رحلة الأندلسي الشاعر السَّاحلي من غرناطة إلى تمبكتو

11:24 صباحًا الإثنين 16 أكتوبر 2023
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أبو إسحاق إبراهيم الساحلي، الشاعر والمعماري، والفقيه والدبلوماسي، والرحالة الأندلسي، الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وعاش وفي يده مغرفة من الحكمة، وسافر حاملا قدَره، حتى أصبح أيقونة ثقافية في إمبراطورية مالي خلال القرن الثالث عشر الميلادي، ولتحتفل به اليوم الأوساط الثقافية في مسقط رأسه مدينة غرناطة، ضمن حدث سنوي يدشن الذكرى العاشرة لهذا الاحتشاد لتكريم اسم حضاري استثنائي في عالم الثقافة الكونية، بين أوروبا وأفريقيا…

الساحلي؛ (ولد عام 1290)، كان شاعرًا أندلسيًا وعالمًا فقهيًا، وأصبح عضوًا مكرما في بلاط مانسا موسى، إمبراطور مالي. وهو أشهر العلماء في العالم الإسلامي الأوسع الذين هاجروا إلى مالي في أعقاب رحلة مانسا موسى للحج. تشير العديد من النصوص الأوروبية إلى الساحلي باعتباره مهندسًا معماريًا، وتنسب إليه الابتكارات الكبرى في الهندسة المعمارية في غرب إفريقيا.

صباح 15 أكتوبر 2023 ، تم الاحتفال بليلة الساحلي وتشرفت بأن أكون ضيفًا خاصًا. على مدى السنوات العشر الماضية، اعتاد المنظمون دعوة ضيوف مميزين لإحياء هذا الحدث المرموق. قبل عامين شارك الشاعر الأمريكي الأشهر جاك هيرشمان. هذا العام دعيت لقراءة قصيدتين، إحداهما قصيدة لي والأخرى كتبها الساحلي وسنقدمها لك باللغة العربية.

الساحلي الغرناطي (من غرناطة) شاعر يلقب بمتنبي الأندلس، معماري ودبلوماسي، وأعظم كاتب نثر في تاريخ الأندلس عند ابن الخطيب. توفي في تمبكتو في 15 أكتوبر 1346. رحل الساحلي إلى المنفى من غرناطة، مرورا بالقاهرة ودمشق وبغداد والقدس وصنعاء ومكة لأداء فريضة الحج، حيث التقى بإمبراطور مالي مانسا موسى الذي أخذه معه إلى مالي حيث بنى عدة قصور ومساجد، بما في ذلك مسجد تمبكتو الشهير.

تشير جميع المصادر الحديثة إلى الساحلي كمهندس معماري وتنسب إليه العديد من الأعمال المعمارية في غرب إفريقيا، بما في ذلك مسجد دجينغيريبر والقصر الملكي في تمبكتو ومسجد جوا. واعتبر المسؤول الاستعماري الفرنسي والأستاذ موريس ديلافوس أن الساحلي هو مبتكر ما أشار إليه بالطراز المعماري السوداني الذي اعتبره مبنيا على العمارة المغاربية.

تزوج محمود الكاتي الأندلسي تزوج من مريم بنت محمد الساحلي ومن نسله قام علي جاو بجمع أول مختارات من نثر الساحلي وشعره القيم. وينظم الشاعر إسماعيل ديدي حيدرة، سليل الشاعر الساحلي من غرناطة منذ عام 2013 بالتعاون مع جامعة غرناطة ورعاية قصر الحمراء بغرناطة ليلة ساحلية “La Noche Sahiliana“، يتم الاحتفال بها كل 15 أكتوبر، بذكرى وفاة الشاعر ابن غرناطة ومواطن تمبكتو، وهو يقرأ شعره.

الملصق

كوني شاعرًا من مصر حيث عاش الساحلي خلال رحلته، أصبحت الشاعر الضيف في هذه الليلة الساحلية الحادية عشرة التي أقيمت تحت رعاية سفارة مالي في إسبانيا، وجامعة غرناطة، ومجلس أمناء قصر الحمراء والعريف، اليونسكو – إسبانيا وحركة الشعر العالمية في مالي.

الأصبوحة الساحلية

بدأ البرنامج بمداخلة موسيقية مع الناي لحمزة كاسترو، وقد ألقى كل من الشاعرة فيرجينيا فرنانديز والباحث بيدرو إنريكيز كلمات ترحيبية. دعا الشاعر إسماعيل دادي حيدرة صاحب السعادة. سفير مالي يلقي كلمته تم إدخال التدخلات الموسيقية بين الخطب.

أشرف

وبدوري، قرأت قصيدتي الأحدث “الراهب أعلى الجبل ذو الرأس الرمادي”، كما قرأت قصيدة حب -باللغة العربية- من تأليف الساحلي، بينما قرأت فيرجينيا فرنانديز قصيدتي بترجمتها الإسبانية قامت بها د. نادية جمال الدين وقرأ بيدرو إنريكيز الترجمة الإسبانية لقصيدة الساحلي (الخال):

والخالُ نقطةُ مركز في وجنة دارت عليه دوائرُ الأحداق

في ليلة أَدْجَى وَأَدْجَنَ حَوْها ليلان من صدغيك أو أشواقي

إن أطلعت بدرا أثرت ثلاثة للثغر أو للخمر أو للساقي.

وبكل مسرى أعين تزينه  شغلت عن الأعضاء والأطراق

يا ظبي أُنْسِ لم يُرعَ بَتَقنَّص وهلال أفق لَمْ يَشن بمحاق

أنَّى خفيت وتحت شعرك كوكب للخد مطلعه من الأطواق

يثنا وخَمْرتَنا لمى فِي طَيْها نفت الحباب وقوة الدرياق

متقسمين كؤوسها فالسقي من أخلاقها والسكر من أخلاقي

إسماعيل

كما استمعنا إلى قصيدة أخرى للساحلي باللغة العربية قرأتها مرام المصري، الشاعرة السورية المعروفة، وأرسلتها كرسالة مسجلة. ثم دعيت أليسيا شوين لقراءة إحدى قصائد الشاعر الأندلسي باللغة الإسبانية، وكذلك فعلت فيرجينيا وصوفيا وبيدرو الذين أفسحوا المجال لإسماعيل ديدي حيدرة لاختتام الكلمات لتقدير المشاركين وإبراز دور الساحلي في الثقافة، في الماضي والحاضر. واختتم الحفل بمداخلة موسيقية مع الناي لحمزة كاسترو على عزف ” لما بدا يتثنى” تذكيرا بالموشح الأندلسي العربي التراثي الشهير  من مقام نهاوند بضرب سماعي “.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات