سماح إدريس … كاتبُ أطفالٍ تحرَّرَ من صنميَّةِ التَّربية

08:19 مساءً السبت 27 نوفمبر 2021
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية وكاتبة وأكاديمية، لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

سماح إدريس[1] كاتبُ أطفالٍ تحرَّرَ من صنميَّةِ التَّربية

لا يمكن أن تُفْصَل الطُّفُولَة عن الموضوعات الَّتي كتبها كُتَّاب قصة الأَطْفَال والشَّبَاب اللُّبنانيون؛ فهي موجودة في تمرُّدهم على المَدْرَسَة، والعَوَز، والأُسرة، وفي صداقاتِهم، وخوفهم، وإعاقاتهم الشَّخْصِيَّة أو إعاقات غيرهم، وفي قسوتِهم، وغيرتِهم، وتميُّزهم، وتحمُّل مسؤولياتِهم، وفي عملِهم، وضجرهم، وانْطلاقهم في روابي القُرى ووهادِها ووعورِها ورحابِها، وفي شَغَبهم، وفي مشاركَتِهم هموم الوطن، وغير هذا مما ينبض في حنايا القصص والحِكَايَات.

وهي موجودةٌ في حاجتِها الماسّة إلى اللَّعب الذي يساهم مساهمةً فعَّالةً علاجيَّةً في توجيه الأطفال نفسيًّا وتربويًّا؛ لأنه “نشاط سارٌّ وممتع[2]“، ينمي عند الطّفل )الإحِسَاس بالجمالِ)، وهو إحساسٌ ينتمي إلى  مجموعة القيم (التَّرويحية والجَمَاليّة) التي تنمو بممارسةِ المرحِ، سواء من خلال اللّعبِ وممارسة الهواياتِ الأدبيَّة والفنيةِ، أو من خلال التَّعْبيرِ الذّاتيِّ المبدعِ؛ كالرَّسمِ والشّعرِ والموسيقا وغيرها. كذلكَ يتحققُ من خلال الأدبِ الّذي يتحدثُ عن اللّعبِ والمرحِ والنّزهاتِ والمُغَامَرَات وهدفُه التَّسْلية الرَّفيعة الَّتي تغذي النَّفْس وترهفُها وتثيرُ- بفضل خصائصِ صياغتها-  صورًا خيالية أو انفعالاتٍ شعوريَّةً أو إحساساتٍ فنية، من دون أن نغفل أهمية الأدب الّذي يزخر بالإيقاعِ  والخيال السّاحر الذي يساهم في اكتشاف مكامن الجمال.  

ومن الكتّاب اللُّبنانيين الذين كتبوا القصص المرحة ببساطة ومن غير تكلُّفٍ أو من غير أن يلبسوا قفازات، (سماح إدريس) في مجموعة قصصه التي تتناولها الدِّراسة والموجهة للأطفال الصّغار وبطلها طفل صغير اسمه أسامة، إضافةً إلى تناول قصة للنّاشئة تؤرخ الحرب الحرب في بعض تفاصيلها ومشاعر المراهقين بعنوان (الملجأ)، ولا تخرج عن أجواء المرح في كثير من مفاصلها.

قصصُ (سماح إدريس) المرحةُ للصِّغار

القصةُ المرحةُ هي النَّادرةُ أو المُلحةُ أو الطُّرفةُ. وهي سَرْدٌ قصيرٌ لحادثةٍ طريفةٍ شائقةٍ أو متعلِّقة بشخص من الأشخاصِ المعروفين[3].

وتتصف القِصَّة المرحة- عادة- بأنها:  (أ) قصيرة، (ب) بسيطةُ الفِكْرَة، (ت) عباراتُها موجزةٌ، (ث) تعتمد على الكَلَام الذَّكيِّ، وسرعةِ الخاطرِ، واللَّفْظ الجارحِ، والعِبَارَة اللَّاذِعةِ، والأجوبة المُسْكتة، (ج) وتنشأُ من المفارقاتِ Paradox والأخطاءِ والحماقاتِ والأكاذيبِ والمبالغاتِ والحيَل وأسباب الخداعِ والعبثِ والمزاح والتَّصَرّفات الذَّكيَّة، (ح) تعتمد على التَّناقض في الحَيَاة مضمونًا، وعلى الإيحاءِ غيرِ المباشَر أُسْلُوبا في جوٍّ بعيدٍ عن التُّوترِ والتَّعقيدِ، (خ) تبتعدُ- أحْيانًا- عن الواقعِ برسْم شخصيَّات شاذةٍ، أو أحداثٍ غريبة لا يمكن أَنْ تَكُونَ في الحَيَاة الاعتياديَّة، وإن كانت تنزعُ إلى التَّجمع حول شَخْصِيَّة واحدة، ولا تتجه نحو الحدثِ الخارقِ، (د) وغالبًا ما تكون عقدتُها تكون في النِّهاية.

وقد بلغَ من انتشارِها أنْ ردَّدَتها الشُّعُوب في العالم رغم تباعُد المسافات وقلَّة الاتِّصال في تلك الفترات[4]. فقد عُرفَت في أوروبا كما عُرفت عند العَرَب، ووُجدَت في الأَدَب الرَّفيعِ والشَّعْبِيّ، وعُدَّت من “المَرَاحِل الأَوَّلى للإبداع القصصي بما يجتمع فيها من الكَلَام الذَّكي المعتمِدِ على سرعةِ الخاطرِ أو اللَّفْظ الجارحِ أو العِبَارَة اللَّاذِعة[5]“.   

وتهدفُ هذه القِصَّة إلى:

(أ) التَّخفِفِ من وطأة المحرماتِ الاجتماعيَّةِ،  فتقوم بدور صمَّاِم أمان للتَّعبير عن الأفكار المحرمَّة، وتشكِّل ميدانًا أو ساحة للتَّنفيس.

(ب)  النّقدِ الاجتماعيِّ حيث تشكل  نوعًا من الإشباع غير المباشر، خاصَّة إن تناولَت بالنّقد أولئك الّذين في موضعِ  السُّلطة (القضاة، الشّرطة، موظفو الحكومة، الآباء، المعلمون…).

(ت) ترسيخ عضوية الجماعة؛ لأنَّ الابتسامَ والضِّحْكَ يرتبطان-  عند الأَطْفَال الصِّغَار-  بالرّضا والاستمتاع، ويحدثان في سياقٍ اجتماعيٍّ يدل على أن مجموعةً ما في مجتمع ما لها المشاكل ذاتها والأحزان ذاتها والفُكاهَة ذاتها الَّتي تُضْحِكُ وتشفي في آن؛ مما يعني أن الفُكاهَة تخففُ من وطأةِ القلقِ والخوفِ، وتجعلُ من الأشياءِ والأفكارِ المخيفةِ-  إذ تخضِعُها لسيطرةِ  الضَّاحِك- أقلَّ تهديدًا[6].

وتؤدي الفُكاهَةُ دور اللّعبِ العَقْلِيّ والذِّهْنيِّ المانح  حرية خاطفة، مؤقتة، سريعة، وجيزة، عابرة من طغيان التَّفْكير العَقْلِيّ المنطقيّ، إذ تسمح بالهروبِ من بعض القيودِ، وبإطلاقِ العنان للإبداع[7]، فهي- بذلك-  تشكِّلُ علاجًا فعالًا يبدِّدُ الطَّاقة العصبية، ويعمل على ترويض الانفعالات الجامحة والتّخفيف من المشقات النَّفْسية والصِّراعات. أما الضِّحْك؛ فهو حلٌّ سحريٌّ مؤقَّت وجريءٌ لمشكلاتِنا، وحلٌّ عمليٌّ ساهم ويساهم في بقائنا أثناء الأزمنة الحَدِيثة؛ فلا غرابة إن استخْدِمَت علاجيًّا في المواقع الإكلينيكية[8].

وقد استفاد (سماح إدريس) من الشَّخصيات الإنسانية في سلسلة قصصه المرحة؛ فقدم مجموعة قصص تعتمد على شَخْصِيَّة أسامة المعترضة، الرَّافضة، الَّتي تطالب بحقوقها، وتتسم بخفة الدَّم. من هنا، يمكن أَنْ تَكُونَ هذه القصص عن هذا الطِّفْل “البيروتي” فعّالة في بث القيم الإيجابية، وفعَّالة في رفض القيم السّلبية  التي طالما انتقدها كتَّاب قصة الأَطْفَالوالنَّاشِئة اللّبنانيون موضحين مصير مَن يتخلق بهذه القيم، داعينَ جمهورَهم إلى  الابتعاد عنها، سواء بإثابتهم من خلال إغداق صفاتِ الطّاعة والتّهذيب، أو بالتَّلويح بالعقاب، على غرار كل اتّجاهٍ تربويٍّ مدرسيٍّ يمارسه كتَّاب القصة المنحدرين من بيئة التّربية أو المُستَكتَبين، ولو كانوا من أدباء الطّفولة، رفدًا لنصوص المنهاج، والعقاب في الحالين يصب في مصلحةِ التّربويين لا القرّاء الصّغار الذين ينفِرون من شَرَك مُلاحقيهم في الكتب المدرسية وما يُفتَرَض أن يكون أدبًا.

ومن هذه الأخلاق، عالجَ  (إدريس) في قصته (تحت السَّرير) قضية الغيرة كونها إحدى القضايا التي تندرج- تربويًّا واجتماعيًّا- تحت تسمية “المنافسة”، وهو شعور إيجابي إذا كانت المنافسة صحية تدعم ذات المرء وتثري “مفهوم الذَّات لديه[9]“، وسلبي إذا كانت غير صحية تقوم إما على الأنانية أو يصاحبها شعور بالخوف والخجل أو بالإثم والعدوان[10]؛ مما يؤدي إلى المعاناة والتُّوتر والضّياع.    

تبدأ السِّلْسِلَة بالحَدِيث عن مشاكل الطَّعام الَّتي يعانيها كلٌّ من الأَوَّلاد والأهل وخير ما يمثلها قِصَّة (الموزة)[11] الَّتي يُقرأ فيها الرّفضُ منذ البدء. فأسامةيكره الموز؛ ما يدفع والديه إلى إقناعه بشتى السُّبل؛ فحينًا يحاولان لفته إلى جمال الموزة، وآخر يلفتان نظره- مع طبيبة الصّحة-  إلى ما تحويه  من فوائد تقوي العظام وتجعله رياضيًّا. ولا يكفان عن محاولاتهما الَّتي تصل إلى إغرائه ماديًّا للقبول بطرحهما، فيقبل ظاهريًّا ويرفض واقعيًّا، لكنهما يظلان له بالمرصاد.  

وقد تجلى المَرَح في:

(أ) محاولات الأهل إطعام أسامة الموز الّذي لا يحبه باعتماد طرق شتى؛ منها: (1) وصف الموزة الطَّريف من قبل الأم: “انظر ما أحلاها: مهضومة وشقراء وفيها نمش”، (2) إغراء والده بأنه سيعطيه ألف ليرة مقابل كل موزة بحيث يستطيع شراء لوح شوكولا أو بوظة أو كيسًا من البونبون، (3) تشجيعه على أكل الموزة قبل أن تذوب (البُوظَة) الَّتي حضراها سلفًا (4) التَّصفيق أثناء أكل الموزة.

(ب) كما تجلى المرح في رفض أسامة أكل الموز من خلال: (1) إعلان كراهيته:  “لا أكره شيئًا أكثر من الموز”، “مقرفة”، “لا تطاق”، (2) رفض فكرة فائدته: “كيف يضعون الحديد في الموز؟ ستنكسر أسناني” (3) اللَّفْظ الخاطئ للبوتاسيوم والبروتين والحديد (4) طريقة أكل الموز (5) محاولة التَّخلص من الموزة واكتشاف الأبوين الحيلة (6) تلقِّي أسامة رسالة من الموزة شخصيًّا.

أما منالنَّاحية التَّرْبويّة؛ فإن إغراء الوالدِّين بإعطاء النُّقود لشراء الشُّوكولا أو البونبون أو (البُوظَة)، يعني أنهما استخدما الطَّعام طريقة للسَّيطرة على الطِّفْل، فتحول الطَّعام إلى صفقة.

و”بدل الاستمتاع بالأكل؛ يحس الطِّفْل بسيطرة أبويه على تصرفاته وتكبيلهما لإرادته. وإذا كان الطِّفْل في مثل هذه الحالات متمردًا [وهو متمرد]؛ فإنه سيرفض الأكل، أو سيأكل تملُّقًا، أو ربما سينتظر إلى حين زوال الضُّغوط ويلتهم طعامه المفضل[12]“، وذلك لأن إعلان الحَرْب  على الطِّفْل حتى يأكل أو الاستسلام له، “يضاعف من قُدرة الطِّفْل على العناد وعلى رفض الطَّعام، وتصبح المسألة هي الدَّوران في دائرة تجري فيها الأم بالطَّعام وراء الطِّفْل، ويجري فيها الطِّفْل بالعناد من الأم[13]“،  وهذا ما حدث!

أما ما ينصح به التَّرْبويّون- في هذا المجال-  فهو تجنُّب إنزال الحلوى إلى مستوى المكافأة؛ بل تركها جزءًا لا يتجزأ من وليمة مشتركة لذيذة[14]، وتجنب القيام بمحاولات الإغراء كتشجيع على الأكل؛ لأن هذا يدل على  قلقهم، و”التَّشجيع في ظل القلق يخلق حالة من العِناد عند الطِّفْل[15]“. 

ويرفض بطل السِّلْسِلَة أيضًا تناول الطَّعام الصِّحي، ومنه الكوسى باللَّبن في (قِصَّة الكوسى)[16]الَّتي لا يحبها،والَّتي تحتال أمه لإطعامه إياها، وذلك باتِّفاقها مع الصِّغَار عُمَر ولين وتالة الّذين “تلفنوا” له أثناء تناول طعامه، فكانت تزيد له “كوساية” بدل الَّتي أكلها في كل مرة يقوم فيها للرَّد على الهاتف، ولكنه يكتشف ذلك. المهم أنه لم يعد من مجال أمام الصّبيّ لتناول (البُوظَة) الَّتي يحبها، والمهم أن الأهل يخطئون في تعاملهم مع ابنهم تربويًّا للأسباب ذاتها الَّتي مر ذكرها في (الموزة).

أما المرح، فتجلى في: (1) بقاء الكوسايات على حالها دون أن تنقص (2)خطة الأم الَّتي تهدف من ورائها إلى  زيادة الكوسى في صحنه كلما قام للرَّد على التلفون (3) الحوار بينه وبين رفقائه (4) نهاية القِصَّة: “أي بوظة؟ انفزرت من الكوسى”.

ويقف الأهل لأسامة بالمرصاد، يرفض ويلحّون إلى أن يصير دورهم، فيرفضون اقتراحاته بإصرار كما حدث في قِصَّة (أم جديدة)[17]، مما دعا الصَّبِي- الّذي رفضت أمه إطعامه الهامبرغر الَّتي يحبها- إلى التَّهديد بالبحث عن أم جديدةلا ترفض طلباته.وبعد أن يستعرض ثلاث أمهات ترفضنه، يعود متعبًا جائعًا إلى بيته مشتاقًا إلى أمه.  وقد تجلى المرح في: (1) فكرة استبدال الأم والبدء بتفيذها (2)أسباب رفض السّيدات لأسامة.

  ومن مشاكل الطَّعام إلى مشاكل العَمَل والرَّاحة؛ إذ يرفض أسامة أن يظل في البيت يوم العطلة الأسبوعية في قِصَّة (الكل مشغول)[18] فيطالب والديه بالذَّهاب معه إلى مدينة  الملاهي، ويرفضان بسبب ارتباطهما بأعمال مهمة، فيهددهما بالذَّهاب لوحده ويعاني الخوفَ أثناء وجودهعلى الدَّرج المملوء بالضجيج والعتمة.

وقد تجلى المرح في:

(1) محاولة أسامة لفتَ نظر أبويه معلنًا أنه سيذهب لوحده (2) ادعاء الأبوين أنهما يصدقان ذهابه لوحده (3) المفارقة المضحكة بين  خوف أسامة الّذي يحاول الدّخول إلى البيت وبين ادعاء اللامبالاة (4) المبالغات في حديث أسامة: “بعد ألف سنة”، و”المليون دولار أهم” (5) قوله: “دفنت وجهي في كِرْشه الكبيرة”.

ويطرح القاص- في السِّلْسِلَة ذاتها- قضية الغيرة بين الإخوة، وذلك حين يمزقأسامة رسم أخته ياسمين الَّتي نالت الثّناء في المَدْرَسَة والبيت، فيختبئ تحت السَّرير هربًا من أبيه الّذي لا يستطيع الوصول إليه بسبب “كرشه”.

ولما خرج، اعتذر وقدم إلى ياسمين من “قجَّته” ثمن علبة تلوين، ولم ينسَ أن يطلب من أبيه شراء مكنسة كهربائية لتنظف أمُّه تحت السَّرير بعد أن قرر بينه وبين نفسه شراء لعبة صغيرة تسلِّيه هناك في المرة القادمة، وكأنه لا يضمن  اجتياح شعور الغيرة إذا ما طرأ جديد، وذلك في قِصَّة (تحت السَّرير)[19]

ويتجلى المرح في:

(1) وصف أسامة لأبيه: “البابا كِرْشه كبيرة لأنه يحب الأكل (وبخاصة الكوسى بلبن)”، (2) حوار الأب والابن: الابن تحت السَّرير والأب خارج السَّرير، (3) بقاء أسامة تحت السَّرير حتى نام أبوه.

ويعالج القاصّ من خلال شَخْصِيَّة أسامة أيضًا قضية الزَّواج اعتمادًا على مفارقة لغوية طريفة في قِصَّة (البنت الشَّقراء) [20] واعتمادًا على ما يقدمه الآباء إلى أبنائهم من أفكار منها التَّمني أن يتزوج الصَّبِي بفتاة جميلة، ليخلص إلى نتيجة تخطّئ النّظرية المطروحة؛ لأن اختيار الزَّوْجة لا يكون على أساس الشّكل. 

ويتجلى المرح في: (1) فهم أسامة الحرفي لكلام أمه: “إن شاء الله تأخذ بنتًا شقراء وعيناها زرقاوان”، بينما تقصد أن يتزوج بنتًا شقراء مما خلق مفارقة لغوية (2) خطأ الجمع: 20 + 3 = 25 ألف ليرة (3) تعليق الأم وهي تجره إلى الخارج: “بهدلتنا! لا أخلاق ولا حساب!”.

وبمُرَاجَعَة قصص سماح إدريس الموجهة إلى الأعمار الصّغيرة، نتوصل إلى:

  •  هناك مساحة من الحرية تُعطى للطّفل من قبل الأهل ذوي المستويات العِلْمِيّة العالية. لكن هؤلاء- رغم اهتمامهم بصحة أَطْفَالهم الجسدية خاصة- يقعون في أخطاء تربوية؛ إذ ينزلون بعض أَنْوَاع الطَّعام (كـ(البُوظَة) والبونبون والشّوكولا) إلى مرتبة المكافأة.
  • إفساح المجال لممارسة الطِّفْل حريته (استبدال الأم، الذَّهاب إلى مدينة الملاهي لوحده، التَّعْبير المباشر عن أفكاره…) أمور تثير الضِّحْك وتظهر أهمية قيام الطِّفْل بتجربته الخاصة للوصول إلى نتائجه الخاصة، ما يدل على أن القاص استطاع التَّحرر من صَنَمِيَّة التَّربية.
  • اكتشاف الطِّفْل قيام الأهل بأَنْوَاع من الاحتيال يضفي أجواء المرح في البيت.
  • استخدام الأَلْفَاظ اليَوْمِيّة يعطي أجواء من المرح الواقعي.

قصةُ (الملجأ) للنّاشئة: حَرْبٌ وحُبٌّ

لم يخفِ كُتَّاب الأَطْفَال والنَّاشِئة شعور الحب في حركات شخصيات قصصهم الحَيَوَانية والإنسانية وكَلِمَاتهم. إلا أن قصص الحب الَّتي تجمع بين صبيَّة وشابٍّ قليلة، وإن دخل كتاب القِصَّة إلى عالم القلب البشري ليصفوا هذا الشُّعُور النَّبيل الّذي هدفه الزَّواج نجح أم فشل، وذلك على غرار قِصَّة الحب الَّتي جمعت بين بطلي رواية (الطَّبيب الصَّغير) لـ(إِدْفيكْ جريديني شَيْبُوبْ)[21] والَّتي يمر بها المراهقون عادة، وتُعتبر من أهم مظاهر حياتهم الانفعالية الَّتي تحقق لهم الصّحة النَّفْسية من خلال: زيادة الإلفة، إزالة الكلفة، القضاء على العدوان، جعل الاتِّجاهات النَّفْسية أكثر إيجابية، كونها قوة علاجية جبارة لكثير من المشاكل[22].  وتنطبق شروط الصِّحة النَّفْسية السَّابِقة الذّكر على كل المحبين المراهقين، وإن ترافقت بقليل من القلق المرتبط بقضية اكتشاف المَرْحَلَة الجديدة الَّتي لم يسبق أن مرّوا بها من قبل. وخير دليل على وجود هذا القلق شعور مازن- بطل قِصَّة (الملجأ) لـ(سماح إدريس)-  تجاه “ثريا” ابنة الجيران الَّتي تشاركه وعائلتَها حياةَ الملجأ.

وقد أجاد القاصُّ وصف تفاصيل نموِّ المشاعر النَّفْسية والجسدية الَّتي يحسها لأول مرة؛ وإن لم تنتهِ قِصَّة مازن وثريا- شأنها شأن معظم قصص حب المُراهَقَة- نهاية تقليدية بالزَّواج؛ خاصة وأن الحَرْب تقف عائقًا أمام تحقيق مشاريع المستقبل، وإن كانت  فكرة (إدريس) في (الملجأ) أكثر واقعيةً وجرأةً من كثير من قصص الحب المكتوبة في لبنان، وذلك من حيث تتبُّع كشف المشاعر الجسدية بتفاصيلها، ما يفتح أبوابَ تجارب المراهقين من القُرَّاء على مُقارنات واقعية بعيدة عن المثالية الَّتي تُقدَّم إليهم ناقصة في قصص كتبها مؤلفوها لهم تحت إشراف تربويٍّ صارم مراقِبٍ. وسنكتشف مزيدًا من خصائص القصة أثناء الحديث عن أسلوب القاصّ.

في أسلوب (سماح إدريس) الكتابي

  •  استخدام نبرات الكتابة:

نَبْرات الكِتَابَة هي أسماء الأفعال [اسم فعل ماض، اسم فعل مضارع، اسم فعل أمر]، وأصوات الحيوانات والجماد [مياو، دِجْ، عَوْ، تيعا…]، وأسماء الجهات[يمين، وراء، أمام، فوق، تحت. وما يلحق بها: قُدام، خلف، يمين، شِمال، جنوب، يسار، أول، دون، قبل، بعد]. وتُستعمل نَبْرات الكِتَابَة أكثر ما تُستعمل لمرحلتي الرّضاعة (أسبوعان- سنتان) و[الطُّفولة المبكرة  Early Childhood 3- 5 سنوات]، ويمكن اسْتِخْدامها للأكبر حتى لَيصل بعض الكتَّاب إلى اسْتِخْدامها في أدب النّاشئة أحيانًا، وهذا عائد إلى براعة الأديب. وهي تضفي “جوًّا محببًا إلى نفس الطِّفْل”، كما وتؤثر في نفس المتلقّي الصَّغير، وتُضفي الحيوية على النّص الأَدَبِيّ. فالطِّفْل يُسَرُّ حين يقرأ مواء القطة بشكله الطَّبيعي كما يسمعه، أو يقرأ نباح الكلب، أو نهيق الحمار، أو العبارات المألوفة الشَّائعة التي يستعملها النَّاس من حوله، فيشعر بأن القِصَّة قريبة منه، وتنتمي إليه[23].   

وقد استخدم (إدريس) نبرات الكِتَابَة في قِصَّة (الموزة) على لسان أسامة بطل القِصَّة: “أفٍّ، أفٍّ. شيء فظيع. أعطوني (البُوظَة) فورًا”، وفي (قِصَّة الكوسى) على لسان تالة الصَّغيرة الَّتي كانت تكرر: “واعْ! واعْ!” ردًّا على أسئلة أسامة، وعلى لسان أمه حين اكتشف أنها تضيف كوساة كلما نهض ليرد على الهاتف: “يايْ يايْ، ما أذكاك! أين أمك انت!”. وفي قِصَّة (البنت الشَّقراء) على لسان أسامة الّذي أجاب عن  سؤال أمه إذا ما كان يفهم كلمة (البُوظَة): “يايْ!”. وتتكرر اللَّفْظة ذاتها على لسان أخت أسامة في قِصَّة (تحت السَّرير) جوابًا عن اقتراح أسامة شراء علبة تلوين لها بدل اللَّوْحة الَّتي مزقها حسدًاو غيرة، إذ هتفت: “يايْ!”. وفي قِصَّة (الكل مشغول) سمع أسامة خطوات على الدَّرج تقترب: “دُمْ دِجْ… دُمْ دِجْ…دُمْ دِجْ!”.

ولم يستغن عن الاستعانة بهذه النّبرات، حتى حين قدّم نصًّا للنّاشئة، ولكن بشكل أقلّ، فاستخدمَ: “هِشْ” لزجر “سُلطان” كلب مازن على لسان أم هاني مرة، واستخدم اللَّفْظة ذاتها لتهدئة الكلب حين صعد مازن إلى البيت لإنقاذه من القصف، واستخدم لفظة: “مم مم..أطيب شوكولا. ألذ عرموش!” على لسان ثريا ابنة جيران مازن. 

  • ثنائية اللُّغَة (كَلِمَات عامية وكَلِمَات فُصْحَى)

إذا كانت (الثُّنَائِيَّة) كلُّ مَذهَبٍ يُسَلِّمُ بِوُجودِ مَبدَأينِ كالمادَّةِ والرُّوحِ، أو الجِسمِ والنَّفْسِ، أو الخَيرِ والشَّرِّ، يكونانِ في صِراعٍ دائمٍ؛ فإن (ثنائيَّة اللُّغَة) هي وجود لُغَة واحدة بمستويين مختلفين: عامِّيٌّ وفصيح، والأَلْفَاظ العامّيَّة هي الأَلْفَاظ الَّتي نستعملُها في لغتِنَا المحكيَّة وغيرها، منحرفةً عن الضَّبطِ الصّحيح؛ كالقول: (جِدي) في (جَدْيٌ)، و(اتْنَمْرَد) في ( تمرَّدَ)، وتقابلُها الأَلْفَاظ الفُصْحَى وهي لغةُ المصنَّفَات الأَدَبيَّةِ والجرائد والمجلات، وقد توارثَها العَرَب منذ العصرِ الجاهليِّ. ويمكنُ أن نصف الكَلِمَة بالفصاحة، كذلك التَّرْكِيب[24].

وقد اقترض[25]  (إدريس)– عن قصد- ألفاظًا عامية من أصول تركية ويونانية وفارسية في قصصه السِّتِّ الَّتي يلعب الصَّبِي (أسامة)  دور البُطُولَة فيها. وأشار هو إليها مُحيلًا استخدامَه لها على اكتشافه طواعية اللُّغَة العَرَبِيّة وذلك بعد عشرين عامًا من الإسهام في تأليف أضخم مُعْجَم عربي- عربي حديث (يصدر في غضون أعوام)، إذ ظهر أمامه تزمُّت بعض اللُّغَوِيّين الّذين تعاملوا معها بوصفها كائنًا محنطًا معزولًا عن الحَيَاة اليَوْمِيّة والتَّأْثِيرات الخارجية [سماح إدريس: الكل مشغول، المقدمة].

وهذه الأَلْفَاظ هي: لفظة “المَصَاري”: جمع “مِصْرِيَّة” وهي نقودٌ أدخلها إبراهيم باشا وتطلق اليوم على النُّقود عامة، ولفظة “الكنباية”، أو “الكنبة” وهي الأريكة الَّتي تتسع لعدة أشخاص، وجاءت من اليونانية؛ ومعناها: السَّرير المزوَّد بشبكة تبعد البرغش [سماح إدريس: الكل مشغول]؛ ويستخدم لفظة “شنطة” الترُّكية، ولفظة “أبوسك” الفارسية [سماح إدريس: تحت السّرير] ؛ ويستخدم لفظتي: “طابة” و”الكُندرة” الترُّكيتين [سماح إدريس: البنت الشّقراء]،  وكلمة “تخت” الفارسية بمعنى السَّرير [سماح إدريس: الموزة].

كما استخدم ألفاظًا لا يمكن أن تعرَّب أو تُستبدل، كألفاظ: همبرغر، وبونبون، وشوكولا في قِصَّة [أم جديدة].

على أنه من غير المقبول لغويًّا في قصص الأطفال والشّباب أن يستخدم القاص الأَلْفَاظ الأجنبية مكتوبة بالعَرَبِيّ في الوقت الّذي يمكن أن تعرَّب فيه، كما فعل الكاتب في قِصَّة (المَوْزَة) حين قال على لسان أسامة: “بليز، أغلقا الباب وراءكما!”، وكما في (قِصَّة الكوسى)، إذ وردت كلمتا: “أوكي”، و”باي” اللَّتين كان يمكن أن يُستبدل بهما: “حسَنًا، و”إلى اللّقاء”، وقد وردت لفظة “باي” في قِصَّة (الكل مَشْغُول) أيضًا ووردت معها لفظة “سوري!”.

ولكن من الممكن أن يورد القاصُّ جملة كُتبت بالإنكليزية لتدل على الثَّقَافَة المختلطة في بيئة ما، كما فعل مثلًا في قِصَّة (الملجأ)، حين صرخت ثريا فرحة بأكياس الشوُّكولا والملبن والمرصبان: “الله! This is Heaven. عَنْ جَد  Heaven”. 

وهذا يعيدنا إلى استخدام أنيس فريحة العامّيَّة في (اسْمَعْ يا رِضَا) ألفاظًا وعبارات وحوارًا وأمثالًا، كما استخدم (إدريس) العامّيَّة كلفظة “قُجة” بمعنى حصالة نقود، ولفظة “انبسط” بمعنى فرحَ، وأصلها من “انبسطت أسارير وجهه”[الكل مشغول]، واستخدم لفظة “وشوشتني” العامّيَّة وأصلها بالفُصْحَى: وسوستني[تحت السَّرير]،  واستخدم الكوسى: واحدتها كوساة، وفي العامّيَّة “كوساية” وجمعها “كوسايات”، و”زهقانة” من زهَقَ الشيءُ؛ أي: اضمحلّ أو هلك، وفي الاستخدام الحَدِيث: ضجرة. كما استخدم “كمشتكِ”؛ أي: قبضت عليك؛ وأصلها من “أكمش بِناقته، أي شد ضرعها”، أو من “تكمّش الشيء” أي انقبض. واستخدم “نقزَتْ”: والمعنى الأصْلي يفيد الوثب، والاستخدام الحَدِيث يفيد الإجفال دهشة. كما استخدم لفظة “انفزر”: انشق وتقطّع، وقد تفيد الدُّنو من الانفجارِ[قصة الكوسى].

واستخدم الكاتب لفظة “مَهْضُوم”: من “هضمت المعدة الطَّعام”؛ أي: أحالته على صورة صالحة للغذاء، وهي اليوم استعارة لمن تحبه ولا تستثقل حضوره. واستخدم: لفظة “مَلْعُون”، وهي صفة تطلق تحبّبًا على الذَّكي، ولفظة “دحشَ”: أصلها “دحسَ”، أي دسّ الشَّيْء وأدخله في مكان ضيق، ولفظة “الزّبالة” بمعنى القمامة[الموزة]. 

وكان للعاميَّةِ وظيفة دلاليَّةٌ مهمة في قِصَّة (الملجأ) الموجهة إلى النّاشئة، إذ لم يُرد القاصُّ أن يشير إلى هويَّةِ جاره الدّيبلوماسي العَرَبِيّ الّذي كان يهرب مع عائلته إلى الملجإِ؛ لكنه فعل حين أشار إلى قول ابنته الشَّابة ثريا: “مخدرات إيه وبتاعْ إيه! لا تكن أهبل، افتح فمك”. وكان القاصُّ قد استخدمَ عبارات عاميَّة لبنانية تدل على نظرة النَّاس إلى الحَرْب، فيصفها أحد رواد الملجإِ بأنها “مجرد تنقيرة”، مخفِّفًا من الذُّعْر الّذي يعم الجميع، مردفًا بالعامّيَّة: “الدُّنيا لسه بخير”. كما استخدم القاص كلمة “تدربَكْنَا على الدَّرج” ليدل على كيفية النُّزول.

  • مشاكل الضَّبط

تصبح مسألة الضَّبط مشكلة حقيقية في قصة الأَطْفَال والنَّاشِئة إذا ما اعترضتها ثغرات الطِّباعة الَّتي قد يساهم القاصُّ أيضًا فيها إذا لم يتوجه بقصته إلى عمر معين حين يسلم قصته للنَّشْر، وهذا التَّشوش يستدعي الانتباه والتَّحقق من القصص قبل نشرها وأثناءه. ويتعلق موضوع الضّبط  تعلّقًا مباشرًا بارتباك التَّوَجه إلى عمر معين، كما في سلسلة قصصه، والَّتي كان يفترض أَنْ تَكُونَ موجهة إلى الأَعْمَار ذاتها، وإن كان الضَّبط فيها صحيحًا في كل الأحوال.

  • بين الحقيقة والمجاز

يخضع سبب استخدام المجاز لاختلاف طرق التَّعْبير في العَرَبِيّة من الحقيقة إلى المجاز، ولكل منهما مقام. غير أن مقام الحقيقة أعلى من مقام المجاز في قِصَّة الأَطْفَال والنَّاشِئة، وخاصة في مَرَاحِل النّمُو الأَوَّلى الَّتي لا يفهم الطِّفْل فيها إلا اللُّغَة الملموسة والمحسوسة. وخير مثال على ذلك ما ورد في قصتي (الموزة)، و(البنت الشّقراء)؛ فقد استنكر البطل أسامة- في القِصَّة الأَوَّلى- قول الطّبيبة إن الموزة مفيدة لأن فيها حديد؛ فسأل: “كيف يضعون الحديد في الموز؟ ستتكسر أسناني!”، بينما فهمَ من قول أمه: “إن شاء الله تأخذ بنتًا شقراء وعيناها زرقاوان”- في القِصَّة الثَّانِية- الأخذ بمعناه المادِّيّ، فأصرَّ  على “أخذ” الفتاة الشَّقراء من محل الألعاب، وأصر على دفع  ثمنها أيضًا.

ويمثل أسامة شريحة كبرى  من الأَطْفَال الّذين يفهمون الحقيقة لأنها أسهل؛  فعبارة “مات الخليفة” حقيقة صريحة أسهل على القارئ المبتدئ من عبارة “امتدت إليه يد المنون”.  وعبارة “الرَّئيس محبوب” أسهل معنى من عبارة “الرَّئيس يتربع على عرش القلوب” الَّتي قد  لا يستطيع فهمها إلا من تقدمت به دراسة اللُّغَة وأساليبها. على أن مؤلف الأَطْفَال كثيرًا ما ينسى هذه الحقيقة، ويكتب بأُسْلُوب لا يفهمه إلا كبار المثقفين، فتتسع الهوة بينه وبين قرائه. لذا، ينصح قاص الأَطْفَال والنَّاشِئة- بالإضافة إلى تجنب غريب الأَلْفَاظ-  أن يتجنب المجاز ويعتمد أُسْلُوب التصريح والحقيقة بدل أُسْلُوب التَّلميح والمجاز الَّتي يعتمدها كتاب قِصَّة الكبار[26] إلا إذا استخدم مجازًا يفهمهه الطِّفْل ويستخدمه في حديثه اليَوْمِيّ.

  • التِّكْرار

يستمر الطِّفْل في بناء قاموسه اللُّغَوِيّ عن طريق حفظ أسماء الأشياء الَّتي تعبر عنها الصّور والَّتي يتعرف إليها من خلل القِصَّة الَّتي يقرأها.

وكثيرًا ما تؤديقراءة الكتاب الأولىإلى تزويد الطِّفْل بنماذجَ لغوية جديدة لا يجد لها أول الأمر معنى، ولكنه لا يلبث أن يدرك معناها تدريجيًّا أثناء دراسة صورها وسماع نماذجها مرة بعد مرة، فتترسخ الأَلْفَاظ مع مدلولاتها وإيحاءاتها مساهمة في إجادته العبارات والجمل[27].

وإذا كان التِّكْرار-  عند الصِّغَار-  يهدف إلى إثراء الحصيلة اللُّغَوِيّة ولفت الانتباه للألفاظ  الجديدة؛ فإن له وظائف أُخْرى عند الأكبر سنًّا، عدا تثبيت المُفْرَدَات الجديدة في ذهن الطِّفْل. فهو يهدف إلى تثبيت العِبَارَة المكررة، وشرح القضية الَّتي يركز التِّكْرار عليها وتحتل- عادة- أهمية كبرى في نظر القاص.

ولا يبتعد هدف تكرار الجمل عن هدف تكرار لفظةٍ بالذّات؛ فهو يدل على أهمية هذه الجُمْلَةُ الَّتي قد تكون بدورها مفتاح القِصَّة أو تكون مرتبطة بالفِكْرَة الأساسية ارتباطًا وثيقًا. ففي (قِصَّة الكوسى) لـ (إدريس)، كرر القاصُّ جُمَل لين الصَّغيرة: “كل الوقت أُطفئُ الأضواء وأشعلها، أغلق البواب وأفتحها. أُطفئُ الأضواء وأُشعلها، أُغلق الأبواب وأَفتحها. أُطفئ الأبواب وأُشعلها، أُغلق الأضواء و…” ليدل على حال الضَّجَر الّذي تعيشه لين، وهي دلالة ثانوية لا علاقة لها بالموضوع الأساس إلا بعد أن يكتشف القارئُ- كما اكتشف بطل القِصَّة أسامة-  مدى الوقت الّذي تستغرقه الإعادة وارتباط هذا الوقت بالحيلة الَّتي رسمتها الأم مع لين لوضع الكوسى بدل الَّتي أكلها في محاولة لتغذيته تغذية صحِّية. 

وكرّر (إدريس) جملة “يفتش عن أمّ جديدة” في قِصَّة (أم جديدة)- وهي جملة محوريَّة- كما كرر جملَتَي: “تأخذ بنتًا شقراء وعيناها زرقاوان”، و”بنت شقراء، بعينين زرقاوين، وفستان زهري، وكندرة بيضاء” في قِصَّة (البنت الشّقراء) وهما تشكلان محور القِصَّة أيضًا. وكرّر على لسان بطل قِصَّة (الموزة)  جملة الطّبيبة: “الموز مليء بالبوتاسيوم والبروتين والحديد”، ولكن بألفاظ طفولية مضحكة: “لا يهمني التوربين، ولا البوتاسيو، ولا البوكاسرول”.

وفي القِصَّة تكررت جملة: “موزة شقراء وفيها نمش”، وكلها جمل تتصل بفكرة القِصَّة وتؤكد على أهمية الموز.  كما كرر (إدريس) جملة: “ولو نزلت السَّمَاء على الأرض” في قِصَّة (الكل مشغول) لتدل على موقف بطل القِصَّة المتمسك بقضاء عطلة مسلية لم تكن كذلك.

كما استخدم الكاتب في قصصه تكرار نبرات الكِتَابَة التي تلعب دورًا مهمًّا في بث الحيوية في القِصَّة وتقريبها من عالم الطِّفْل. ولا يختلف دور تكرارها عن دورها إن ذكرت مرة واحدة إلا في تأكيد أهميتها وبث المزيد من الحيوية. وقد كرر (إدريس) هذه النّبرات في  (قِصَّة الكوسى): “ألو. مرحبا تالة. صرتِ تعرفين أن تحكي على التّلفون؟/ واع/ أحوالك؟/ واع/ حبيبتي تريدين أن أبكي معك؟/ واعْ! واعْ! واعْ”.

واستخدم تكرار العَدّ في (قِصَّة الكوسى) مع تغيير الأرقام: “أكلتُ أول لقمة”، و”أكلتُ ثاني لقمة”، و”أكلتُ ثالث لقمة”. وكذلك: “هذه لقمة، وهذه ثانية، وهذه ثالثة”. وقد يستخدم الكتاب التعداد للتأكيد على الكم لا تعليم العد.

  • الوَصْف

لا يختلف الوصف، في قصَّة الكبار، عنه في قصة الصِّغَار باعتبار  أهميته ووظيفته، لكن تفاصيل الوصف- في قصة الصِّغَار- تختلف إذ تعتمد على الأَعْمَار الَّتي تتوجه القِصَّة بها، فيكون وصفًا متعددًا يعتمد على وصف المُفْرَدَات في العمر الصَّغير جدًّا، ثم يجمع بين وصف المُفْرَدَات والفقرات الوصفية، أو بين الفقرات الوصفية ووصف الفعل  والحركة، ثم الوصف الّذي يمتزج بالسَّرْد فيؤنق النّص.     

ويختلف الوصف في قصص الأَطْفَال حسب الأَعْمَار الَّتي تتوجه القِصَّة إليها. فالأقرب للطّفل الصَّغير جدًّا اسْتِعْمَال بعض صفات الأَلْفَاظ الواضحة الملونة بدلاً من اسْتِعْمَال المدركات الكلية المجردة[28]، وذلك بدءًا من عنوان القِصَّة[29]. أما داخل القِصَّة، فمن الأفضل استخدام الصِّفَات الحسّيّة للأعمار الصَّغيرة.

وقد استخدم (إدريس) لهذا العمر وصف المُفْرَدَات؛ ففي (البنت الشَّقراء):  بدأ الوصف من العنوان، وأتبعه بـ: “الدرّاجة الحمراء، السَيَّارَة الصَّفراء، الدّب الأبيض، الكلب النَّاعم الصّوف”. ووصف البنت الَّتي يحلم بها: رأيت بنتًا ولا أحلى: شقراءَ، بعينين زرقاوين، وفستان زهري، وكُندرة بيضاء”، لكنها “بنت حقيقية” كما قالت أمّ أسامة!

وفي (الموزة): “موزة شقراء وفيها نمش”، و”دحشت في فمي لقمة كبيرة”، و”أفًّ، أفًّ. شيء فظيع”، و”رقمُ تلفون هام[هكذا][30]“، و”ابنك ملعون ومهضوم”.. وفي (الكل مشغول): “أمّ جديدة”، و”ستدرِّس أولادًا فقراء”، و”أصواتٌ كثيرةٌ غريبةٌ مخيفة”، و”الكهرباء الكلبة”، و”كِرْش كبيرة”، و”دموع حقيقية”. وفي (تحت السَّرير): “بخط جميل”، و”نجمة ذهبية”، و”كالنَّاحيةالأَوَّلى”، و”النَّاحيةالثَّانِية”، و”أحلامًا سعيدةً”، و”بصوت هادئ”، و”عندي رسومٌ جميلةٌ كثيرةٌ”، و”مكنسة كهربائية”، و”لعبة صغيرة”. وفي (قِصَّة الكوسى): “أكلتُ كوساية كاملة”، و”لقمة جديدة”، و”لقمة ثانية”، و”قطعتان كاملتان من الكوسى”. وفي (أم جديدة): “بطاطا مقلية”، و”ولدٌ صغيرٌ”، و”البناية الحُلْوَة الصَّفْراء”، و”الطابق الفوقاني”، و”الشّجَر الأخضر”، و”أنا صبي حلو”، و”أختُ سندريلا البشعةُ”، و”الملكة الغيرانة”.

وقد يكون الوصف غريبًا؛ كأن يوصف موصوف بصفتين متناقضتين على غرار ما فعل (إدريس) في (الملجأ) حين وصف رائحة “الكاتول” بأنها: “رائحة كريهة حبيبة”.

أما فيما يتعلق بالفقرات الوصفية التي يعمد بعض الكتّاب إلى استخدامها، فهي تضيء النَّصَّ وتشرح ما يحتاج إلى شرحٍ خاصة إذا كان الموصوف غريبًا أو قد مر عليه الزَّمان، كما في قِصَّة (الملجأ) الّذي استخدم فيها الكاتبُ الطِّباق الإيجابي في وصف رائحة “الكاتول”؛ فرآها رائحة “كريهة حبيبة” لأنها كريهة واقعيًّا وحبيبة لارتباطها بذكريات الحَرْب الَّتي تصيب صواريخها الأَوَّلاد بشعور عبّرَ القاص عنه، أيضًا، باستخدام الطّباق الإيجابي حين وصفه بشعور الرُّعب والنَّشوة معًا.

يقول عن “الكاتول”: “والكاتول، لمن لا يعرفه، هو قاتل البرغش…أو مدوِّخه، وميزته الأَوَّلى أنه لا يحتاج إلى كهرباء، وكان أمرًا حاسمًا أيامَ الحَرْب، لأن الكهرباء كانت مقطوعة في معظم الأوقات بسبب قصف معامل التَّوليد أو انعدام المحروقات، كان الكاتول هو ما يضمن لنا ليلًا بلا أزيز في آذاننا، وصباحًا بغير حبوب (تكبر كلما حككناها) في وجوهنا وأذرعنا وأفخاذنا. وأذكر أن أمي كانت تقول إن البرغش يحب الأَطْفَال بشكل خاص؛ لأن لحمهم طريٌّ وغير مغطًّى بالشَّعر! قطعة مدورة خضراء، ملتفة بعضها على بعض في دوائر متصلة كأنها الحلزون؛ ذات حز صغير، يُدخل فيه شيء معدني محدد؛ ثم يُشعل طرفها، فيتصاعد منها دخان كثيف ورائحة…والعياذ بالله: تسبب لمن لم يعتدها صداعًا في الرَّأس، وحرقة في العينين، وربما تورمًا في الحنجرة. وأما البرغشة، فما إن تشمّ الكاتول حتى تترنح سكرانة”.

وإذ  ارتبط الوصف هنا بالملموس والمحسوس، وشمل أوضاع البلاد أثناء الحَرْب، وأوضاع النَّاس في الملاجئ الرّطبة، يصف (إدريس) في القِصَّة ذاتها صاروخًا “جديدًا” بأُسْلُوب واقعي ساخر؛ فيقول: “كان هذا النَّوْع من الصَّواريخ-  قبل أن يقع-  يطلق صفيرًا طويلًا مخيفًا بحيث تبدو الأصوات الَّتي رافقت الصَّواريخ “القديمة” أشبه بزقزقة العصافير! وحين ينفجر ترتج الأرض عدة ارتجاجات، فلا ينحصر أثره التَّدميري في بقعة صغيرة بل يُحدث حفرة كبيرة جدًّا حين يقع وتتطاير شظاياه في كل اتِّجاه، وكان الكَلَام والجدال والهمس، كان كل شيء يتوقف عندما نسمع ذلك الصفير.. نسكت ونتأهب؛ ولكن رغم استعدادنا لسماع انفجار العالم من حولنا، فما إن يسقط ذلك الصَّاروخ حتى ندرك أن استعدادنا لم يخفف شيئًا من الرُّعب”.

  • حَيِّز الزَّمان

ويعنى به الزَّمان السَّرْدي، وهو “نسْجٌ، ينشأ عنه سحر، ينشأ عنه وجود، ينشأ عنه جمالية سحرية، أو سحرية جمالية؛ فهو لُحمة الحدث، وملح السَّرْد، وصِنْوُ الحَيِّز، وقوام الشَّخْصِيَّة[31]“.

وهو ليس مجرد خيط وهمي يربط الأحداث بعضها ببعض، ويؤسس لعلاقات الشَّخْصِيَّات، ويظاهر اللُّغَة على أن تتخذ موقعها في إطار السَّيرورة، ولكنه اغتدى أعظم من ذلك شأنًا، وأخطر من ذلك دَيْدَنًا، فمن الكُتَّاب مَن يعْنَت نفسه في اللَّعب بالزَّمَن كما يعْنَت نفسه باللَّعب بالحَيِّز واللُّغَة والشَّخْصِيَّات، فيقسم الزَّمان إلى: زمن المغامرة أو زمن الحِكَايَة أو الزَّمَن المحكي، وزمن الكِتَابَة أو ما يسمى بزمن المخاض الإِبْداعِيّ، وزمن القراءة أو زمن التَّلقي التَّعددي الّذي يأتي في نهاية المطاف، ويتميز بـ”الطُّول والرَّاحة والتَّجدد بتجدد الأحوال والأشخاص، فهو زمن ذو صفة تعددية[32]“.

على أن  الزَّمان السَّرْدي لا يعني القِصَّة الطِّفْلية؛ وإنما يعنيها الزَّمَن التَّقليدي الطّبيعي الّذي يكون على التَّصور التَّالي: ماضي، ثم حاضر، ثم مستقبل، والّذي استعمل في السُّرود القديمة، على نحوٍ من المسار الطّبيعي أو  التَّسَلْسُل الزَّمَني  Chronologyالسَّائِد في الأعمال السَّرْدية الشَّفَهِيّة والمكتوبة.

ولكن مقتضيات السَّرْد كثيرًا ما تتطلب أن يقع التَّبادل فيما بين المواقع الزَّمَنية، فيقع “الانْزِيَاح الحدثي”، أو “التَّضليل الحكائي”، أو ما يسمى أيضًا بـ”اللا تسلسل الزَّمَني”، أو “التّذبذب”، أو “التَّشويش[33]” مما لا يناسب الأَطْفَال الّذين يضلِّلهم انزياحُ الأزمنة الصَّعبة الفهم؛ إذ لا يمكنهم إدراك ذلك  التَّداخُل الصّعب الّذي هو مجال انتقاد الحِكَايَات الواردة في (ألْف ليْلَة ولَيْلَة) مثَلًا إذا ما قُدمت إلى الأَطْفَال كما  هي، بتداخلها الزَّمَني والسَّرْدي والحكائي، الّذي تتضمن بعض حِكَايَاته المركزية حِكَايَات أخريات قد تصل-  في بعض الأحيان-  إلى سبعة عشر حِكَايَة، كما في حِكَايَة (حمَّال بغداد) مثَلًا، بينما يشكّل هذا  التَّداخُل نموذجًا ممتعًا للكبار.

وكان (إدريس) ممَّن استخدم زمنًا غير تقليدي في قِصَّة (الملجأ)، إذ تبدأُ القصة “الآن”، ثم تعود إلى الماضي- أيام الحَرْب اللُّبْنَانِيَّة أواخر الثَّمانينيَّات- وتعود إلى الآن، ولكنها لا تشكل إرباكًا لقارئها نظرًا إلى قلة الانْزِيَاحات وقلة الحِكَايَات المتداخلة إلى جانب أنها موجهة إلى عمر الشَّبَاب. ولو أنها لم تكن للنّاشئة، لكان الأمر يحسَبُ ضدَّه، ولكنها كذلك؛ لذا تُحسَب من ضمن إبداع كتابته الموجهة إلى أصحاب هذه الأعمار الذين يستمتعون- في مَرْحَلَة انبثاق الحساسيّة الجماليّة- وهيمَرْحَلَة فنيةٌ وأَدَبيَّةٌ تَنْشَأُ مع طورِ المُغَامرة والبُطُولَة [الطُّفُولَة المُتَأَخِّرَة  Late Childhood 8 – 12 سنة] وما بعدها، بـ”الواقع الجميل”، و”المعلومات الفنية”، ومختلف الألوان الجَمَاليّة المصاحبة للإنتاج الأدبي من صُوَر ورسوم وموسيقا وانزياحات زَمَكانيَّة[34] وغيرها…

أخيرًا،

لعلّ ما يميّز كتابة (سماح إدريس) للصِّغار والنَّاشئة، هو تحرره التّامُّ من صنميَّة رجال التّربية الذين يحاصرون أدباء الأطفال والنّاشئة حصارًا لا هَوادةَ فيه، فيلوّحون بعُصِيِّ  القِيَم وبنظريات عظماء المربين، محاولين إعادة مَن يحاول التَّحرر من رِباقِهم إن استطاعوا، فلم يستطيعوا إلى (إدريس) وصولًا، ما جعل نصوصه سهلة، بسيطة، حرّة كعصفور يغرّد متى شاء كيفما شاء.

 مكتبة الدراسة:

د. إيمان بقاعي: مُعْجَم مُصْطَلَحات أَدَب الأَطْفَال (1- 12 سنة) والنَّاشِئَة (12 – 21 سنة).


[1] – سماح إدريس: 1961-2021.

[2]  – حامد عبد السَّلام زهران: علم نفس النّمُو، ص 273.

[3] – مجدي وهبة: مُعْجَم مُصْطَلَحات الأدب، ص 17.

[4] – هادي نعمان الهيتي: ثقافة الأَطْفال، ص 202 .

[5] – عبد الرَّزّاق جعفر: الحكاية السَّاحِرة، ص 69- 70 .

[6] – انظر: هادي نعمان الهيتي: ثقافة الأَطْفال، ص 200- 202، كذلك: عبد الرَّزّاق جعفر: الحكاية السَّاحِرة، ص69- 70، كذلك:  شاكر عبد الحميد: الفكاهة والضِّحْك (رؤية جديدة)، ص 40 -59، كذلك:  أنيس فريحة: الفكاهة عند العَرَب. بيروت، مكتبة رأس بيروت، ص 71.

[7] – جلين ويلسون: نفسية فنون الأداء، ص 249 -252 .

[8] – جلين ويلسون: نفسية فنون الأداء، ص 262- 264 .

[9] – حامد عبد السَّلام زهران: علم نفس النّمُو، ص 324.

[10]  – حامد عبد السَّلام زهران: علم نفس النّمُو، ص 325.

[11]  – سماح إدريس: الموزة. بيروت، دار الآداب للصِّغَار، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة موجهة إلى أعمار (6 – 10 سَنَوَات)، مزينة بلوحات ملونة كاريكاتورية متناسبة مع الأعمار، بريشة:  ياسمين نشابة طعان. تربويًّا: يجب أن يأكل الأَوَّلاد الأطعام المفيد. فنيًّا: قِصَّة مرحة سادت فيها الحوادث وحققت حبكتها الصُّورة  العُضْوِيَّة المتوازنة عبر السَّرْد الذّاتيّ.

[12]  – د.ت.برّي برازلتون، ود.جشوا د.سبارو: انضباط الأَطْفال (قواعد الدكتور ت.بري برازلتون)، تعريب: بان طارق الكيلاني. بيروت، الحوار الثَّقَافي، ص 189.

[13]  – د.سبوك: حديث إلى الأُمَّهَات. بيروت، المؤسسة العَرَبِيّة للدراسات والنَّشْر،  ط1: 1977، ص 37.

[14]  –  د.ت.برّي برازلتون، ود.جشوا د.سبارو: انضباط الأَطْفال (قواعد الدكتور ت.بري برازلتون)، ص 189.

[15]  – د. سبوك: حديث إلى الأُمَّهَات، ص 37.

[16]  – سماح إدريس: قِصَّة الكوسى. بيروت، دار الآداب للصِّغَار، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة موجهة إلى أعمار (5 – 8 سَنَوَات)، مزينة بلوحات ملونة كاريكاتورية متناسبة مع الأعمار، بريشة:  ياسمين نشابة طعان. تربويًّا: يجب أن يتبع الاباء كل الوسائل المرحة لإطعام أبنائهم الطَّعام الصحي. فنيًّا: قِصَّة مرحة سادت فيها الحوادث وحققت حبكتها الصُّورة  العُضْوِيَّة المتوازنة عبر السَّرْد الذّاتيّ.

[17]  – سماح إدريس: أم جديدة. بيروت، دار الآداب للصِّغَار، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة موجهة إلى  أعمار (6 – 9سَنَوَات)، مزينة بلوحات ملونة كاريكاتورية متناسبة مع الأعمار، بريشة:  ياسمين نشابة طعان. تربويًّا: لا بديل عن الأم. فنيًّا: قِصَّة مرحة سادت فيها الحوادث وحققت حبكتها الصُّورة  العُضْوِيَّة المتوازنة عبر السَّرْد الذّاتيّ.

[18]  – سماح إدريس: الكل مشغول. بيروت، دار الآداب للصِّغَار، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة موجهة إلى  أعمار (6 – 10 سَنَوَات)، مزينة بلوحات ملونة كاريكاتورية متناسبة مع الأعمار، بريشة:  ياسمين نشابة طعان. تربويًّا: يجب أن نرتاح أيام العطلة. فنيًّا: قِصَّة مرحة سادت فيها الحوادث وحققت حبكتها الصُّورة  العُضْوِيَّة المتوازنة عبر السَّرْد الذّاتيّ.

[19]  – سماح إدريس: تحت السرير. بيروت، دار الآداب للصِّغَار، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة موجهة إلى أعمار (6 – 10 سَنَوَات)، مزينة بلوحات ملونة كاريكاتورية متناسبة مع الأعمار، بريشة:  ياسمين نشابة طعان. تربويًّا: يجب ألا نغار ونحسد الآخرين. فنيًّا: قِصَّة مرحة سادت فيها الحوادث وحققت حبكتها الصُّورة  العُضْوِيَّة المتوازنة عبر السَّرْد الذّاتيّ.

[20]  – سماح إدريس: البنت الشَّقراء. بيروت، دار الآداب للصِّغَار، د.ت. تربويًّا ونفسيًّا: القِصَّة موجهة إلى  أعمار (6 – 9 سَنَوَات)، مزينة بلوحات ملونة كاريكاتورية متناسبة مع الأعمار، بريشة:  ياسمين نشابة طعان. تربويًّا: الزواج لا يبنى على الشّكل الخارجي. فنيًّا: قِصَّة مرحة سادت فيها الحوادث وحققت حبكتها الصُّورة  العُضْوِيَّة المتوازنة عبر السَّرْد الذّاتيّ.

[21]تُعْتبَر من أهم الرِّوايات اللّبنانية التي عالجَت ببراعة عالم النّاشئة.

[22]  – حامد عبد السَّلام زهران: علم نفس النّمُو، ص 321، بتصرف.

[23] – وسمية عبد المحسن المنصور: “توظيف المأثور القولي في تنمية لغة الطّفل“. عالم الفكر، ص 146- 148.

[24] – إميل يعقوب (وغيره): قاموس المُصْطَلَحات اللُّغَوِيّة، ص 81،  293.

[25]الاقتراض اللُّغَوِيّ: هو استعارة كلمة من لغة أجنبية بلفظها ومعناها كلفظ (تيليفون) الدَّخيل، أو بعد التَّغيير فيها بالزِّيادة أو الحَذْف أو القلب كلفظ (ساذج) معرب (ساده) بالفارسية. وقد يعقب الاستعارة الاشتقاق والتَّوليد كلفظ (ديوان) الّذي اشتق منه (دون) ثم (تدوين) وكالمَصْدَر الفارسي (زركشيدن)؛ أي: (الرَّسم بالذَّهَب) الّذي حوله العَرَب إلى (زركشة)، ثم اشتقوا منه (زركش) بمعنى زيَّن وزخرف. [مجدي وهبة: مُعْجَم مُصْطَلَحات الأدب، ص 609 – 610].

[26] – عبد العزيز عبد المجيد: القِصَّة في التَّرْبية، ص27.

[27] – أحمد نجيب: فن الكِتَابَة للأَطْفَالِ، ص 22.

[28] – أحمد نجيب: فن الكِتَابَة للأَطْفَالِ، ص 48- 49.

[29] – انظر: ص 267 –  268.

[30] – الصَّحيح: مُهِم.

[31] – عبد الملك مرتاض: في نظرية الرِّواية، ص 207.

[32] – عبد الملك مرتاض: في نظرية الرِّواية، ص209 – 213.

[33] -عبد الملك مرتاض: في نظرية الرِّواية، ص220-222].

[34]الزَّمَكَان  في قِصَّة الأَطْفَال والنَّاشِئَة: هما بيئتها أو فضاؤها أو ما يدعى بالزَّمَكَان  chronotope أو الحَيِّز Space. وتشكل هذه البيئة مجموعة القوى والعوامل الثَّابِتة والطَّارئة الَّتي تحيط بالفرد وتؤثِّر في تصرفاته في الحَيَاة وتوجهها وجهة معينة مما يفرض على كاتب القِصَّة أخذها بعين الاعتبار خاصة إذا علم أن كثيرًا من الأدب يستمد روعته من تصويره الصَّادق لبيئة من البيئات، أو لطبقة من الطّبقات الاجْتِمَاعِيّة. ويفضَّل اسْتِخْدام الزَّمَان التَّقليدي: (ماض + حاضر+ مستقبل)، والتَّقْليل من الانْزِيَاحات الزَّمَانية والمكانية إلا في أَدَب النَّاشِئَة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات