حزب الله والرؤية المزدوجة للربيع العربي

09:29 مساءً الجمعة 4 يناير 2013
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

منذ أن قام الشعب السوري بثورته العظيمة شهر مارس/ آذار 2011 وحزب الله اللبناني وأمينه العام السيد حسن نصر الله يرفض وصفها بالثورة الشعبية وإعتبر أن مطالبة السوريين برحيل الوريث البعثي بشار الأسد عن حكم البلاد بعد أكثر من أربعين عاما أذاق فيها النظام البعثي شعبه كافة أشكال التفرقة والقمع والتنكيل بكل من يحاول الخروج عن العقيدة البعثية , أعتبرها نصر الله وحزبه محاولات من الغرب لكسر صمود سوريا في وجه المحتل الإسرائيلي! وأجندات خارجية لشق وحدة الصف السوري!! ولما إشتعلت الثورة في كل أنحاء سوريا وتعامل بشار الأسد الطاغية مع شعبه بشكل وحشي وأعتبر أن القضاء على المعارضة مهما كان حجمها بكل سبل الإبادة والتصفية هدفا لامناص منه ولا بديل عنه فشرع في القتل والتنكيل والتعذيب بصورة لامثيل لها في أبناء شعبه, ومع ذلك لم تهتز شعرة لحزب الله ولا مشايخه ولاجنوده بل على العكس فقد أرسل كتائب مسلحة لبنانية للقتال في صفوف الجيش السوري النظامي  لإبادة المدنيين العزل من الثوار السوريين , والحقيقة أننا لم نندهش كثيرا كمصريين ولا كثوار عرب في كل بقاع الوطن العربي الذي شهد حركة تغيير شاملة لنظم حكم باتت كارثية على أوطاننا ومقدراتنا , فالنظام الإسلامي في إيران وحكم الملالي من ناحية ونظام بشار الأسد البعثي هما القاعدتان اللتان يرتكز عليهما حزب الله في التمويل وتوريد الأسلحة والدعم المادي لكوادر الحزب ومؤسساته وبالتالي فإن سقوط نظام بشار يعني بداية النهاية بالنسبة لحزب الله الذي رفض تسليم سلاحه للحكومة اللبنانية بعد إنتهاء حرب تموز بالنصر المبين على العدو الإسرائيلي 2006 بفضل المقاومة اللبنانية في الجنوب , ولكن عندما بدأ الحديث عن سيادة الدولة اللبنانية وحول إنتقاص الحزب لسيادة الحكومة اللبنانية رفض نصر الله الأمر واعتبر أن حزبه دولة داخل الدولة وبالتالي فقد رفض تماما دعم الثورة السورية حتى رغم المجازر اليومية التي يرتكبها جيش بشار ضد المواطنين والمقابر الجماعية التي تكتشف يوميا في أنحاء سوريا عليها آثار تعذيب تفوق إحتمال البشر .

أيد حزب الله و أمينه العام ثورة الشعب المصري وأكد على حق المصريين في العيش بحرية وكرامة وأن ينعم  المصريون بالعدالة الإجتماعية وهنأهم وبارك لهم عندما خلعوا  مبارك في شهر فبراير / شباط2011 , وكان من البديهي أن يبارك ثورة الشعب الليبي ضد نظام القذافي الذي يعتبره المسلمون الشيعة المسئول الأول عن إختفاء الإمام موسى الصدر الذي كان في زيارة إلى طرابلس الغرب أغسطس /آب 1978 وإختفى في ليبيا ولكن السلطات الليبية أعلنت أنه غادر البلاد بعد 5 أيام من إقامته بها على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية ومن يومها لم يعرف له أثر  .

ولكن حزب الله إعتبر أن الثوار من الجيش الحر والفصائل الشعبية والمقاومة الوطنية مأجورين من الغرب,  فلماذا هذه التفرقة ؟؟ هل كان فعلا حال السوريين أفضل من المصريين والتونسيين والليبيين ؟؟   أين الحديث عن الديموقراطية والكرامة وحقوق الإنسان ؟؟

تحدث السيد حسن نصر الله أمس الخميس في كلمة بثها تلفزيون المنار التابع لحزب الله على الهواء مباشرة  في ذكرى أربعينية الإمام الحسين رضي الله عنه في مدينة بعلبك شرقا , محذرا من مخططات لتقسيم سوريا وأنها مهددة بالتقسيم أكثر من أي وقت مضى , مشيرا إلى عقم الحل العسكري .. وأن خطر التقسيم يهدد المنطقة العربية برمتها من اليمن إلى العراق إلى سوريا وصولا إلى مصر والسعودية !!

هو بالتأكيد قد توقف عن دعم النظام السوري ورئيسه الطاغية لأنه أدرك أن الثورة السورية ستحقق أهدافها إن آجلا أو عاجلا , ولكنه اليوم في مأزق حقيقي إذ قامت مجموعة إدعت أنها تنتمي إلى الجيش السوري الحر ويتزعمها شخص يعرف بإسم < أبو إبراهيم > بخطف 11 شيعيا لبنانيا  في منطقة أعزاز بريف حلب  شمال سوريا, شهر مايو / آيار الماضي وذلك في طريق عودتهم إلى لبنان بعد إجتيازهم الحدود التركية قادمين من إيران بعد زيارة الأماكن المقدسة هناك , ولكن الجيش الحر نفي مسئوليته عن العملية .

هنا تذكر حسن نصر الله أن في لبنان دولة وحكومة لها سيادة وأنه لا يستطيع وحزبه التفاوض مع المختطفين وطالب الحكومة في بيروت إلى التفاوض المباشر مع خاطفي اللبنانيين في سوريا , بل وطالب بالضغط على السعودية وقطر وتركيا لحسم هذه المسألة .

حزب الله الآن يطالب بالتدخل السعودي القطري لحسم المسألة وهو الذي رفض الأمر برمته حينما تدخلت الدولتان ذاتهما  ومعهما الإمارات العربية المتحدة لحسم الصراع وقمع الثورة التي كانت مشتعلة في مملكة البحرين في موجة المد الثوري العربي والذي قمعته قوات درع الخليج في مارس / آذار 2011 الماضي بدخول حوالي 1000 جندي من المملكة العربية السعودية و حجمت الثورة وأزالت دوار اللؤلؤة الذي كان منطقة تجمع الثوار البحرينيين وذلك في إطار معاهدات الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي ولكن حزب الله ووفقا انظرته المزدوجة للربيع العربي فقد دعم الثورة الشعبية في البحرين وحق الشعب البحريني في الحرية والعدالة والكرامة ولعل الأغلبية الشيعية في البحرين هي الدافع الرئيسي لهذا التوجه كما أن إيران تعتبر أن المواطنيين البحرينيين الشيعة بشكلون بعدا ديموجرافيا لنفوذها السياسي في منطقة الخليج وهو أمر غير خاف على أحد , ونحن هنا قطعا لا نتحدث عن إثنيات بعينها حينما نرصد حركات الربيع العربي فحق الشعوب في الكرامة والحرية والعدالة مكفول للجميع فقط حزب السيد نصر الله هو من يكيل بهذا المعيار القاتل للإنتماء للوطن ويبقى الإنتماء للعقيدة الدينية ,.. ولكن لأن الأمر في مصلحة حزب الله والحججاج اللبنانيين المختطفين من الشيعة فهنا يكون التدخل السعودي والتركي محمودا للضغط على الخاطفين السوريين لإطلاق سراحهم ..

كانت المجموعة المسلحة من الخاطفين قد أطلقوا سراح إثنين من المختطفين عادوا عن طريق تركيا وشكلت الحكومة اللبنانية لجنة لحل القضية كما زار عدد من المسئولين اللبنانيين أنقرة لحثها على التدخل لحل الأزمة نظرا لعلاقتها الوثيقة بالجيش الحر والثوار في سوريا , وكان أهالي المخطوفين قد نفذوا سلسلة تحركات للضغط على الحكومة من أجل إطلاق سراح ذويهم شملت قطع طريق مطار بيروت الدولي .

ولكن المفاجأة الغريبة والمؤلمة حقا هي مطالب الخاطفين مقابل الإفراج عن اللبنانيين المختطفين : إنها فقط إعتذار من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن دعمه الصارخ لنظام بشار الأسد وإعتذار للثورة والثوار السوريين المناضلين من أجل حريتهم وكرامتهم جاعلين ذلك شرط لإطلاق سراحهم ومؤكدين أنهم يعاملونهم معاملة الضيوف المكرمين !

ولكن نصر الله لن يفعلها ولن يعتذر ولن يتوقف عن تأييد الطاغية ولو  على حساب شعبه ومواطنيه وذويهم المذعورين ولو رأي كل لحظة جثث الشهداء من العزل السوريين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مستقبل أفضل لوطنهم وأبنائهم .

 

 

One Response to حزب الله والرؤية المزدوجة للربيع العربي

  1. عمر المومني رد

    12 يناير, 2013 at 10:03 م

    ليس صحيح ان حزب الله شارك في قمع الثورة السورية. لو أراد حزب الله ان يشارك في الحروب الطائفية لفعل هذا في لبنان او العراق او حتى البحرين. للأسف موقف حزب الله تجاه الثورة السورية معيب ودعمه للنظام السوري الدموي معيب لكن إنجازات المقاومة اللبنانية الأسطورية وتحريرها لأرض عربية من براثن دولة عظمى عنصرية همجية صهيونية تشفع للمقاومة وتجعلنا نتحمل أغلاطها السياسية طالما لم تتلطخ يد الحزب بدماء طائفية. الشيخ نصراالله أخطأ ولكنه ليس كاذبا بل يكاد يكون الزعيم العربي الوحيد الذي لايكذب لأنه إنسان صاحب مبادئ ولآنه قوة حزب الله الأسطورية تجعله غير محتاج للتمثيل والتضليل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات