كيونج إن … الجامعة الكورية الوحيدة للنساء!

08:50 صباحًا السبت 25 مايو 2024
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعد رحلة ماراثونية، من مطار القاهرة إلى  مطار إنتشون، بين متعة التحليق، وقلق الانتظار والتحديق في شاشات بوابات السفر، كنت أظن بعد خروجنا وسط ذلك الجو الربيعي أننا نتجه للفندق، لكن صديقي الإعلامي الكوري المخضرم لي سانج كي، رئيس جمعية الصحفيين الكوريين الأسبق، الذي كان ينتظروني، أخبرني بأننا على موعد لحضور مناسبة استثنائية في مكان استثنائي: الجامعة الكورية الوحيدة للنساء!

جامعة لأشطر الكائنات

أما المناسبة فكانت الظهور الرسمي الأول لعميد الكلية الجديد، الحادي عشر، البروفيسور  يوك دونج إن  Yook Dong In  الذي أعلن عن توليه المهمة مطلع العام، لكن اليوم هو حفل تنصيبه. ليس الأمر مستغربا أن يكون عميد جامعة النساء رجلا، فقد أسس الجامعة رجل آخر هو تشانج كي بارك Chang Ki Paik ، بعد أن أنشأ مؤسسة تايانغ للتعليم في عام 1990، لتنشيء هذه المؤسسة بدورها جامعة كيونغ إن للنساء (KIWU) في عام 1991. وليقوم المؤسس  مع الرئيس الأول للجامعة كيم جيل جا Kim, Gil-ja   بإدارة المؤسسة والجامعة على أساس روح العدالة والحب والحقيقة والإبداع، لتساهم كثيرًا في رعاية النساء في كوريا، فحينها، لم يكن لديهن سوى فرص قليلة نسبيًا، وكان الهدف أن يصبحن محترفات ماهرات في سوق العمل، وينافسن الرجال، وهو ما حدث بمرور السنوات، لتزدهر جامعة كيونج إن للنساء باعتبارها الجامعة الرائدة في منطقتي جيونج جي وإنتشون. كانت رؤية جامعة كيونغ إن للنساء للتطور أن تمضي جنبًا إلى جنب مع المجتمع المحلي، لتعزيز المرأة مهنيا، لتواجه وتتحدى الابتكار المستقبلي بالمعرفة الحقيقية والاحترام الإنساني.

في الاحتفال، صعد إلى خشبة المسرح المؤسس وزوجته، ووراء كل رجل ناجح امرأة ملهمة، وهو دور قامت به شريكته في الحياة والعمل، وتناوب الجميع على إلقاء الكلمات التي قطرت حكمة السنوات، وتسلم الرئيس يوك علم المرحلة الجديدة، ومع تسلم المكرمين، من أساتذة وطلاب، مكافآت التفوق وأزهاره، يجلس الجميع ليصعد فريق أوبرالي لثلاثة من الشباب ببزات سوداء، يؤدون فقرات توجز الثقافة الموسيقية الكورية التي تحمل التقاليد بيد، والعصرنة بيد أخرى.

زيارة ثانية

كانت تلك الزيارة الأولى للجامعة، لكن بعد خمسة أيام ستتكرر الزيارة، برئاسة وفد جمعية الصحفيين الآسيويين (AJA) من تسعة دول، هي مصر، ولبنان، والبحرين، وكمبوديا، وماليزيا، والباكستان، وسنغافورة، وقرغيزستان، وكوريا.  لم يفتني أن أهدي رئيس الجامعة ومكتبتها التي أصبحت مقصدا للطالبات في كوريا وخارجها (450 طالبة من 20 دولة)، مجموعة من مؤلفاتي بلغات مختلفة. سنمضي هذه الزيارة بين بساتين الجامعة ومرافقها. نلتقط صورا أمام جدارية عيدها العشرين بوجوه بناتها الدارسات، ننقل الخطوات والنظرات بين المباني الشاهقة متعددة الطوابق على الجانبين، والفضاءات الواسعة المطرزة بالزهور بمختلف أسمائها ألوانها، وشتلاتها وأشجارها، وعبر الأرصفة نتأمل التماثيل على جوانب المروج وينشغل الجميع بالتقاط الصور.

خلال حفل الترحيب الرسمي، شاهدنا فيلما وثائقيا عن المؤسسة التعليمية المرموقة المكرسة لتمكين المرأة من خلال التعليم ومساعدتها على تحقيق أهدافها. هناك 25 تخصصا، وبما أن لكل قاعدة استثناء، فإن جميع التخصصات للفتيات، عدا قسم واحد مختلط، يقبل الطلاب أيضا، وهو قسم اللغات الأجنبية!

هناك 4000 طالبة وطالب في أقسام الجامعة المختلفة، سواء كان ذلك في مجالات الأعمال أو العلوم الإنسانية أو العلوم الاجتماعية أو العلوم الطبيعية، لبرامج البكالوريوس والدراسات العليا، بالإضافة إلى دورات وورش عمل للتطوير المهني لمساعدة الطلاب على تعزيز مهاراتهم ومعارفهم، مع الالتزام بتوفير بيئة تعليمية داعمة وشاملة لجميع الطلاب تساعد على النجاح أكاديميًا وشخصيًا، لضمان الحصول على الموارد اللازمة للتفوق في الدراسة. وبالإضافة إلى برامجها الأكاديمية، تقدم جامعة كيونغ إن للنساء أيضًا مجموعة متنوعة من الأنشطة للمشاركة في المجتمع، سواء بالفرق الرياضية والأندية الثقافية ، مع برامج تطوعية وتدريب داخلي، توفر الجامعة للطلاب تعليمًا شاملاً يؤهلهم للنجاح في جميع جوانب حياتهم. 

إهداء المؤلفات بلغات عدة إلى رئيس الجامعة

بولنج نسائي

كانت السيدة كيونجوك بارك، مديرة مكتب الشؤون الدولية، هي التي تقودنا إلى مختلف أقسام الجامعة، لمشاهدة الفصول الدراسية وقاعات الأنشطة البدنية . تعرفنا على الأقسام التي تقدم التدريب المهني للفتيات، كالتمريض والرعاية، المعلومات الصحية والإدارة، الإنسان والبيئة، الرعاية الاجتماعية، رعاية صحة الحيوان، السياحة، الطيران والفنادق، فنون الطهي والمخبوزات الفندقية، اللغات الأجنبية، التغذية الغذائية، خدمات الطيران، إدارة الفنادق والسياحة، تصميم الجمال، تصميم الإعلانات، تصميم الأزياء، العناية بالبشرة والجمال، جمال الشعر، تعليم الأطفال، التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، رعاية الطفولة المبكرة وتعليم الفنون، تعليم ورعاية الطفولة، المعرفة والإدارة، إدارة الأعمال، التجارة الدولية والتجارة، الأعمال المالية، المحاسبة الضريبية، وبث تكنولوجيا المعلومات، وتقارب البرامج، وبث الفيديو وما إلى ذلك.

ضاق الوقت، خاصة وأن الصحبة مارست الرياضة  بأريحية في قاعة البولنج، وإذا كان على كل من تدرس أن تشارك الأنشطة الرياضية، فإن القاعدة اتسعت اليوم لتشمل الزائرين أيضا. تفوقت زميلتنا الإعلامية والفنانة التشكيلية اللبنانية غنى حليق في البولنج، وضربت كرتها الصف المتراص فأسقطته، وكأنها شعرت أن وجودها في جامعة النساء يكفي أن يلهمها التفوق.

زحام مسافرين غير متوقع، وصورة توب سيلفي التقطتها لمضيفات طيران المستقبل

فجأة وجدنا أنفسنا داخل طائرة، فقد أحضرت الجامعة جزءا من طائرة حقيقية لتدرس بناتها فنون الضيافة وعلومها. هكذا حضرنا الفصل الدراسي الحي حول خدمات الطيران. في القسم هناك غرف فندقية، ومصرف، ونواد، كأنها أجزاء من مدن حقيقية، لتتدرب الطالبات في عالم مواز، قبل أن يخرجن للعمل في العالم الواقعي.

بين مبنى وآخر، كانت الزهور ترسل عطورها، وكأنها تحيينا، عرفنا أن الجامعة تنزرع العديد من الزهور والأشجار في الحرم الجامعي وفقًا لمواسمها، على مدار السنة. إنها تغرس قيمة الجمال الطبيعي، مثلما توزع التماثيل بينها لتؤسس تذوق جمال الفن التشكيلي، وبينهما تنمو العقول الدراسة.

تتعاون الجامعة مع العديد من الدول الأخرى في إطار برامج التبادل مشاركة مؤسسات تعليمية في كمبوديا ومنغوليا والفلبين وكندا والمملكة المتحدة ونيوزيلندا وروسيا وماليزيا والإمارات وفيتنام الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا واليابان والمجر والصين في إطار برامج التبادل الدولي. لم يكن وجود مبنى الكنيسة المجاور لمبنى الإدارة مفاجئا، فالجامعة البنات استلهمت من المسيحية قيمها كالعدل والمحبة وأضافتها للمبادئ الأساسية لنظام التعليم الكوري في البحث المعرفي والمهني.

يمكن التجول في الجامعة بصور ثلاثية الأبعاد هنا على هذا الرابط

https://kiwuvr.gigachances.com/

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات