مسلك أو مسار تاريخ الكاف.. لمدة ثلاثة أيام من الجمعة إلى الأحد وفي 5 مجموعات كل مجموعة منها عددها 15 فرد حجزوا أماكنهم من خلال تطبيق الهاتف الذكي.. وفرت “ميوزيوم لاب” عدد من المرشدين من أبناء “الكاف” ممن لديهم الخبرة والمعلومات اللازمة لاكتشاف النسيج الحضري والتاريخي المتراكم عبر العصور لمدينة الكاف من خلال جولة تستغرق ساعة ونصف تنتقل فيها تلك المجموعات بين معالم الكاف وعبر عصورها منذ ما قبل العصر النوميدي إلى عهد انتصاب الحماية الفرنسية..

من داخل حصن الكاف و أعلاه

• 

• 

• قبل أن ننعطف يسارا ونشق الحارة التي تتوسط المدينة نمر بمجموعة من شباب “الكاف” وبعض العمال يعملون في نقل “التربة الغابية الحمراء” لتجهيز حديقة “للا لاعج ” حيث سيتم غرس الأشجار والنباتات النادرة التي تزخر بها غابات “الكاف” لتعليم النشء فنون البستنة من خلال الورشة وتعريفهم بالكنوز النباتية التي تنمو في غابات الكاف..
• ثم ننعطف يسار عبر الطريق الصاعد الذي يعكس الطبيعة الجبلية لمدينة الكاف والذي يطلق عليه “الحارة” حيث تجد حوانيت المصوغ والإكسسوارات والمنازل التي كانت تقطنها الطائفة اليهودية في الكاف قبل أن يتناقص عددهم بصورة كبيرة حتى أن “معبد غريبة الكاف” أصبح مهجورا مغلقا وقد نقلت محتوياته إلى “معبد غريبة جربة” في جزيرة جربة الشهيرة في الجنوب الشرقي…، لكنك تستطيع زيارة المعلم التاريخي حيث تم ترك مفتاحه مع أحد السكان من جيران “غريبة الكاف”، ومازالت محالّ الصياغة والإكسسوارات تعمل في نفس النشاط في معظمها..

وإذا واصلت الصعود من تلك الجهة ستمر بالعديد من زوايا الأولياء الصالحين، كما ستمر “بدار الخبز” الشهيرة، ومع مواصلة التقدم ستجد نفسك في مواجهة مقام الولي الصالح صاحب المقام الرفيع في “الكاف” “سيدي بومخلوف” أحد المشايخ الكبار في الطريقة “العيساوية” بالشمال الغربي..

المدينة العتيقة بالكاف و مشتل لنباتات الكاف النادرة لتعليم الأطفال الزراعة

أما إذا اتجهت يسار فستمر بأحد المقاهي المميزة المقابلة لمقهى سيدي بومخلوف، تتوسطهما ساحة متوسطة نصب فيها سوقا محليا للصناعات التقليدية بمساهمة فعالة من “ميوزيوم لاب “.. وقام بافتتاحه والي الكاف والمعتمد و كبار المسئولين بالولاية.. ، ثم تجد فضاء “البازيليك” الهام بجوار الدرج الصاعد نحو القصبة و حصن الكاف المنيع.. وتلك زيارة مميزة تحكي حقبة تاريخة هامة من تاريخ الكاف تعكس أهمية المدينة إستراتيجيا و من حيث ثرواتها الكبيرة أيضا ..

• قصبة مدينة الكاف و حصنها :

في كل عاصمة أو مدينة مغاربية كبرى توجد “القصبة” و “قصبة” العاصمة أو المدن الكبرى فيما مضى هي مقر الحكم و دواوين الحكومة ، والحامية العسكرية التي تمثل سطوة الدولة وسيادتها ..
وقد كانت مدينة “الكاف” سابقا احدى مقار الحكم في تونس خاصة في عهد “البايات” كما ناسب “البايات” قبيلة “شارن” و لقب أبنائها “الشارني” لتصبح تلك القبيلة أخوال البايات ..

• وكانت مدينة “الكاف” في عصور ماضية مطمعا ل “دايات” الجزائر أي حكامها نظرا لموقعها الإستراتيجي وثرواتها ، وطالما حاولوا ضمها للجزائر .. لكن “بايات” تونس (حكامها) كانوا لهم بالمرصاد.. ودارت بينهما حروب ضروس لحقبة كاملة ..
• قصبة الكاف تقع في أعلى نقطة في المدينة مشرفة على السهول والوديان والجبال المحيطة ، وفي أعلى نقاطها يوجد الحصن العالي المنيع المزدوج إذ إن الحصن القديم (الأصغر) محاط بحصن أعلى وأكبر شيده “حمودة باشا” الذي حرص على تقوية أسوار “الكاف” وزيادة مناعتها لمواجهة غزو ” دايات ” الجزائر المستمر “للكاف” بغية الاستيلاء عليها وضمها خلال حروبه معهم، وكانت تلك الإضافة التي أضافها ناجعة في هذا الصدد آنذاك ومكنته من حسم المعركة مع أعدائه.. ومن فوق أسوار الحصن العالية تستطيع كشف كل مدينة ‘الكاف” و ما حولها ، والتواصل معها إذا أردت ، كما يكشف الحصن كل ما يحيط بمدينة ‘الكاف” من الجهات الأربع و حتى مسافات بعيدة جدا عنها ..
  والحصن يحتوي في داخله على صهاريج للمياه لتلبية حاجات الجند، كما توجد داخل الحصن كل وسائل الإعاشة وأماكن مخصصة للسلاح والخيول إلخ وسكن لقائد الحصن، والحصن الكبير يتمتع ببوابة متحركة ترفع عند الليل أسفلها خندقا عميقا من المياه يجعل أي محاولة للدخول بعد رفعها مستحيلة..
  وفي مدخل الحصن الكبير بهو صمم بحيث يضخم صوت أقدام الداخلين بحيث ينتبه لهم الجنود داخل الحصن ولا يباغتون بوجودهم..
  وفي أعلى الحصن الكبير وضعت ما يشبه المناظير لتحديد بعض المواقع المهمة البعيدة وحصرها… مثل “مائدة يوغرطة ” ذلك التكوين الچيولوچي الجبلي المسطح الغريب والذي يشبه مائدة عملاقة..
• ومن هذا الإرتفاع الشاهق أعلى الحصن الكبير المطل على مدينة “الكاف” وفجأة يتناهي إلى أسماعنا هدير حناجر غاضبة متحمسة… وإذا بأبناء الكاف وضمنهم عدد كبير من شبابها وطلابها قد خرجوا في مظاهرة حاشدة لتأييد الشعب الفلسطيني الصامد ورفض العدوان الصهيوني الإجرامي عليه… لتؤكد مدينة “الكاف” إنها ستبقى رمزا للصمود عبر العصور.

https://youtube.com/shorts/6U6gObOb3eI?si=EMQEVNFf2TBCa9g6