فؤاد جرداق شاعر وصحفي لبناني مجهول الغياب

08:59 صباحًا الخميس 16 سبتمبر 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كنز الادب اللبناني لا ينضب من كبار الغيّاب . أدباء كبار في طي النسيان يرفع منسوب حضورهم مسار غيابهم . ومن هؤلاء الكبار الذي عجل الغياب بظهوره مجددا ،فؤاد سجعان جرداق (12 ديسمبر 1912 – 2 سبتمبر 1965) شاعر وصحفي لبناني. يعد شاعرًا يساريًا وصحفيًا ساخرًا، وعمل معلمًا ومهندسًا زراعيًا أيضًا. أصدر عدة جرائد أسبوعية في عهد الانتداب الفرنسي ودخل السجن مرارًا بسبب معارضته.

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

ولد في بلدة جديدة مرجعيون، وهو شقيق الأكبر للشاعر الراحل جورج جرداق. تلقى تعليمه الأولى في مدرستها الرسمية، ثم انتقل إلى دير المخلص ليصبح راهبًا، ولم تستمر فترة إقامته أكثر من عام، وبعد ذلك وجد نفسه غير مستعد ليصبح كاهنًا. فترك الدير متوجهًا إلى سوريا، وهناك التحق بمعهدها الزراعي وتخرج فيه محرزًا شهادة في الهندسة الزراعية. وبعده عمل موظفًا في وزارة الزراعة اللبنانية مدة، ثم تركها فعمل مدرسًا في مدارس عدة ودخل الصحافة. توفي في مسقط رأسه. له «المنعشات في مسارح الصهباء» 1933 وديوان «الهواجس» جمعه
(سيرته)
ولد فؤاد بن سجعان بن سليمان بن نقولا بن جبور من آل جرداق في بلدة جديدة مرجعيون يوم 12 ديسمبر (كانون الأوَّل) 1912 ونشأ بها.

بلدة جديدة مرجعيون 

والدته هي سبيها كريمة ذيب بن سرحان النمري، من جبال عجلون من أعمال شرق الأردن. هو شقيق جورج جرداق.
درس في مدارس بلدته، ثم انتقل إلى دير المخلّص قرب صيدا ليصبح راهبًا، لكنّه لم يستمر سوى عام واحد. سافر إلى سوريا سنة 1935 وانتسب إلى المدرسة الزراعية في مدينة السلمية وتخرّج بها. عاد إلى وطنه وعمل في وزارة الزراعة، ثم درّس في الجامعة الوطنية في عاليه، ثم عاد ليعمل في الزراعة مرّة أخرى في مدينة بعلبك، وراشيا الوادي ثم عاد ليدرّس مرة أخرى في كليّة مرجعيون الوطنية مادّة الأدب العربي.
وكان إلى جانب هذا التنقل كله يمارس العمل الصحفي، حيث كان رئيس تحرير لجريدة «النهضة المرجعيونية»، ومحرّرًا في جريدة «العجائب»، و«المرّيخ»، و«الخازوق»، وفي عدد من المجلات والصحف العربية في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين. أصدر «الخازوق» في أيام الانتداب الفرنسي وكانت تستخدم التورية للتحريض بالفرنسيين.
توفي في مسقط رأسه سنة يوم 2 سبتمبر (أيلول) 1965.

(حياته الشخصية)
تزوج فؤاد جرداق مرّتين، ولم يوفّق لكن الثالثة استحالت. له من زوجته الأولى وهي وداد القرداحي المصرية ولدان، هما أحمد وسام وزينب وفاء، ولم يدم زواجهما إلا خمس سنوات. أما الزوجة الثانية فهي علياء أبي عاصي السورية من القنيطرة، وقد أنجبت له علي، مات رضيعًا. وهذا الزواج لم يدم إلا سنتين.

(شعره)
لقّب بشاعر المرج. عاش حياة متنوعة من العمل والكفاح والسجن. في رأي شفيق البقاعي شعره كان نسيجًا من ذاته وفكره، وانعكاسًا لمرآة الواقع وعذابات الناس، كان ضمير زمنه، شاعرًا من طينة الأحرار، عايش تاريخ الجنوب والمحن التي مرّت عليه. «من ميزة الجرداق أيضًا ليس إخلاصه لكل ما يصبو إليه من تحقيق الأماني الكبار لشعبه؛ كان مرجل غضب عند إلقاء شعره، فيخيَّل للسامع أن جحفلًا يمشي خلف صوته الجهير الأجشّ، كأنّ وقعه رعدٌ يهدر، وبرقٌ يزمجر من شرار قوافيه النّارية الرنّانة!». ذكر في معجم البابطين عنه «تحرِّك شعره المناسبات فيأتي شعره صادق التعبير عنها وبخاصة في قصيدته (لولا الأمومة) و (علم الأرزة) حيث ينم على عواطف صادقة ولغة متوقدة.»  تأثر شقيقه جورج جرداق به في توجيه منذ الطفولة. كتب غالب الناهي حوله «خليفة عمر الخيام: الفيلسوف الشاعر فؤاد جرداق» ونشره سنة 1949.

(مؤلفاته)

«المنعشات في مسارح الصهباء»، ديوان قصائده البواكير، 1933

«الهواجس»، قصائد مختارة من أشعاره جمعها ابنه وسام.
الشاعر فؤاد جرداق: مختصر مفيد ، كما وصفه كبير الادباء سلام الراسي:

كان الشاعر فؤاد جرداق يشكو من اضطراب في قلبه ويتنبأ بدنوّ أجله. وحدث أنّي رأيت في منامي، في إحدى الليالي، أنّه مات وأنّ مناحة كبرى تقام له، وأنا أسير أمام جمهرة من الرجال أندب عليه:
التمّتْ جمـوع العديـده
يسمعـوا منّـك قصيـده
وعندما استيقظت شكرت الله لأنّ ما حدث كان مجرد أضغاث أحلام.

وبعد أيّام قليلة جاءني الجرداق، وقال: «قرّرت أن أموت قريبًا». فقلت: «عهدي بك من أصحاب النفَس الطويل وتحبّ المعلّقات والملاحم الشعريّة، فلماذا تريد أن تختصر قصيدة حياتك؟»
فأجاب: «ألم تقل أنت يومًا:
والعمـرُ كالشعـرِ أحـلاه وأعذبـه
على الـدوام مفيدٌ منـه مختصرُ
لذلك قرّرت أن أكتفي بالمختصر المفيد من عمري وكتبت وصيّتي وجئت أطلعك عليها، قبل تسجيلها حسب الأصول.»
وإذ به يجعلني في وصيّته، مع شقيقه جورج وكلٍّ من لبيب غلميه وموسى الزين شراره ووديع ديب وأمين نخله وفردوس المأمون وفوزي عطوي قيِّمين على تنفيذ وصيّته الّتي يوصي فيها بحرق جثّته وحفظ رمادها في مكتبته، وبمنع النساء ورجال الدين من حضور مأتمه، وبتكفينه عند حرق جثّته بكفن أبيض مغطّى بالأزهار الحمراء، وهو القائل:
في المـرج أنـواع الزهـور كثيـرة
وأَحبُّـها عنـدي الشقيـقُ الأحمـرُ
وبعد أن تلا عليَّ وصيّته أضاف: «وإنّي أوصيك شخصيًّا أن تندبني في مأتمي بما أنا أهله».
فقلت مازحًا: «متْ ولا تهكل هم الندب، فالندبة جاهزة»، وأخبرته قصّة المنام العجيب وأسمعته الندبة المذكورة، فأخذ يردّدها، وزاد عليها فأصبحت:
التمّـت جمـوع العديـده
يسمعـو منّـك قصيـده
قُـوم يـا جـرداق غـرّد
بقـوافيـك الفـريـده

وبعد وقت قصير ذهب الجرداق إلى مسقط رأسه مرجعيون، حيث لفظ أنفاسه بين أهله وذويه فحملناه إلى مقرّه الأخير نادبين عليه الندبة التي وافق عليها واشترك بنظمها قبل مماته.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات