مراكز تعليم اللغة العربية في أفغانستان

07:25 صباحًا الأحد 17 مارس 2013
د.عبد الله خاموش الهروي

د.عبد الله خاموش الهروي

أديب وديبلوماسي وباحث أكاديمي، أفغانستان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بعد سقوط الحكومة التيمورية و التي كانت منبع خير و إلهام و حضارة ورقي و فرصة لبناء المدارس و المراكز الخيرية الكثيرة و نشر العلم و الثقافة العربيه و الشرعية في أفغانستان و المنطقة في القرن العاشر الهجري‌، و تقسيم أفغانستان المعاصرة بين الدول الصفوية (في إيران‌) و الأزبكية في ماوراء النهر و الحكومة التيمورية (بابر) في الهند و الحروب الكثيرة التي وقعت في مناطق شتيَّ‌ من بلدنا ، بدأ دور الإنحطاط و التقهقر العلمي و الثقافي و الإقتصادي و تدمير البلاد و تهجير العباد فيها، و اِن الحكومات الهوتكية و الأبدالية التي أسست في أفغانستان فيما بعد و لعبت دورا كبيرا في وحدة أفغانستان لم تستطع من القيام بعمل جاد لتجديد البناء الفكري و الثقافي لهذا الشعب المناضل‌.

في ظل هذه الظروف العصيبة و تدمير أفغانستان و نقل مراكز العلم و الثقافة منها و من هراة و بلخ‌ … إلي بخارا و سمرقند و إصفهان و دلهي و آکره، ضاع الأوقاف التي كانت تمول المدارس الدينية طوال القرون‌، و بدليل عدم وجود حكومة مركزية جادة تهتم بسد هذا الفراغ، دمرت أكثر هذه المدارس و التي كانت منبع صدور العلم و الثقافة و التربية و الأدب الاسلامي و التي كانت تدرس فيها العلوم القديمة و الجديدة من التفسير و الحديث و الفقه و العقائد و المنطق و الحكمة و الطب و الهيئة و الرياضي و غيرها، و من ثم كان طلبة العلم الأفغان مجبورين بالسفر إلي دول أخري كما وراء النهر و الهند و إيران و العراق و البلاد العربية، و العدد القليل من العلماء و المدرسين الذين بقوا في أفغانستان و في بعض مدنها كانوا يقومون بتدريس الفقه الحنفي و الصرف و النحو و بعضا الحديث و أحيانا الحكمة القديمة‌.

و أطفال أفغانستان كانوا يدرسون في المساجد الآثار الفارسية أمثال‌: بنج كتاب، ديوان حافظ، گُلستان، بوستان، بهارستان و أنوار السهيلي و الآثار البشتويه أمثال‌: رشيدبيان، فوائد الشريعة، ديوان رحمان بابا و قصص فتح خان و سيف الملوك و من الآثار العربية خلاصة كيداني، و القدوري، و المنية‌، و كنز الدقائق‌، و

صرف بهائي‌، و صرف مير، و مستخلص‌، و بديع الميزان‌، و كتباً أخري‌َ من هذا القبيل‌.

و الذين كانوا يستطيعون القراءة من عامة الناس كانوا يطالعون قصص شهنامه، سكندرنامه، أمير حمزه، شهزاده ممتاز و چهاردرويش و الأميون من عامة الناس كانوا يستمعون إلي قصص أبومسلم و مؤمن خان و آدم خان في الأسواق‌.

الصوفية كانوا يهتمون بمطالعة و قرائة مثنوي المولوي و قصص الأنبياء و تذكرة الأولياء و الأدباء كانوا يطالعون أشعار بيدل و يوسف و زليخا و الأمراء كانوا يطالعون تاريخ فرشته و روضة الصفا.[1]

هذه المجموعة من الكتب المتداولة في أفغانستان كانت تطبع في خارج أفغانستان‌.

هذه المرحلة من الفترة دامت أكثر من 90 سنة، و إن أمير شيرعلي خان ملك أفغانستان طبقا لبرامج (سيد جمال الدين الأفغاني‌) رحمه الله و الذي أعطاه إياه عند تركه أفغانستان‌. أسس المدرسة العسكرية و الوطنية و أمر بنشر أول صحيفة يومية في العاصمة (كابل‌) باسم شمس النهار بمديرية قاضي عبدالقادر بشاوري‌[2].

أما بعد الإحتلال البريطاني و الحروب الشديدة التي وقعت بين الطرف الأفغاني و المستعمرين دمرت هذه المؤسسات و من ثم سيطرت الظلمة و الفقر المعنوي و المادي علي ساحة البلاد لمدة طويلة‌. و إن أمير عبدالرحمن خان لم يقم بخطوة في هذه المسيرة غير تأسيس مدرسة مسجد بازار جوب فروشي بصورة مختصرة حيث كانت تدرس فيها الفقه و مباديء العلوم العربية الإسلامية‌.

إمتدت هذه المرحلة إلي عام 1900 م‌ حيث وصل إلي الحكم أمير حبيب الله خان و الذي حكم البلاد لمدة 18 سنة (1901-1919م‌) بدون أي حرب داخلي أو خارجي و في أمن و هدوء کاملين و حصلت فرصة قليلة للنهضة العلمية في البلاد و هو الذي بني أساس التعليم العصري في أفغانستان و بدأ بتأسيس المدارس و الإعلام و حركة التأليف و الترجمة للآثار الجديدة العصرية و الأدبية ، و بعد قتل أمير حبيب الله وصل إلي الحكم أمان الله خان في عام 1337 ق / 1919 م.

حيث أعلن إستقلال أفغانستان عام 1919 م و اتسع نطاق المعارف الجديد في أفغانستان‌.[3]

أما في حياة امير حبيب الله خان أسست المدرسة الحبيبية عام 1903 م و أسست المدارس الابتدائية عام 1910 م و في عام 1913 بني دار المعلمين بكابل‌.

إن مدرسة حبيبية تعتبر أول مدرسة رسمية عصرية للتربية و التعليم في أفغانستان‌. كما أنه ألفت و ترجمت عدداً من الكتب بعد تأسيس لجنة بيت العلوم في هذه المدرسة في 1943 م برئاسة الشيخ مولوي عبدالرب القندهاري و وضعت في مكتبة هذه المدرسة‌. كما أنه أسست المدرسة الحربية عام 1909 م‌.

الحکومات في هذه الفترة إمالم تجد فرصة أولم ترد العمل لبسط ميدان الفكر و الثقافة و تشويق العلم و العلماء. أما الشعب الأفغاني فلم يقف مكتوف الأيدي أمام حركة العلم و الثقافة بل جلسوا علي مائدة العلماء في المساجد التي كان طلبة العلم يدرسون فيها جميع المراحل الدراسية من الإبتدائية و الإعدادية و الثانوية و العالية‌، و أئمة المساجد و المثقفون كانوا يقومون بتدريس الأطفال ، كما أن هذه المساجد كانت تعتبر مقراً للتعليم و التربية و إن طلاب العلم و المعرفة كانوا يجتمعون في حلقات العلم حول الأساتذة حيث كانت هذه الحلقات تسمي بحلقات التدريس و هذه الحلقات كانت في مراحل مختلفة حسب مقدرة العلماء و الدروس التي تلقيٰ فيها. كما كان بجنب هذه المدارس مكتبة في بعض المناطق‌، ولكن أكثر طلاّب العلم كانوا يعيرون هذه الكتب من أصحاب الكتب في بيوتهم أو كانوا يشترونها حيناً من المكتبات ، و بعد التخرج كانت تقام حفلات التخرج حيث يشترك فيها العوام و الخواص و مسئولوا تلك المناطق حيث يربط المشايخ الكبار العمامة علي رؤوس المتخرجين و كانت هذه كشهادة تعطي‌َ لهم ، و بعد ذلك كانوا هم أنفسهم يقومون بالتدريس و الوعظ و الإرشاد. أما مصارف هذه المدارس كانت تعطي من مساعدات العامة و من طريق إعانتهم‌.

إن هذه الحلقات التي كانت في مناطق مختلفة من أفغانستان اتسعت يوما بعد يوم حيث وصلت إلي مرتبة المدارس الحكومية الرسمية المعاصرة و التي لعبت دورا كبيرا في مجالات مختلفة في البلاد. كما إن قدمة بعض هذه المدارس تزيد عن قرن‌. [4]

 


1- کانون­هاي علوم و ثقافت در افغانستان، ص 44-47 .

2- تاريخ ادبيات أفغانستان، ص 397 .

3- تاريخ ادبيات افغانستان، 332-370-381 و افغانستان در پنج قرن اخير، ص 1/483-560 .

4- کانون­هاي علوم و ثقافت اسلامي در افغانستان،‌44-48 .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات