الأمين _ الوجيز

10:50 مساءً الأحد 2 يوليو 2023
د. منى رسلان

د. منى رسلان

أُسْتَاذةُ النَّقْد الأَدَبِيّ المعاصر والمنهجيَّة فِي كليَّة الآدابِ والعُلومِ الإنسانيَّة في الجامعة اللبنانيَّة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بقلم الدكتورة منى رسلان ممثِّلة وزير الثقافة القاضي محمَّد وسام المرتضى في حفل تكريم الأديب الراحل أمين الذيب المؤسِّس لفكر الأدب الوجيز بدعوة من ” جمعية إنماء كفر متى الخيريَّة ” _ اللجنة الثقافيَّة، الجمعة 30 حزيران / يونيو 2023، كفرمتى – القاعة العامة

لماذا الأدب الوجيز ؟ سألني الفيلسوف الصّبي مؤاخذاً ، فأجبت بلسان النّفري : كلّما اتّسعت الرّؤية ضاقت العبارة .

(بحضور ومشاركة معالي وزير الثقافة القاضي محمَّد وسام المرتضى ممثَّلاً بالدكتورة منى رسلان؛ رئيس جمعية إنماء كفرمتى الخيرية المهندس أمين مصلح؛ رئيس ملتقى الأدب الوجيز الدكتور باسل الزين ومثلته الدكتورة رندلى منصور ؛ نائب رئيس نقابة شعراء الزجل في لبنان الشاعر عادل خدَّاج؛  الأديبة الدكتورة مهى جرجور _أصدقاء فكر أمين الذيب؛ أمين عام اتِّحاد الكُتَّاب اللبنانيين الدكتور إلياس زغيب؛ رئيس الجامعة اللبنانيَّة البروفسور بسام بدران ممثّلاً بالعميد الدكتور أحمد رباح؛ وعائلة المُكَّرم الأستاذ وائل أمين الذيب، وقدَّمت للحفل الآنسة تمارا أمين الذيب؛ وبحضورقائمقام عاليه سعادة الأستاذة بدر زيدان).

  • حضرة أصحاب المعالي والسماحة والسيادة وممثلي المؤسسات التربويَّة والثقافيَّة والفنيَّة والعسكريَّة والأمنيَّة والدينية، و أهالي كفرمتى الحبيبة وضيوفها الكِرام، وعائلة المُكرَّم أمين الذيب، المحترمين

جميعكم أصحاب قامات وفاعليَّة مجتمعيَّة وثقافيَّة في وطننا الغالي لبنان.

أيُّها الأحبَّةُ

شرَّفني معالي وزير الثقافة ، القاضي محمَّد وسام المُرتضى، مشكوراً، بتمثيله في حفل تكريم الأديب الراحلِ أمين الذيب، المُؤسِّس لفكر الأدب الوجيز.

‎          لقد دأب معالي وزير الثقافة القاضي محمَّد وسام المرتضى، ومنذ اليومِ الأوَّل لتولِّيه الوزارة، على جمع أطياف المجتمع اللبناني من حول الوزارة وروافدها. حيث أنَّك لا تطرقُ باباً في الوزارة، إلاَّ وتجد دعماً ومُثابرةً وتحقيقاً لنشاط ثقافي أو فنِّي أو أدبي، وإنَّ تكريم الشخصيات اللبنانيَّة يُعتبر واجباً وطنيَّاً وإنسانيّاً بامتياز. فالوزارة تلتفت إلى مثقفي لبنان ووجهائِه ومفكرِّيهِ، ورسَّاميه وزجَّاليهِ ومسرحييه، وسوى ذلك الكثير من الأنشطة الثقافيَّة ذات المستوى المرموق والذوق الرهيف والجماليَّة الأخَّاذة.

‎          إذ تكاد لا تخلو منطقة من مناطق بلدنا لبنان من شخصيات بارزة، وفاعلة بعطاءاتها الاجتماعيَّةِ والثقافيَّةِ والتربويَّةِ والإنسانيَّةِ والخيريَّةِ وحتَّى الدينيَّة. أنديةٌ وجمعياتٌ أهليَّة، وجمعيات ثقافيّة وإنمائيّة… وسواها. فهذا الوطن اللبناني يتمايز إقليميًا وعربيًا وعالميًا بشعبه الحيوي المواكبِ للتطوُّر والتحديث والتجدُّد في المجالات كافة، بتواضع الكِبار العارفين بأصول الخير وحِرفيَّة العمل ودعم العلم والمُتعلِّمين، و رقي الحُضوروالفاعليَّة.

‎          كما لا يخلو يوم في وزارة الثقافة من حفلٍ تكريمي، أو توقيع كتاب، أو تقديم مسرحيَّة، أو حفل موسيقيّ، أو معرض للرسم والنحت والفن التشكيلي والتصوير الإبداعي، الوطني والعروبي؛ أو من رعاية حفل وطنيّ أو ثقافيّ أو إجتماعيِّ أو انسانيّ تشاركي مع مناسبات خاصة أو وطنية تحثُّ على التآخي والتضافر ما بين الشعوب والأُمم.

‎          وإنَّني إذ أنتمي إلى الجامعة اللبنانيَّة، وإلى وزارة الثقافة ولجنة اليونسكو فيها (سابقاً) وحالياً مُيسِّرة في لجنة صون التُراث الثقافي غير المادي_ اليونسكو، ومثَّلتُ لبنان في أكثر من لقاء ومناسبة في المحافل العربية، كما أنتمي إلى وزارة التربية، وكُلِّي فخر بإنتمائي إلى هذا النسيج المُجتمعي الغني، أفتخِرُ بالتحدُّث عن شخصياتٍ لبنانيَّة بارزةٍ، فعَّلت حضورها في دُنيا الأدب الوجيز، كما هو مقام الأديب أمين الذيب.

“الأمين – الوجيز”

‎          وإننا ، عصر هذا اليوم، نجتمع سوياً كي نُقيمُ هذه الإحتفاليَّةُ التكريميَّةُ، احتفاءً بحياة الـ “أمين” على أدبه الوجيز والقصيدة. وهو القائل  في ديوانه الومضة: ” سأعبُرُ من خِرم إبرةٍ إلى رَحابةِ المعنى”.

‎          فـ لماذا الأدبُ الوجيز؟ هل نحنُ بحاجة إلى أدب يختصر بزمنيَّته ومكانيَّته وأحداثِه وصيرورته الحكائيَّة، صفات وتعابير وتقنيات تعبير، وصفحات تلو الصفحات من السرد الحكائي بومضة وايجاز مُتقن؟

‎          يورد العلاَّمة الدكتور وجيه فانوس في كتابه النقدي “لمحات من النقد الأدبي الجديد”، التالي: “النصُّ ليس وجوداً مادياً إنَّهُ حضورٌ معنويٌّ دلالي”؛ “فالنصوص ، بشكلٍ عام، تُحملُ بواسطةِ اللغة، و تُمارِسُ وجودَها باعتبارها عمليَّة انتاجٍ، … وتالياً لا يُمكِنُها أن تكون مُغلقةً على الدَّال وحدهُ، … “إنَّ النصوص ذاتُ طبيعة تعدُّديَّةٍ، وليست مُجرَّدَ تجمُّعٍ للمعاني.. “[1].

‎          من هُنا، فإنَّ النصوصَ تجرُبةٌ يخوضُها القارئ مع العلامات والإشارات والمعاني ومدلولاتها بمرجِعياتها المعرفيَّة والثقافيَّة إن كانت في داخل النص، أو خارجه.

‎          بيد أنَّ موضوع فاعليَّة الأدب الوجيز لدى أمين الذيب وقصيدته ذات الومضة الوجيزة، بما يحملهُ هذا الخطاب السَّردي أو الشعري، من ومضات وايجاز، تتجلَّى من خلال قُدُراته الإبلاغيَّةٍ وطاقات تأثيره على الانفعالِ الإنسانيٍّ، بِحُكمِ فاعليَّتِهِ الفنِّيَّةِ والاجتماعيَّةِ، ليكون شاهداً على وضع وتفاعُلِ مُستَقبِلِهِ، وتجاوُبِهِ مع هذا الخِطاب الوجيز ومُمارساتِهِ الفنِّيَّةِ والجماليَّةِ، بفضلِ ما توحيهِ الفاعليتان التوصيليَّةِ والتأثيريَّة في نفوس المُتلقِّين، ويكون شاهداً على إحداث خرقٍ لديهم، في بعض المفاهيم الخاطئة أو بعض القيم البليدة تجاه فهم الأدب وحيثيات حضوره في حياة الناس وحضارات الأُمم، تلك الَّتي درجوا على التعالق معها والتشدُّد في فهمها ضمن خط نقدي أحادي التفكُّر، لإحداث نضوجٍ في وعيهم ( أي وعي المُتلقِّين) والمُثاقفة الفاعلة إيجاباً، من خلال مدِّ شبكة من العلاقات التفاعليَّة ما بين الأدب والحياة.  

‎          ويجيء تكريم المُبدع “الأمين” والوجيز، اللذين يتلازمان في الرؤى الثقافية والاشعاع اللفظ، وتقنين العبارة، والتصويب على المُبتغى الأدبي والإبلاغي والتأثيري على السواء، بعبارات مُختصرة، مُتقنة في التَشكُّل والتصوير.

مثّلت وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، في حفل الراحل الاديب أمين الذيب، مؤسس فكر الادب الوجيز. ويبدو في الصورة الدكتور إلياس زغيب أمين عام اتحاد الكتّاب اللبنانيين

‎          انطلاقاً، ممَّا تقدَّم ، تكون الحركات التجديدية في الفكر والآداب والفنون كافة، حركة تفاعُليَّة تسبق المُجتمعات في تطوُّرها، ونضوج تجرُبتها، وتالياً سيكون حضور الأدب الوجيز، من ابن المُقفَّع الذي تعكف الجامعات ومعاهد الدراسات الأدبيَّة الفارسيَّة اليوم على دراسة أدبه الوجيز، إلى تقنيات التعبير والايجاز في فنون القول والسرد الحكائي العربي والبُعد عن الاستفاضة في الشرح والتفصيل والإطناب، إلى الأقصوصة والأرجوزة والحِكم والعِبر، والأدب الوجيز _ “الصغير”، كما يُطلقون عليه، الأدب المُستقبلي ضمن مسار إنساني حضاري ثقافي تقدُّمي إبداعي مُتكامل.

‎          وقد يبدو للمُتمعِّنين والباحثين والنُقَّاد أنَّ اليوم هو “زمن القصة القصيرة جداً، وزمن القصيدة الومضة، واللوحة الصغيرة والفيلم القصير”، و”الشات” القصير أو المُحادثات الموجزة السريعة في عصر الذكاء الاصطناعي والتطوُّر التكنولوجي … ؛

‎          غير أنَّني أثني على قيمة إنسانيَّة مهمَّة جداً، تتمثّل بالفاعليَّة التشاركيَّة الإيجابيَّة ضمن المُجتمع اللبناني والعربي، بدعم متواصل للمُبدعين … تحقيقاً للمُثل العُليا التي تُشكِّلُ فاعليَّة حضورنا في دُنيا الأدب واللغة والفن والاجتماع، رِفعةً للإنسانيَّة.

‎          عسى أن يكون هذا التكريم لـ “أمين _ الوجيز” ، الأديب أمين الذيب، البهي بحضوركم، باباً يطرقهُ النقَّاد والأدباء لدراسته، ومنطلقاً لدراسات أكاديميَّة يسبر الطُلاَّب أغوارَ تشكُّلِ “أدب أمين الذيب، الوجيز” و كينونته.

عشتم، عاشت وزارة الثقافة،

عاش الأدب الوجيز

عاش الأمين _الوجيز

عاش لبنان

الدكتورة منى رسلان

أستاذة النقد الأدبي والمنهجيَّة في الجامعة اللبنانيَّة

كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة – الفرع الأوَّل_ الأونسكو

بيروت_ الجمعة 30 حزيران / يونيو 2023


[1] _ فانوس، الدكتور وجيه. “لمحات من النقد الأدبي الجديد_مع نصوص تطبيقية”. دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى، 2012.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات