إنه (الدلاي لاما).
قد تكون الكلمة غير مألوفة لغير المتابعين للأخبار العالمية خصوصا ما يتعلق بآسيا..وقد تكون كلمة معروفة وسهلة لكثير من المتابعين لأخبار القارة الأسيوية..وجموع المتابعين للأخبار العالمية.
(الدلاي لاما) هو الاب الروحى وزعيم اقليم التبت..والقائد الدينى الأعلى للبوذيين التبتيين وممثل القيادة الروحية والدنيوية فى اقليم التبت.
تقول الأسطورة إن روح بوذا خالدة خلود الدهر..وهى تتمثل فى (الدلاي لاما) وعندما يموت (الدلاي لاما) فانه يموت جسديا ولكن روحه أو روح بوذا تنتقل لأحد المواليد الجدد من المتبعين للبوذية ليصبح بعد ذلك هو (الدلاي لاما) الجديد و هكذا الى ما لا نهاية.
و(الدلاي لاما) الحالى هو الرابع عشر، كان يبلغ الرابعة من عمره عندما اعتبره فريق من اللامات خليفة الدلاى الثالث عشر..وهو يعتبر بوذا الحي.
(الدلاي لاما) ليس مجرد زعيم روحى لإقليم التبت و حسب، ولكنه بمثابة زعيم كباقى الزعماء فهو يقوم بزيارات لدول العالم المختلفة ويلتقى بمختلف الملوك والرؤساء. وقد قام الممثل العالمى براد بيت ببطولة فيلم من أشهر الأفلام فى السينما العالمية يتناول جزءًا من حياة الزعيم الروحى لاقليم التبت..والفيلم كان
بعنوان “سبع سنوات فى التبت” وهو يتناول قصة شاب جامح بعيد تماما عن المسئولية و لا يهمه فى الحياة سوى العبث..ولكن تشاء الظروف ان يسافر فى رحلة الى التبت و تحدث أمور تجعله يضطر للبقاء هناك لمدة سبع سنوات يلتقى فيها ب(الدلاي لاما) وتتحول حياته و تتغير بعد ذلك حيث يتحول الى معلم على يد (الدلاي لاما) ويصبح انسان أكثر عقلانية وأكثر انضباطا وتختلف نظرته لكثير من الأمور التى كان يتعامل معها فى الماضى..ويكتسب العديد من الأصدقاء..والفيلم يريد ان يعرض لفكرة تغير حياة هذا الانسان بشكل واضح و ملحوظ الى الافضل بعد لقائه مع (الدلاي لاما)
وكلمة “دلاى” تعنى المحيط باللغة المغولية أما كلمة “لاما” فتعنى السيد الروحانى، وبالتالى فهى تعنى السيد الروحانى المحيط بالحكمة..وقد مثل (الدلاي لاما) مع الوصى على العرش والحكومة التبتية النظام الحاكم للتبت منذ عام 1642 وحتى عام 1959
وكما أسلفنا الذكر فان على (الدلاي لاما) الحالى و رهبانه والاسياد الروحانيين أن
يبدأون البحث عن اعادة تجسده(أى (الدلاي لاما) المقبل) ويتم ذلك عن طريق اشارات معينة يتم من خلالها تحديد الطفل الذى هو اعادة تجسد (الدلاي لاما)…و يؤخذ هذا الطفل الى دير بوذى لكى يتلقى التعاليم البوذية.
و(الدلاي لاما) الحالى هو “تينزن غياتسو” وهو (الدلاي لاما) الرابع عشر..ولد يوم 6 يوليو عام 1935 لأبوين مزارعين فى قرية صغيرة تقع شمال شرق التبت..وقد أعلن عن أنه التجسد الجديد للدلاى لاما عندما بلغ الثانية من عمره وبدأ مشوار تعليمه فى دير بوذى وأنهى دراسته بالحصول على الدكتوراه فى الفلسفة البوذية. وفى عام 1950 عندما كان عمر (الدلاي لاما) خمسة عشر عاما اجتاحت الصين التبت و فى عام 1954 توجه غياتسو الى بكين للقاء الرئيس الصينى فى ذلك الوقت و هو ماوتسى تونغ و ليتباحث معه حول مستقبل شعبه ولكن حدثت خلافات كبيرة بين الصين و التبت مما دفع التبتيين لمواصلة المقاومة و فى عام 1959 شهدت شوارع التبت مظاهرات كبيرة من الأهالى مطالبة بانهاء ما وصفوه بالاحتلال الصينى لبلادهم.
وقبل ان يتم اعتقال غياتسو من قبل القوات الصينية فر الى الهند وكان معه أمه وشقيقته واستقبله رئيس وزراء الهند فى ذلك الوقت جواهر لال نهرو و حصل هناك على حق اللجوء السياسى واستقر هناك وقد تبعه الى الهند خلال عدة أشهر
حوالى 80 ألف من أهالى التبت وأنشأ البرلمان التبتى فى المنفى عام 1960
وأصدر فى عام 1963 دستورا للتبت.
وقد عمل (الدلاي لاما) على مساعدة اللاجئين من التبت وأعطى أهمية كبيرة للحفاظ على ثقافة التبت و عمل على تدويل قضية شعبه و طرحها فى جميع المحافل وقد أصدرت الأمم المتحدة قرارات باحترام و حماية أهل التبت فى أعوام 1959 و1961 و1965
وقام (الدلاي لاما) بزيارات عديدة لزعماء سياسيين و دينيين فى جميع أنحاء العالم
كان من أبرزها زيارته للبابا الراحل يوحنا بولس الثانى
وقد تقدم (الدلاي لاما) باقتراحات مختلفة للحكومة الصينية طالبا فيها أن تكون التبت منطقة سلام و لكن المقترحات و المحادثات مع الصين لم تحرز أى نتائج
حيث أن الصين تنظر اليه على أنه زعيم لحركة تمرد انفصالية
وفى خطاب ألقاه (الدلاي لاما) عام 2006 بمناسبة مرور ستين عاما على الغزو الصينى للتبت قال (الدلاي لاما) أن هدفه هو الوصول للحكم الذاتى لاقليمه و ليس الانفصال عن جمهورية الصين الشعبية وقد حصل (الدلاي لاما) على جائزة نوبل للسلام عام 1989
وعموما فان المجتمع الدولى يعترف ب(الدلاي لاما) كواحد من أبرز الزعماء الدينيين فى العالم و ينظر اليه على نطاق واسع كشخصية كاريزمية متسامحة ومؤيد طوال حياته للسلام.
من أقوال دلاى لاما
وأختم حديثى عن (الدلاي لاما) بهذا الحوار الجميل له حيث كان رجل الدين البرازيلى ليوناردو بوف يتحاور مع (الدلاي لاما) على طاولة مستديرة للنقاش عن الدين والحرية فقد كان سؤال بوف؛ما أفضل الأديان يا سماحة (الدلاي لاما)؟ ويردف بوف ..كنت أظنه سيقول؛ بوذية التبت أو الاديان الشرقيةالأقدم من المسيحية…لكنه أجاب؛الدين الأفضل هو الدين الذى يقربك أكثر من الرب..وهو الذى يجعل منك انسانا أفضل..أى الذى يجعلك رحيما أكثر ومدركا أكثر وبعيد عن التحيز أكثر..محبا أكثر..انسانيا أكثر..مسئولا أكثر..فالدين الذى يصنع لك ذلك هو الدين الأفضل اتمنى فى النهاية أن نصل جميعاالى أن يكون سلوكنا هو الأفضل بغض النظر عن الدين وأن نزرع الخير..حتى نجنى كل الخير
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
heba nagaty
13 يناير, 2013 at 11:32 ص
I liked the essay of the dlaylama