الروائية رشا فاضل “بخطى ثابتة” نحو المدينة المستحيلة الفاضلة: (كان عندي منزل ووطن)

12:32 مساءً الجمعة 14 مايو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الروائية العراقية رشا فاضل، كاتبة متعددة المواهب،كتبت الرواية والقصة والمسرح، رسمت خطاً في الهوى والنوى،أطلقت حروفها وكلماتها في المدى الواسع، علها ترسم أو تستعيد صورة الوطن البعيد، الوطن الذي لم تتركه أو يتركها رغم المسافة الفاصلة بينهما.أصدرت العديد من الكتب الأدبية ، ومنها: “أحلام كالفراشات”،”رقصة فوق خراب الوطن”،”مزامير السومري”،رواية”على شفا جسد”، وكذلك أصدرت العديد من المسرحيات التي عرضت في مسارح عربية متنوعة. تعيش الكاتبة حياتها في الغربة،بعيدة عن وطنها وناسها، لكنها لا تكف عن الأمل، “لا شفاء من الأمل” الذي يراودها ويحملها كل يوم الى جوهر الأرض والأنسان والزمن. الجوهر الأصل الذي ترعرعت فيه .

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه


تتحدث الروائية الكاتبة الهادئة جداً لنا، وتكشف أكثرعن مرآة ذاتها، ويبرز معدن الأنسان المجبول بتراب الحياة والكلمات. فماذا تقول؟:

ـــــ نبدأ بسؤال تعارف، من هي رشا فاضل، كيف تعرف نفسها ككاتبة وكإنسانة؟
ـــــــــــــ السؤال قليل الكلام لكن جوابه يحتاج الى كل الكلام، فما أقول وكيف أعرف نفسي:

انسانة حالمة تصر على المضي بخطى ثابتة نحو المدينة الفاضلة المستحيلة ، فتجدها على خشبة المسرح حينا نصّا ضاجّا بثورتها البيضاء ، وتجدها بين دفتي رواية حينا اخر تطارد ابطالها الهاربين من الحياة الى سفوح الورق .. وصولا الى المتناثرين بعيدا عن اوطانهم في محاولة لابتكار اوطان بديلة اقل قسوة واكثر رحمة.

ــــــ لماذا الكتابة في حياتك، ولماذا الرواية تحديداً؟

ـــــــــــ بدأت بالقصة القصيرة ، عتبة نحو عالم شاسع اسمه الرواية فالقصة بتكوينها وهيكلتها السردية لاتحتمل الاستطراد ولاستوعب احداثنا المستطيلة بالألم ، لذا عبرت الى ضفّة الرواية في رحلة محفوفة بالمتوجس والحذر ، فالخروج من اللغة المكثّفة المختزلة للتجربة والاحداث الى افق فسيح مشرع على كل الاحتمالات كالرواية وضعني في سلسلة تحديات ، ولعل ما يشفع لي خوض غمار الرواية هو تلك الاحداث والتجارب التي لم تكن لتستوعبها القصّة او المسرح. يمكن القول ان التجربة هي التي تختار جنسها الادبي والشكل الذي تتخلّق به على الورق .

ـــــ كيف بدأت علاقتك بالكتابة؟

ــــــــــــ مثل أي سجين يحاول ان يوصل صوته ويتواصل مع العالم ابتدأت علاقتي بالكتابة .. كانت الكلمات حبلي السري الذي امده الى الحرية والى الاخر الذي تفصلني عنه الكثير من اللاءات والمحظورات .. في واقع لايمكن حتى ان اطلق عليه صفة الذكورية .. فالمجتمع الذكوري لايعني الغاء صفة الانوثة ووجود الانثى بل يذهب الى معنى اكثر عمقا وهو (التصحر) ..بمعنى فرض الهيمنة (الذكورية) عنوة الى مجتمع يتمنى العدالة والمساواة والحرية فالرجل لم يعد سعيدا بهذا النصر الالزامي فقد بدأ يثقل كاهله ايضا .. وسط هذه الرؤى المتشابكة فكان لزاما علي الاستعانة بصوت الكلمات وهي الاقوى والاكثر فصاحة مني ، واكثر مقدرة على الخروج من اقفاص الانثى الى افق شاسع اسمه الحياة .

ــــــ هل تأثرت رشا بظروف وأشخاص وأماكن ، كيف تبلورت أفكار الكتابة الروائية في حياتك؟

ــــــــــــــ الاحداث هي التي كتبتني .. (فرّوحة) بطلتي في الرواية كتبت صورة الأم العراقية المجبولة على الأسى والسواد .. أولئك المعتقلين في السجون وهم يحملون رسائلهم واوجاعهم كتبوا الفصول اللاحقة في روايتي .. تلك القرية النائية(سمرة) التي تجهلها خرائط الكون كتبتني بخضرتها .. بشعثها .. وكل أولئك العشاق المهزومين حملوني رسائلهم الخائبة ورحت اكتبها بحبري .. لا اعرف حقا من كان يكتب الاخر ! كنت أصواتهم وكانوا حبري .. انها المعادلة الأكثر تعقيدا في الكتابة .. ان تطرح هذا السؤال العصيّ : من الذي كتب الاخر أنت ام التجربة؟

ـــــــ المرأة العراقية المبدعة، كيف تصفينها، وما هو تأثيرها في الثقافة العربية؟

ـــــــــــــــ المرأة العراقية تاريخ من الجمال والأسى .. منذ (إنانا) آلهة الحب والحرب التي تشبهنا كثيرا وتمثلنا تماما..وحتى عراق الهجر والتهجير .. المرأة العراقية في غياب نصفها الآخر .. الشريك والابن والصديق .. الشريك الذي ابتلعته فوهة الحرب وفوهة الغياب .. فكان عليها ان تسد ّ مكانه في شواغر الحياة ، فراحت تستحضره على بياض الورق قامة نخيل لايدركه الانكسار او الغياب .. لذا .. فهي عندما تكتب ينصت لها العالم .. عنقاء تنبعث من رمادها كل يوم بهيئة قصيدة وقصة ورواية وعاشقة وريشة الوان تشاكس كل ذلك الخراب العظيم ، الذي كلما اتسع فيها غمرته بضوئها الذي لا يكلّ ولايمل .. وفي غمرة التداعيات التي يمر بها العراق تحملت المرأة العراقية وبشكل خاص المرأة المبدعة الجزء الأكبر من تداعيات تلك الاحداث التي انعكست على هامش الحرية الشخصية التي تضاءلت كثيرا تحت هيمنة الأحزاب الدينية التي اثقلت كاهلها بمافرضته من تهميش لوجودها وتحييد لقابلياتها ووضع القيود لابداعها وحضورها ومشاركتها الفاعلة في بناء المجتمع بل والنهوض به ، كل تلك الظروف انعكست على منجزها الإبداعي الذي فُرضت عليه المزيد من القيود فاصبح لزاما عليها ان تبذل مجهودا استثنائيا لاظهاره للعالم وقد استدعى المضي بمشروعها الثقافي مواجهة الكثير من التحديات والعقبات الاجتماعية والسياسية على حد سواء، يمكن القول ان مسيرة المرأة العراقية قد تلكأت بفعل كل هذه المتغيرات ، الا انها استمرت ولم تتوقف وعادت بقوة على الساحة وفرضت وجودها بتحد اكبر ولاتزال حاضرة وفاعلة في المشهد الثقافي العراقي والعربي على حد سواء ويمكن رؤية ذلك بوضوح من خلال مشاركاتها في المحافل الدولية والاحتفاء بمنجزها المتميز في كل الجوانب الإبداعية .

ــــــــ هل تكتبين الشعر أيضاً، لماذا؟

ــــــــــــــ اكتب الشعر كثيرا .. لكني اعتبره نافذتي التي اطل منها على ذاتي وليس على الاخرين .. لذا فهو مساحة خاصة جدا .. لا اجاهر بنصوصي الشعرية الا نادرا .. في حين اعلن انتمائي الصريح للرواية و المسرح .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات