لكوني عشت في البر الرئيسي، ليس كثيرًا، ولكن أكثر من مرة أو مرتين، سمعت كيف تحدث بعضهم – وهم يشتكون من مصيرهم الصعب الذي لا أمل فيه – عن بعض معارفهم بقدر معين من الحسد والسخرية:

“أ! هؤلاء – ذهبوا شمالًا طمعا في روبل طويل. وهكذا بدا للخيال: نوع من الروبل الطويل معلق في شريط لا نهاية له، مثل لفافة من الورق، والأشخاص الجشعون من حوله بأيدٍ مشبعة، “يأتون بأعداد كبيرة” إلى الشمال.

هذا غير صحيح. يعمل الناس في الشمال أحيانًا في ظروف قاسية لدرجة أن بعض الأشخاص الحسودين ليس لديهم فكرة، نعم، ولا يريدون ذلك، حتى يكونوا صادقين.

الشماليون يعملون بضمير حي ولا يخشون أي صعوبات. أنا فخور بهؤلاء الناس، وأنا فخور بأنهم رفاقي. إنهم لا يصنعون أفلامًا عن عشاق الرياضات المتطرفة الذين يلصقون أنوفهم في مناخ التندرا مرة واحدة في حياتهم، ثم يتحدثون لبقية حياتهم عن الرجال الأقوياء.

الشماليون يعملون هنا كل يوم. في أي طقس. إنهم لا يتركون أي شخص في ورطة. بالنسبة لهم، نحن جميعًا أهل، ولا يوجد غرباء بالنسبة لنا. هل لديكم شك؟ تعالوا. وانظروا بأنفسكم.

كيف يبدو الشمالي في الخارج؟ ذات مرة، في البر الرئيسي، عُرضت لي صورة كاملة الطول لرجل ذي إرادة قوية وتعبير صارم على وجهه ومربعات عضلية منتفخة في جميع أنحاء جسده، كمثال لشمالي حقيقي. أثارت الصورة اهتمامي وقررت إثبات هوية هذا الرجل. واكتشفت: إنه متعرٍّ من ملهى ليلي في موسكو، إذا سافر خارج طريق موسكو الدائري، فعندئذ فقط ليكون في اتجاه سوتشي أو جزر هاواي. في الواقع، يمكن أن يكون مظهر الشمالي أي شيء، لأن الشمالي هو حالة ذهنية.

عندما تدخل كوخ الصيد الخاص بأحد، وهو ليس نظيفًا فحسب، بل يكون أيضًا يوفر ملحًا ودقيقًا وحبوبًا وزيت عباد الشمس، وكل ما يحتاجه الشخص متوفر. وبالقرب من الكوخ يوجد كوخ حطب ممتلئ بالحطب الجاهز للتدفشة، وهو مكدس ليس لأنفسهم، ولكن لأي شخص موجود هنا، فهؤلاء هم الشماليون.

عندما تكون في التندرا العارية المغطاة بالثلوج، ينظر خمسة رجال بحماس إلى مسار التزلج، مبتهجين بالشخص الذي تركه، ولا يعرفون شيئًا عنه على الإطلاق، ويناقشون ما إذا كان كل شيء على ما يرام معه كما لو أن شخصًا عزيزًا قد مر هنا، مقدرًا طريقه وإذا كنت بحاجة إلى مساعدة – فهم الشماليون.

عندما تنسى في منزل غريب غير مألوف بين أشخاص عشوائيين محفظة بها كل أموالك في مكان واضح، تغادر، وتعود بعد أسبوع، ترى محفظتك سليمة في المكان نفسه الذي تركته فيه: هؤلاء هم الشماليون.

عندما يقودك رجال غير مألوفين، يغطيهم الصقيع، على عربة ثلجية، بعد أن دفعوا العربة ووحده الله يعرف كم عدد الأميال التي قاموا بذلك من خلال القفر المطلق وعدم القدرة على المرور، وأول ما يسألون عنه هو “هل هناك أي أعواد ثقاب؟”، وليس من أجل أخذ لهم، ولكن من أجل المشاركة معك، إذا كنت بحاجة، – هؤلاء هم الشماليون …

لهذا السبب أحمل قدر هذه الكلمة بأحرف كبيرة.