يقولون إن عامًا مضى

09:32 صباحًا الخميس 4 يناير 2024
Business العربية

Business العربية

منصة إعلامية رائدة، ومنبر للتفاعل الفكري والثقافي تأسست عام 2000

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
هبة هنداوي

بقلم هبة هنداوي

كل المؤشرات من حولي تدل على أننا نودع عاما ونستقبل آخر. أنظر حولي فأرى الأنوار، والألوان، والاحتفالات. وجوه مبتسمة وأخرى عابسة ووجوه ثالثة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. لسنا سواء فلكل منا حياة مختلفة وتفاصيل لا تتشابه. لكننا نقف جميعا على أعتاب العام الجديد مترقبين وصوله. يقف ثلاثتنا وعلى ظهورنا توابع ما مضى؛ خلفنا أيام وساعات لم تعد غيبا بعد أن كانت حتى عهد قريب وأمامنا غيب جديد نترقبه. 

أولنا يقف بابتسامة عريضة يحمل كل ما جادت عليه به الأيام الماضية من فرح،  ونعمة ، وبركة،  وسعادة. يقف بحمله السعيد وقد ارتسمت على وجهه علامة رضا أملا في المزيد من الخيرات التي يجلبها له العام الجديد. دفتر ذكرياته تملأه الورود والأحداث السعيدة. حفر هذا العام بحروف من ذهب تخليدا له وتيمنا به. بالنسبة له كان عاما غلب خيره شره.

الثاني يقف عابسا مكفهرا حزينا محني الظهر وقد أثقلته هموم العام المنصرم. كانت سنة ثقيلة على الروح والبدن. مرت أيامها بطيئة كئيبة وتمنى لو أنها انتهت قبل أن تبدأ. انتظر طويلا هذا اليوم وهذه اللحظة التي يطوي فيها هذه السنة وكأنها لم تكن. كم تمنى لو أنه يستطيع تجاوز أيامها ولياليها لكن هيهات! ذاق فيها الفشل والحرمان. فقد عزيزا وحبيبا وصديقا. تعثر ماديا وصحيا. تعرض لخيانة وخذلان. تكالبت عليه صنوف الابتلاء والصعاب. كانت كابوسا وقف فيه عاجزا وهو يرى أحبابا له يتعرضون للظلم والقهر والقتل والإبادة. كان عاما ذرف فيه من الدموع ما لم يذرفه من قبل؛ صرخ فيه كما لم يفعل من قبل؛ غضب فيه وغلب شره خيره. أما الثالث فيبتسم على استحياء، فهو على مسافة متساوية من الفرح والحزن. حمل له العام المنصرم الخير كما أذاقته الأيام الفائتة الويل. مرت عليه بحلوها ومرها؛ رخائها وشقائها. زادته صحبة وانتزعت منه آخرين. منحته صداقات جديدة وسحبت من طريقه أطيافا وأوهاما. لا يستطيع كرهها ولا يستطيع أن يحبها في المقابل. حائر بين مشاعره ليس واثقا أيضحك أم يعقد حاجبيه؟!

العام والسنة كلاهما 356 يومٍ. وهما كلمتنان مترادفتان في اللغة العربية إلا أنهما تختلفان في القرآن الكريم. يقولون في البلاغة أن العام يختلف عن السنة. وتطلق العرب (السنة) على أيام الشدة ووالجدب، والعام على أيام الرخاء والعطاء.وفي القرآن الكريم ارتبط العام بكل ما فيه خير ونعم. ﴿عام يغاث فيه الناس وفيه يعصرون﴾ يوسف: 49، و﴿تزرعون سبع سنين دأبا﴾ يوسف:47. سواء توافق استخدامهما أم اختلف فلا يسعنا سوى أن ندعو الله بعام سعيد تزاح فيه الغمة وتكشف الكربات ويغاث الناس وينصرون.

https://mebusiness.ae/ar/news/show/87083

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات