2020

10:23 صباحًا الإثنين 21 يناير 2013
محمد البرقي

محمد البرقي

كاتب و مدون من مصر .. له العديد من الأعمال المنشورة و الإلكترونية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
فصل 1
رمل..
الرمل بيغطي كل حاجة عرفناها, كل المساحات اللي قدامي حتى الكيس اللي في إيدي التراب موجود عليه كأنه من الأبد..
الرمل بقى له معنى جديد في حياتنا, مابقاش الحاجة اللي بنقرف منها او بنحاول نبعدها عن بيوتنا و أماكن عيشيتنا ,رغم اننا لازلنا بندور على مكان نهرب فيه منه.
لكن ما بقاش له نفس الكراهية القديمة..
– (أمين) إرجع هنا شفنا ناس!.
ده كان (فؤاد) بيناديني بآخر اسم عرفته ليّه..
هل فعلا أسماءنا بقى ليها معنى؟, بعد فترة لما الانسان يتحط في أصعب ظروف كل القشرة الخدّاعة اللي بنحوّط بيها نفسنا من المدنية و الرقي بتنهار..بنتحول لحاجة ألعن من الحيوانات.
ده اللي كنت بأفكر فيه و أنا بأرجع بسرعة ورا الحيطة او الصخرة ..الحقيقة صعب انك تفرّق بين الإتنين لما دانة مدفع دبابة تدمر بيتك و يقع الحيط و يتجمع عليه التراب,صعب تميز ده كان إيه,ذكرياتنا اتمسحت بسرعة اكتر من اللي كنا متوقعينه او مستعدين له.
– (أمين) تعالا بسرعة و خد ساتر.
جريت لإن فعلا شفت خيالين لشخصين بيعدوا من الناحية الجنوبية في تل رمل عالي و على ما يبدو في  ايد واحد منهم مسدس.
“طاخ..طاخ..طاخ”
الـ 3 رصاصات خبطوا في الحيطة اللي كان (فؤاد) مستخبي وراها مستنيني أرجع و كان ليهم تأثير من التراب المنتور في الهوا..زمان كان اخر آمالي أشوف تأثير زي ده في ألعاب الفيديو بتاعة الشباب..لكن بعد عمر الـ 25 سنة بقيْت أشوف حاجات كتير في الواقع ماكنتش أتصوّر إني هأشوفها.
إستخبيْت كويّس ورا الحيطة و الشخص اللي معاه السلاح بيقرب و يضرب الرصاص بعشوائية تدل على انه يملك ذخيرة لا بأس بها تتيح له انه يضيع الرصاص من غير حسيب أو رقيب…او انه مجرد مجنون شمس النهار اللي طول الصبح واقف فيها خليته مستني أي مخلوق يفرغ فيه رصاصُه.
كان الوقت قرّب على الغروب, و كان لازم نخلص من المأزق ده و نرجع المقر أو (بيت الامان) زي ما بنسميه قبل الظلمة.
الظلمة شيء سيء و نقطة تفوق بالنسبة للـ (ساك) لانهم عندهم معدات رؤية ليلية لكن إحنا توافر الكشافات عندنا قليل و من الصعب انه يدوه لنا في مهمة زي دي. تكلفة زيادة و المفترض إنها مهمة لتزويد المؤن مش لإستنفادها.
بمناسبة المؤن فتحت الكيس بطرف صوابعي عشان أتأكد من محتوياته.
أدوية و أزايز مياة زي ما توقعنا و مشطين رصاص..أقل من المعتاد و ده معناه ان المقر اللي نقل لنا المؤن بيعاني من عجز.
معلش ممكن تتعدل في التوريدة الجاية..
المؤن كانت بتتنقل من المقرات الأكبر لبيوت الأمان بالطريقة دي,المقرات الأكبر عندهم معدات رؤية ليلية سرقوها من عمليات هجومية على الـ(ساك) .
المؤن تتحط في اكياس قماش و يتم دفنها في مكان متفق عليه ليلا من أعضاء المقر الأكبر..و إحنا نروح نجيبها..ما نقدرش نقارن بين نسبة المخاطر في العمليتين تقريبا متشابهة. في ناس ماتت و هي بتعمل الدورين. ربنا يرحمهم..
العملية المرة دي كانت من 3 أعضاء أنا و (فؤاد) و (بيتر) اللي كان مستنينا في مكان أبعد بيأمن الطريق بتاع الرجوع عشان ماحدش يستغل الوقت اللي مشغولين إحنا فيه بنجيب المؤن و نلاقي مفاجأت مستنيانا في سكة الرجوع.
شاورت لـ (فؤاد) بإيدي بمعنى اننا لازم نتخلص من المهاجم,قلت له بصوت أقل من الهمس:
– خد الأولاني و أنا هأشوف لي صرفة مع التاني.
– تمام.
صوت خطوة الجندي كان قريب جدا و بطيء حذِر و لما حسينا بيه أقرب ما يمكن بدأ (فؤاد) بهجمته..
مسك ايده الشمال بالايد الشمال و كان جهز خنجر بالإيد اليمين ضربه بيه من تحت بين رجلين المهاجم قريب من فخده الشمال بقوة لدرجة انه اترفع في الهوا , و رماه على الأرض و اترمى فوقه و هو لسة ماسك الخنجر و بيلويه جوه لحمه.. و الجندي بيصرخ من الألم, في نفس الوقت اللي كنت هجمت فيه انا على إيد الجندي و خطفت المسدس من إيده و وجّهت طلقة لراس زميله اللي كان وراه ب 3 متر تقريبا من مسافة قريبة زي دي أثر الطلقة في الدماغ كان شديد.
– إنت كويس.
– حاول تكون إستجابتك أسرع من كده يا (أمين), مش كل مرة هتودينا في داهية!.
– معلش, انت عارف اننا مش بنطلع غير كل فين و فين.
بصّيْت حواليّه ,المكان هدي الظاهر فعلا مافيش غير دول في المنطقة و ماحدش سمع صوت الرصاص  على العموم المفروض نبعد قبل الليل ما يهل .
كملت كلامي:
– تفتكر في حاجة برة؟, مش هنحاول نبعد؟.
– انت عارف ان مالناش غير المقاومة يا (أمين) ,مافيش حاجة برة زي ما قالوا لنا هم جربوا و عارفين اكتر مننا..بطّل الافكار اللي مالهاش لازمة دي و تعالا نشوف اي حاجة مع الاتنين دول و يلا نرجع.
ريحة الدم في الهوا, بقعة دم تحت كل جثة كبرت و التراب بدأ يشربهادي حاجة من ضمن الحاجات اللي من خمس سنين بس كنت مش بأستحمل أشوفها,لكن زي ما قلنا الظروف بتطلب التغيير احيانا.
فتّشنا في جيوبهم مافيش حاجة غير زمزمية مياة صغيرة و محفظة فيها فلوس, ايه قيمة الفلوس دلوقتي؟ الفلوس بقت قيمتها زي الورقة اللي عليها, ولا حاجة. بطاقة اثبات الشخصية للـ (ساك)..
(ممدوح سيد) –  32 سنة , الرتبة قائد مجموعة…
مالهمش علاقة برتب الجيش وتنظيمه رغم كون (ساك) اغلبها جنود و ضباط جيش سابقين و بحرية احيانا..المهم لقينا خزنة احتياطة للمسدس خدناهم و بدأنا نجري ناحية الشَمال..***
(بيتر):
– متأخرين كالعادة؟.
(فؤاد) و هو بيبص لي بطرف عينيه:
– ظروف طارئة بقى!.
أنا بأحاول  اخفف جو  الاتهام اللي أحاط بيَّه فجأة:
– خلاص يا جماعة آخر مرة أوعدكم…
الاتنين في صوت واحد
– “هتحاول تكون منتبه لينا شوية”؟. كل مرة بتقول لنا الكلمتين دول و تخلينا على وَشك نتمسك او نموت!.
– خلاص يا (فؤاد) حصل خير المرة دي.
(بيتر) محاولا تخفيف حدة النقاش:
– هدوا أعصابكم و وفّروا جهدكم لحاجة مفيدة.
ركبنا عربية تأخدنا بسرعة على بيت الأمان..حالتها ميئوس منها و صوتها عالي, لكن بتقضي غرضها في إنها توصلنا بسرعة قبل ما الليل يطل.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات