و في روحي حقول كثيرة و وحدك يا الله رب المطر *
.. للتصوف أقطاب و شيوخ و رجال و مريدين ، و للطرق الصوفية بلاد و مدن كثيرة و شهيرة من أهمها في شمال إفريقيا مدينة “نفطة” الوادعة في أقصى جنوب غرب تونس بالقرب من الحدود التونسية الجزائرية ، و هي مدينة فريدة من نوعها إشتهرت بفسيفسائية من كافة الطوائف والمذاهب الإسلامية بما في ذلك ” المتكلمين ” إذ تضم مدينة “نفطة” ضمن تنوعها الفريد إحدى أهم طوائف علماء الكلام إن لم تكن أهمها على الإطلاق و هي طائفة ” المعتزلة ” و لهم حتى اليوم إحتفالات وطقوس سنوية في مواقيت يستمر بعضها لمدة أسبوع
.. هذا التنوع الذي ميز مدينة ” نفطة ” كان سببا في أن يطلق عليها إسم ( الكوفة الصغرى ) ، و كان لابد لمدينة لديها هذا القدر من التنوع الثري إن يكون لديها تواجد نشط للطرق الصوفية المتعددة التي تشغل الحيز الأهم من الحياة الروحية لسكان المغرب الكبير و بالتالي في مدينة ” نفطة ” الفريدة من نوعها .. و منذ سنوات أسست مدينة “نفطة” مهرجانا لما يعرف بالموسيقى الروحية سرعان ما تطور ليشمل ندوات علمية و محاضرات و نقاشات ، و عروض فرجوية مختلفة تطورت بحيث أصبحت للمهرجان عروض يقدمها أفراد و جماعات ذات صبغة محلية و إقليمية و دولية ..
و قد إستقر المهرجان على إسم ( روحانيات ) و تحمل دورة هذا العام إسم مصطلح صوفي شهير “هيام ” .. و يحدثنا ” الكاشاني ” صاحب معجم إصطلاحات الصوفية حول مصطلح ” هيام ” كما يلي : بأنه من ” الهيمان ” و هو دوام الحيرة ثباتها و صوره و درجاته .. صور الدهش و درجاته إذا دامت و إستقرت
.. و ” الهيمان ” لغة العشق ، و فيما نقله “إبن منظور ” عن ” إبن السكيت ” .. الهيم مصدر هام يهيم هيما و هيمانا إذا أحب .. و هيم و هام من العطش أيضا .. – ولابد و أن الهيام يشتمل على كل تلك المعاني و ما العطش إلا عطش المحب ليرتوي من تجليات محبوبه ، و الصوفية يعرفون أن الهيام يبدأ حال فإذا إستقر أصبح مقاما ربما كان فيه مصرع صاحبه شوقا أو فنائه و ذوبانه في محبوبه .. –
في مهرجان ” روحانيات ” ب “نفطة” الذي إختار أن يكون عنوان تلك الدورة شعارها ” هيام ” أطلقت العنان لسكان المدينة ورواد المهرجان لكي يهيم كل عاشق بمحبوبه فالصوفي عاشق الذات الإلهية سيسعى للقاء من يحب بطريقته ، و محبي الأجواء و الطقوس الروحية سيسعون من طريق آخر لكن في نهاية الأمر سيؤدي الطريق إلى الهدف و ينصهر الكل في واحد أحد.
وقد إفتتح المهرجان في يومه الأول بالدخلة الصوفية بكرنفال للفرق الصوفية المحلية و الدولية ، مع تنشيط لساحة السوق التي شهدت عرض للفرقة القادرية بمدينة “قفصة” .. أما السهرة فكانت بالملعب البلدي حيث قدم على المسرح المقام خصيصا للمهرجان عرض ” الزيارة ” ل ” سامي اللجمي ” و هو عرض فرجوي يقدم صور من الطقوس الصوفية التي تشتمل على الإنشاد و فن ( المجرد ) و الموسيقى و ما إصطلح على تسميته ( بالرقص الصوفي ) في محاولة لإختزال قدر من المخزون الصوفي الثري لتونس
. ……… * منسوب لمولانا جلال الدين الرومي
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.