صناعة (الاستقرار)

09:44 صباحًا السبت 29 ديسمبر 2012
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

سأتحدث تحديدا عن الحالة المصرية..

حيث نمتلك أكثر من سبب لنخصها بالذكر، ونمتلك أسبابا أكثر كي لا نذكر غيرها، فالمحاذير في تناول ظروف (أم الدنيا) غائبة مقارنة بغيرها حيث الأنظمة الأخرى مصابة بحساسية شديدة تجاه كل شيء، فإن مدحت احتسب ذلك منك وساما، وإن انتقدت عدّ استهدافا، حيث هاتفني مرة دبلوماسيا عربيا كتبت عن بلاده شيئا إيجابيا داعيا لي لزيارته، لكنني خرجت من (السفارة) بمشاعر سلبية وأقول: أعان الله بلادا اختارتك، وحمدت الله أننا لسنا وحدنا في (مهارة) اختيار ممثلينا في الخارج، سواء في السفارات أو الملحقيات.

وقبل أن يجرني الحديث إلى بئر عميقة أفضّل العودة إلى الحالة المصرية..

هل ستستقر (المحروسة) أو ستمضي في غياهب (الدستور) بين مؤيدين قالوا (نعمهم) واحتسبوا من الإسلاميين والأميين والفقراء، ومعارضين رافضين ويقال أنهم هم النخب والمتعلمين؟!

في البلدان العربية تتشابه أشكال الصراع السياسي، كل فئة تستطقب ما يخدم حضورها، الرابحة تقول أن الشعب قال كلمته، والخاسرة تبرر معطية لنفسها الحق في احتساب نفسها مع النخبوية المتعلمة والمثقفة والواعية القادرة على قيادة البلاد، أفضل مما تفعله القوى الناهضة من عقود التغييب خلف قضبان السجون والاضطهاد ونزع الحقوق عنها في وحشية مارستها أجهزة المخابرات، والتفريق بين من هو مع النظام وضده.

احتاجت مصر لعقلائها كثيرا خلال مرحلتي ما قبل الاستفتاء وما بعده، بعيدا عن إعلام محرّض يعمل (من طرفي معادلة: نعم ولا) على تقسيم البلاد ودفع الناس لمواجهة بعضهم البعض في شوارع كأنها لم تتعب مما مرّ عليها من فوضى ومواجهات وانقسامات.. لغة تخوين وتشنج تضخ عواصفها ليل نهار على الفضائيات، الكل يدّعي معرفته بسر البقاء والتنمية والنهضة الجديدة، فيما لو صمتوا قليلا وعادوا إلى حقول العمل ومصانعه لتحرك الاقتصاد الذي ينهار يوما بعد آخر إلى حواف الأمان بسرعة أكبر.

كلمّا استرد الناس تفاؤلهم بتخطي الحالة (المرحلة الانتقالية) قفزت إلى السطح مواجهة من العيار الثقيل كأنما لا يراد لمصر أن تنهض من أزمتها الراهنة، بل (هناك) سعي حثيث لتعميق الهوة بين مكوناتها، ففي هدوء (المحروسة) وخروجها إلى بر الأمان آمال كبيرة ستفيض إلى شقيقاتها العربيات اللاتي يناضلن من أجل حرية واستقرار، وقد عصف الربيع العربي بأنظمة الحكم فأسقطها، لكن لا يريد الشعب أن تسقط البلاد.

من منظور ما: لدى البعض أسبابهم ومخاوفهم من (سلطة .. وتسلط) حزب الإخوان المسلمين الذي يريد الإمساك بتلابيب الحكم كاملة، وما يحدث من انقاسامات خلال حكم مرسي دليل واضح، ومن منظور آخر فإن مرسي لم يجد فرصته ليعمل، فالشارع يغلي والمرحلة غير عادية ولم يمارس صلاحياته كرئيس في أوضاع طبيعية، وهناك كثر يضعون العصي على الدواليب الراغبة في التحرك نحو الهدوء والاستقرار، هذا الذي أصبح صناعة باهظة الثمن، في غيابه (المزمن) ستغوص الدواليب أكثر في وحول المواجهات، وهناك من يريد لها ذلك، في الداخل والخارج.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات