لا مؤسسة ناجحة بدون (قياسٍ)، فـ (تقييمٍ)، فـ (تقويمٍ)

08:30 مساءً الأحد 21 مايو 2023
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بقلم: د. إيمان بقاعي

21\5\2023

مفهوم القياس: القياس: هو إعطاء تقديرٍ كَمِّيّ لصِفَة أو لخاصيَّة معيّنة عن طريق مقارنَتها بوحدةٍ متَّفَقٍ عليها.

مثال ذلك: عند قياس وزن شخص معيّن بواسطة الميزان، أو قياس طوله بالمتر، فهذا يعني إعطاء الوزن الحقيقيّ للشَّخص باستخدام أداة القياس. وهي: الميزان. ويستخدم القياس كمفهوم تربوي أساس قبل إجراء التّقييم فالتّقويم، وذلك لاستكمال العملية التّربوية.

مفهوم التَّقييم: وضعَ مَجْمع اللّغة العربية لفظة التَّقييم في المعجم الوسيط بمعنى: “بيان قيمة الشَّيء”، على اعتبار أنها لفظة مختلفة عن التّقويم. ويعرِّفه بعضهم على أنه:

“تحديد مستوى الأشياء بدقَّة. ويمكن استخدامه تربويًّا[1] لتحديد مستوى الطّالب في العملية التّربوية بعد أن تُجرى عملية القياس، وصولًا إلى: التّقويم.

مفهوم التّقويم:  في أصله اللّغويّ يعني: إزالة الاعوجاج الظّاهر في الشَّيء. ويتناول الطّبري هذه اللّفظة، فيقول: أن أقوّم، تعني: أُصَوِّب. وهذا التَّفسير الحرْفيّ الدَّقيق لأصل التّقويم. ويعرّفه بعضهم على أنه:

“عملية منظَّمة تتضمن جمع المعلومات والبيانات ذات العلاقة بالظَّاهرة المدروسة، وتحليلها لتحديد درجة تحقيق الأهداف، واتّخاذ القرارات من أجل التَّصحيح والتَّصويب في ضوء الأحكام التي تَمَّ إطلاقها”.

وهذا التَّعريف ينطبق على جميع المجالات التي تستخدم لفظة التّقويم.

استراتيجيات التّقويم[2]

يُعتبر التّقويم التَّربويّ العمود الفقري لكل نظام تعليمي فعَّال؛ فبفضله يتم تشخيص نقاط قوة النِّظام التَّعْليمي وضعفه، ما يسمح بتحسين مردوديته والارتقاء بمناهجه. وعلى مستوى الفصل الدّراسي- أصغر وحدة من وحدات النِّظام التَّعْليمي وأهم مكوناته- يلعب التّقويم التَّربويّ دورًا محوريًّا في التَّعرف على مدى تحقق الأهداف، ويمكِّن من تقييم فعالية التَّعْليم والممارسات التَّعْليمية ودرجة إنجاز الطّالب، ومدى تحكمه في الكفايات التَّعْليمية.

فالتّقويم سيرورة لا متناهية من العمليات التَّربويّة التي تواكب جميع مراحل العملية التَّعْليمية- التَّعلمية، ولا تقتصر فقط على المراقبة المستمرة أو التّقويم المرحلي أو الإجمالي الذي ينتهي بمنح الطّالب نقطة عددية تعبر عن مدى تحكمه في الكفايات المسطرة.

ولم يعد التّقويم- بمفهومه الحديث- مرادفًا للاختبار أو الامتحان؛ فالتّقويم يحمل في مفهومه اللّغويّ إشارة إلى العلاج والتَّهذيب والإصلاح وإزالة العوج، مما يستدعي إدراجَهُ كنشاط أساسٍ في الممارسات اليوميَّة، ليؤدي وظيفته العلاجية، فلا يقف فقط عند حدود التَّقييم الذي يعني الحكم على الشَّيء.

استراتيجيات للتَّقويم التّكويني ينصح بها المدرسون

(أ) اسْتراتيجيَّة السُّؤال المفتوح:

خلال حصص التّقويم التّكويني، التي تتخلل الممارسات اليومية وتهدف للتّحقق من فهم الدَّرس، يُنْصَح بتجنّب طرح أسئلة [مغلقة] تقتصر الإجابة عليها بنعم أو لا. فالأسئلة والعبارات من قبيل: (هل هذا معقول؟)، (هل تتفق معه؟)، عادةً ما يجيب الطّلّاب عنها بعبارة: (نعم!)، أو (لا!)، فلا تمكّن من التَّعرف على مدى فهم الدَّرس واستيعابه.لذلك، ولمساعدة الطّلّاب على فهم أمثل للدّرس:  اطرح أسئلة [مفتوحة] تتطلب الإجابة عنها التَّحليل والتّركيب، لتتمكن من اكتشاف مستوى فهم الطّلّاب للدّرس.

  • اسْتراتيجيَّة التّفكير

خلال الدَّقائق الخمس الأخيرة من الحصة الدّراسية، اطلب من الطّلّاب التّفكير فيما تعلموه خلال الحصة الدّراسية، وكتابة أهم الأفكار التي بقيت عالقة بأذهانهم، ثم اطلب منهم التّفكير في كيفية تطبيق هذا المفهوم أو المهارة في بيئة عملية، وناقشهم في الأمر حتى تُكَوِّنَ صورة واضحة عن مدى فهمهم للدّرس.

(ت)اسْتراتيجيَّة المسابقات

تعتبر المسابقات اسْتراتيجيَّة فعالة للتّحقق من فهم الطّلّاب للدّرس؛ ففي نهاية الحصة الدّراسية. ولتحقيق هذا الهدف، يمكن اعتماد اختبار قصير على شكل مسابقة يسمح استثمار أجوبتها وتفاعل الطّلّاب مع أسئلتها بالتّعرّف على مستوى فهم الدَّرس.

  • اسْتراتيجيَّة التَّلخيص

في نهاية الحصة الدّراسية، اطلب من الطّلّاب تلخيص المفاهيم التي تمت دراستها خلال الحصة أو إعادة صياغتها، حسب الإمكانيات المتاحة. ويمكن الاكتفاء فقط بالتَّلخيص الشَّفوي، أو اعتماد ملخصات مكتوبة تحمل أسماء المتعلمين. لكن، ولتخفيف الأعباء على المدرس، وربح الوقت، يُنصَح باعتماد الطَّريقة الشَّفوية.

  • اسْتراتيجيَّة الإشارات

يمكن استخدام إشارات اليد لتقويم درجة فهم الطّلّاب للدّرس. ولهذا الغرض، يتم الاتّفاق مسبقًا على رموز بحركات اليد، يدل كل منها على درجة معينة للفهم. وعلى سبيل المثال: يمكن الاتّفاق على أن يشير رفع إصبع واحد لدرجة متدنية من الفهم، وإصبعان لدرجة ضعيفة، وثلاث لدرجة متوسطة. وتتطلب هذه الاسْتراتيجيَّة مشاركة جميع الطّلّاب وتسمح للمدرس بالتَّحقق من الفهم ضمن مجموعة كبيرة من الطّلّاب وبشكل فوري.

  • اسْتراتيجيَّة النّدوة:

إذ يطلب الأُسْتاذ- نهاية الحصة- من طلابه طرح أسئلة على بعضهم تتعلق بما تعلموه خلال الحصة، فتسمح الأسئلة والأجوبة للمعلم أن يكون فكرة عن مدى فهمهم.

(ح)اسْتراتيجيَّة: (1، 2، 3):

يقوم الطّلاب بالإجابة- بشكل فردي- عن الأسئلة الثَّلاثة التَّالية: ماذا استفدت من الدّرس؟  ما الأمور التي تود معرفة المزيد عنها؟ هل لديك أسئلة أخرى؟ والإجابة عن هذه الأسئلة تتيح للمعلم أن يقيّم مستوى فهم الدّرس ونقاط الضّعف والقوة في المنهجية المتّبعة.

  • اسْتراتيجيَّة الخطإ المقصود:

آخر الحصة، يمكن للمعلّم أن يعرض مفاهيم خاطئة حول الدّرس ومراقبة ردة فعل الطّلاب ومناقشة ردودهم والأسباب التي جعلتهم يعترضون على ما تم ذكره.


[1] – كما يستخدم في المؤسسات الصّناعية والتّجارية وغيرها لتقييم عمليات الإنتاج، وبرامج الإدارة وجودتها، وتقييم فعالية العاملين، ومعرفة نسب ربح المؤسسات.

[2] – تعليم جديد.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات