كتب الإنسان والمكان …عبيدو باشا: انحدار الشأن العام أنتج ثقافة استهلاكية

08:57 صباحًا الجمعة 17 سبتمبر 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يسعى الكاتب والمسرحي والناقد عبيدو باشا الى اقامة علاقة دائمة مع الكلمة عبر ما يقدمه من كتب حول كثير من الامور الابداعية، كالمسرح والادب والقصة، الى جانب كتاباته الصحافية. وهو المشرف السابق على برنامج صباح الخير يا لبنان الذي عرضه «تلفزيون لبنان» الرسمي ويقدم صورة وافية عن ثقافة تمتد على مدى الوطن اللبناني والعربي.

كُتب وأعمال كثيرة اصدرها باشا، آخرها كتابه المميز بأكواريوم الذي رسم فيه صورة جديدة لثقافة يتابعها ولمعرفة غمارها، وقد تحدث عن هموم الكتابة:

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه

• كيف تقرأ في كتاب الابداع الذي اخترته منذ انطلاقتك الاعلامية؟

الكتابة التي اخترتها جزء مهم وأساسي من مفهوم الحياة التي اعيشها. اخترت الكتابة او هي التي اختارتني، لا اعرف من اختار الآخر، المهم انني اعيش في بحر الكتابة، وأرى انني على موعد دائم معها، مع الافكار التي لا يمكن الا التبحّر فيها للوصول الى ما هو ابعد، الى حيث يمكن الافكار ان تكبر وتصير بحراً اعود للغوص فيه، وهكذا تستمر الكتابة كحال اعيشها واستمر فيها. الكاتب الابداعي الذي جذبني اليه ما زال يمارس طموحه داخل نفسي، وما زلتُ مواظباً على بناء هذا الطموح. فالكتابة هي شكل واضح نحتاج اليه لفهم الحياة ورسمها في ايامنا.

• كتابك «أكواريوم» ركزت فيه على المسرح وكان لك فيه رؤية خاصة عن غياب المسرح، كيف تقرأ في المسرح اليوم؟

لا شك اننا نعيش اليوم حال تراجع ثقافي كبير، وفي مختلف الميادين نلاحظ هذا التراجع في شكل واضح. واذا ما توقفنا عند المسرح، الذي هو من اساس هذه الثقافة، نجد انه اليوم في حال ركود وتراجع. والمؤسف اننا نلاحظ بروزاً إعلامياً لأعمال سطحية وعادية جداً، وفي المقابل نلاحظ غياباً للمسرح والمسرحيين والأعمال المسرحية. والسؤال الكبير هنا: لماذا هذا الغياب للمسرح ولماذا هذا الحضور للأعمال السطحية؟ إذا ما حاولنا القراءة المتأنية في المشهد الثقافية يمكننا العثور على الجواب من دون تعب او كلل، فاذا ما قارنا بين واقع الحال الثقافي والواقع الثقافي الذي عبر، يمكننا تحديد السبب او العلّة، وهي تتلخّص في أمور كثيرة اهمها: ما زالت تأثيرات الواقع السياسي قوية على الابداع في شكل عام، فهناك اعمال مسرحية كانت منطلقاً كبيراً للمسرح ولم يولد ما يوازيها حتى اليوم، فضلا عن تأثيرات اخرى في واقع الثقافة الاستهلاكية المهيمنة اليوم على البلاد. وأكثر ما يمكن التوقف عنده هو هذا الانحدار في الشأن العام الذي بات يلاحق الطقطوقة والعمل السريع الاستهلاكي الذي لا يشبه الوجبة السريعة. فالوجبة السريعة قد تحمل بعض الغذاء لمتذوقها، لكن العمل الثقافي او الفني السريع لا يقدّم شيئاً الى المتذوق سوى انه يضعه في حال اصغاء الى اشياء لا تفي بغرض بسيط تحتاج اليه روحه، ناهيك عن دخول اعمال فنية دخيلة الى واقعنا، ويا للاسف تجاهر بها وسائل الاعلام كثيراً.

• كأنك تنعي المسرح؟

ليس الى هذا الحد، ولكن يجب عدم اغفال واقع الحال الذي نمر به اليوم. نعم، المسرح يعيش في اصعب مراحله ويحتاج الى نهضة كبيرة، والمطلوب لاستنهاض المسرح ربما بات مستحيلاً في المدى المنظور، وهذا القول يحاذر السقوط او الوصول الى كلمة قاسية بحق المسرح. لقد كان المسرح اللبناني مدخلاً مهما لثقافة شاملة امتدت الى مختلف ارجاء الوطن العربي، وهو اليوم خارج هذا السياق، فكيف لا نجاهر بما نحن فيه اليوم، لماذا لا ندق ناقوس الخطر؟

• هل تعتبر ان المسرح الضحية الكبرى بين الفنون؟

المسرح ضحية ولكنه ليس وحده في هذا الميدان الذي لا نريده ولا نحبه. الفنون على اختلاف مشاربها هي اليوم في مرحلة متدنية. ويمكن القول اننا نعيش اليوم مرحلة انعدام الوزن الثقافي، على امل ان نخرج من هذه المرحلة.

• كونك تشرف على «صباح الخير يا لبنان» البرنامج الثقافي الموسع عبر «تلفزيون لبنان»، كيف تقرأ المشهد الثقافي اللبناني الآني؟

عبر فقرات «صباح الخير يا لبنان» استطعنا تقديم صورة وافية للمشهد الثقافي العام في البلاد. وتبرز كثير من الامور الايجابية في هذا البرنامج. انه برنامج مرآة الثقافة اللبنانية، فقراته حاشدة بالواقع، وتغطي كل المساحة اللبنانية وتستحضرها الى الشاشة وتالياً تعطي للمهتم ما يحتاج اليه من ثقافة ومعرفة. وبطبيعة الحال، هذا البرنامج هو انعكاس طبيعي للواقع الثقافي والحياتي اللبناني اليوم، ويمكن المتابع ان يتلمّس كل جديد عبره، وكذلك يمكنه تلمّس ما هو غائب ويجب ان يحضر. المهم ان البرنامج يطرح الواقع الثقافي على حقيقته، وهذا في ذاته يمثّل تحدياً كبيراً لنا، فإذا قدّمنا الواقع ماذا سنجني؟ انه سؤال يساهم في تعميق سؤال الابداع الذي نسعى اليه.

• هل تعتقد اننا سنستعيد ألقنا الثقافي قريباً؟

الاعتقاد يبقى ضمن التحليل المنطقي. الثقافة اليوم تمرّ بمرحلة متأثرة بحلول الزمن التالي الذي كنا ننتظره، ولكن لم نكن نتوقع ان يحدث فيه ما حدث. ورغم ذلك، ثقتي واقتناعي وعلاقتي بالواقع الثقافي تقول اننا نعيش مرحلة انتقالية، والمرحلة التالية ستكون ملازمة للواقع .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات