في عالم تحيطنا فيه رسائل الهواتف النقالة، ومحادثات الإنترنت، وصناديق البريد الإلكتروني، وتنبيهات فيسبوك، وتغريدات تويتر، وتحديثات واتس أب، في هذا العالم الوامض السريع، نسينا متعة البريد العادي.

كنتُ من هواة المراسلة في صباي، ولا تزال تتردد على مسامعي نداءات ساعي البريد عم (قاصد الكريم): بوستة! يطلقها عالية بصوت يحمل معه كل أصوات الأصدقاء والصديقات من بقاع الوطن العربي الكبير، ومنهم، ويا للعجب، من رأيته بعد ربع قرن من تاريخ أول مراسلة بيننا!

أقول ذلك وقد أعادتني رسالة حديثة إلى ذلك السحر القديم، إذ حمل إلي البريد ديوانين مترجمين إلى الإنجليزية، وقّع إهداءهما لي صاحبهما الشاعر الكبير (كوأون)،   و  ، وعاد صوت النداء القديم، وربما عادت معه سنوات العمر حين حلقت مع قراءة أبيات (كو أون):

في عَالم الهيمالايا 
لا يلحظ أحدٌ القمَمَ العاديَّة. 

القمم التي يبلغ ارتفاعها 7000 أو 7500 متر وحسبُ 
هي التي تُمنحُ اسمًا أو سواه. 

ما أحسن الأمر، فعلا ما أحسنه. 
سيعلو هذا العالم على نحو متطرف وحديث 
لتبقى طويلا قممٌ أكثر 
بدون أسماء 
من قمم تحملها.
ألديك ما تقوله؟ 
لا شيء.

أحسستُ أن الشاعر الكبير يخاطبني؛ أنا المتأمل في الجموع التي تصنع الحدث، في الجمهور الذي يرشح الزعيم، في موجات المحيط التي تحمل السفينة، فخاطبته:

عزيزي (كو أون):
في المطر المنهمر، لا يشعر أحدٌ، بقطرة وحيدة.
ولكن كيف سنصل إلى القمم ذوات الأسماء، 
من غير أن تحملنا إليها تلك القمم المجهولة؟ 

Tweet