“صندوق ورق”.. تجربة “وطـن” في النشر الجماعي

07:11 صباحًا الأحد 23 ديسمبر 2012
رضوى أشرف

رضوى أشرف

كاتبة ومترجمة من مصر، مدير تحرير (آسيا إن) العربية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

“بداخل كل منا حلم, دونه و طواه في صندوق أسراره و أوراقه, أغلق عليه بمتاريس الترقب و التوجس و أزاح مفتاحه .. علها في يوم تنكشف الأسرار و تُسطر الأوراق .. يظهر حلمه للنور متنفساً الحرية و الحياة.. يطير محلقاً في عنان الأمنيات .. فيعثر أحدهم على صندوقه. هذا هو الصندوق المقدس لكل منا يطوي قلبه صفحاته و أوراقه.. فإليك شريكنا في الحلم صندوق أسرارنا و أوراقنا .. بين يديك قارئ المستقبل .. صندوقنا الورق و هاك مفتاحه”

هكذا هي مقدمة كتاب صندوق ورق, و هو كتاب يضم 50 كاتباً في تجربة النشر الجماعي, المميز فيها أن بالنسبة لمعظمهم هذه المرة الأولى لنشر اعمالهم في كتاب مطبوع, من ضمنهم أنا.

بدأت رحلة هذا الكتاب ككتاب إلكتروني بعنوان “علبة ألوان” برعاية دار “ليلى” للنشر. و يحكي “مصطفى سيف الدين” أحد المشاركين في الكتاب عن كيف بدأت الفكرة. فالكتاب في الأصل بدأ باقتراح “محمد غالية” و هو أحد الكٌتاب في صندوق ورق, أن يقوم كُتاب دار ليلى الشباب بعمل كتاب جماعي, و قامت دار “ليلى” بفتح المجال أمام أخرون من خارج مشروع دار ليلى و هو مشروع “النشر لمن يستحق” للمشاركة في الكتاب. حقق الكتاب نجاحاً بحلته الإلكترونية كـ”علبة ألوان” بمساهمة كبيرة من “محمد موسى” الذي لولاه لما كان نجح الكتاب إلكترونياً, و بدأ بعدها مشوار النشر الورقي.

حينها إنسحب بعض الكتاب بعض صدور النسخة الإلكترونية ليحل محلهم أخرون و يشاركوا في النسخة الورقية ليخرج تحت اسم جديد و هو “صندوق ورق”.  و كان الكتاب رحلة من المعاناة بدءاً بإختيار الإسم و الغلاف و إنتهاءاً بصدوره و كان “خالد ناجي” أحد المشاركين و كذلك يعد المسئول عن عملية النشر بالكامل,من حيث تعاقده مع دار “ليلى” و ما تلى ذلك من إجراءات.

تجربة النشر الجماعي تحل العديد من مشاكل النشر بالنسبة للشباب, فهي أولاً تخفف الحمل المادي على الكاتب الشاب الذي يرغب بمساحة لنشر أفكاره. فمعظم دور النشر الأن تطلب مبالغ لا يقدر عليها شاب, لمجرد أن ينشر كتابه. “صندوق ورق” ليس أول تجربة من تجارب النشر الجماعي, و لكنه مميز بتنوع الكتابات فيه. فهو يضم كُتاب نشر لهم كتب بمفردهم من قبل و كُتاب أخرون تعد هذه تجربتهم الأولى, و عن هذا يتحدث عدد من المشاركين في “صندوق ورق”.

يتحدث “محمد إمام” عن تجربته و كيف شارك في “صندوق ورق”: “أنا إشتركت في بالبداية بالمصادفة عندما علمت بتحويل كتاب “علبة ألوان” إلى كتاب إلكتروني و إنسحاب بعض الكتاب عند إتخاذ هذه الخطوة. وقد أضافت هذه التجربة لي الكثير, فعلى المستوى الشخصي تعرفت على شخصيات مبدعة و مختلفة, و على المستوى المهني هذه ثاني مرة يكون لي عمل في معرض الكتاب, و هذا إحساس مختلف”. كذلك “نهى صالح” التي تصف مشاركتها في الكتاب كـ”خطوة جديدة في طريقها” فهي كذلك لم تشارك في الكتاب الإلكتروني و لكن شاركت في الكتاب الورقي, و رغم أن هذه ليست تجربة النشر الأولى لها كذلك إلا أنها تصفها بتجربة رائعة و تتمنى أن تتاح لها الفرصة لتكررها مرة أخرى.

أما “أحمد موسى” فهو من المشاركين في الكتاب منذ كان “علبة ألوان” إلكترونية,  تحدث عن كيف أنه شارك بقصته في الكتاب لتصله بعد فترة رسالة تبلغه بأن الكتاب الإلكتروني تم إصداره و أنهم في طريقهم لتحويله لكتاب ورقي و يتحدث عن التجربة قائلاً: “سعدت بتجربة الكتابة مع كتاب متميزين و لهم خبرات سابقة فأنا الأصغر سناً و الأقل خبرة و تحت اسم دار كبيرة مثل دار ليلى”.

أما بالنسبة لـ”رضوى صلاح” فهذه تجربة النشر الأولى لها, فهي قد شاركت في الكتاب منذ كان كتاباً إلكترونياً و واصلت فيه بإضافة قصة أخرى بعد قرار تحويله إلى كتاب ورقي. و تحدثت كيف أن الكتاب ساعدها في معرفة معلومات أكثر عن مجال النشر و الكتابة مما سيفيدها بالتأكيد في المستقبل. الحال يختلف بالنسبة لـ “جمال منصور” الذي عرف بخصوص الكتاب عن طريق الصدفة البحتة, حيث قاده البحث عن القصص إلى المشاركة بقصته في الكتاب, فالنشر في الكتاب بالنسبة له “حلم كان يراه بعيداً”.

و تتحدث “لبنى السحار” عن إحساسها عند نشر أول عمل لها في كتاب ورقي: “هو بداية لأشياء كثيرة, فرؤية حروفي ضمن دفتي كتاب و بين مجموعة من الحالمين مثلي لا تقدر بثمن. هي دفعة قوية لأنطلق نحو القمة التي طالما تخيلت نفسي عليها. هي تجربة رائعة و أتمنى أن يأخذ الله بيدي ليساعدني على إيصال أفكاري للعالم”.

أما “رامي يوسف” فيعبر عن سعادته, برغم أن هذه ليست تجربة النشر الأولى له, إلا أنه يصفها بـ “لمحة الأمل في بركة من اليأس”. فخطوة النشر هذه التي أعادته إلى الكتابة مرة أخرى و إنتشلته من دوامات العمل و التفكير في أحوال البلاد. “دينا ممدوح” كذلك تتحدث عن تجربتها الأولى في النشر الجماعي, و برغم أنها ليست تجربتها الأولى في النشر كذلك إلا أنه كان من الممتع بالنسبة لها المشاركة مع هذا العدد من المواهب و تتحدث عن هذا قائلة: “عندما بدأت بقراءة الكتاب بعد صدوره و لاحظت كل هذه الكتابات الجميلة و كيف أنني مجرد جزء صغير فيها أحسست بالفخر بجهدنا جميعاً في هذا الكتاب”.

الكتاب يضم أعمال تتراوح بين القصة القصيرة, الخواطر, المقالات, و الشعر. و هو الأن متوافر في جميع فروع مكتبات “ألف”, و من المتوقع كذلك أن يكون متوفراً بجميع المكتبات بجانب توفره في معرض الكتاب القادم بالقاهرة.

بعض المشاركين في الكتاب أثناء حضورهم الندوة بالمجلس الأعلى للثقافة

بعض المشاركين في الكتاب أثناء حضورهم الندوة بالمجلس الأعلى للثقافة

 وقد أقيمت أول فعاليات الكتاب في المجلس الأعلى للثقافة يوم الأربعاء 19 ديسمبر, و قد تم تقديم الكتاب و التحدث عن تجربة النشر الجماعي للشباب في ندوة بالمجلس.

قسم الخواطر في الكتاب يضم اعمال مثل “قصة ما” لـ”باسنت خطاب” و أقتطف منها: “أكتب عنك كثيراً, أخنقك بين حروفي ربما, و لكنك “غبي” دوماً. فأنا مللت الكتابة “إليك” بلا إجابة. و لم يعد لي بد من كلمات تهوى زرع روحك بين كلماتها. إلا أن أحصد كلماتي “عنك”.

و كذلك يكتب “خالد ناجي” قصة “مازلت في الأنتظار” و يقول في أحد أجزائها: “أسترخي في مقعدي غير مهتم و أقلب في صورك. أتأمل و أعاود النظر إلى هاتفي, أتأكد من جودة الإشارة. يغلبني النوم. أراك في أحلام وردية. أستيقظ. و أعاود الإنتظار”.

و تكتب “سارة درويش” في قصتها “حلبسة” و تقول: “كلما طافت بعينيه متاعب مشوارهما سويا يشعر نحوها بإجلال و حب يعجز عن التعبير عنه, و لا يجد ما يفعله إلا أن يقول: تيجي أعزمك على حَلبسة؟ فتغمرها السعادة كالطفلة و تختار كل مرة مكاناً جديداً لدعوته”.

أما في قسم الخواطر, من ضمن المشاركات هناك خاطرة “في اللازمان” لـ “نيللي عادل” و تكتب فيها: “أنا هنا في اللازمان و اللامكان. أحبك عاقد الحاجبين عبس, تذكرني بقيصر جاد. أنتقيك, كما انتقيت نفسي من علامات القيامة. لتكون لي, و أكون بك”.

و يضم قسم الشعر, قصائد عديدة منها قصيدة “مقعد في حقول تيد هيوز” لـ “محب جميل” و يقول فيها: “زنبق –
سوسنُ الألم و دموعٍ على خدود ..
المجدلية ..
بطهرِ الضياءِ و وشوشة السماء..
تجده رفيقاً لآيادي الشهداء ..”

أما في قسم المقالات, تتعدد و تختلف و منها مقال “بوتينشل رقة” لـ”ريهام سعيد” و منه هذا الجزء: “أحسست في كفها بـ بوتينشل رقة غير طبيعي, هذه السيدة رقيقة جداً و يمكنني أن أقسم على ذلك. أنا أدرك أن هذه الرقة تجعل هذا الزحام الذي يحاصر مقعدها الأن هو الجحيم المقيم. في حين أن نفس الرقة تجعلني اتخيلها في بيتها بضفيرة تتوسط شعراً منسدلاً على كتف عارٍ و جلباب بيتي بسيط يشرح مع ملامحها مفهوم النعومة”.

و بالطبع هذه الإقتباسات لا تكفي و لكنها تعطي نبذة عن المواهب المختلفة و المتنوعة التي يضمها الكتاب, و هم بمثابة إكتشاف في مجال النشر. نظراً إلى أن بالنسبة لمعظمهم فهذه أول مرة يشاركون في عمل ورقي, و لكنها بالتأكيد لن تكون نهاية سطوع نجمهم. 

صنــدوق ورق

صنــدوق ورق

2 Responses to “صندوق ورق”.. تجربة “وطـن” في النشر الجماعي

  1. باسنت خطاب رد

    24 ديسمبر, 2012 at 1:24 ص

    مبسوطة اوى اننا مع بعض !! 🙂

  2. لبنى السحار رد

    4 يناير, 2013 at 6:05 م

    مقال رائع وشامل
    أنا سعيدة لأني شاركت معاكم يا أحلى جروب

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات