الشَّربينِهْ المُهَرْهِرة هَرْهَرَتْ (قصة حقيقية طازجة، بقلم: إيمان بقاعي)

10:23 مساءً الأحد 5 فبراير 2023
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بينما كنتُ وابنتي نشربُ قهوةَ الصَّبَاح في المطبخِ، اتَّصَلَت جارتُنا (ميشلين) التي يطلُّ مطبخُها على فسحةِ موقِفِ سياراتنا، وقالت بصَوْتٍ متهدِّج:

الحمدُ لله على سلامَتِكُم، “بالمال ولا بصحابو!

وأردفَتْ:

على كلِّ حال، ما تعتَلوا هَمّْ، تلفنْت للبلديِّة تجيب الجرَّافة وترفَع الشَّربينِهْ المْهَرِهْرَة يلي وقعِتْ بسببِ العاصِفَة على سيارتِكُم الكحليَّة تَ تشوفوا إذا فيكم تزيحوها.

خرجْنا تحت المطرِ نرقبُ السّيارةَ التي غطَّتْها أغصانُ الشَّربينةِ التي يتجاوز طولُها سبعةَ أمتار. ثم اقتربْنا نمسِكُ قلوبنَا لنتفحصَ الأضرارَ بمجردِ أن غادَرَتْ جرّافةُ البلديّةِ.

وعُدْنا فتراجَعنا نرقبُ المنظرَ من مسافةٍ أبعدَ. ولم أشأْ أن أعاقِبَ جذعَ الشَّربينةِ  المُبْعَدِ ليلاصِقَ سورَ حديقةِ بيتِ الجيرانِ، بل أخفضْتُ صوتي، وقلتُ لجذعِها الذي ما زالَتْ بقاياهُ تحرس البوابةَ بعتاب:

طيبْ، هرّبْتُ السّيارةَ من يمين المدخَلِ الموحِلِ إليكِ، فإذا بي أتَّرنَّحُ “مِنْ تحت الدِّلْفْ لتحت المزراب”!

وهدّأْنا أنفسَنَا، ورحْنَا نفكر، كعادتِنا أنا وابنتي وحفيدي، بطريقة إيجابيَّةٍ:

طيِّبْ، الطِّينُ أسهلُ، أم ضربةُ الشّربينَةِ؟

طرحْتُ سؤاليَ الفلسفيَّ العظيمَ على مائدةِ الحَدَثِ كما يحدثُ دائمًا. ولئلّا يُصابَ أحدُنا باكئابٍ، فيعدي الباقيَيْنِ، أجابَتْ ابنتي:

ضربةُ الشّربينَةِ أسهل!

وبررَ حفيدي:

أسهلُ على “الهوندا سيفيك”، لأنَّها قوية، حديدُها قويٌّ، لونُها قويٌّ، والدَّليل أن الضَّربة لم تستطعْ أن تلصِقَ السَّقفَ بالأرضِ.

وخبأ ابتسامةً خبيثةً يخبئها دائمًا كلما حاول إقناعي بتغيير السَّيارة ورفضتُ مدّعيةً أنها “دبَّابة”، وأن صديقتي (زاهو) قالَتْ لي مرةُ إنَّ ابنها، لو لم تكُنْ سيارتُه (هوندا سيفيك)  عندما اصطدَمَتْ بالجدار الفاصلِ على الأتوستراد، لما نجا!

وأردف حفيدي وهو يضرب بنعومةٍ على حديد بابِها الخلفيِّ المشمولِ بالضّربةِ:

-عن جَدّْ، قويِّة كدبابةِ (التَّايغِرْ) التي كانَتْ  من أقوى دبابات الحربِ العالميَّة الثَّانية.

نهرتُه:

روحْ من هون!

فتراجع ضاحكًا:

والله، هذه المرة “عَمْ إحكي جَدّْ. كتييييير حديدها قوي“!

وتابَعْت ابنتي رافعةً كتفيها متابعَةً الإجابة عن السؤال الفلسفيّ ذاتِه:

-على كل حال، لو غرزَتْ في الطِّينِ، ما كانتْ البلديَّة لِتُسارعَ، كما سارَعَتِ اليومَ وساعدَتنا في انتشالِها.

ووافقَها ابنُها:

-وكانَ علينا الانتظار حتى انتهاء العاصفة، وجفاف الطِّين، يعني سننتظر أسبوعًا!

قالَتْ أمه:

-على أقلِّ تقديرٍ!

هززتُ رأسي مقتنِعَةً:

نعم، البلديَّة لا تسعفُ المغروزَ في الطِّين، بل

قال حفيدي:

بل المصفوعَ على رأسِهِ.

ولكزَتْه أمُّهُ، فعدَّلَ الجملةَ:

حتى لو كانَ الصّافِعُ عجوزًا مُهَرهِرًا.

وساندَتْه أمُّه:

الصّافِعُ المهرهِرُ أفضلُ من من الصَّافِعِ الشّابِّ. تصورا لو كانَتْ الشّربينةُ شابّةً، ووقعَتْ على رأسِ سيارةِ جدتي…

أكملَ حفيدي بعد أن أطلقَ صفرةً طويلةً:

كانت هزِّتْ الضّيْعَة!

وقلقْتُ وأنا أرقبُ أشْجارَ الشَّربين التي تسورُ الحديقةِ من الخارجِ، والتي سُحِبَتِ السّيارةُ لتكونَ قريبةً منها. وكدْتُ أتساءَلُ عن مدى أمانِها هي الأُخرى.

وقبل أن أبثَّهما مخاوفي التي حاولا جاهِدَيْن ألا تتحولَ إلى (فوبيا)، قالَتْ ابنتي:

هذه الشّربينات خضراء، لا تقعُ!

وصحح حفيدي كلمتها:

قصدُكِ: لا تَصْفَعُ!

ومسحَ بقايا أورقِ الشّربينةِ العجوز عن سطح السَّيارة، ونظر إلي مُطَمْئِنًا:

 -شَغْلَتْها بسيطة!

قالَتْ أمُّه:

حدَّاد الضَّيْعَة شاطر، يعيدها جديدة خلالَ يومينِ فقط.

قال حفيدي:

بل ربما خلال يومٍ واحدٍ. سمعْتُ أن هناك مغناطيسًا يسحب السَّقف بربع ساعة.

ودهشتُ:

متأكد؟

لم تسمعي به من قبل؟

لم تَصْفَعْ سيارتي شربينةٌ مهرهِرةٌ مِن قبلُ!

وانتهى الاجتماعُ!

دخلْنَا إلى الحديقة، وأغلقْنا وراءَنا البوابةَ.

كانَ الهرُّ “الجِلِقّْ” (فانْ كوخْ) ينتظرُنا عند بوابة البيت، ويموء مواءً متواصلًا مطالِبًا، كعادته مذ وُلِدَ في حديقتِنا بالطَّعام.

همسَ حفيدي:

أتصدِّقان؟ كنتُ خائفًا أن تكون الشَّربينةُ وقَعَت على (فان كوخ)، فطريقُهُ إلى البيت المهجورِ مِن هناك، ولكنني لم أشأْ أن أشغلَ بالَكُما.

ولمعت عيناه بامتنانٍ:

لكنه بخير!

وهمس:

لأول مرة أشعر أنني أحب (فانْ كوخْ)!

نظرتْ أمُّه إليه ثم إلي:

قلتُ لكِ يا أمي إنَّه بدأ يحبُّ (فانْ كوخْ)، ولكنه لا يعترفُ، لأنه يخافُ أن نعتبَ عليهِ ونتهمه أنه استبدلَ حُبَّ الهرِّ الأسمر الوسيم (فرفور) الذي مات منذ سنتينِ بحبِّ هذا الأشقرِ المُحْمَرِّ.

قلتُ:

لكنه اعترفَ الآنَ!

وحاول التَّمَلُّص من تبعةِ اعترافِهِ:

يعني، أكيد كنت سأحزنُ لو ماتَ (فانْ كوخْ) بصفْعَة الشّربينةِ المُهَرهِرَة، خاصة وأنه صغير، وضعيف، وليس قويًا مثل (الهوندا) العظيمة.

والتفتَ نحونَا مستفيدًا، كالعادة، من المناسبةِ:

– ما رأيكُما أن نحتفلَ بنجاةِ السَّيارة و(فان كوخ) ونتروَّق كَعْكِةْ كْنافِهْ؟

لبنان 5\2\2023

One Response to الشَّربينِهْ المُهَرْهِرة هَرْهَرَتْ (قصة حقيقية طازجة، بقلم: إيمان بقاعي)

  1. د / عبد الرحمن البنا رد

    7 فبراير, 2023 at 12:16 ص

    وقفة تامليه، وقراءة، متأنية:
    (الشَّربينِهْ المُهَرْهِرة هَرْهَرَت)
    (قصة ، بقلم: د / إيمان بقاعي)

    ليست مجرد (قصة قصيرة) ، يقراها المرء فتحدث له نوعا من المتعة الذهنية، والراحة النفسية، وتخفف عنه، ما يلقاه من ضيق او عنت،
    ليست (مبدعة القصة) مجرد (كاتبة) مثل عشرات المبدعات التي تزخر بهن لبنان، وما اكثرهن بشكل يثير الدهشة،والتعجب!!
    اذن نحن بصدد (كتاب وكاتب) ، يحتاج إلى وقفة (تامليه) ، وليست ( نقدية)، فهذا ليس تخصصي، وله اهله، من اهل الفكر والادب،
    ولكن (مهمتي) إطالة الوقوف أمام (النص الإبداعي) ،والتفكر فيما أقرا، والبحث فيما يبغيه الكاتب من إبداعه لذاك ( النص) ،
    تلك هي مهمة (القارئ) ، وهذا، ما احاول ان اسجله، ليري النور 🌹
    بعد أن انتهيت من (قراءتي) ، قلت هذه (قصة) ، تعلمنا كيف نتعامل مع (اقدارنا،) وكأنني انظر إلى أصحاب (السفينة) ، بعد ان امتلأت بالماء،بعد أن (خرقها) الخضر وغادرها، والناس تتعالى (صرخاتهم) ، و يبحثون عن (قوارب النجاة) ، ويكاد الخوف والفزع ان يقضي عليهم، قبل أن (تغرقهم) الأمواج، وقد (ايقنوا) بالهلاك، ولكنهم ينظرون لاصحاب (السفينه) ، فيجدون الراحة والهدوء والسكينة ترتسم على وجوههم، بل والابتسامه على شفاههم، وكلما صرخ الناس وأنهم على وشك (الغرق) ، رد عليهم أصحاب السفينه ( كلا، إنا الله معنا) وهم في هذه الحالة، إذ ب (الملك الظالم) وجنوده، يرونهم، فيهبون لنجدتهم وانقاذهم من (الموت المحقق) ، ويحملونهم في (سفنهم،) الي بر الأمان، ويعرضون على (أصحاب) السفينه، ان يمنحوهم سفينه، بديله لسفينتهم (المعطوبة) ، ولكن أصحاب السفينة، يشكرونهم، ويعكفون على إصلاح سفينتهم، والتوجه الي الله بالصلاة، ان جعل (خرق السفينة) سببا لانقاذها وانقاذ أهلها من الوقوع في (أسر) الملك الظالم، ويشكرون الله أن سخر لهم من كان ينوي بهم (الشر) واخذ سفينتهم ، ليكون مصدر (خير) ورحمة وانقاذهم من الغرق،
    وهذا ما يفعله (الرضا) والتسليم بحكمة (الاقدار) ،
    وتلك العبرة هي ما استخلصته (الكاتبة المبدعة) ، وما كشفت عنه الناقدة المبدعة، د مني رسلان، في تعليقها ونقدها لتلك القصة،
    *ان مواجهة (نكبات) الدهر، لا تكون الا بالرضا، والاطمئنان الي موعود الله، وانه يقف بجوار المضطر اذا دعاه ، وانه هو وحده الذي يكشف السوء، ويغيث اللهفان ، ويربط على القلوب،
    *ولنبحر بين أحداث (القصة) ، التي وضعت لها الكاتبة (عنوان) ، يشد الانتباه، ويداعب الذهن، ويحفز المرء على المسارعة بقراءة النص..
    فكان العنوان : (الشربينه المهرهرة، هرهرت) ،
    *يشير العنوان بأننا يصدد قصة (فكاهية،) ولكن أحداث القصة ، وتصاعدها في إيقاع متناغم سريع، وباسلوب ساخر، ساحر، ينبئنا بأن هناك (كارثة) ، قد وقعت، ولكن (الكاتبة) ، تريد أن ترسم على شفاهنا ابتسامة (الرضا) ، ونحن نلتقي (نوائب الدهر) ، ونقف أمام اقدارنا باستسلام تام، وتجعلنا نعقد كثيرا من (المقارنات) ، تسمو بنا وتعلو الي درجات من (الرضا) واليقين،
    فنعلم ان ( الشربينه المهرهرة) هي شجره معمرة، ادت رسالتها في الحياة في صمت، لم يشعر بها احد، ولكن تأتي نهايتها، بأن تصفع سيارة هوندا سيفيك زرقاء اللون، لم يشفع لها لونها الأزرق، لون العقيق الذي يحمي من أعين الحاسدين، كما يزعم البعض!!! والشربينه ( هررت) وهي تودعنا، و اختارت لنا اخف الضررين، فقد أصابت السيارة (بعطب يمكن إصلاحه في يومين فقط ، وهذا بالطبع افضل لنا من أن تهشم السيارة، أو تلصق سقفها بالأرض، كما قال الحفيد، 🌹 واختارت الشربينه المهرهرة سيارة هوندا سيفيك، لأن هيكلها الحديدي قوي حتى تقاوم (الصدمة) بأقل ضرر، فضلا انها اختارت ان تسقط فوق السيارة، بدلا من ازهاق روح بريئه، حتى لو كانت للهر فإن جوخ،
    أليس ذلك (مدعاة) للرضا ، وكما يقال ( قضاء اخف من قضاء)،
    والسيارة نفسها لو كان مقدر لها وقوع حادث، كما وقع لسيارة مثلها عندما اصطدمت بجدار طريق الاتوستراد، وكاد صاحب السيارة ان يصاب بأذى، 🌹 ولكن اختار ان تسقط عليها شربينه مهرهرة، وليست شربينه فتيه ، 🤗
    ولو نجت السيارة من وقوع الشربينه المهرهرة، لغرست ، في الطين، والنحل ولتعطلت أسبوع كامل،، حتى تجد من يخرجها من هذا اليم،
    ولن تنقذها البلدية، مثلما انقذتها في حالة سقوط الشربينه عليها،
    (مقارنات) ، ومقارنات، تجعلنا نتدبر ونتعامل ما يقع لنا وما يقع حولنا من كوارث ونكبات ونستوعب حكمة (خرق) الخضر للسفينه، لانقاذها،
    هذا ما أرادت الكاتبه ان يحدث لنا، و ان نقابل اقدارنا بالرضا، والابتسامة، ونتمنى لو عاد الخضر ليخبرنا عن الحكمة من سقوط الشربينه المهرهرة، على سيارة الكاتبة بالذات دون غيرها من السيارات،؟! وستكشف لنا الايام، ما كان يخفيه عنا القدر، ولكنا على يقين ان كل ما يحدث في الكون، وراءه حكمة وتدبير ، قد تبديه لنا الايام حينا وقد لا تبديه في احايين كثيرة،
    وقد اضحكنا (جحا) من قبل، عندما سقط (ثوبه) ، من أعلى منشر الغسيل فوق سطح منزله، فوجده الناس يضحك، فتعجبوا، ما يضحك يا (جحا) ، فقال : احمد الله على سقوط ثوبي وانا لست مرتديا له حين سقوطه!!!
    وهكذا عندما ينظر المرء بعين (الرضا) ، يجد لسانه يلهج بالشكر، وترتسم ا(لابتسام) على شفتيه، تماما كاصحاب السفينه ، وهي تغرق والناس في (فزع) وخوف، وهم في سكينة وطمئنينه و(رضا نفس) ،،
    واحداث (القصة) كلها بالحوار الشيق بين أبطالها الثلاثة، يكتشف ان الجدة والابنة والحفيدة، قد رضعوا ، لبنا صافيا، توارثوه عبر أجيال واجيال، من احدادهم الشراكة، فلم يستسلموا من قبل للتهحير السري، ولم يضعفوا، ولم يستكينوا ، وسخروا من عدوهم،
    و حديثا، تفجرت في داخلهم طاقات وإمكانات كالبركان، فبدلا من أن غضبهم مدمرا (يقذف) بالحمم المنصهر هنا وهناك، كان غضبهم غضبا إيجابيا ، وكان نورا وضياءا و معالم تنير درب الاحرار، وتتحول الرصاصات التي توجه الي صدورهم ، الي جحيم يحرق المجانين والعملاء، ويسقط منهم الشهداء، فتمسك بالرايه، الف يد، وتستمر المسيرة، وتظل الهامات مرفوعة الي عنان السماوات،
    وهكذا يواجه العقلاء والحكماء، سنة الابتلاء، بالصبر واليقين والرضا، فلا نامت أعين الجبناء، وتلك موعظة لمن أراد أن يسير على الدب،
    ولنمعن النظر، فيما سطرته (الكاتبة المبدعة) ، وما تناولته من حوارات، تؤدي كلها، الي هدف واحد، وغايه واحدة، ورساله، كتبت باحرف من النور : ( قابلوا اقداركم بالرضا، لا بالسخط والغضب والياس والقنوط)،

    (– الحمدُ لله على سلامَتِكُم، “
    – على كلِّ حال، ما تعتَلوا هَمّْ، تلفنْت للبلديِّة تجيب الجرَّافة وترفَع الشَّربينِهْ المْهَرِهْرَة يلي وقعِتْ بسببِ العاصِفَة على سيارتِكُم الكحليَّة تَ تشوفوا إذا فيكم تزيحوها.
    اقتربْنا نمسِكُ قلوبنَا لنتفحصَ الأضرارَ بمجردِ أن غادَرَتْ جرّافةُ البلديّةِ.
    لم أشأْ أن أعاقِبَ جذعَ الشَّربينةِ ، وقلتُ لجذعِها الذي ما زالَتْ بقاياهُ تحرس البوابةَ بعتاب:
    – طيبْ، هرّبْتُ السّيارةَ من يمين المدخَلِ الموحِلِ إليكِ، فإذا بي أتَّرنَّحُ “مِنْ تحت الدِّلْفْ لتحت المزراب”!
    وهدّأْنا أنفسَنَا، ورحْنَا نفكر، كعادتِنا أنا وابنتي وحفيدي، بطريقة إيجابيَّةٍ:
    – طيِّبْ، الطِّينُ أسهلُ، أم ضربةُ الشّربينَةِ؟
    طرحْتُ سؤاليَ الفلسفيَّ العظيمَ على مائدةِ الحَدَثِ كما يحدثُ دائمًا.
    ضربةُ الشّربينَةِ أسهل!
    وبررَ حفيدي:
    – أسهلُ على “الهوندا سيفيك”، لأنَّها قوية،
    و الضَّربة لم تستطعْ أن تلصِقَ السَّقفَ بالأرضِ.
    و صديقتي (زاهو) قالَتْ لي مرةُ إنَّ ابنها، لو لم تكُنْ سيارتُه (هوندا سيفيك) عندما اصطدَمَتْ بالجدار الفاصلِ على الأتوستراد، لما نجا
    وتابَعْت ابنتي رافعةً
    -لو غرزَتْ في الطِّينِ، ما كانتْ البلديَّة لِتُسارعَ، كما سارَعَتِ اليومَ وساعدَتنا في انتشالِها.
    -وكانَ علينا الانتظار حتى انتهاء العاصفة، وجفاف الطِّين، يعني سننتظر أسبوعًا!
    – الصّافِعُ المهرهِرُ أفضلُ من من الصَّافِعِ الشّابِّ. تصورا لو كانَتْ الشّربينةُ شابّةً، ووقعَتْ على رأسِ سيارةِ جدتي…
    – كانت هزِّتْ الضّيْعَة!
    * حفيدي مسحَ بقايا أورقِ الشّربينةِ العجوز عن سطح السَّيارة، ونظر إلي مُطَمْئِنًا
    -شَغْلَتْها بسيطة
    – حدَّاد الضَّيْعَة شاطر، يعيدها جديدة خلالَ يومينِ فقط.
    *همسَ حفيدي:
    – كنتُ خائفًا أن تكون الشَّربينةُ وقَعَت على (فان كوخ)،
    – لكنه بخير!
    – ما رأيكُما أن نحتفلَ بنجاةِ السَّيارة و(فان كوخ) ونتروَّق كَعْكِةْ كْنافِهْ؟)

    *ارايتم كيف يكون الإبداع، بردا وسلاما للقلوب، 🌹
    *سلمت الأيادي، وبورك الإبداع..
    شكرا لك.. د / ايمان بقاعي 🌹

    د / عبد الرحمن البنا

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات