اليمن: يتامى الحرب وصراع البقاء

08:55 مساءً الأحد 6 يناير 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يمنية تعبر جدارا عليه صور من اختفوا اثناء الحرب

صنعاءـ فارس الحميري: (شينخوا) يعمل الطفل اليمني حبيب ذو الأحد عشر ربيعا في ورشة ميكانيكا لاصلاح السيارات في تعز جنوبي البلاد مقابل مبالغ مالية زهيدة ينفقها على أسرته التي فقدت عائلها في مواجهات مسلحة شهدتها المدينة العام قبل الماضي.

ويقول حبيب لوكالة أنباء ((شينخوا)) ان أباه قتل في العام 2011، وترك وراءه خمسة أطفال (ثلاثة أولاد وبنتان).

وأضاف ” اضطررت لترك المدرسة والذهاب للعمل، من أجل اعالة أمي واخوتي الأربعة، فلا يوجد لدينا مرتب من الدولة ولا من أي جمعية أو منظمة ولا أي عائل”.

وتابع ” أعمل سبع ساعات يوميا ، مقابل 8 آلاف ريال شهريا (37 دولارا تقريبا) أعطيها لأمي من أجل ان تصرف على البيت”.

وشهدت مدينة تعز في العام 2011 مواجهات مسلحة بين رجال قبائل مساندين للثورة الشبابية الشعبية ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، وعدد من الوحدات الأمنية والعسكرية التي كانت تدين بالولاء للنظام حينها.

ومثلت المواجهات في تعز نموذجا للصراعات التي رافقت ثورة اليمن ، حيث شهدت عدة مدن ومناطق أخرى بما في ذلك العاصمة صنعاء اشتباكات مماثلة بين مؤيدين للثوار وقوات وعسكرية وأمنية كانت موالية لنظام صالح وخلفت عشرات الضحايا من بينهم والد حبيب.

وحبيب كغيره من يتامى الأطفال الذين ألقت الصراعات المسلحة والحروب في اليمن ظلالا قاتمة على حاضرهم ومستقبلهم.

ويحتفل العالم في السادس من يناير من كل عام ، باليوم العالمى ليتامى الحروب ، وهو اليوم الذي يمر في اليمن دون ان يكون محطة للتذكير بمعاناة هؤلاء الضحايا رغم استمرار نزيف الدم، تارة بسبب الصراعات وتارة أخرى بسبب الهجمات التي تنفذها جماعات ارهابية تنشط في البلاد.

ومع استمرار الصراعات المسلحة والحروب في اليمن منذ قامت ثورة 26 سبتمبر ضد المملكة المتوكلية اليمنية في شمال البلاد عام 1962، فان الآلاف من اليمنيين سقطوا وقودا لتلك الحروب والصراعات مخلفين مئات الآلاف من اليتامى.

ويعيش يتامى الحروب والصراعات المسلحة في اليمن أوضاعا انسانية غاية في التعقيد في ظل استمرار تزايد أعدادهم يوما تلو الآخر.

ويفتقد هؤلاء خاصة من فئة الأطفال منهم الى الرعاية بكافة أنواعها الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، فضلا عن فقدانهم في أوقات كثيرة للغذاء الاساسي.

وكان اليمن شهد مطلع فبراير 2011 ، اندلاع احتجاجات ضد نظام صالح خلفت أكثر من 1400 قتيل في ساحات الاعتصامات ، فيما سقط المئات من صفوف الجيش والأمن ، بحسب منظمات مدنية.

ونشطت منظمات مدنية في اليمن بهدف استيعاب يتامى صراعات تلك المرحلة ومحاولة تخفيف اعبائهم.

ويقول عبده واصل مدير مؤسسة (وفاء) لرعاية أسر شهداء ثورة الربيع اليمني (منظمة مدنية)، ان 1440 شهيدا سقطوا في ساحات الاعتصامات منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية في اليمن مطلع 2011.

وأضاف واصل لوكالة أنباء ((شينخوا)) ان المؤسسة تقدم حاليا خدمات للآلاف من يتامى الشهداء الذين سقطوا في الثورة ، مشيرا الى ان هناك جهودا كبيرة تبذل من قبل المؤسسة تتمثل في تأمين الغذاء لهم ، وكذلك الحاقهم بالتعليم الأساسي والجامعي ، وتوفير أهم المستلزمات الصحية والرعاية الاجتماعية.

وأكد واصل، أن الحكومة اليمنية اقرت في ميزانيتها صرف مرتبات ليتامى شهداء الثورة السلمية لكنها حتى اليوم لم تصرف ، لافتا الى أن هناك تواصلا مستمرا مع الجهات الحكومية من أجل البدء في تنفيذ تلك القرارات.

وعلى الدرب ذاته، تعمل منظمة الثورة اليمنية والدفاع عن الوحدة (شبه حكومية) على تقديم الخدمات المعنوية بشكل أساسي ليتامى الحروب والصراعات التي شهدتها البلاد منذ الستينات، بحسب أمينها العام اللواء حمود محمد بيدر.

وبيدر يعد واحدا من اهم المناضلين اليمنيين الذين عاصروا عددا من الثورات التي شهدتها البلاد والتي سقط خلالها آلاف الضحايا من كافة القطاعات الشعبية والعسكرية والامنية منذ ثورة 26 سبتمبر في 1962.

ويؤكد بيدر أن منظمته ” تعمل جاهدة على تقديم الخدمات المعنوية بشكل أساسي ليتامى الحروب والصراعات التي شهدتها البلاد منذ الستينات ، وهناك الآلاف من المستفيدين من هذه الخدمات”.

وحسب اللواء اليمني بيدر، فانه تم تحسين وترتيب أوضاع الكثير من اليتامى ، حيث يتم جمع القوائم بأسمائهم ومن ثم ارسالها والتواصل مع الجهات الممولة أو التي تقوم بعملية صرف مرتبات شهرية، كالجهات الأمنية والعسكرية، وشئون القبائل أو هيئة رعاية اسر الشهداء وصندوق الرعاية الاجتماعية.

من جهتها، تقول الحكومة اليمنية ان 31 ألف أسرة من أسر الشهداء تصرف لهم مرتبات شهرية تقدر بمتوسط 10 الاف ريال شهريا ، بالإضافة الى الخدمات المعنوية والاستثناءات التي يتم تقديمها من قبل الجهات الحكومية.

وقال خالد الجبري مدير مكتب رئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية (جهة حكومية) انه ” منذ ثورة 26 سبتمبر وحتى اليوم تكفل الهيئة ما يقرب من 31 ألف أسرة من أسر الشهداء الذين سقطوا في الثورات والحروب والصراعات”.

وتابع ” هناك رعاية معنوية تقدم لليتامى من أسر الشهداء تتمثل في إلحاقهم بالجامعات الحكومية وإشراكهم في المناسبات الوطنية ، ومنحهم استثناءات في عدد من الجهات الحكومية”.

الا أن الجبري تحدث عن شح الامكانيات لدى الهيئة بسبب الظرف الاقتصادي الذي يمر به اليمن مشيرا الى ان المرتبات التي تصرف ليتامى الحروب والصراعات هي في المتوسط تقدر بـ10 الاف ريال يمني لكل اسرة

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات