الصين: مشاعر مختلطة تجاه “الأفعى” رمز العام الصيني الجديد

06:17 مساءً الجمعة 15 فبراير 2013
شينخوا

شينخوا

وكالة أنباء، بكين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بكين 15 فبراير 2013 (شينخوا) مع استمتاع الصينيين بلإحتفال بمناسبة عيد الربيع التقليدي الصيني للعام القمري الجديد بالموائد الفاخرة والمفرقعات النارية, وجدت ليو ينغ مشقة في ذكر كلمة “الأفعى ” في تهانيه بمناسبة العيد.

وكالعادة, تقوم ليو, الطالبة الجامعية ببكين, بإرسال الرسائل النصية إلى أقاربها وأصدقاءها في عشية السنة القمرية الجديدة, متمنيا لهم الخير بكلمات طيبة تشير إلى الحيوان الرمزي للعام الجديد.

وتكمن الصعوبة في أن العام القمري الجديد هو عام الأفعى , وفقا لدائرة البروج الصينية. إذ يصادف اليوم الأول من العام القمري الصيني الجديد, المعروف ايضا بعيد الربيع, يصادف اليوم العاشر من فبراير الجاري بالتقويم الغربي, منهيا عام التنين وبادئا عام الافعى .

وأشارت ليو إلى أن المعجم الصيني يقدم القليل من المصطلحات التي لا تنتقص من شأن الافعى , على العكس تماما من القائمة الطويلة من أقوال المديح في التنين والنمر.

فمثلا هنالك مثل يقول “رأس نمر وذيل أفعى” ويعني بالصينية بداية جيدة ونهاية سيئة, ومثل آخر يقول “يرسم أفعى ويضيف أقداما لها” ما يشير إلى إضافات غير ضرورية قد تدمر مجمل الأمر.

ومع ذلك لا تعتبر تلك الأمثال سيئة في الغالب مقارنة بالألفاظ العامية التي تحمل هجوما وتمثيلا تشخيصيا خبيثا. فالأوغاد عادة ما يوصفون بأنهم “يمتلكون قلوب وأرواح الأفاعى والعقارب”, ويتم تشبيه الأشخاص الطماعين “بالأفعى التي تحاول ابتلاع فيل”. إلا أن كيفية تحويل هذا الحيوان الزاحف الوضيع إلى رمز جالب للحظ هي لغز ثقافي وتجاري.

ففي مدينة ييوو, مركز السلع الصغيرة والواقعة في مقاطعة تشجيانغ شرقى الصين, قضى منتجو وتجار الألعاب موسما راكدا مع انخفاض الطلبات على تمائم برج العام الجديد.

وقد ذكر وانغ جون بينغ, التاجر الذي تعامل لفترة طويلة مع تمائم وحلي الرموز البرجية في ييوو, أنه في العام الماضي باع حوالي 60 ألف تميمة للتنين, رمز العام المنصرم. وفي هذا العام باع 20 ألفا فقط من الألعاب والتمائم على شكل الأفعى .

وفي محل وانغ, للألعاب على شكل أفعى رأس طفل أو امرأة جميلة مع عينين كبيرتين وأهداب طويلة ولسان على شكل قلب يخرج من ثغر باسم. ويحمل البعض منها صورا ترمز للفرح أو الرمز الصيني لكلمة “سعادة” مكتوبا بالخط الصيني.

ففي الصين عادة ما يتم تزيين المحلات والمكاتب والمنازل والسيارات الخاصة بزينة رمز السنة الجديدة قبل اسبوع من حلولها, ما ينشط أعمال تجار هذا النوع من التمائم أمثال وانغ.

ومع ذلك قال لو تشي جين, نائب رئيس نقابة صناعة الألعاب لمدينة ييوو, أن مبيعات تمائم برج هذا العام تراجعت بمقدار 60 الى 70 بالمائة في ييوو ما يزود 40 بالمئة من عرض تلك الألعاب في السوق المحلية.

وقال أنه من بين 12 حيوانا لدائرة البروج الصينية, يعتبر رمز الأفعى الأكثر صعوبة بالنسبة لمصممي الألعاب والتمائم, ” فقد بذلنا جهدا كبيرا, إلا أنه من الصعب تغيير نظرة الناس الكارهة لهذا الحيوان”.

وقد شرحت مقالة عرضت على موقع guokr.com , وهو موقع شبكي مختص بتعميم المعارف العلمية, شرحت أن الأفاعي تنقصها العناصر “الجذابة” لخلق ألعاب محبوبة وبديعة منها.

“تعد الجاذبية في الواقع سمة تميز الاطفال, فيحب الناس الجسد الصغير والرأس الكبير ذا الوجه الممتلئ والأذرع والأرجل القصيرة والعيون الكبيرة, اما الأفاعي فجذعها طويل ولا أطراف لها, الأمر الذي من الصعب ان يعكس أية جاذبية”, وفقا للمقالة.

من طوطم مقدس الى وجبة شهية

تأتي الأفعى في الترتيب السادس, وذلك بعد التنين وقبل الحصان, ضمن دائرة البروج الصينية السنوية التي تتكون من 12 حيوانا, وهي الفأر والثور والنمر والأرنب والتنين والأفعى والحصان والماعز والقرد والديك والكلب والخنزير.

وقد عبدت الأفعى من قبل قدماء الصينيين كرمز مقدس. فقد تم اكتشاف منحوتات حجرية تعود لآلاف السنين تصور الإله فوشي والآلهة نيويوا, اسلاف الشعب الصيني, على هيئة مخلوق نصفه إنسان ونصفه أفعى.

كما يعتقد بعض المؤرخين بأنه تم تصور التنين, الرمز الوطني للصين, على أساس شكل الأفعى ولهذا السبب مازال الناس في اماكن عديدة يسمون الأفعى ” التنين الاصغر”.

قد تكون الأفاعي قد فقدت سمتها المقدسة مع مرور الزمن. فبالنسبة للكثير من الصينيين, يقتصر لقاؤهم بالافاعي حاليا على رؤيتها في حدائق الحيوانات أو على مائدة الطعام.

ففي فوتشو, حاضرة مقاطعة فوجيان جنوب غربي الصين, يدخل عدد كبير من الثعابين من أفاعي البوا إلى الكوبرا وأفاعي الحفر السامة ضمن المأكولات الشهية وفقا للذوق المحلي. ورغم تصنيفها جميعا “كلحوم صيد”, تقدم سرا في المطاعم في ظل حظر تجارة الثعابين البرية في الصين منذ عام 2000.

قال مالك لاحد مطاعم الأفاعي , ولقبه تشنغ, أن “لحم الأفاعي معروف بطراوته وغالبا ما نطهيه مع حساء الدجاج في الأواني الساخنة ((هوت بوت)) للحفاظ على نكهتها الأصلية “.

وأضاف بأن أكل الأفاعي يعتبر تقليدا قديما,”فالعديد من الأطفال هنا يعانون من حساسية الجلد خلال موسم تحول فصل الربيع الى الصيف, وفي الماضي استخدم لحم الأفاعي كعلاج فعال”.

ويعد كلام تشنغ صحيحا فيما يشير الى أن للثعابين من منظور الطب الصيني التقليدي تأثيرات علاجية فعالة. ووفقا للمتمرسين في مجال الطب التقليدي الصيني يمكن لمرارة الأفعى أن تخفف حرارة الجسم الداخلية وتهدئ السعال.

إلا أنه في العديد من المقاطعات الجنوبية, تطور أكل هذه الحيوانات من عنصر غذائي صحي الى ثقافة تذوق مترفة. ففي قوانغدونغ, يعرف “القتال بين التنين والنمر” كطبق فاخر من لحوم الأفاعي والقطط, وفي فوجيان, يمكن أن يباع الكيلوغرام الواحد من لحم أفاعى الحفر “البرية” بألف يوان صيني (نحو 160 دولارا أمريكيا).

أهي سنة حب الافاعي؟

رغم كل ما سبق ذكره, الا ان الاخبار السارة بالنسبة للافاعي ، وان العديد من العلماء وناشطي حقوق الحيوان الصينيين سينتهزوا فرصة حلول عام الافعى لمنح هذا الحيوان الزاحف اسما افضل وانقاذه من مواقد الطبخ.

وبدورهم يجادل المدافعون عن التراث الشعبي بان الافعى في الحقيقة هي رمز الحظ والحكمة والخصب في الثقافة الصينية. كما ان احد الاشكال الاسطورية المحبوبة من قبل الشعب الصيني كان عبارة عن افعى معروفة باسم ” السيدة البيضاء”.

ومع تبنيها من قبل العديد من اعمال الاوبرا والافلام والمسلسلات التلفزيونية, تعتبر ” السيدة البيضاء” الشخصية الرئيسية لقصة حب تجمع بين افعى وطبيب في مدينة هانغتشو والذي تتزوجه بعد ان تتخذ شكل امرأة. وينقذ الزوجان حياة العديد من السكان المحليين من وباء مميت حتى يفرق بينهما راهب بوذي يقوم بحبس الزوجة المتحولة الى افعى تحت معبد بوذي ((باغودا)).

قالت لين يينغ, ممثلة تلعب دور السيدة البيضاء في فريق اوبرا في مدينة فوتشو, أن الافعى البيضاء تصور كإمرأة مثالية تستخدم قوتها السحرية لانقاذ حياة الناس, “ما يظهر تبجيل الشعب الصيني للافاعي ويعكس الامل في ان تكون العلاقة طيبة معها”.

ويتوقع تشانغ ليانغ, الباحث في مجال البرمائيات والزواحف في مقاطعة قوانغدونغ هو وزملاؤه بمؤسسات الحماية, يتوقعون عاما جديدا نشطا مع سلسلة من المعارض المقرر انعقادها لاظهار “الجانب الجميل” من الافاعي والضغط من اجل تحقيق حماية افضل لها.

وشرح تشانغ ان الافاعي البرية في الصين مهددة بالانقراض بمواطنها حاليا في ظل اصطيادها بصورة غير قانونية والهجوم العشوائي عليها من قبل القرويين الذين يخافون من الافاعي . واضاف الباحث بانه رغم كل ذلك, الا ان الوضع يتحسن حاليا.

وفي هانغتشو, حاضرة مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين, ينتظر صاحب محل لبيع الزواحف, بغرض تربيتها, ينتظر بصبر للربيع حتى يوقظ ثعابينه النائمة ليغري بها المزيد من المشترين المحتملين.

وقال لي دي, مالك المحل, ان تربية الافاعي تجلب الحظ في عام الافعى, متوقعا تضاعف مبيعات محله من الافاعي في هذا العام.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات