وافقت الجلسة العامة لأكاديمية تاريخ كوبا، في جلستها العادية المنعقدة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام، بالإجماع على إصدار هذا البيان:

 دشّن الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل من غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول مرحلة جديدة من المطالب العادلة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يشكل، بصرف النظر عن جذوره التاريخية العميقة، ظاهرة نشأت في القرن العشرين.

جاء تصدير المسألة اليهودية الأوروبية كمشروع وطني صهيوني إلى فلسطين العربية نتيجة لتلك الظروف، فالاستعمار البريطاني بتفويضه، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين دون ضمان قيام الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، و رعاية الولايات المتحدة غير المشروطة لتل أبيب، جنبًا إلى جنب مع النكبة أو الكارثة التي تسببت بها النتيجة غير المواتية المستمدة من حروب إسرائيل التوسعية بالنسبة للسكان العرب؛ أدت جميعها تباعًا إلى المأساة الحالية.

تحت ذريعة مقتل 1200 شخص واختطاف أكثر من 200 رهينة، معظمهم من المدنيين الإسرائيليين بواسطة الحركة الإسلامية التي تحكم قطاع غزة، أطلقت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية عملية عقاب جماعي عشوائية وغير متناسبة.

إن ذلك، بالإضافة إلى النية المعلنة لتدمير حماس، أدى حتى الآن إلى مذبحة راح ضحيتها أكثر من 13 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وهو رقم يشمل أكثر من 3000 طفل، الأمر الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية لا يمكن التسامح معها أو تبريرها .

إننا ننضم إلى موجة الرفض العالمية ضد القصف على الجموع المكتظة والمحاصرة من سكان غزة ومستشفياتهم ومدارسهم ومخيمات اللاجئين، والتي لا ينبغي تبريرها تحت أي ذريعة وتشكل بوضوح جرائم حرب.

وبالنظر إلى الإرهاب الذي أدى إلى التهجير القسري لسكان غزة من الشمال إلى الجنوب في تلك المنطقة، باتجاه الحدود مع مصر، فإن أي احتمال تكرار “خطة دالت” التي وقعت في ربيع عام 1948 تجبر بإرهاب مماثل الفلسطينيين على الرحيل القسري دون إمكانية عودة مئات الآلاف من الفلسطينيين لصالح استمرار الاستعمار اليهودي.

إن وقف إطلاق النار، الذي منعته واشنطن باستخدام حق النقض المتكرر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بات أمرا حتميا لا يؤدي تأخيره إلا إلى الزيادة اليومية في عدد ضحايا هذه الحرب. ونحن ندين جميع أنواع أعمال الحرب التي تنطوي على قتل المدنيين الأبرياء، بطبيعة الحال.

كما لا يمكن إنكار سياسة الاستيطان الاستعماري ونزع الملكية والقمع والتمييز التي اتبعتها السلطات الإسرائيلية منذ عام 1967 في الأراضي العربية المحتلة، مع عدم امتثالها لجميع الاتفاقات والالتزامات التي تعهدت بها في هذا الصدد.

وعلى المستوى الوطني، فإننا نتشاطر القلق الذي تشعر به الجاليات العربية والعبرية المندمجة في المجموعة العرقية الكوبية في مواجهة الأحداث الرهيبة التي تؤثر حاليا على إخوانهم في الشرق الأوسط.

إننا نتكلم الآن ودائما ضد أي مظهر من مظاهر كراهية الإسلام أو معاداة السامية، وهي أمور غريبة على خصوصياتنا. إننا نتابع عن كثب ما قد تسفر عنه القمة الأخيرة للدول العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية، والتي تمثل ملياري مؤمن، بشأن مجزرة غزة. وندعو إلى تجنب امتداد الحرب إلى بعد إقليمي قد يفضي إلى بعد عالمي.

كما أننا نؤكد على أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تمثل جميع سكان إسرائيل، ولا تمثل حتى أقل من ذلك المجتمع اليهودي العالمي الذي يبلغ عدد أعضائه خمسة عشر مليونًا. لذلك ليس من المستغرب أن يدين العديد من اليهود في العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، ما يحدث في غزة، خصوصا داخل الجامعات الأمريكية.

إننا ندعو إلى وحدة الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة الحرجة ونرسل تضامننا إلى سفارة حكومة فلسطين، التي اعترفت بها كوبا منذ عام 1988 باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبها. إننا نعتبر محاولة تدمير فلسطين أو إسرائيل، الملتزمتين بالاعتراف المتبادل منذ اتفاقيات 1993، غير عملية وبمثابة المحرقة.

باختصار، إننا نتفق مع تصريحات وزارة الخارجية الكوبية التي ترى أن الحل الوحيد القابل للتطبيق والدائم لتحقيق السلام هو الاعتراف بدولتي فلسطين وإسرائيل، على الأراضي المتنازع عليها، امتثالاً للاتفاقيات الدولية من 1947 حتى الآن.

  ‏academia.historia@ohc.cu