلصاق التّهمة-  بطريقة أو بأخرى-  بالأيدي الغريبة، فقد قص توما الخوري في قِصَّة (أهلاً بالخواجا)[17] حكاية موظف سُرِّح وزملاءَه من وظيفته وقبض تعويضه الضئيل فوجد نفسه- عن غير قصد-  يملأ سيارته بالمجوهرات أثناء قصف الأسواق التّجارية ببيروت، محيلًا أسباب الحرب على “الخارج”، وإن خفف من تأكيد هذا الاتهام سوْق عبارة: “كما لو أن” قبل تحديد الجهة، وكأن القاصَّ يشك بوجود أطراف داخلية تساند الخارجية، إذ قال: “ما من شيء عن مأساة بلدنا إلا وسبقتنا الإذاعات الخارجية إلى فضحه ونشره على الملأ، كما لو أن أسباب الفتنة فيه-  أولاً وأخيرًا-  كانت هي الأخرى من الخارج أيضًا”، ويشرح تفاصيل الحرب للناشئة من خلال رصد ما يجري في الحرب من: (أ) اغتيالات عشوائية برصاص القناصة و”الآر بي ج” والرشاشات الأوتوماتيكية (ب) قتلٌ منظم على الهوية (ج) خطف (د) نسف بالمتفجرات (هـ) تدمير الحجر (كما في الأسواق التّجارية) (و) سلب ونهب (وهو موضوع القِصَّة) (ز) بطالة وفقر.

ولا ينقطع توما الخوري عن تأكيد فكرة تشابه نتائج  الحرب الأهلية اللّبنانية بنتائج الزلازل، فيؤكد في قِصَّة (زلزال)[18] على تشابه نتائجها ونتائج زلزال تشيلي عام 1960  في الدمار إذ دمرت الأمكنة بفعل “الحرب القذرة” و”وجود المنظمات التي تعتدي على النّاس”؛ ما جعل الخوف والموت ينتشران.

وإلى الموت والخوف والفقر والبطالة التي يؤكد توما الخوري أنها من نتائج  “الحرب القذرة”، يقص القاصُّ حكاية الفارِّين إلى بلاد الغربة، كما فر بطل قِصَّة (لعبة القدر)[19] المحامي الكهل، بينما فرّ بطل قِصَّة (رصاصة طائشة)[20] لتوما الخوري إلى الجنون الذي يشيع التباغض والتقاتل والتدمير وسائر أنواع الشرور حتى إن القاصّ أفرد قِصَّة يتحدث فيها عن الموت جوعًا، وهي قِصَّة (العائد)[21] التي تحكي حكاية رجل اسمه “عبدو” مات أبوه، فأمه، فترك المدرسة وعمل معلم باطون، لكن الحرب أجاعته لدرجة الموت، ما يعني أن الأطفال يبحثون في الحرب- كما في (العائد) عن بدائل تنجيهم، وإن لم تكن مجدية.

وتستكمل إملي نصر الله على لسان راوية قِصَّة (المدينة والحلم)[22] رسم صورة الوطن القاتمة أيام الحرب الأهلية، رافضة أن تتحول بيروت “الأسطورة”، بيروت “مدينة الدّهشة والغرابة” إلى “ذكرى تدق على باب الضَّمير”، فتغمض بطلة القِصَّة عينيها “حتى لا تبصر الحرب”، من دون أن تذكر القاصَّة من الحرب تفاصيل مادية، بل مُتخيلة مؤلمة في محاولة إعادة البناء بدءًا من منابع الحلم.

وتقترب إدفيك شيبوب من عالم الأطفال والحرب، فتصف نتائجها من تشرُّد أسر هدمت بيوتها كما في قِصَّة (من براءة الطّفولة)، وموت أفراد الأسرة بفعل القصف كما في قِصَّة (كيف تغلب على حزنه؟)، وقلق الصّغار من موت مفاجئ كما في قِصَّة (لماذا مات الكنار؟)، وخوف طفولي من استمرار الحرب كما في قصتي: (هل تعود الحمامة؟) و(حمامة السّلام).

وتحكي قِصَّة (من براءة الطفولة)[23] حكاية خالد الذي رفض استضافة رياض ابن صديقَي  والديه، وذلك بعد أن قررت العائلة استضافة الجميع إثرَ تهدم قسم من بيتهم بفعل “قذيفة طائشة” لأن خالد لا يحب رياض الذي يؤذيه في المدرسة بألف طريقة وطريقة. لكن الأبوين يقنعانه بطريقتين مختلفتين: (أ) بالشدَّة [الأم]، (ب) وباللِّين [الأب]، فيقتنع.

ورغم الخلل المنطقي والتربوي اللذين وقعت القاصَّة فيهما، فإن القِصَّة تدعو إلى مدِّ يد العون لكل من يؤذى بسبب الحرب التي أظهرت الوطن مدمرًا والمواطنين مشردين.

ولا تقتصر نتائج القصف على هدم البيوت وتشريد أهلها، بل تقتل أفراد الأسر كما في قِصَّة (كيف تغلب على حزنه؟)[24] التي تحكي قِصَّة الفتى رامز الذي قتل والداه بانفجار عبوة جانية، فبقي في عهدة جده العجوز. وقد تحول الفتى من “نشيط مرح إلى آخر كئيب وجامد كالصنم لا يأبه لشيء ولا يضحك للرّغيف السُّخن”. أما وقد وجدت القاصَّة حلاً للفتى يتمثل بالعودة إلى مزاولة عمله المهني [النّجارة]، فإنها لم تر في هذا الحل الفردي حلًّا للمشكلة الحقيقية الكبرى، وهي أزمة الحرب التي وضعت الوطن في إطار القصف والدّمار والموت بحيث يصبح الموت بفعل القذائف- في نظر طفل  الحرب- هو الموت المنطقي الوحيد كما أشارت إدفيك شيبوب في قصتها (لماذا مات الكنار؟)[25].

وإذ أكدت الجدة أن الموت لا يكون بسبب القصف فقط، بل بسبب الشَّيخوخة والأمراض وغيرها، بدا الوطن في القِصَّة على الشَّكل التّالي: عرض صور جثث ضحايا القصف في التّلفزيونات على مرأى الصّغار ومسمعهم، ما يثير قلق الصغار وخوفهم. 

وتستكمل صورة الحرب بخوف الأطفال من استمرارها كما أظهرت إدفيك شيبوب في قصتي: (هل تعود الحمامة؟) و(حمامة السّلام)، وتشترك القصَّتان في كونِهما تبحثان عن السّلام الذي رُمز إليه بالحمامة، فقد طرحت  القاصَّة في قِصَّة (هل  تعود الحمامة؟)[26] سؤالًا يردده صغار الحرب: هل يعود السّلام مع الحمامة البيضاء الحاملة في فمها غصن زيتون؟ 

 وتكمن أهمية هذا السّؤال في كونه يُطرح في ظل ظروف أمنية صعبة: قصف مجنون، غارات، خوف امتد إلى الحمامة “ففرت إلى حيث الأمان والهدوء”. أما المقاومة، فهي من  أجل البقاء، وقد تمثلت بغصن الزّيتون المحمول بفم الحمامة والذي قرأ الصّبي من خلله “بادرة” تمنى ألا تكون مجرد صدفة، بل “استجابة لصلاة باسل وإشارة لانتهاء  وإحلال السّلام”. القِصَّة حافلة بالأمل بالخلاص وإن ظل هذا الخلاص- من خلل نهاية القِصَّة المفتوحة-  مجرد تمنٍّ تدعمه الصّلوات الطّفولية.

وفي الإطار ذاته، كرست إدفيك جريديني شيبوب قضية ارتباط السّلام برمز الحمامة في قِصَّة (حمامة السّلام) [27] حين ترسم رزان- بطلة القصة- على كرتونة سوداء تمثل وطنها المعذب حمامة سلام منتظَرةً تُمثل العيد؛ ما يعني أن الوطن اختصر باللَّونين الأسود والأبيض، أي: بالحرب والسّلام.

 أما وقد بلغ الخوف مبلغه في عالم الصّغار كما في عالم الكبار الذين يعيشون الحرب المدمرة بتفاصيلها، فثمة منافذ للتَّقليل من آثار الخوف، أو قل إنها أجزاء من حلول لا تُغني عن الحل المنشود وهو سيادة السّلام؛ وقد بدت هذه الحلول على الشَّكل التّالي:

أولًا ـ  اللجوء إلى الملاجئ في ساعات الخطر: كما في قِصَّة (الملجأ)[28] لسماح إدريس الموجَّهة إلى الفتيات والفتيان، والتي يتذكر فيها “مازن”- بطل القِصَّة- أيامه وقت كان مراهقًا آخر الثَّمانينيات، دامجًا الخوف الذي يعانيه النّاس في مشاهد الحياة اليومية المرحة المعتمدة على تناقضات الشَّخصيّات. والقِصَّة عبارة عن تفاصيل النزول إلى الملجأ، وقد بدا الوطن فيها على الوجه التّالي: (أ) استخدام أطراف الحرب صواريخ جديدة تطلق صفارات طويلة مخيفة (ب) انقسام الأطراف إلى: “جماعتهم”: الذين يأخذون “ضوءًا أخضر من أمريكا وإسرائيل”، و”جماعتنا”: الذين يتلقون “تحذيرًا من سورية بعد السّماح للجماعة [الآخرين] بتجاوز الخطوط الحُمْر” (ج) بيروت أثناء الحرب: “أكوام الزّبالة ومياه المجارير المفتوحة، فقد تمضي أسابيع على المدينة المشتعلة بالقتال والقصف قبل أن يستطيع عمال التَّنظيفات أن يأتوا لكنس الشَّوارع وإزالة القاذورات” (د) حذَر مترافق بانقطاع الكهرباء والماء (هـ) الأولاد كانوا يأخذون إلى الملجأ أحدث الألعاب وأجمل البيجامات والثياب (و) خوف العائلات التي  كانت تأخذ معها كيسًا مليئًا بالأساسيات: جوازات سفر، أدوية، كاتول، كبريت، بسكويت، قنينة ماء، بعض النقود، وورق اللعب (ز) عودة الحياة إلى طبيعتها كلما توقف القصف: الطلاب إلى مدارسهم والكبار إلى أعمالهم (ح) خوف الكلاب والحيوانات[29].

وإذ تتشابه مشاهد النزول إلى الملجأ في قصتي (الملجأ) لسماح إدريس، و(يوميات هر) لإملي نصر الله في انتشار الخوف والقلق في نفوس النّاس والحيوانات والأطفال، يكبر الخوف في قِصَّة (لعبة القدر) لتوما الخوري مع غياب عنصر الطّفولة وتوَجُّه القِصَّة إلى الشَّباب الذين يمكن أن يستوعبوا المزيد من مشاهد الضَّغط النَّفسي الذي يحاول قصصيو الأطفال التَّخفيف منه للتلويح بأمل السّلام الآتي؛ ما يعني أن الاتّجاه نحو الواقع المجرد يسير طردًا مع الأعمار التي تتوجه إليها القصص. 

ثانيًا ـ  التّفكير بمغادرة البلاد ريثما تهدأ أسباب الموت والدمار بما يحمله هذا التفكير من صراع نفسي ووطني تمثله قِصَّة (جواز السّفر) لإدفيك شيبوب، وبدء رواية (على بساط الثلج) لإملي نصر الله، وقِصَّة (لعبة القدر) لتوما الخوري. 

على أن أسباب الموت والدَّمار قد لا تكون كافية للبعض كي يقرر المغادرة؛ ومن هنا يولد الصَّراع بين المغادرة والبقاء حتى عند أبطال القصص الصّغار الذين لم يَخبروا ما يعانيه المغادرون، ويكون لتمسكهم بأرضهم أسباب منها: (أ) التعلق بالمكان (ب) التعلق بأحد أفراد الأسرة ممن قرر البقاء.

ففي (جواز السّفر)[30] ، تفكر أسرة الفتى نادر بالسفر لتمضية شهرين “في بلاد بعيدة آمنة”، فيرفض نادر متمسكًا بالبقاء مع أبيه، غير أن هذا الصراع ينقلب طرفاه في رواية (على بساط الثلج) لإملي نصر الله، فإذا ببطل الرّواية الصّغير هادي يتشوق إلى السفر والهرب من “مستنقع الحرب” بينما يكتفي والده “بكفاف العيش مثل معظم النّاس الذين لم يهاجروا”، مرددًا: “الحجر مطرحه قنطار”، فيسافر هادي مغادرًا وطن الخوف والرّعب إلى عالم الثلج ولكن…على بساط الحلم.

ثالثًا ـ  المشاركة: وتتجلى في مساهمة أبطال قِصَّة (وسام النظافة)[31] لإدفيك شيبوب في التخفيف من أعباء الحرب، وتكاد لا تختلف عن  المساهمات الشَّبابية في جِواء الحرب اللّبنانية ـ الإسرائيلية[32]. وتتميز هذه المشاركة بكونها تبدأ فردية وتتطور لتصبح جماعية (الكشافة).

رابعًا ـ  الكذب الأبيض الذي يهدف الكبار منه إلى إشاعة الطّمأنينة في نفوس الصّغار الخائفين كما في قِصَّة (الكذبة البيضاء)[33] لإدفيك شيبوب، والتي تصف فيها الجدة كذبتها على حفيدها توفيق بأن الحرب اللّبنانية انتهت بقولها إنها “كذبة بيضاء” ـ ككذبة بابا نويل،  يصدقها الصّغار في انتظار أن يعم السّلام. أما الوطن فهو عبارة عن: دمار، وحواجز، وخوف، وقلق، وكذب الكبار على الصغار بأن الحرب سوف تنتهي قريبًا.

خامسًا ـ الجندية: وهي حل منطقي فعال في مواجهة حروب الميليشيات، فالوطن “لا يبنى من دون تجنيد إجباري مثلاً أو ما معناه خدمة الوطن[34]“. وقد طرحت إدفيك شيبوب الجندية حلاًّ في قِصَّة (أريد أخًا) [35] التي يتمنى فيها  أمين أن يُرزق بأخ كي يخدم العلَم فيؤدّي واجبه الوطني باعتزاز.

أما صورة الجنود التي أحبها أمين والتي تشجِّع الشَّباب على الالتحاق بالجندية، فهي صورة إيجابية تتمثل بالتّالي: (أ) مشهد الجنود أثناء التّدريب والذي يشعر الأولاد بالقوة (ب) هُتافهم للبنان ما يشعر الطّفل بانتمائه إلى وطن واحد للجميع (ج) الشّعور بأهمية أن يكون للوطن المباح جيش قوي شجاع يدافع عنه ويحميه.

سادسًا ـ بعيدًا عن الحلول القصصية، تنقل كريستين نصار في كتابها (واقع الحرب وانعكاساتها على الطّفل) آثار الحرب السّيئة على الطّفل[36]، وتقترح حلولًا يجب أن يقوم بها الكبار، منها: (أ) أهمية المحيط (الأسرة والمجتمع) في تأمين الأمان للطّفل، أي: توفير الملجأ الأمين “الذي يشعره بأنه يقف على أرضية صلبة راسخة لا على رمال متحركة تموج تحته، وذلك بتوفير الإجابة المقنعة والمطمئنة لنفس الطّفل التي تعتريها شتى أنواع التساؤلات والوساوس[37]” (ب) أهمية إقامة الشّرعية، ويكون ذلك بغرس الشّعور بأن الطّفل مواطن في وطن وليس طرفًا في كيان[38] (ج) تطبيق “الميثاق الوطني” الذي أعد كصيغة تعايش رافقت إعلان الاستقلال عام 1943[39].  

 (4) حروب لا تنتهي

تختصر رواية (رحلة الوروار)[40] لربيعة أبي فاضل مجموعة الاحتلالات والحروب التي تعرض لبنان لها منذ العصور القديمة حتى تاريخ روايتها متحدثًا-على لسان راوي القِصَّة بديع- عن هموم لبنان وأبنائه بحزنٍ واضح من خلل حبكة مفككة مليئة بالانزياحات الزمانية والمكانية. وظهر الوطن في القصة على الشَّكل التّالي: (أ) هجرة اللّبنانيين إلى أفريقيا والبرازيل وأميركا وفرنسا والخليج (ب) الحرب الكبرى وبنو عثمان والمتصرفية [ص7، 30، 43] (ج) معارك ضارية بين اللّبنانيين والمماليك، والموت عطشًا [ص 57 ـ 58] (د) بيع أراضي لبنان للأغراب في الثّمانينيات والتّسعينيات بموجب مؤامرة [ص70] (هـ) زمن ضاعت فيه الهوية، واختلط الحابل بالنَّابل” [ص104] (و) أزمات اقتصادية واجتماعية ونفسية “من 1305 إلى 1860 إلى 1974 إلى 1975 إلى هذه الساعة.

 (5) بين البقاء والمغادرة

يأخذ موضوع الاغتراب في القصة اللّبنانية مكانه ليصل إلى قصة الأطفال والنّاشئة، فإذا بالقارئ يرحل مع الراحلين لأسباب اقتصادية[41] أوعلمية[42] أو اجتماعية ـ سواء أكان هذا الرحيل مباركًا من قبل القاصِّ أم ملعونًا،  إلى:  كندا، البرازيل، أمريكا، أفريقيا، فنزويلا، الكوت دازور، تشيكوسلوفاكيا، إيطاليا، وبلاد أخرى لم تُسمَّ[43].

وقبل أن يكتب كتاب القصة اللّبنانيون للصّغار والنّاشئة عن الاغتراب، كتب توفيق يوسف عواد للكبار قِصَّة (بلاد الذَّهب)[44] ساخرًا من اعتقاد العامة بأن المغتربين يجنون في  بلاد الاغتراب الذّهب، مفندًا هذا الرّأي من خلل قصِّه قصة عائلة (بطرس همَّام) التي تفككت نتيجة تفكيره الهوس في السفر. كذلك سخر القاصُّ من هذا الاعتقاد في قِصَّة (حلم مهاجر)[45] من المجموعة ذاتها من دون أن يسمي بطل القِصَّة، وكأنه أراد من إبقائه بلا اسم  القول: إن المهاجر سوف يندثر أثره واسمه ما دام قد فكر بمغادرة بلاده.

وقد كرس كتّاب قصة الأطفال والنّاشئة فكرة توفيق يوسف عواد[46]، وإن لم ينكر البعض أهمية الاغتراب لجني المال والانطلاق من أسْر الأوضاع الاقتصادية الصعبة[47]. إلا أن السمة العامة لقضية الاغتراب تتمثل بالدَّعوة إلى البقاء في الوطن، خاصة وأن الوطن يحمل من الجمال والبهاء ما يجعل أبناءه فخورين به أشد الفخر[48]، كما يضم في أحضانه المفكرين والأدباء والعباقرة الذين هم موضع اعتزاز أيضًا. 

وقد حكى فريد أبو فاضل في (جبور ومرقد العنزة) [49]مفتخرًا بمبدعي لبنان وبأرض لبنان:”نيَّال من له مرقد عنزة في لبنان! “[50].

على أن الكتّاب لم يدعوا إلى البقاء في أرض الوطن لأجل شخص كجبور، ولأجل جمال لبنان فقط، بل لإنهاض الوطن وبنائه وتخليصه من الآلام والمصاعب التي يعانيها المهاجرون والمغتربون. وقد صرخت روز غريب صرختها العالية المجازية في قِصَّة (ألقوا دلوكم) [51] داعية إلى البقاء لا المغادرة، وذلك لأن مغادرة الشَّباب تعني خسارة الوطن وخسارة المهاجرين. أما ما يلقاه المغترب، فأقله-  على قول إملي نصر الله في قِصَّة (حسون الغربة) [52] – الإحساس القاسي بالغربة. وتحكي القِصَّة حكاية رجلٍ خبَّأ حسونه الذي أخذه معه من لبنان إلى بيته في “البلاد الرّابضة عند أقدام القطب الشمالي” عشر سنوات في الثلاجة إلى أن أعاده إلى بلده ودفنه هناك. والإحساس القاسي بالغربة مفهوم ومقدَّر عند بطل قِصَّة (حسون الغربة) الذي طالت سنوات غيابه، إلا أنه مفاجِئٌ عند رامي بطل قِصَّة (معمودية الغربة) [53] لمي منصور، إذ يحلم رامي- كما يحلم معظم اللّبنانيين-  بالسفر إلى ما وراء البحر اعتقادًا منهم “أن هناك شجرًا مسحورًا يؤتي ثمرًا من الياقوت والمرجان ينتظرنا لكي نقطف منه الكنوز جنى يملأ الأكياس ونعود إلى الوطن أثرياء” [ص7]. لكن “أوجاع الغربة” تتسلل إلى عروق رامي منذ اليوم الأول الذي سافر فيه إلى “لوس أنجلوس” فيكتشف– في هذا اليوم – أن أمريكا “تمرض القلب”، وأنها “بلد أناني”، وأنها بلاد “العبودية”، وأنها “أكذوبة فاشلة”، وأن الأمريكيين هم “عبيد المصالح”، فيعود إلى لبنان: “بلد الحب والحلم والجمال، بلد الروائع والعنفوان، بلد الإبداع، بلد الكرم والكرام”، [ص21-23] ليروي حكاية حنين مغترب ووجع البعد.

ويؤكد إلياس زغيب التَّشبث بفكرة البقاء في رواية (الظريف ملكو) [54]التي توجه بها إلى النّاشئة. وتحمل الرّواية رسالة مهمة يمثلها بطلاها: الظَّريف ملكو صديق الأطفال الذي “يحيي اللّقاءات والحفلات” [ص37]، والصّغيرة ندى (نوسا)، وهي فتاة في الحادية عشرة من عمرها، تهرب من بيت جدَّيها هربًا من عمها القادم من كندا لأخذها معه، فتتعرف إلى الظريف ملكو، فيعلِّمها الغناء والرّقص ورواية الحكايات، فتبدع فيما تُقدمه إلى الأطفال إلى أن يُقبض عليها بعد مغامرات لطيفة وطلبات تُقدَّم باسم الصّغار للكبار، وتنتهي الرّواية باقتناع العم لبيب بالعودة إلى لبنان- الوطن.

وتقدم الرّواية نظرتين إلى الهجرة:

(أ) الأولى: هي النّظرة المشجِّعة على الهجرة ويمثلها العم لبيب القادم من كندا إلى لبنان لاصطحاب ابنة أخيه إلى حيث الحياة الكريمة[ص9] (ب) الثّانية: هي النّظرة الرافضة للهجرة والتي تمثلها (نوسا) ومن قبلِها والداها، ويشجعها الظّريف ملكو من خلال  تقديمه كل التّسهيلات للأطفال لنيل الثّقافة التي تبقيهم في ربوع لبنان سعداء فرحين.

وإذ تغني نوسا بصوتها الشّجي أغنيةً عن “الفراغ والقهر في الغربة، وعن الحنين إلى الوطن والأهل، كانت توجِّه أغنيتها إلى كل مغترب طالبة منه العودة إلى ذاته وجذوره، ولكلِّ من تسوِّل له نفسه الهجران محذرة إياه من “وَهدةِ النّكران ومن ضياع الذّات”. وكان لصدى أغنيتها وقع عميق في وجدان عمها لبيب الذي تأثَّر تأثرًا شديدًا، فاغرورقت عيناه مرارًا وهو يستمع إليها بكل جوارحه ويردد معها الغناء” [ص 114]:

مهاجر وبتدورْ

بتدورْ وبتسألْ

عن حالك بتسألْ

وهوْن

شو بعد باقي من الدّني عنّا

غيوم سوْدا؟ وشوك؟ ومساميرْ؟

لا، لا

بيضلّ عنا بالدني أحلى

هون بعد قلوبنا بتحنْ

بعد عيوننا بتشتاقْ

وأصواتنا بتنده لبعضا

هوْن في حب وحلا وإيمانْ

رِفقا وحنين وأهلْ

شبابيك مفتوحا

وشفافْ عم بتطلّ

تِحمرّ بالإلفِه

وتوزّع البَسْمِه

وتحسّ عم بتقولْ

أهلا

إنتْ إنسانْ

إنسان يا لبنانْ

وجّك حلو

قلبك حلو

يا جنة الأوطانْ

[ص16]

وتنتهي الرّواية بتقديم العم لبيب مبلغًا من المال إلى ملكو تقديرًا لأعماله وموهبته ومساهمته الكبيرة في مساعدة الأجيال النّاشئة على إغناء قدراتها لبناء مجتمع خلاق عظيم وذلك كي يبني أوَّل مكتبة ودار للأطفال، وبقرار عودته شخصيًّا إلى لبنان [ص 117- 118].

خلاصة:

واعتمادًا على حلم العم لبيب المشرق، يمكن القول إن عصورًا من الظّلم أرخها كتاب قصة الأطفال والنّاشئة بدءًا من ظلم العثمانيين الذي عانى فيه لبنان وأهله الجوع والفقر والموت، مرورًا بالظّلم الإسرائيلي الذي استعمل- وما زال- أشد أنواع الأسلحة فتكًا، وصولًا إلى حروب أهلية أحيلت أسبابُها على الخارج، فحصدت ما حصدت من دمار البشر والحجر. إلا أن الدّعوات إلى البقاء في أرض الوطن لإعادة إعماره كانت اللّغة المشتركة بين الكتاب الذين قدموا حلولًا أدبية قد تبني الأوطان لو سلط الضَّوء على شخصيات الأطفال والنّاشئة ضمن القصص المقدمة، فأُخذت أفكار هؤلاء الصّغار والشّباب على محمل الجدّ، إذ كثير من هذه الشَّخصيات  تجاوز الصّورة النَّمطية، فأسمعَ رنينَ صوتها إلا أولئك الذين لا تعني لهم الطّفولة ولا يعني لهم (أدب الطّفولة) شيئًا، وأقصد التّقليديين من الكتَّاب والنّقاد، الذين لا يرون في الأدب إلا ما سمعوه وقرأوه في كتب الأدب القديم، فردّدوه منتشين، ورفضوا كل ما يمتّ إلى غيره رفضًا تامًّا لم يكتفوا بإهماله، بل قاموا بمهاجمته والسّخرية منه، وهم سبب مراوحتنا اجتماعيًّا وثقافيًّا وأدبيًّا وعلميًّا ووطنيًّا. 

د. إيمان بقاعي

الدامور، لبنان،

‏الأحد‏، 28‏ شباط‏، 2016


[1]  ـ مجدي وهبة: معجم مصطلحات الأدب، ص 392. 

[2] ـ عبد الملك مرتاض: في نظرية الرواية، عالم المعرفة، الكويت، ص 48-49.

[3] ـ إلياس سميا: أمير الأحلام، مج (القيثارة الفضية). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي، ط1: 1977.

[4] ـ هو ابن الصدَفة  السحرية  اللؤلؤية البراقة، وهو بهي الطلعة، والملاحظ أن  الرسام رسمه بكامل ملابسه  الفولكلورية اللبنانية ليمثل الشعب. وقد لبى مطالب سالم في تخليص الشعب  من الجوع  والظلم بأن خلصهم من الاحتلال.

[5] ـ جبران مسعود: في سبيل اللقمة. جدتي. بيروت، بيت الحكمة، ط8: 1998.

[6] ـ من الاحتلال: (أ) في العام 1948 احتلال جزء من الجنوب بعد ارتكابها مجزرة حولا وأصبحت على مشارف الليطاني (ب) في العام 1949 احتلت أراضي واسعة من القرى الأمامية الجنوبية مثل: يارون، رميش، عيترون، بليدا، ميس الجبل، حولا، عديسة، كفركلا وغيرها…(ج) في العام 1967 استولت على 11 مزرعة في خراج شبعا. (د) في العام نفسه استولت  على مساحات واسعة من أراضي منطقة جبل الشيخ اللبنانية الجنوبية (هـ) منذ العام 1978 وحتى اليوم، تحتل إسرائيل 1/10 (عُشر) مساحة لبنان وتقوم بغزوه باستمرار[جنوب لبنان (دراسات في العدوان الإسرائيلي ونتائجه). بيروت، الجمهورية اللبنانية ـ مجلس النواب 1999، ص 44 ـ 45].

[7] ـ جنوب لبنان (دراسات في العدوان الإسرائيلي ونتائجه)، ص 44ـ 45. 

[8] ـ انظر: قصص إدفيك شيبوب: (سيطلع فجر جديد) و(بعد العاصفة) و(وقعة الغداء الساخنة). كذلك انظر قصتي إملي نصر الله (استحقت عيشها)، و(البعد جفاء).

[9]  _ رضوان الحريري: أجمل ما في الدنيا.

[10] ـ إدفيك شيبوب: وقعة الغداء الساخنة، مج (سيطلع فجر جديد). بيروت، دار الإبداع- الحرف الذهبي، ط1 1999.

[11] – إدفيك شيبوب: سيطلع فجر جديد، مج (سيطلع فجر جديد). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي، ط1 1999.

[12] – إدفيك شيبوب: بعد العاصفة، مج (قمر الصحراء أجمل). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي، ط1: 1999.

[13]  ـ انظر، في موضوع المكان: قِصَّة إملي نصر الله (البعد جفاء) من مجموعة (جزيرة الوهم) إذ سمع العالم كله بأخبار “القطاع المغمور، والذي لم يكن في الماضي يعني أحدًا سوى المقيمين فيه”.

[14] ـ إذا كان الطفل يعاني من مشكلات معينة، فالأطفال الآخرون يمكن أن يساعدوه. وكثيرًا ما يكون الأطفال أفضل من غيرهم في العثور على الطرق الصحيحة للمساعدة [نهج “من طفل إلى طفل” في التربية الصحية، كتاب الأنشطة2. ورشة الموارد العربية للرعاية الصحية وتنمية المجتمع. ط2: 1997، ص 190].

[15] – إملي نصر الله: استحقت عيشها، مج (جزيرة الوهم). بيروت، بيت الحكمة، ط8 1999.

[16] ـ إملي نصر الله: البعد جفاء، مج (جزيرة الوهم). بيروت، بيت الحكمة، ط8 1999.

[17]  ـ توما الخوري: أهلاً بالخواجا، مج (الزلزال البشري ـ قصص اجتماعية من محنة لبنان). بيروت، بيت الحكمة، ط1: 1996.

[18]  ـ توما الخوري: زلزال، مج (الزلزال البشري ـ قصص اجتماعية من محنة لبنان). بيروت، بيت الحكمة، ط1: 1996.

[19]  ـ توما الخوري: لعبة القدر ، مج (الزلزال البشري ـ قصص اجتماعية من محنة لبنان). بيروت، بيت الحكمة، ط1: 1996.

[20]  ـ توما الخوري: رصاصة طائشة، مج (الزلزال البشري ـ قصص اجتماعية من محنة لبنان). بيروت، بيت الحكمة، ط1: 1996.

[21]  ـ توما الخوري: العائد، مج (الزلزال البشري ـ قصص اجتماعية من محنة لبنان). بيروت، بيت الحكمة، ط1: 1996.

[22]  ـ إملي نصر الله: المدينة والحلم، مج (روت لي الأيام). بيروت، دار الإبداع، ط1 1997.

[23] – إدفيك شيبوب: من براءة الطفولة، مج (الجدول). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي. ط 1: 2001.

[24]  ـ إدفيك شيبوب: كيف تغلب على حزنه؟ مج (عقد الياسمين). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي. ط1: 1999.

[25]  ـ إدفيك شيبوب: لماذا مات الكنار؟ مج (عقد الياسمين). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي. ط1: 1999.

[26] ـ إدفيك جريديني شيبوب: هل تعود  الحمامة؟ مج (الصناعي الصغير).  

[27] –  إدفيك شيبوب: حمامة السلام، مج (قمر الصحراء أجمل). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي، ط1: 1999.

[28]  ـ سماح إدريس: الملجأ. بيروت، دار الآداب للنشر والتوزيع، ط1 2005.

[29]  ـ هذه الفكرة أكدتها إملي نصر الله في روايتها (يوميات هر).

[30] ـ إدفيك شيبوب: جواز السفر، مج (الجدول). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي. ط 1: 2001.

[31]  ـ إدفيك شيبوب: وسام النظافة، مج (الجدول). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي. ط 1: 2001.

[32] ـ انظر: (هداياكم في العيد) و(سيطلع فجر جديد) و(وقعة الغداء الساخنة) لإدفيك شيبوب.

[33] ـ إدفيك شيبوب: الكذبة البيضاء، مج (سيطلع فجر جديد). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي، ط1 1999.

[34] ـ كريستين نصار: واقع الحرب وانعكاساتها على الطفل (حالة خاصة: الطفل اللبناني)، سلسلة الأقارب والطفل في المجتمع الشرقي المعاصر. بيروت، جروس برس، ط1: 1991، ص 57.

[35]  ـ إدفيك شيبوب: أريد أخًا، مج (الحلم). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي. ط 1: 2001.

[36] ـ أثرت الحرب الأهلية اللبنانية بتعقيدها- باعتبار العوامل والفئات المتقاتلة والأهداف المبتغاة- في نفس الطفل اللبناني فأصبح أرضًا خصبة لغزو شتى الاضطربات النفسية التي تمتد من غموض الهوية وازدواجيتها وصولاً لحدود الذُهان الفُصامي، وهو أخطر الأمراض النفسية، مرورًا بعدد من الاضطرابات الأخرى. [كريستين نصار: واقع الحرب وانعكاساتها على الطفل، ص 59]

[37] ـ كريستين نصار: واقع الحرب وانعكاساتها على الطفل، ص:20 ـ 21.

[38] ـ أطلق اللبنانيون، منذ الاستقلال، على بلدهم صفة “الكيان اللبناني” لا “الوطن اللبناني” اعتقادًا منهم أن صفة الكيان توفر لهم درجة من الاستقلالية أكبر من “الوطن” [كريستين نصار: واقع الحرب وانعكاساتها على الطفل، ص 57]. 

[39] ـ كريستين نصار: واقع الحرب وانعكاساتها على الطفل، ص 58.

[40] ـ ربيعة أبي فاضل: رحلة الوروار (رواية). بيروت، دار الإبداع، ط2002.

[41] ـ انظر: (الطبيب الصغير) لإدفيك شيبوب، و(السجادة) و(ألقوا دلوكم) لروز غريب، و(يوم عاد أبي) لرشاد دارغوث، و(الجبار) لإملي نصر الله، و(اسمع يا رضا) لأنيس فريحة.

[42] ـ انظر: (موهبة وإرادة) لإلياس سميا.

[43] ـ انظر: (الظريف ملكو) لإلياس زغيب، و (يد القانون) و(حسون الغربة) و(الجبار)، و(على بساط الثلج) لإملي نصر الله، و(السجادة) و(ألقوا دلوكم) لروز غريب، و(اسمع يا رضا) لأنيس فريحة. (المغترب الرائد) و(العائد) لإملي نصر الله، و(طالب علم في العشرينات) لميخائيل صوايا، و(في ظل القلعة) و(بعيدًا عن ظل القلعة) لألكسندرا سابا يارد، (النار الخفية) لروز غريب، و(حلم ربيع)، (موهبة وإرادة ـ مصطفى فروخ) لإلياس سميا، و(الكراز العبقري) لإملي نصر الله، و(حربوق) لمنير عشقوتي، و(يوم عاد أبي) لرشاد دارغوث، و(جبور ومرقد العنزة) لفريد أبو فاضل، و(لعبة القدر) لتوما الخوري، و(البعد جفاء) و(كلام) لإملي نصر الله.

[44] ـ توفيق يوسف عواد: بلاد الذهب، مج (العذارى). بيروت، دار صادر، د.ت.

[45] ـ توفيق يوسف عواد: حلم مهاجر، مج (العذارى).

[46] ـ انظر: (الطبيب الصغير) و(جواز السفر) لإدفيك شيبوب، و(على بساط الثلج) و(البعد جفاء) لإملي نصر الله، و(السجادة) لروز غريب، و(العائد) لتوما الخوري.

[47] ـ انظر: (المغترب الرائد) لإملي نصر الله، و(كيف تغلب على حزنه؟) لإدفيك شيبوب.

[48] ـ انظر: (الظريف ملكو) لإلياس زغيب، و(الطبيب الصغير) لإدفيك شيبوب، و(ألقوا دلوكم) لروز غريب، و(اسمع يا رضا) لأنيس فريحة.

[49] – فريد أبو فاضل: جبور ومرقد عنزة، مج (زغاريد الجن). بيروت، دار الإبداع ـ الحرف الذهبي، ط1 2001.

[50] ـ استخدم أنيس فريحة “مرقد عنزة” في كتابه (اسمع يا رضا) في معرض تعليقه على وقوع الحرب، فقال: “إذن وقعت الحرب! ياخسارة مرقد العنزة!” [أنيس فريحة: اسمع يا رضا، ص 200].

[51] –  روز غريب: ألقوا دلوكم، مج (النار الخفية). بيروت، دار الحكمة، ط6:  1996.

[52] – إملي نصر الله: حسون الغربة، مج (روت لي الأيام). بيروت، دار الإبداع، ط1 1997.

[53] – مي منصور: معمودية الغربة. بيروت، دار الإبداع، ط1 1996.

[54] – الياس زغيب: الظريف ملكو ـ رواية. بيروت، مكتب الخدمات الجامعية، ط1: 1991.

One Response to الطّفل اللّبنانيُّ وتعاقُبُ الحروبِ في قصة الأطفال والنّاشئة الوطنية

  1. الكاتب الأديب جمال بركات رد

    19 أبريل, 2021 at 10:14 ص

    أحبائي
    أبنائي وبناتي
    المبدعة المتألقة
    مرت على الطفل اللبناني أحداث كثيرة ومثيرة
    وقصص الأطفال هي للأجيال المتعاقبة مصابيح منيرة

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات